فن

مراجعة فيلم I Saw the Devil: انتقام وحشي لا يمكن نسيانه

فيلم I Saw the Devil هو أحد الأفلام الكورية التي تدور حول الانتقام، لكنه يمتلئ بالكثير من المشاهد الدموية والعنف مما يجعل من الصعب على المشاهدين متابعته بأريحية. في هذا المقال نتناول سوياً مراجعة فيلم I Saw the Devil.

تحذير 1: هذا الفيلم لا يصلح للمشاهدة العائلية.

تحذير 2: هذا الفيلم ليس لضعاف القلوب.

قصة فيلم I Saw the Devil

تدور أحداث الفيلم حول كيونغ تشول – تشوي مين سيك – وهو قاتل متسلسل بسجل إجرامي عتيد. يقوم كيونغ بخطف الفتيات وتعذيبهن ومن ثم تقطيع أجسادهن. يعمل هذا القاتل المتسلسل في الصباح كسائق سيارة تابعة لمدرسة. وفي الليل يسير في الشوارع المظلمة للبحث عن ضحية مرتقبة يمكنه قتلها. وفي ذات ليلة من الليالي المظلمة يصادق سيارة تقف على جانب الطريق وبداخلها امرأة شابة تتحدث إلى زوجها عبر الهاتف.

 يذهب إليها كيونغ ويعرض عليها المساعدة إلا أنها تشكره بأدب وتخبره أنها في انتظار سيارة الاصلاحات. وبعد لحظات قليلة يهشم كيونغ زجاج سياراتها وينهال عليها بالضرب، ثم يحملها معه إلى منزله. بينما تفيق المرأة من غيبوبتها تترجاه ألا يقتلها، وتحاول أن تستجديه فتقول له أنها حاملاً بطفل. إلا أن القاتل يقتله بلا رحمة.

تبين أن المرأة هي ابنة رئيس الشرطة المحلية السابق وزوجة سو هيون – لي بيونغ هون –  العميل السري في المخابرات الوطنية. لم يكن اكتشاف القاتل أمراً صعباً على الشرطة، حيث اشتبهت الشرطة بأربعة أشخاص كان من بينهم كيونغ تشول. وفي ذلك الوقت وقبل أن تتحقق الشرطة من القاتل طلب العميل السري سو هيون إجازة لمدة أسبوعين من عمله. وخلال هذا الوقت راح يبحث عن القاتل لينتقم منه.

تعرف العميل السري على هوية القاتل وذهب إلى عائلته المكونة من أبيه وأمه واكتشف أن له ابناً يعيش معهما، لكنهما لا يعلمان شيئاً عن كيونغ تشول. وأخيراً وجد القاتل المتسلسل أثناء محاولته لاغتصاب ضحية جديدة. وهنا انطلق إليه وأوسعه ضرباً حتى سقط مغشياً عليه ثم وضع حشره في فمه جهاز تتبع يشبه حبة الدواء، وأجبره على بلعه. ثم تركه، وراح يتتبعه في كل مكان يذهب إليه دون أن يكتشف القاتل كيف يعرف هذا العميل مكانه. ومن هنا تبدأ لعبة القط والفأر الدموية بين الضحية والجلاد حيث يتم عكس الأدوار على طول الطريق.  ولكن مع وجود العديد من الضحايا الجانبيين في كل مرة. لينتهي الأمر بقتل عائلة المحقق، وفي النهاية يقوم بقتل القاتل المتسلسل.

مراجعة فيلم I Saw the Devil

الانتقام هو أحد أكثر المواضيع شعبية في السينما الكورية في السنوات الأخيرة، أو على الأقل يبدو أن الأمر كذلك. فهناك عدد كبير جداً من الأفلام الكورية التي تطرح فكرة الانتقام. وفي فيلم I Saw the Devil يحاول المخرج الكوري كيم جي وون تقديم صورة جديدة لهذه الفكرة سواء من خلال سرد القصة أو الصورة الجيدة. وعلى الرغم من أن الفيلم يتفوق على عدد من الأفلام في مشاهد العنف والدماء إلا إنه لم يقدم أي شيء جديد في طرحه لهذه الفكرة. فسو هيون هو عميل سري رومانسي يخطط للزواج من ابنة رئيس الشرطة. وعندما تتعطل سيارتها في الثلج، تسقط في أيدي قاتل متسلسل مختل عقلياً. ليذهب هذا العميل السري في مهمة لمطاردة القاتل وتنفيذ نسخته من الانتقام.

