فن

مراجعة فيلم Nightcrawler: تجربة مخيفة في مدينة الملائكة

فيلم Nightcrawler أحد أفلام الجريمة والإثارة الرائعة التي تعد نقداً لاذعاً للرأسمالية والصحافة التليفزيونية؛ وهو من كتابة وإخراج دان جيلروي، وبطولة جيك جلينهال. في هذا المقال نستعرض سوياً مراجعة فيلم Nightcrawler بشيء من التفصيل.

قصة فيلم Nightcrawler

تدور أحداث الفيلم حول لويس بلوم – جيك جلينهال – وهو لص صغير يقوم بمسح شوارع لوس أنجلوس ليلاً من أجل سرقة بعض الأسلاك لبيعها في ساحات الخردة. وعلى الرغم من إنه لص فهو يحاول أن يحصل على أية وظيفة ممكنة إلا أن أرباب العمل يرفضون طلبه ولا يرغبون في تعيينه. وفي ذات ليلة يصادف لويس حادثة على الطريق السريع. يغلبه الفضول ليترجل من سيارته من أجل مشاهدة الحادثة عن قرب. وفي تلك اللحظة يقابل جو – بيل باكستون – الذي يعمل مصور فيديو يقوم بتصوير الحوادث من أجل بيعها لأي محطة تلفزيونية إخبارية يحصل منها على أعلى أجر.

يحاول لويس أن يفهم طبيعة عمل جو. ويشرع في سؤاله عن عمله وهل يمكن تحقيق مكسب منه. إلا أن المصور يرفض أن يمنحه أية معلومات عن هذا العمل. لكن لويس يحاول الدخول في هذه اللعبة، فيذهب لسرقة دراجة ويبيعها في مقابل شراءه لكاميرا تصوير. ومن هنا يبدأ في تصوير الحوادث وبيعها إلى محطات التلفاز.

حينما يبدأ لويس في جني الأرباح من هذا العمل يسعى لتوظيف شخص عاطل عن العمل يدعى ريك – رزق أحمد – الذي يعمل معه كمتدرب مقابل ثلاثين دولار في الليلة. ثم يبدأ لويس في تعزيز علاقة عمل مع نينا – رينيه روسو – وهي مدير الأخبار في محطة إخبارية محلية تشتري منه اللقطات التي يقوم بتصويره.

الجريمة الكبرى

وفي ذات ليلية يعلم من خلال راديو الشرطة أن هناك جريمة اقتحام لمنزل أحد الأثرياء ويصادف أنه بجوار هذا المنزل. فينطلق على الفور إلى هنا قبل وصول الشرطة ليحصل على لقطات مصورة للجريمة. ولدى وصوله يستمع إلى صوت طلقات نارية. وبعد لحظات يخرج من المنزل رجلان. يصورهما لويس دون أن يشعرا به، وبعد رحيلهما يدخل إلى المنزل لتصوير العديد من الجثث. ثم يذهب بها إلى المحطة ليتم عرض لقطاته في الأخبار العاجلة.

تأتيه الشرطة لتحقق معه بعد أن علمت أنه كان متواجداً في المنزل قبل وصولهم. ويخبرهم بما شاهده ولكنه اخفى عنهم أنه قام بتصوير الجناة. وفي الليلة التالية يذهب هو وريك إلى مراقبة القتلة حتى إذا ما وصلا الرجلان إلى أحد المطعم اتصل لويس بالشرطة للإبلاغ عنهما. وعندما وصلت الشرطة إلى هناك بدأت عملية إطلاق النار بين الجانبين. وفي نفس الوقت يصور لويس وريك هذه الحادثة من أجل بيعها. لكن لا ينتهي الأمر على إطلاق النار فحسب، بل ينتهي الأمر بمطاردة بالسيارة بين الشرطة والجناة حتى يؤول الأمر في النهاية إلى تحطم سيارة القتلة.

في تلك اللحظة يراقب لويس سيارة القتلة من بعيد ويعلم أن أحدهما مازال على قيد الحياة فيطلب من ريك الاقتراب منه وتصويره. وعندما يقترب ريك من القاتل تصيبه طلقات نارية فيسقط على الأرض قتيلاً. وقد فعل لويس ذلك متعمداً من أجل أن يتخلص من ريك الذي حاول ابتزازه ليقتسم معه الأموال التي سيحصل عليها من هذا الفيديو. لينتهي الفيلم في النهاية بشراء لويس العديد من السيارات وتعيين عدد من الموظفين من أجل توسيع عمله.

