فن

تحليل فيلم Lamb: حكاية مأساوية غريبة وفريدة من نوعها

يقدم فيلم Lamb واحدة من أكثر الحكايات غرابة وكآبة وظلاماً، لكنها قصة آسرة وساحرة. وبرغم بساطتها وغموضها إلا أن لها فلسفة عميقة وفريدة من نوعها. يحمل الفيلم جرعة غموض عالية، ويغرق المشاهد في أجواء غريبة منذ البداية وحتى النهاية الصادمة، لكنه يترك المشاهد وقد دار رأسه ولسان حاله يقول: “ما هذا الذي شاهدته للتو؟”. في السطور التالية نستعرض قصة الفيلم ثم تحليله ونحاول الكشف عن عمق القصة وفلسفة هذا الفيلم الرائع.

معلومات عن فيلم Lamb

  • البلد: أيسلندا | السويد | بولندا.
  • اللغة: الآيسلندية.
  • تاريخ الإصدار: 24 سبتمبر 2021.
  • المخرج: فالديمار جوهانسون.
  • الكاتب: فالديمار جوهانسون | سيجون.
  • وقت العرض: 107 دقيقة.
  • النوع: دراما | فانتازيا | رعب.
  • التصنيف: (R) للكبار فقط | يحتوي على مشاهد فاضحة.
  • فريق التمثيل: نعومي راباس | هيلمير سنير غوناسون | بيورن هيلنور هارالدسون.
  • التقييم: 6.3.

تنبيه هام: يحتوي هذا المقال على حرق كامل للأحداث، فإذا لم تكن شاهدت هذا الفيلم من قبل يمكنك مشاهدته أولاً ثم العودة مجدداً لقراءة المقال.

قصة فيلم Lamb

تدور أحداث فيلم Lamb في مكان بعيد ومنعزل في آيسلندا حول زوجان يعيشان في عزلة ويقومان بتربية قطيعاً من الأغنام في مزرعتهما في سهل تحيط به بعض الجبال الشامخة. يحيا الزوجان حياة روتينية تدور حول العمل الشاق المتمثل في الزراعة وإطعام الحيوانات ورعايتهم. وفي عشية عيد الميلاد تتغير الأمور وتصبح غريبة ومجنونة عندما تلد نعجة حمل رضيع. ومن خلال تلك العيون الفضولية للزوجان تشعر أن شيئاً ما قد حدث ولكن كلما قلت معرفتك كان ذلك أفضل.

تحمل الزوجة ماريا – نعومي راباس – الحمل وترعاه في المنزل وترتبط به وكأنه وليدها، ثم تطلق عليه اسم “آدا” وهو نفس الاسم الذي حملته ابنتهما الصغيرة الراحلة. يربى الحمل كطفل للزوجين وتبدأ حياتهما في التغير من جديد، حيث يشعران بالسعادة تعود مجدداً إلى هذا المنزل الكئيب.

لكن ماريا تغشاها الكوابيس التي تظهر فيها الأغنام الغاضبة، وكثيراً ما تسمع مأمأة النعجة الأم أمام منزلها. لذا تضطر إلى قتلها ودفنها دون علم زوجها بهذا الأمر. وخلال دفن النعجة يراها بيتر – بيورن هيلنور هارالدسون – شقيق زوجها الذي يأتي إليهما في زيارة. هذه الزيارة غير الموقعة تضيف مزيداً من التعقيد والالتواءات إلى هذه الحكاية الآسرة.

يرفض بيتر ما يفعله الزوجان من تربية حيوان واعتباره ابناً لهما، وخلال ذلك الوقت يصطحب آدا إلى البرية ويحاول قتلها إلا أن نظرات الحيوان جعلته يتراجع عن فعلته، وعلى العكس من ذلك تطورت علاقة محبة بين بيتر وآدا. حاول بيتر غير ذات مرة أن يغري ماريا زوجة أخيه لممارسة الحب معه، لكنها ترفض باستمرار، وطريقة رفضها تشير إلى أنه كان بينهما علاقة ما ذات مرة، ربما بعد وفاة طفلتها وخلال فترة حزنها عليها.

بعد مضي بعض الوقت على بيتر في ضيافة أخيه تحمله ماريا ليعود أدراجه. وبعد عودتها إلى منزلها لم تجد آدا أو إنجفار زوجها، وفي ذلك الوقت تسمع أصوات طلقات نارية تأتي من البرية، فتنطلق سريعاً إلى المكان لتجد زوجها غارقاً في دمائه ولا وجود للحمل آدا. تنظر ماريا في الأفق الشاسع ثم تصرخ وتبكي.


