مراجعة فيلم Argentina 1985: محاكمة من أجل الحرية
فيلم Argentina 1985 هو تذكير بجرائم الحرب التي ارتكبت في حق الشعب الأرجنتيني تحت حكم الديكتاتور فيديلا. هذه الجرائم التي أدت إلى وضع القيادة العسكرية للديكتاتور في قفص الاتهام. يرسم هذا الفيلم صورة دقيقة للمناخ الاجتماعي والسياسي الذي كان سائداً في الأرجنتين مع وصول حكومة راؤول ألفونسين الديمقراطية. في السطور التالية نتعرف على قصة فيلم Argentina 1985 ثم نستعرض مراجعة هذا الفيلم الرائع.
معلومات عن فيلم Argentina 1985
- البلد: الأرجنتين | المملكة المتحدة | الولايات المتحدة.
- اللغة: الإسبانية | الإنجليزية.
- تاريخ الإصدار: 21 أكتوبر 2022.
- المخرج: سانتياغو ميتري.
- الكاتب: سانتياغو ميتري | مارتن موريجي | ماريانو ليناس.
- وقت العرض: 140 دقيقة.
- النوع: دراما | جريمة | سيرة ذاتية.
- التصنيف: (R) للكبار فقط | يحتوي على مشاهد عنيفة.
- فريق التمثيل: ريكاردو دارين | جينا ماسترونيكولا | فرانسيسكو بيرتين | أليخاندرا فليشنر.
- التقييم: 7.7.
قصة فيلم Argentina 1985
تدور أحداث فيلم الأرجنتين 1985 حول محاكمة القيادات العسكرية التي حكمت الأرجنتين خلال الديكتاتورية العسكرية الأخيرة بين عامي 1976 و 1983. هؤلاء القادة العسكريين الذين قاتلوا ضد الميليشيات اليسارية الإرهابية، وانتصروا عليهم، لكنهم في خضم هذه الحرب ارتكبوا جرائم عديدة ضد الإنسانية. تتمثل هذه الجرائم في القتل والخطف والاختفاء القسري، والتعذيب لكل مشتبه به من المدنيين. مما أدى إلى قتل وخطف وتعذيب حوالي 30 ألف مدني. لكن على الرغم من هذه الجرائم التي تعرض لها الشعب الأرجنتيني، فلا يزال الجيش المهزوم يمارس نفوذاً في كثير من مؤسسات الدولة. وكذلك لا تزال بعض الفصائل من الشعب مخدوعة بالجيش.
تتمحور قصة الفيلم بشكل أساسي حول النائب العام ستراسيرا – ريكاردو دارين – الذي وكلت إليه مهمة أن يكون المدعي العام لهذه المحاكمة. لكنه لا يستطيع الاعتماد على الشرطة والجيش والقضاء للحصول على معلومات وأدلة تدين القادة العسكريين. لذا يلجأ إلى مجموعة من الشباب عديمي الخبرة الذين لم يكن لهم علاقة أو اتصال بالجيش من قبل. استطاع الشباب أن يعثروا على أكثر من 700 قضية جنائية تدين القادة في وقت قياسي. لقد انطلقوا إلى جميع أنحاء البلاد حتى يثبتوا أن الجرائم التي ارتكبت في عهد الديكتاتورية لم تكن جرائم منعزلة ارتكبها بعض مرؤوسي القيادة العسكرية. ولكنها استراتيجية مخططة من أعلى المستويات، والمجلس العسكري كان على علم بها.
يظهر لنا فيلم Argentina 1985 كيفية التحضير للمحاكمة بكل مصاعبها وخاصة أقوال الضحايا والشهود المرعبة حول عمليات الاختفاء القسري والتعذيب. وقد كانت الإذاعة الأرجنتينية تبث هذه الشهادات للشعب. وفي ظل المحاكمة نشاهد التهديدات التي تلقاها النائب العام وفريقه. كما يلقي الفيلم نظرة على الرجل وعائلته وكيف أثرت القضية عليهم.
اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Ammonite: كذبة تاريخية عملاقة |
مراجعة فيلم Argentina 1985
تركز قصة فيلم Argentina 1985 للمخرج سانتياغو ميتر على أكثر اللحظات الهامة في تاريخ الأرجنتين الحديث. كم عدد البلدان التي تعافت من ماضيها المؤلم، وكم عدد الدول التي خرجت سالمة من هذه العملية؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه ميتري في فيلم Argentina 1985. هل تستطيع قوة مجموعة صغيرة من الرجال التغلب على مقاومة بلد بأكمله؟ خوليو ستراسيرا هو نائب عام رزين ومصمم على إظهار الحقيقة ومعاقبة قادة الديكتاتورية، ومع ذلك فهو مليء بالشكوك والخوف بشأن ما قد يحدث له ولأسرته.
العقد الاجتماعي
إن الأساس النظري لسيادة القانون هو العقد الاجتماعي. حيث يتنازل المواطنون عن جزء من حريتهم للدولة. والديمقراطية هي شكل من أشكال الحكومة التي تنبع فيها السلطة بالكامل من الشعب. لكن الدولة الديمقراطية التي يحكمها القانون لديها أداة للدفاع عن نفسها في مواجهة المواقف المتطرفة، مثل الكوارث الطبيعية أو الهجمات الإرهابية أو التمرد المسلح. ففي حالات الطوارئ هذه يتم تقييد بعض الحريات الدستورية مؤقتاً. إنها طريقة لقتل حكم القانون. وبمجرد أن ينتهي الخطر الذي كان يهدد البلاد، تولد الديمقراطية من جديد.
أردت أن أوضح هذا الأمر نظراً لدفاع بعض العسكريين أثناء المحاكمة عن أفعالهم المشينة قائلين أن البلاد كانت في حالة حرب ضد الإرهاب والشيوعية التي أرادت تدمير الأمة الأرجنتينية. لكن لم تكن هذه حالة حرب كما أخبر بها القادة العسكريين. وما حدث في الأرجنتين خلال تلك السنوات كان إرهاب دولة تم القيام به بشكل منهجي وبدون عدالة. حيث اختطف حوالي ثلاثين ألف شخص وتم تعذيبهم وقتلهم لمجرد الاشباه في كونهم شيوعيين أو ضد النظام.
البحث عن العدالة
تتناوب مشاهد قاعة المحكمة بين التفوه الخطابي الناري وشهادات تقشعر لها الأبدان، مع ومضات من لقطات أرشيفية تبدو متداخلة بين الدراما. وفي المشهد الأكثر إثارة للقلق في الفيلم، تتأمل امرأة شابة تجربتها في إجبارها على الولادة مقيدة ومعصوبة العينين أثناء احتجازها في الأسر من قبل المجلس العسكري. تمكن فيلم Argentina 1985 من التبديل بين هذه المواد العاطفية وبين المخططات الأخرى الأكثر تعقيداً مثل تهديدات ستراسيرا وعائلته بالقتل وانفجار السيارات في الساحات العامة دون أن تبدو قاسية أو انتهازية بشكل كبير.
المحاكمة نفسها والتحقيق في القضية ملونة بدورها ببعض الأمور الشخصية للشخصيات، وبحثهم عن العدالة، وكذلك بعض الانتكاسات، مثل التهديدات بمختلف أنواعها، والتعقيدات السياسية أيضاً. ومن المثير للفضول أن الفيلم يتمتع بقدر كبير من الفكاهة خاصةً في ساعته الأولى. على سبيل المثال صعوبة عثور المدعين على فريق لا يتعاطف مع الديكتاتورية العسكرية، وغيرها من المواقف الفكاهية التي تحدد نغمة فيلم Argentina 1985. وبالنظر إلى خطورة الجرائم، وأهمية المحاكمة؛ يمكن أن يكون فيلماً محبطاً عبارة عن سلسلة من القسوة والتاريخ الصارم. لكن لم يكن كذلك حيث استطاع الحفاظ على التوتر وجعل المشاهد منتبهاً طوال الوقت.
