التفكير الاستنتاجي: مقدمة موجزة جداً

You are currently viewing التفكير الاستنتاجي: مقدمة موجزة جداً
مهارات التفكير الاستنتاجي

التفكير الاستنتاجي هو طريقة تستخدم للحصول على استنتاجات منطقية بناءً على سلسلة من المقدمات أو القوانين أو المبادئ التي تنتقل من العام إلى الخاص. ومازال المنطق الاستنتاجي آلية يستخدمها العلم للوصول إلى المعرفة بموضوعية. في هذا المقال سوف نتعرف بالتفصيل على ماهية التفكير الاستنتاجي وأساليبه وخصائصه وأمثلة عليه.

ما هو التفكير الاستنتاجي؟

يعني التفكير الاستنتاجي الطريقة التي تصل إلى استنتاج من فرضية مقبولة كقانون أو مبدأ عام. ويُستخدم لمعرفة ظواهر محددة. بينما الاستنتاجات لا تقدم معلومات جديدة، فهي تؤكد فقط أن الفرضية صحيحة. ومن خلال الاستنتاج المنطقي يمكننا استنتاج الفكرة الناتجة من فرضية عامة مطبقة على حقيقة معينة، أي أنها تنتقل من المبدأ العام إلى الخاص. بشكل عام، التفكير الاستنتاجي هو نتيجة طريقة منطقية يتم فيها تنظيم الأفكار وهيكلتها عبر ثلاث مراحل:

  1. الجدال: ويعني الفكرة التي يجب إثبات صحتها أو خطأها بناء على تبرير أو تفنيد.
  2. صياغة المقدمات: وهي المقترحات، التي تبدأ من العام إلى الخاص، والتي ستؤدي إلى الاستنتاج.
  3. الخلاصة: وهي نتيجة تقييم المقدمات.

مفاهيم أساسية

هناك عدد من المفاهيم التي ترتبط بهذه الطريقة من التفكير. بينما هذه المفاهيم كالتالي:

  • البديهيات: وهي معلومات أو بيانات بديهية ولا تحتاج إلى برهان وهي مشتقة من مقدمات أخرى.
  • الفرضيات: وهي قواعد أو قوانين أو مبادئ مقبولة على أنها صالحة. فإذا كانت الفرضية خاطئة، فسيكون الاستنتاج النهائي خاطئاً أيضاً.
  • الحجة: وهي الكلام الذي يعبر عن الاستدلال شفوياً أو كتابياً. على سبيل المثال، كل إنسان كائن حي، عمر إنسان، لذلك عمر كائن حي.
  • الاستدلال: هي الأشكال المنطقية التي تتخذها الفرضيات أو المقدمات لتسفر عن بعض الاستنتاجات.
  • الاستنتاج: هو الهدف النهائي والأساس المنطقي للتفكير الاستنتاجي. يتم الاستدلال عليه من خلال الحجج الاستنتاجية. والنتائج لا تقدم معلومات جديدة، ولكن تؤكد الفرضية.

الأصول الفلسفية والتاريخية للتفكير الاستنتاجي

الأصول التاريخية للتفكير الاستنتاجي
تاريخ التفكير الاستنتاجي

يمثل التفكير الاستنتاجي جزءاً من علم المنطق، وكذلك الرياضيات، والعلوم التي تستند إلى أنظمة استنتاجية معقدة تبدأ من البديهيات الأساسية لهذه التخصصات. بينما لهذا السبب تبنى الفلاسفة وعلماء الرياضيات والفيزياء هذا النوع من التفكير، كل واحد من وجهة نظره الخاصة.

أرسطو (384 – 322 ق. م)

كان أرسطو فيلسوفاً وعالماً ومفكراً حكيماً في اليونان القديمة. وهو أول من تناول المنهج العلمي بطريقة منهجية وشاملة. كما كان يعتقد في ضرورة الاقتراب من العلم لمعرفة الأسباب المختلفة. بينما قد حقق هذا الأمر عبر استخدامه المنطق الاستنتاجي.

رينيه ديكارت (1596-1650)

كان رينيه ديكارت فيلسوفاً وعالم فيزياء ورياضيات. وهو أحد الفلاسفة الذين استخدموا المنطق الاستنتاجي كمفتاح للتطور العلمي. حيث كان يعتقد أنه من الممكن الوصول إلى المعرفة الحقيقية للواقع من خلال التفكير الاستنتاجي، وتطبيقه على الفلسفة والعلوم. ووفقاً لتعريفه للحجة الاستنتاجية، يمكن بناء الفيزياء من حدس قائم على قوانين الحركة والمادة المعروفة بطريقة عقلانية بحتة.

