لماذا يريد دماغك أن يؤمن بوجود الأشباح؟

You are currently viewing لماذا يريد دماغك أن يؤمن بوجود الأشباح؟
لماذا يؤمن البشر بوجود أشباح؟

فكرة الإيمان بوجود الأشباح موجودة في جميع ثقافات وحضارات العالم، وفي معظم الديانات الموجودة على وجه الأرض. فهل هناك وجود للإشباح بالفعل؟ وماذا يقول العلم عن حقيقة وجود الأشباح وأسباب إيمان البشر بها.

ما هي الأشباح

الأشباح عبارة عن صور أو أطياف تظهر للأحياء. هذه الأطياف لأشخاص قد ماتت أو ربما أطياف لحيوانات. وتتنوع أوصاف هذه الأشباح ما بين الشكل الشفاف أو الرؤى الحقيقة أو حتى هيئة من الدخان. يعتقد الكثير من البشر بحقيقة وجود الأشباح. بل ويمتد الأمر إلى الاعتقاد بتأثيرها على حياة البشر الأحياء. وقد انتشرت في جميع ثقافات العالم تقريباً قصص شتى للأشباح. كما تشتمل هذه القصص على استحضار أرواح بعض الموتى عن طريق ما يسمون أنفسهم بالوسطاء الروحانيين. لكن كيف ظهرت قصة الأشباح وكيف ترسخت في العقل الجمعي للبشر؟ ما علاقتها الظواهر الخارقة للطبيعة؟


تاريخ إيمان البشر بالأشباح

يعود تاريخ إيمان البشر بالأشباح؛ وحقيقة وجودها إلى عصور موغلة في القدم حيث كان الإنسان ما زال في طور البدائية، فحينما يسمع رجل من العصر الحجري حفيفاً في الأدغال. يمكنه على الفور أن يفترض أن هناك تهديداً ما أو أن هناك شيئاً مفترساً يريد الانقضاض عليه. ومن هنا يحاول أن يستعد لذلك المجهول جيداً. وربما لم يكن هناك شيئاً مما يخشاه هذا الإنسان. عند تلك النقطة يشرع في تفسير هذه الأصوات على أنها نوعاً من الأشباح. مما يؤدي به إلى الاستعداد جيداً لها، وإما أن يبدأ في الاعتماد على الأدلة المنطقية، وفي ذلك الوقت سينتهي أمره مأكولاً من قِبل أحد الحيوانات المفترسة. هذه الطريقة في التفكير ساعدت البشر على الهروب من الحيوانات المفترسة المحتملة، لكنها مع ذلك جعلت منه يسيء تفسير الأحداث من حوله.

أما الاعتقاد الخاص برؤية أرواح الموتى أو أشباح الموتى فظهر بعد تطور الإنسان البدائي لخطوات قليلة إلى الأمام. وقد ارتبط هذا الاعتقاد قديماً بفكرة عبادة الأسلاف في فترة سابقة على ظهور القراءة والكتابة. حيث كان يعتقد في الماضي أن روح الإنسان تعود مرة أخرى للتأثير في حياة البشر الأحياء. لذا كان من الضروري استرضاء هذه الأرواح من أجل الحصول على معونتهم وحمايتهم.

تطور الإنسان شيئاً فشيئاً لكن مازال الإيمان بالأشباح يشغل حيزاً كبيراً من فكره. هذا الحيز هو البقية الباقية من آثار ذلك الزمن الغابر. لقد تطورت العلوم بصورة مذهلة في عصرنا الحالي وقد أجمع العلماء على عدم وجود ما يسمى بالأشباح، كما أدخلت دراسة الظواهر الخارقة للطبيعة ضمن العلوم الزائفة، فحقيقة وجود الأشباح كأرواح مادية يتعارض مع قوانين الطبيعة كما يفهمها العلماء، ويبدو أن كل شيء يستدعى التفسير.