الأداء في فيلم Argentina 1985
يقدم الممثل الأرجنتيني ريكاردو دارين أداءً لا تشوبه شائبة كمدعي عام يكلف بمهمة العمر. إنه قادر على نقل صورة رجل يعاني من تلك المهمة الشاقة ويحاول أن يلطف هذه الأجواء المشحونة بروح الدعابة غير المتوقعة. يمكنه أن يكون قوي وشجاع في مواجهة فريق الدفاع المتغطرس والمتعجرف. كما أنه قادر على إظهار الرقة والليونة والنزاهة الأخلاقية، كما هو موضح في عرضه الأخير الرائع للاتهام. إنه يحاول ضخ الفكاهة في قصة خطيرة للغاية لا تقدم لنا صورة واضحة لما كانت عليه المخاطر بالنسبة للأرجنتين خلال هذه اللحظة الحاسمة.
يحتوي فيلم Argentina 1985 أيضاً على بعض الأدوار الداعمة الرائعة، من بينها أود أن أسلط الضوء على بيتر لانزاني الذي يلعب دور لويس مورينو أوكامبو – مساعد المدعي العام – مع بداية نموذجية لعلاقتهما المهنية تبدأ بالشكوك وسرعان ما يكتسبان ثقة بعضهما البعض حتى يوحدا جهودهما من أجل الهدف المشترك. لا يمكننا أن نغفل كذلك الدور الرائع الذي قدمته أليخاندرا فليشنر بصفتها زوجة النائب العام.
اقرأ أيضًا: كتاب الجمهورية لأفلاطون: كيف يكون شكل الدولة المثالية؟ |
إن أهم ما في هذا الفيلم الرائع إنه يتجنب الانخراط كثيراً في السياسية، ليجعل السينما تفوز في النهاية. وهذه ميزة كبيرة عندما يتعلق الأمر برواية القصة، لأنها تتخلى عن إغراء أن تكون دعاية تلقينية. يكشف فيلم Argentina 1985 عن نفسه كفيلم حقيقي ذو حس فني وينتهي به الأمر إلى أن يكون عملاً فنياً حقيقياً دون أدنى شك.
الاستعراض جيد للأحداث والقراءة تبدو أيضا جيدة لكننا في حاجة ياصديقي للنقد السينمائي الشامل اقصد قراءة في أسلوب الإخراج وفي الزوايا التي عالج بها مدير التصوير الموضوع وفي تراتب السيناريو وفي اللغة البصرية والأخرى الموسيقية .. ولا أعرف من يستطيع أن يفعل ذلك ، لكن اشكرك بشدة على ايه حال ..
علاء البربري كاتب وصحفي مصري يقيم حاليا بالكويت واسطنبول بالتراوح.
أهلا بك أستاذ علاء، وأشكرك على تعليقك الرائع.. أما بعد، فأنا لا أعتبر أن هذه المراجعات معيارية، ولا حتى نقداً سينمائياً رسمياً أو غير رسمي، بل هي مزيج من الانطباعات والأحاسيس والأفكار والانعكاسات التي تثيرها هذه الأفلام، وقد أهتم بصورة كبيرة بالجانب الأدبي في الكتابة عنها، القصة والحبكة والشخصيات والأفكار والفلسفة التي يتضمنها الفيلم، أما الجانب التقني فلا اتناوله، نظراً لعدم ألمامي الكامل به.. وأرجو ألا تكون شعرت بالخيانة عندما قرأت المقال ولم تجد فيه ما تريده.. فأشد ما يؤلمني هو شعور القارىء بمثل ذلك.. أطيب تحياتي إليك يا صديقي.