مراجعة فيلم The Whale: وزن الوجود الذي لا يُطاق

You are currently viewing مراجعة فيلم The Whale: وزن الوجود الذي لا يُطاق
تحليل فيلم "الحوت"

فيلم The Whale هو دراما نفسية أخرجها دارين أرونوفسكي، تتناول موضوعات تدمير الذات والاكتئاب والخلاص والصراع والفشل مع نهاية مجازية مرتبطة بقصة “موبي ديك” لهيرمان ملفيل. في السطور التالية نستعرض مراجعة فيلم The Whale بمزيد من التفصيل.

معلومات عن فيلم The Whale

  • البلد: الولايات المتحدة.
  • اللغة: الإنجليزية.
  • تاريخ الإصدار: 21 ديسمبر 2022.
  • المخرج: دارين أرونوفسكي.
  • الكاتب: صموئيل دي هنتر.
  • وقت العرض: 117 دقيقة.
  • النوع: دراما.
  • التصنيف: (R) للكبار فقط | يحتوي على مشاهد فاضحة.
  • فريق التمثيل: بريندان فريزر | سادي سينك | هونغ تشاو | سامانثا مورتون.
  • التقييم: 7.8.

قصة فيلم The Whale

تدور قصة فيلم The Whale حول تشارلي – بريندان فريزر – وهو مدرس أدب يعقد دورات للكتابة الإبداعية عبر الإنترنت. يعيش تشارلي وحيداً ومنعزلاً في منزله بعد معاناته من السمنة المفرطة والاكتئاب المزمن. لقد كان متزوجاً في الماضي ولديه ابنة. لكنه اكتشف مثليته الجنسية وأحب طالب سابق لديه. ومن ثم ترك عائلته ورحل معه. لم تكن ابنته تبلغ من العمر الثمان سنوات عندما تركها تشارلي وغادر. ولم يتواصل معها بعد، بل كان يسأل عنها فقط من خلال بعض المكالمات الهاتفية بزوجته السابقة.

عاش تشارلي مع صديقه لفترة من الزمن حتى انتحر الأخير. ولم يعد قادراً على التعامل مع الحداد. لذا أغلق على نفسه، ولم يستقبل أحد في منزله سوى صديقته الممرضة ليز وهي شقيقة حبيبه المنتحر. ثم ترك نفسه تماماً للطعام. وهو الآن يعاني من شكل خطير من السمنة يجعله غير قادر على الحركة باستثناء المشي لخطوات قليلة. يزداد وضع صحته سوءاً على مدار الأيام. ويصل ضغط دمه إلى ذروته، ومع ذلك يرفض الذهاب للعلاج ويفضل الموت في غضون أسبوع.

تأتيه ابنته المراهقة ويحاول إعادة التواصل معها مجدداً لكنها تزدريه. وبعد أن باءت محاولاته بالفشل مع ابنته يدفع لها أموال مقابل أن تزوره بين الحين والآخر. توافق الابنة وتبدأ في زيارته يومياً وتطلب منه مساعدتها في كتابة مقال للمدرسة. ومع وجود الابنة تبدأ التوترات في العلاقة بين الاثنين، لكن في النهاية ينجح تشارلي في إعادة التواصل مع الابنة وفعل شيء صحيح للمرة الأخيرة قبل موته.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Speak No Evil: رعب نفسي أصلي ومبتكر

مراجعة فيلم The Whale

قصة فيلم The Whale
بريندان فريزر في مشهد من فيلم The Whale

حصل المخرج دارين أرونوفسكي على فكرة هذا الفيلم بعد مشاهدته لمسرحية تحمل الاسم ذاته للمخرج صموئيل دي هنتر، وقد صدمته المسرحية ليس فقط بموضوع قبول الذات أو التعاطف أو مسألة مصير الإنسان، ولكن أيضاً مع حقيقة أن عوالم الحياة الداخلية المعقدة للشخصيات لا تقدم إجابات بسيطة. تمكن أرونوفسكي من نقل كل هذا إلى الشاشة جيداً، وذلك بفضل الحفاظ على بعض العناصر المسرحية.