تجربة سينمائية لا تنسى

على الرغم من أن بطلي فيلم I Saw the Devil يقدمان أداءً مخيفاً ومذهلاً في لعبة القط والفأر، إلا أنهما مقيدان بلا حول ولا قوة من قبل الشخصيات المكتوب لهم. وهذا الأمر واضح بشكل خاص بالنسبة لشخصية سو هيون. فهو على الرغم من إنه يعاني من حزن شديد وصدمة عندما تُقتل حبيبته. لكن هذا لا يقدم أي منطق لأفعاله، ففي كل مرة يطلق سراح القاتل لتعذيبه، نجد سيل أخر من الضحايا على طول الطريق. لكن برغم ذلك فلا يزال الفيلم يقدم تجربة سينمائية لا تُنسى تحتوي على الرعب والفكاهة في كثير من الأحيان.

يقترح الفيلم مواجهة طويلة ودموية بين القاتل المتسلسل والمختل عقليا كيونغ تشول والعميل السري سو هيون ، وهي قصة انتقام تترك وراءها عدداً لا يحصى من الضحايا وتخلط بين الوحش والبطل الإيجابي مراراً وتكراراً. لذا يبدو أن الفيلم يطرح سؤالاً هاماً ألا وهو: هل هناك بطل إيجابي؟

في مقابلة لمخرج الفيلم تحدث فيها عن الفكرة التي يريد I Saw the Devil طرحها، فقال أن الفيلم لا يدور حول حزن اختفاء أحد الأحباء بقدر ما يدور حول التعذيب الذي يسببه للناجين، وعن نرجسية فكرة انتقام. ما يمكن أن يكون مزعجاً في هذا التراكم من الجرائم والوحشية ومشاهد أكل لحوم البشر وعمليات الخطف هو حقيقة أن المخرج يقدم فيلمه في عالم مريض، ولكنه مشابه جداً للعالم الحقيقي. حيث يوجد السيكوباتيين في كل مكان.  

ليس هناك حدود

والمخيف هنا هو المرض الذي يصور به الجاني على وجه الخصوص. ربما يكون القاتل المتسلسل كيونغ تشول هو القاتل الأكثر عنفاً وإثارة للاشمئزاز الذي يمكن أن يتخيله عشاق الأفلام. حيث يتم عرض العملية برمتها بالتفصيل، بدءًا من الضرب الوحشي للضحية، مروراً بالاغتصاب اللاحق، إلى القتل بما في ذلك تقطيع أوصال وأكل أجزاء من الجسم – ويستمر هذا السيناريو أكثر من ساعتين.

 وهذا يجعل فيلم “رأيت الشيطان” إلى حد بعيد من أصعب أفلام الإثارة في السنوات الأخيرة. وهو مقنع باستمرار سواء من الناحية المرئية أو من حيث المحتوى. لكن ربما يظهر هذا الفيلم الكثير جداً من العنف، لذا فهو ليس الخيار لأصحاب القلوب الضعيفة، لأن المخرج يكسر جميع المحرمات عن عمد. ومن هنا يجب على المشاهدين البالغين الذين لديهم شغف بأفلام الإثارة الانتقامية القوية مشاهدة فيلم I Saw the Devil باعتباره فيلماً مظلماً.


في الختام وبعد مراجعة فيلم I Saw the Devil لابد من الإشارة مجدداً إلى أن هذا الفيلم لا يصلح للمشاهدة العائلية. حيث تتعامل مع عمل انتقامي وحشي لن تتمكن من نسيانه.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!