تحليل فيلم Lamb

تفسير نهاية فيلم Lamb
مشهد من فيلم Lamb

هذا الفيلم هو أول ظهور إخراجي لفالديمار جوهانسون، وقد صنع تحفة فنية رائعة باستخدام لغة السينما. فالحوارات في الفيلم تكاد تكون منعدمة، ويبدو أن شخصيات الفيلم تغرق في عزلة باردة لدرجة أن الكلمات تغرق في أصداءها. إنه يعرف كيف يثير خيالك لملء الصورة الموجودة خارج إطار الكاميرا. فهو مثل قائد الأوركسترا يجمع ببراعة التمثيل والصوت والصورة، بالإضافة إلى الغموض، فأنت لا تعرف أبداً ما الذي سيحدث من مشهد إلى آخر. كما يبرز التصوير السينمائي الرائع جمال المناظر الطبيعية الغريبة والظروف القاسية التي توفرها الطبيعة. إن الصورة المذهلة التي لا تُنسى مثل القصة نفسها.

القصة التي يرويها فيلم Lamb هي إما حكاية خرافية سريالية من المفترض أن يأخذها جمهورها بالمعنى الحرفي للكلمة، أو نوع من الحكاية الرمزية المجازية التي من المفترض أن نفك شفرتها من خلال المراقبة الدقيقة لشخصيات الفيلم وأحداثه. والحق يقال أنك مهما قررت عند مشاهدة هذا الفيلم فأنت لست خاسراً بأي حال من الأحوال. تثور جميع أنواع الأسئلة في الخلفية، ويتركها الفيلم بعناد دون إجابة، لكنه مع ذلك يحافظ على وتيرة الغموض من البداية للنهاية.

استعارة مأساوية للحزن

يمكن قراءة فيلم Lamb على أنه استعارة مأساوية للحزن. فالزوجان غير قادران على قبول الخسارة، لذا يتبنان الحمل على الفور، ويغضيان الطرف عن غرابة جسده وبنيته. وبدلاً من بداية جديدة، يحاولان تصحيح الماضي من خلال تسمية الحمل على اسم ابنتهما الميتة. وهو ما أشار إليه الحديث الصغير بين الزوجين أثناء تناول وجبة الإفطار، حيث تحدثا الزوجان عن الإمكانية النظرية للسفر عبر الزمن، وأشارت الزوجة إلى أنها تريد أن تعود بالزمن إلى الماضي ولكن في الوقت المناسب.

 كانت الابنة الأصلية لها وجه طفل عادي، وهذا الوجه يحمل الآن ملامح الخروف. ما المشكلة إذن؟ يتجنبان لمس الموضوع، ويتفقان من خلال إيماءة بسيطة على تبني الحمل كطفل لهما. مع وصول شقيق الزوج (بيورن هيلنور هارالدسون) إلى المنزل، فإنهما يحظران الأسئلة، ويفرضان رقابة على أي كلمة يمكن أن تكشف عن سخافة الموقف. تمثل آدا – الحمل – محاولة يائسة لقمع آلام الموت بشكل نهائي. لكن سيعاقب إنجفار وماريا لرفضهما طبيعة الأشياء.

رمزيات دينية

إن المشاهد اليقظ سيلاحظ شيئاً آخر: ماريا؟ عيد الميلاد؟ حمل؟ هل هذه الأمور لها علاقة بالمسيحية. وهل يمكن أن يحمل هذا الفيلم رمزيات دينية تشير إلى شيء ما. ولماذا تحدث أمور سيئة لأناس طيبون؟ هذا هو السؤال الأساسي للأخلاق المسيحية في مواجهة المآسي: لماذا يسمح الله الصالح والقدير بالحروب، وموت الأطفال، والكوارث الطبيعية؟

في النصوص المقدسة نجد تنوع هائل في الإجابات على هذه الأسئلة على غرار “الله لا يعطي عبئاً أكبر مما يمكن للمرء أن يحمله” أو “يكتب الله بشكل مستقيم ولكن بخطوط ملتوية”، “الله يختبر إيمانك”. أو بعبارة أخرى، هذا هو الحال، عليك أن تقبله دون سؤال.

تعاني ماريا وهي امرأة مؤمنة تحمل اسماً توراتياً من فقدان ابنتها الصغيرة التي ولدت ميتة. لذا تعيش في كآبة أبدية، محاطة بمناخ صارم، مليء بعواصف الثلج التي تعكس حالتها العقلية. تضع ماريا مهد الفتاة بجوار نافذة غرفة النوم حتى يأتي اليوم الذي تحدث فيه معجزة عيد الميلاد – أي ميلاد طفل جديد.

الأساطير

يمكن أن تكون آدا في هذه القصة مشابهة لشخصية مينوتور في الأسطورة اليونانية. تلك الشخصية التي ترمز إلى الموت. أو مثل الإله غانيشا في الهند، وهو نصف إنسان ونصف فيل، وقد ظهر على هذا النحو كشكل من أشكال الندم على والديه الذين قطعوا رأسه البشري. أو في المسيحية هناك الحمل، المخلوق المقدس الذي يرمز إلى معجزة الله. فالأغنام ترمز إلى النقاء والبراءة. المثير للاهتمام هو أنه يمكن تفسير آدا على أنها الرموز الثلاثة في وقت واحد.