الحوت الحقيقي

تظهر عين كبيرة منتفخة من خلال الستائر المغلقة. يقوم بمسح الشرفة الفارغة بنظراته العصبية، ويتأكد من أن البيتزا أمام الباب، وأن فتى التوصيل لن يرى من يلتقطها. هذا الشخص هو تشارلي، محاضر جامعي عزلته جروحه العميقة عن العالم الخارجي. لم يغادر شقته المظلمة منذ سنوات، ويفرط في تناول الطعام بشكل فظيع كما لو كان لديه معدة حوت عملاق.

يُظهر لنا المخرج دارين أرونوفسكي مدى خطورة ما يعانيه تشارلي على المستوى الجسدي في المشاهد الأولى من الفيلم. حيث يتعرض تشارلي لحوادث لا حصر لها مرتبطة بوزنه الذي يقارب الثلاثمائة كيلوغرام. لكن المشاكل التي يعاني منها تشارلي بعيدة كل البعد عن أن تقتصر على جسده في حياته المليئة بالتفاؤل غير المفهوم.

الاكتئاب المزمن والثقيل هو الحوت الحقيقي في فيلم The Whale. فمنذ اللقطات الأولى، تصف إيماءات تشارلي وسلوكياته طريقته في التفكير: إنه واضح ولكنه ضحية للأحداث، إنه جلاد، لكنه بريء، ويدرك مصيره دون الرغبة في تغييره. يخبرنا هذا الفيلم دون إثارة مفرطة أو مبالغة وبطريقة مؤلمة عن الاكتئاب، وما يفعله البطل تناقضات تجعلنا ندرك وزنه الوجودي، والذي لا يمكن تحمله في كثير من الأحيان.

بين جدران أربعة

ربما يكون الشيء الأكثر لفتاً للنظر بالنسبة للجمهور هو المكان الذي تدور فيه القصة بأكملها – أي شقة تشارلي الصغيرة القاتمة والضيقة. على غرار الشخصية الرئيسية غير قادرة على الحركة دون مساعدة وغير قادرة على مغادرة المنزل، وكأن عشرات الكيلوغرامات من الوزن الزائد تمنع الكاميرا من الخروج كذلك. لذا تبقى “بين الجدران الأربعة” طوال الوقت، وبالتالي ستمكّن الجمهور بشكل أفضل من وضع أنفسهم في مكان كائن مرهق يعاني من مشاكل في الحركة والقلق بشأن الألم الآخر الذي قد يواجهه في العالم المحيط.

التلاعب العاطفي

ما يمكن انتقاده بوضوح بشأن فيلم The Whale هو المشاهد والحوارات التي جاءت بلا معنى لمجرد التأثير العاطفي فحسب، خاصة عندما يتعلق الأمر بعلاقة تشارلي مع ابنته إيلي، فإن المشاهد المتشنجة التي تم إنشاؤها فقط للتلاعب بالعواطف تفسد أصالة القصة بأكملها ومصداقيتها. وعلى الرغم من أن بريندان فريزر وسادي سينك يحاولان تقديم كل ما في وسعهما لأداء شخصيتي تشارلي وابنته، فإن الحوار غير المنطقي القائم على استغلال المشاعر المحمومة يضعف الفيلم بصورة كبيرة.

يغوص فيلم The Whale في العديد من الموضوعات الاجتماعية الحارقة والحميمة على مدار ساعتين. فهو يطرح العديد من التساؤلات حول الجنس، وقبول الذات، والإيمان، وقيمة حياة المرء وقرار اختيار مصيره. كما تعمل قصة أرونوفسكي مثل رواية “موبي ديك” لهيرمان ميلفيل مع استعارات عن صراع الإنسان مع ما لا مفر منه، وما لا يمكن السيطرة عليه وما هو غير قابل للتحقيق.