اقرأ أيضًا: اضطرابات النوم: كيف تتخلص من رعب النوم المفقود؟

الأسباب النفسية وراء إيمان البشر بالأشباح

تعد رغبة الإنسان وشوقه إلى تحقيق العدالة المفقودة أحد العوامل التي تجعله يؤمن بحقيقة وجود الأشباح. على سبيل المثال نجد كثير من القصص التي تقص علينا عودة روح كي تنتقم من قاتلها. لذا كانت النظرة إلى هذه الأشباح على إنها مجرد أدوات لتحقيق العدالة. هناك أيضاً الاعتقاد الراسخ لدى جميع البشر وهو أن الموت ليس نهاية الوجود. حيث أن الروح خالدة لن يمسها الموت. وفكرة فنائنا كجنس بشري غير واردة على الإطلاق في قاموس الإنسان. إن هذا التفكير يعد مصدر راحة كبير خاصةً إذا فقدنا أحد الأشخاص الذين نحبهم. هنا يأتي الإيمان بالأشباح الخاصة بهذه الأرواح للتواصل مع الأحياء. وقد انتشرت فكرة الوساطة الروحية نتيجة لهذا الاعتقاد.

أما الأمر الثالث فهو أننا دائما نخشى من المجهول. وبما أن الأشباح يمثلون بالنسبة للبشر مجهولاً فهذا الأمر مثير نوعاً ما. إننا في عصرنا الحالي نجد متعة كبيرة في مشاهدة أفلام الرعب، والاستماع إلى قصص الرعب، ولعل قصص الأشباح تمثل منبعاً زاخراً لهذه الأفلام. مما ساعد على ازدياد الإيمان بها.

اقرأ أيضًا: كيفية الدفاع عن نفسك ضد أساليب التلاعب العقلي؟

لماذا نرى الأشباح ونستمع لأصواتهم

إيمان البشر بالأشباح؛ الهلوسة؛ شلل النوم؛ حقيقة وجود الأشباح
هل تصيبنا الهلوسة في بعض الأحيان فنعتقد برؤية الأشباح؟

في بعض الأوقات يُصاب الإنسان بالعديد من الرؤى البصرية أو السمعية، هذه الرؤى تدخل ضمن نطاق الهلوسة، وبالنظر إلى كيفية عمل الدماغ البشري، فإن تجربة الهلوسة هي أكثر التجارب شيوعاً لدى كثيراً من الناس. حيث  تشير الأبحاث الحديثة إلى أن غالبية الأشخاص المسنين المفجوعين قد يعانون من هلوسة بصرية أو سمعية لأحبائهم الراحلين، وتستمر هذه الهلوسة لبضعة أشهر.

علاقة إيمان البشر بالأشباح بشلل النوم

مصدر آخر للهلوسة هو ظاهرة شلل النوم التي قد تحدث عند النوم أو الاستيقاظ، ويصاحب شلل النوم أحياناً هلوسة بصرية أو سمعية. يعتقد حينها المصاب بشلل النوم بأن هناك شخصاً ما في الغرفة، ويبدأ في تفسير رؤيته على أنه أحد الظواهر الخارقة للطبيعة. يقول علم النفس أنه حينما يؤمن شخص ما بظاهرة ما أو يعتقد اعتقاداً ما فمن المرجح جداً ان يختبر هذه الظاهرة.

ضع في اعتبارك ما يمكن أن يحدث إذا كنت في منزل مسكون في الليل ورأيت شيئاً يتحرك في أحد زوايا المنزل. إذا كنت تؤمن بالأشباح، فقد تفسر ما تراه على أنه شبح. هذا مثال على الإدراك من أعلى إلى أسفل حيث يتأثر ما نراه بما نتوقع رؤيته. وفي الظلام، حيث قد يكون من الصعب رؤيته بشكل صحيح، فإن دماغنا يصنع أفضل استدلال ممكن، والذي سيعتمد على ما نعتقد أنه محتمل – وقد يكون ذلك شبحاً.