مراجعة فيلم Nightcrawler

 فيلم Nightcrawler هو فيلم جريمة وتشويق من إخراج دان جيلروي الذي يجلس على كرسي المخرج وكاتب السيناريو في الوقت ذاته. وكأول ظهور لدان جيلروي كمخرج، يمكن القول إن هذا الفيلم هو ظهور رائع جداً. حيث يمكن العثور على مثل تلك الموضوعات التي يطرحها فيلمه والتي تتعلق بالأخلاق والطموح في العالم الحقيقي. لذا فإن Nightcrawler حاضر مثل نافذة على العالم الحقيقي المظلم. حيث تصبح الأخلاق في هذا الفيلم هي السلاح الرئيسي في رواية القصة، معبأة بموضوع صحفي أصبح فيما بعد هجاءً لحياة الصحفيين في العالم الحقيقي.

معضلة أخلاقية

يتناول فيلم Nightcrawler معضلة أخلاقية كبيرة لا تزال موجود في حياتنا الواقعية. هذه المعضلة تتمحور حول الأخلاق والمال والشهرة؟ وكيف يمكن للمرء أن يضحي بأحدهم للحصول على الأخرى. في هذا الفيلم يقدم جيلروي بذكاء شخصية لويس بلوم المعتل اجتماعياً الذي يستخدم كلماته وسلوكه ليحصل على ما يريد وفقاً لمعاييره الأخلاقية. وعلى الرغم من سهولة كره المشاهدين في لهذا البطل إلا أنه يرغمك على التحديق في الشاشة لمتابعة ومشاهدته يقود سيارته ليلاً بحثاً عن الأخبار التي يمكن تغطيتها.

فيلم Nightcrawler ليس فيلم رعب بحد ذاته. لكن هالة الرعب في هذا الفيلم نفسه كثيفة للغاية. حاضرة في شخصية لويس بلوم. حيث يركز المخرج على هذه الشخصية من البداية للنهاية؛ ويريد منا أن نتتبع خطاه، وما سيفعله والطرق القذرة التي يقوم بها؛ مع سلوكه المهذب والابتسامة التي لا تفارق وجهه. فهذه الشخصية رائعة بحق. حيث تعرف دائماً ما يجب فعله وما يجب قوله في أي موقف من المواقف.

من السهل أن تكره شخصية لويس بلوم ولكن من السهل أن تحبه أيضاً. فهو مختلف تماماً عن أبطال أفلام الإثارة الأخرى. فلا نعرف أبداً بصورة واضحة ما هو خطه الأخلاقي. حيث تركز الحبكة على شخصيته. وهذه الشخصية موجودة في حياتنا وهذا ما يجعله أقوى سلاح يدعم هذا الفيلم.

شخصية شديدة التلاعب والقوة

جيك جلينهال هو الممثل الأمثل لهذا الفيلم المليء بالإثارة. فلقد تمكن من تحويل شخص تافه، وعاطل عن العمل إلى شخصية شديدة التلاعب والقوة. وهذا ما يحدث في سوق العمل في ظل الرأسمالية. فالأمر كله يعتمد على من يمكنه بيع نفسه بشكل أفضل. ومن يجعل من نفسه لا غنى عنه قدر الإمكان. وخلال الطريق للوصول إلى السلطة والشهرة والمال يكون قد تخلى عن كل الأخلاقيات. فهنا نرى لويس يمكنه فعله أي شيء من أجل الوصول إلى هدفه. بداية من تخريب سيارة المنافس ليكون أول من يصل إلى الحادث، وصولاً إلى حجب المعلومات المهمة حتى يتمكن من تصوير جميع الأحداث، والمساهمة في قتل صديقه لابتزازه بالمال. على الرغم من إنه يفعل نفس الشيء تقريباً فهو يبتز مدير الأخبار من أجل أن يقيم علاقة معها، ولا يخجل من ذلك.

على الرغم من أن الفيلم يحتوي على عدة ثغرات في الحبكة، وفي بعض الأحيان تبدو المشاهد طويلة جداً، إلا أن Nightcrawler لا يتأرجح في سرد ​​القصص. وهو حاضر باعتباره هجاء واستهزاء بالعالم، وخاصة عالم الصحافة. حيث يضع الناس الأخلاق جانباً من أجل المال والشهرة. لويس بلوم هو توضيح لكيفية بدء الخط الأخلاقي في التلاشي بسبب مطالب المجتمع، مما يضطر العديد من الناس إلى محو خطهم الأخلاقي من أجل تلبية رغبات المجتمع. ولويس بلوم هو شخصية ستظل حاضرة دائماً في عالمنا. وكما في النهاية، تصبح شخصية لويس بلوم رمزاً للطموح الذي يتخطى الحدود الأخلاقية.


في الختام وبعد مراجعة فيلم Nightcrawler لابد من التنويه إلى أنه أحد أفلام الإثارة والجريمة التي تستحق المشاهدة بالفعل. وللمزيد من الأفلام الشبيهة بهذا الفيلم يمكنك الاطلاع على هذه المقالات:

مراجعة فيلم Zodiac: اللعبة الأكثر خطورة على الإطلاق

شرح فيلم Triangle: ما الذي يحدث في هذا الفيلم الغامض؟

مراجعة فيلم Bird Box: دراما تغوص في أعمق مخاوفنا البشرية

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!