يفتح فيلم The Whale الكثير من الجبهات في مساحة صغيرة ولا يشرح الكثير منها، والتي قد تكون أو لا تكون عقبة بالنسبة للبعض. وبهذه الطريقة، تصبح أقرب إلى تجربتها في الواقع اليومي، عندما يتشكل الشخص من خلال تصورات مختلفة لا حصر لها في وقت واحد. وغالباً ما يحدث أن الخاتمة والتبسيط الذي نرغب فيه لا يأت. وسيظل التفسير مغلقاً في مكان ما خلف ستارة في أعماق شقة صغيرة معتمة.

فريق عمل مثالي

تكمن قوة الفيلم في الأداء والعلاقات والحوارات، وربما يحمل بريندان فريزر الفيلم على أكتافه بأداءه المذهل من تعبيرات وجهه ونظراته وإيماءاته الخفية. لقد استطاع أن يؤدي دور الشخصية المركزية التي تعاني من اكتئاب حاد نتيجة الخسارة ببراعة منقطعة النظير. ويحاول أن يهدأ من الشعور بالذنب والندم والقلق من خلال حشو نفسه بالطعام كما لوكان عقاباً للنفس. لكن تحت مشاكله الجسدية يوجد شخص هش، حساس، لطيف، مليء بالندم بحثاً عن الخلاص.

إذا جذب بريندان فريزر الانتباه بأداء رائع، فلا يمكننا أن ننسى الممثلين الآخرين الذين يشاركونه المشهد. حيث تُظهر هونغ تشاو موهبتها التمثيلية من خلال لعب دور الممرضة ليز، مع شخصية صعبة من النظرة الأولى لكنها عطوفة. سامانثا مورتون، في دور زوجته السابقة ماري، وتاي سيمبكينز، على الرغم من قلة عدد مشاهدهما في الفيلم إلا أنهما قدما أداءاً لا يمكن إغفاله. وفي النهاية لا يسعنا سوى الإشادة بدور الممثلة الشابة سادي سينك التي قامت بأداء أكثر من رائع باعتبارها ابنته التي كانت ضحية للمواقف والأحداث في حياة تشارلي.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم A Woman in Berlin: آخر محرمات الحرب العالمية الثانية

في الختام وبعد مراجعة فيلم The Whale لا يسعني سوى القول بأنه قصة عن تدمير الذات والأمل، عن الحياة والموت، عن العلاقات الإنسانية، عن الأنانية والإيثار، عن الذنب والتسامح، ورغم كل تلك الموضوعات الرائعة إلا أن المخرج وضع نفسه داخل شبكة معقدة من الموضوعات فخرج الأمر من يده. وبرغم إعجابي بأعمال أرونوفسكي إلا أنني لم أتعاطف مع بطل هذا الفيلم.

This Post Has 6 Comments

  1. غير معروف

    فيلم يثير الاشمئزاز عن حياة شخص ترك أسرته من أجل المثليية والاتحاد والبخل علي نفسه بالإضافة للكأبة بعد مشاهدته

  2. غير معروف

    كان نفسي يكون بيحب واحدة مثلاً كان عارفها قبل زوجته الأولى .. وبسببها وصل للي هو فيه .. مش يحب واحد زيه .. أي المثلية

  3. Yosra

    لكل اختيار في حياتنا عقاب نفسي جسدي، في أغلب الأوقات ندفع الثمن غالي و حتى ان أردنا ان نصحح خطأ واحد من خطاينا لنواسي به أنفسنا

  4. سليمان

    النظر للفيلم من خلال ميولاتنا وثقافتنا ورؤيتنا للذات والعالم قد ينزع عن الفيلم طابعه الإنساني الذي حاول من خلاله المخرج معالجة رؤيتنا للذات والوجود، والجسد والروح، والدين واللادين.. وغيرها من التيمات التي بدأت تتوارى عن السينما التي تركز حاليا على المظهر والموضوع والمؤثرات الخارجية أي كل ما هو سطحي وظحل.

اترك تعليقاً