اقرأ أيضًا: هل تجارب الاقتراب من الموت مجرد لعبة أخيرة لدماغ يحتضر؟

لماذا يريد دماغك أن يؤمن بالأشباح والخوارق

إن الكثير من التجارب التي يختبرها البشر على مدار حياتهم يتم تفسيرها بشكل خاطئ على أنها خوارق للطبيعة، وذلك نظراً لوجود الغرائز البشرية الموجودة داخل كل إنسان، والتي نشأت فينا عبر آلاف السنين من التطور لمساعدتنا على النجاة والبقاء أحياء.

التفكير السحري وحقيقة وجود الأشباح

يشير التفكير السحري إلى الاستنتاج السببي الخاطئ أو المغالطة السببية، وتكوين علاقات ذات مغزى للظواهر المحيطة. على سبيل المثال ربط طقوس التضحية بالجزاء المتوقع من الإله.  وهذا التفكير في علم النفس الإكلينيكي عبارة عن حالة مرضية تصيب المريض بالخوف والرهبة من القيام بعمل ما لأنه سيؤثر بالضرورة على عمل أخر. على الرغم من أننا قد نرى أنفسنا ككائنات عقلانية، إلا أن الطريقة السحرية في التفكير هي الطريقة المفضلة لدينا. حيث نشعر بتحيز ضمني لهذه الطريقة فعندما يحدث شيء ما، فإن له ارتباط أكثر خطورة من كونه مجرد حدث عابر. فالشجيرات لا تتأرجح في مهب الريح فحسب، لكن يجب أن تتحرك بسبب شيء أكثر خطورة.

إننا نسعى للحصول على تفسيرات لما يحدث من حولنا. نحن بحاجة إلى معرفة سبب حدوث الأشياء أو سبب حدوث شيء ما. وعندما يتعلق الأمر بأحداث غامضة وغير قابلة للتفسير، فإن التفسير المنطقي الوحيد يكون غالباً وجود شيء خارق للطبيعة. هناك أيضاً قدر كبير من التهيئة النفسية لإيمان البشر بالأشباح. فإذا كنت تبحث عن شبح، فمن المحتمل أن تجد شبحاً.

اقرأ أيضًا: هل هناك دليل علمي على الإسقاط النجمي؟

الأسباب العلمية المحتملة لرؤية وسماع الأشباح

هناك العديد من أسباب إيمان البشر بالأشباح. لكن ما الذي يجعلنا نشعر وكأننا في حضرة روح خارقة للطبيعة؟ هل هناك تفسيرات علمية محتملة لهذا الإحساس بالوخز الذي يصيب مؤخرة رقبتك، أو تلك البقع المتناثرة في كل مكان، أو الأصوات والخطوات غير المجسدة، أو الإحساس بأن شخصاً ما يلمس كتفك في حين لم يكن هناك أحد ما. وماذا عن البيوت المسكونة بالأشباح وما أكثر القصص التي تلوكها الألسنة عن هذه المنازل المهجورة. دعونا نتحرى التفسيرات العلمية المحتملة لهذا الشعور الخارق.

  1. صوت منخفض التردد

    مثلما يمكن للعين البشرية أن ترى الضوء ذو نطاق محدد من الترددات يمكن للأذن البشرية سماع الأصوات فقط في نطاق معين من الترددات. فالموجات فوق السمعية التي تكون أعلى من 20000 هرتز يتعذر على آذاننا تحليلها، لذا اذا تعرضنا لها لا نستطع الشعور سوى ببعض الاهتزازات. وبالمثل تواجه آذان الإنسان صعوبة في سماع الأصوات منخفضة التردد التي تقل عن 20 هرتز. لكن هذه الأصوات لا تمر مرور الكرام. ففي دراسة أجريت عام 2003، أفاد 22٪ من رواد الحفلات الموسيقية الذين تعرضوا لأصوات عند 17 هرتز أنهم شعروا بعدم الارتياح أو الحزن، أو قشعريرة، أو مشاعر عصبية من الاشمئزاز والخوف.
    إذن من أين تأتي هذه الأصوات؟ تأتي هذه الأصوات من الزلازل والنشاط البركاني أو البرق، والتواصل بين الحيوانات بما في ذلك الفيلة والحيتان وأفراس النهر والخفافيش يمكن أن تنتج جميعاً الموجات فوق الصوتية. وإذا كنت لا تعيش بجوار أي براكين أو أفراس النهر ولكنك ما زلت تعتقد أن منزلك قد يكون مسكوناً؟ فإن هناك مصادر أخرى لهذه الأصوات مثل محركات الديزل وتوربينات الرياح وبعض مكبرات الصوت.