فيلم Lamb في جوهره قصة مأساوية. لهذا السبب تم التسويق له على أنه فيلم رعب. لأن الرعب لا يقتصر على الأحداث الرهيبة التي تسببها الأشباح أو الصدمات أو القتلة المجانين في الليل. الرعب أيضاً حدث مروع ينشأ في داخلنا من شعور مأساوي يطاردنا. سواء كان انتقام، غيرة، ذنب، حزن. يلعب فيلم Lamb بالفعل على الموضوعين الأخيرين. إنغفار وماريا هما زوجان قضيا أياماً مليئة بالحزن. إن وجود بيتر وعلاقته بهما في القصة كشاهد حي على مدى عمق تأثير هذا الحزن على حياتهم الزوجية. يمثل هذا الحمل الصغير، بالنسبة لهم فرصة ثانية. وبالنسبة للزوج والزوجة، يمكنك القول إن آدا هي آلة الزمن، والتي تسمح لهما بإصلاح أو حتى منع الحزن الذي حدث سابقاً.

المأساة هي أن الجرحى من البشر يفضلون مواجهة أي شيء – بما في ذلك المعجزات أو الأشياء السخيفة – باستثناء الواقع القاسي نفسه. هذا الفيلم لا يتردد في معاقبة مثل هؤلاء. كما نرى ما حدث لماريا في نهاية القصة. Lamb هي في الواقع حكاية شعبية أخلاقية عن الأشخاص الذين فقدوا الكثير، لأنهم انغمسوا في الحزن ولم يحاولوا التعافي منه بعد الخسارة الأولى.


شرح ختام الفيلم

قصة فيلم Lamb
مشهد من فيلم Lamb

يبدو أن ماريا وإنجفار قد وجدا بعض التوازن في حياتهما بعد تبني الحمل. ففي بداية الفيلم، نلاحظ كيف يحاول كلاهما البقاء على قيد الحياة داخل وجود يجبرهما على العيش في عزلة وعدد لا حصر له من الأشياء التي لم تُقال فيما بينهما، بما في ذلك خيانة ماريا مع شقيق إنجفار.

إن الوصول غير المتوقع للحمل غير حياتهم، وكما تقول ماريا نفسها في أحد مشاهد الفيلم ” إنها بداية جديدة”. لكن داخل نفسها تعرف أن هذا الطفل لا ينتمي إليها، لذا يمكنها أن تفعل أي شيء للحفاظ على هذا الطفل حتى وإن قتلت والدة آدا البيولوجية.

لكن في النهاية يقُتل إنجفار برصاصة بندقية أطلقها الإنسان الفائق الجديد الذي يظهر في لحظة عزلة إنجفار وآدا، وهو تمثيل لروح الطبيعة التي جاءت بآدا. يمثل هذا الرجل الشبيه بالمونيتور الطبيعة التي تقرر استعادة ما هو مستحق لها، على الرغم من حقيقة أن الإنسان يستغلها باستمرار.

عندما عثرت ماريا على جثة زوجها. نظرت إلى ما وراء الأفق وهي تبكي بعد أن فقدت كل شيء في محاولة منها للتصالح مع خسارتين مأساويتين؛ أولاً، فقدان زوجها، وثانياً فقدان طفلها – الحمل الخروف. لنرى في النهاية أماً تبكي وزوجة فقدت كل شيء في سعيها لملء فراغها المأساوي.


قصة فيلم Lamb هي حكاية رمزية رائعة تحمل الكثير من المعاني التي تعتمد على العقل أو الثقافة التي تحاول فك شفرتها. لكن بعبارات بسيطة يمكننا القول بأنها حكاية أخلاقية مفاداها أنه عندما يحاول المرء السرقة من مخلوق آخر لأسباب أنانية، فإن الطبيعة تعاقب الفاعل على خطاياه. لقد قتلت ماريا والدة آدا البيولوجية وسرقت مولودها الجديد. لذا خرج والد آدا البيولوجي من البرية وانتقم من البشر وأخذ طفله إلى الجبال.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

‫2 تعليقات

  1. انا شاهدت الفيلم ، و كان تفسيري له بأن ولادة طفل هجين بن الانسام و الحمل هو نتيجه ما يطعمه له الزوجان ، فهما مهتمان جدا بطريقة الاكل ، وحاولا ان يجعلنا نركز على هذه النقطة حيث تعددت المشاهد للقطتين أولاً فرش الطعام للغنم وهو مايقوم به الزوج ، وثانياً الانجاب من المعروف ان الحيوانات تلد لوحدها و ترعى طفلها ،ولكن نرى ان الزوجة حريصة على ان تولد اطفال النعاج ، والتفسير : ممكن لانها تطمح بأن ترزق بطفل متكامل بعد ان دسوا المعالجات الوراثية او بعض العقاقير و التجارب بأكل الاغنام. والذي اكد لي هذا حديثهما المقتضب حول التقدم بالعلم و الة الزمن اي ان الزوجان يتتبعان مايدور في الجانب العلمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!