  2. العفن

    يمكن أن يكون استنشاق العفن السام ضاراً بجهازك التنفسي، ولكنه قد يكون ضاراً أيضاً لعقلك. من المعروف أن التعرض للعفن يسبب أعراضاً عصبية مثل الهذيان أو الخرف أو المخاوف غير المنطقية. فهل هي مصادفة أن المنازل التي نشك في أنها مسكونة تميل أيضاً إلى أن تكون في حالة سيئة ومن المحتمل جداً أن تكون مليئة بالعفن السام. لذا فإن إيمان البشر بوجود أشباح في هذه البيوت ربما يعود إلى ذلك السبب.

  3. أول أكسيد الكربون

    تماماً كما يمكن أن يقودنا استنشاق العفن إلى رؤية أو سماع  أو الشعور بأشياء ليست موجودة بالفعل، كذلك يمكن لاستنشاق الكثير من أول أكسيد الكربون أن يسبب هلوسة سمعية، وشعور بالضغط على صدرك، وشعور غير مبرر بالفزع.

  4. قوة الإيحاء

    تشير الدراسات إلى أنه من المرجح أن إيمان البشر بالأشباح وغيرها من الظواهر الخارقة للطبيعة يرجع إلى أن هناك دائماً  مَن يدعم اعتقادنا. في حين يمكننا إقناع أنفسنا بأننا مخطئين إلى حد ما بشأن ما رأيناه أو سمعناه، إلا أن وجود من يدعم شكوكنا يؤدي بنا الإيمان بهذه المعتقدات.

  5. الاستمتاع بالخوف

    اكتشف أطباء الأعصاب أن أدمغتنا تفرز مادة الدوبامين، وهي مادة كيميائية مرتبطة بالمتعة عندما نشعر بالخوف. يمكن أن يؤثر مقدار الدوبامين على أدمغتنا مما يسمح لخيالنا بالتعايش مع وجود الأشباح فعلى الرغم من أنها فكرة مخيفة. إلا انها تزيد من إفراز مادة الدوبامين المرتبطة بالمتعة. لذا نجد أن الكثير من الناس يحبون مشاهدة الأفلام المرعبة ولا يعرفون سبباً واضحاً لذلك.


إن إيمان البشر بالأشباح لا علاقة له بشلل النوم. لكن إيمان البشر به يجعلهم على يقين بوجود الحياة بعد الموت. وعلى الرغم من أنها أحد الظواهر الخارقة للطبيعة. فإن هذا الأمر مريحاً جداً في النهاية، إذا تمكنت من تجاوز الشعور بأن شخصاً ما يقف خلفك وأنت تقرأ هذه السطور.

المراجع:

1.     Author: Sabrina Stierwalt, (2/25/2019), 6 Possible Scientific Reasons for Ghosts, www.scientificamerican.com, Retrieved: 1/23/2021.

2.     Author: Luke Taylor, (10/15/2020), Why Your Brain Wants to Believe in Ghosts and the Supernatural, www.discovermagazine.com, Retrieved: 1/23/2021.

3.     Author: Brandi Broxson, (9/23/2015), Why So Many People Believe in Ghosts, www.realsimple.com, Retrieved: 1/23/2021.

اترك تعليقاً