باروخ سبينوزا (1632-1677)

كان باروخ سبينوزا فيلسوفاً عقلانياً هولندياً. يتبع سبينوزا التفكير المنطقي الاستنتاجي لتطوير وكشف المعرفة الفلسفية. بينما أهم عمل له هو “الأخلاق” وفيه هيكل بديهي يعتمد على الترتيب الهندسي. ويعتمد نظامه الفلسفي على التطابق الدقيق الموجود بين العالم الحقيقي وترتيب الأفكار.

لايبنتز (1646-1716)

كان لايبنتز فيلسوفاً ألمانياً وعالماً في الرياضيات وفقيهاً وسياسياً. لقد مر نصف قرن على تعريف ديكارت للمنطق الاستنتاجي، حتى جاء لايبنتز ليعبر عن تعريفه الخاص. بينما يمكن مقارنة تعريفه للمنطق الاستنتاجي بتعريف ديكارت، بمعنى محاولة استنتاج مبادئ الطبيعة وفقاً لبعض القوانين المعروفة مسبقاً، دون الحاجة إلى الاتصال بالواقع. كان المبدآن الرئيسيان لتعريفه هما:

  • مبدأ التناقض. من خلال هذا المبدأ يمكن الحكم على كل ما يشتمل على التناقضات باعتباره خاطئ، وما يتعارض مع الباطل صحيحاً.
  • مبدأ السبب الكافي. وفقاً لهذا المبدأ، فإن لا شيء يمكن أن يوجد (يحدث) دون وجود سبب يجعله على هذا النحو وليس آخر. بينما يقبل هذا التعريف للتفكير الاستنتاجي حقيقة أننا في بعض الأحيان لا ندرك هذه الأسباب.

حاول لايبنيز شرح وجود الله وطبيعة الكون من خلال مبدأيه ومفهوم الحجة الاستنتاجية. فيقول لايبنيز أنه نظراً لعدم وجود سبب أساسي كافٍ لتفسير وجود الأجسام المادية، يجب أن تكون من صنع كيان أعلى: الله.

اقرأ أيضًا: علم النفس المعرفي: مقدمة موجزة جداً

خصائص التفكير الاستنتاجي

أمثلة على التفكير الاستنتاجي
أهم سمات التفكير الاستنتاجي

هناك العديد من خصائص التفكير الاستنتاجي، وفيما يلي بعض أهم سمات هذه الطريقة في التفكير:

  1. يتكون من فرضيات

    يمكن أن تكون فرضية واحدة أو أكثر. بينما تحتوي الطريقة غير المباشرة على فرضية رئيسية (أو عامة) وأخرى ثانوية (أو خاصة) تولد نتيجة، وهي الأكثر استخداماً. وفي الطريقة المباشرة، يبدأ المرء من فرضية يتم من خلالها الوصول إلى الاستنتاج، دون مقارنات أو جسور.

  2. لا يقدم معلومات جديدة

    الاستدلال الاستنتاجي هو إعادة تأكيد الحقائق الواردة في الفرضيات المطبقة على حالات محددة.

  3. يشتمل على فرضية مقبولة على أنها صحيحة

    تحتوي الفرضية دائماً في التفكير الاستنتاجي على مبدأ أو قاعدة أو قانون مقبول على أنه صحيح.

  4. الاستنتاجات صحيحة في الغالب

    طالما أنه ينشأ من فرضية صحيحة وله منطق صحيح، فإن الاستنتاج يكون صالحاً أيضاً. وهذا من أهم فوائد التفكير الاستنتاجي.

  5. المنطق الاستنتاجي موضوعي

    التفكير الاستنتاجي طريقة لا تُستخدم فيها التقديرات الشخصية للظاهرة. بينما يُشار من خلاله فقط إلى المعرفة الموضوعية حول العنصر المدروس.

  6. يخضع للنهج العقلاني

    مفهوم الاستنتاج المنطقي له نهج وبنية تخضع للأنماط المنطقية.

  7. يستخدم التفكير الاستنتاجي في الطريقة العلمية

    يكمن استخدام هذا النموذج من التفكير في المقام الأول كأسلوب علمي في اختبار النظريات العلمية والفرضيات.

اقرأ أيضًا: مهارات التفكير الإبداعي: ​​تعريفها وخصائصها، وكيفية تنميتها

طرق التفكير الاستنتاجي

مهارات التفكير الاستنتاجي
تصنيف طرق التفكير الاستنتاجي

هناك تصنيفات مختلفة للتفكير الاستنتاجي. لكن يمكن تصنيف طرق التفكير الاستنتاجي وفقاً لهيكلها إلى الطريقة المباشرة للاستدلال الاستنتاجي وغير المباشرة والقياس المنطقي والقياس الاستثنائي وطريقة الإزالة.

الطريقة المباشرة للاستدلال الاستنتاجي

تعد الطريقة المباشرة للاستدلال الاستنتاجي هي الأقل استخداماً من نظيرتها غير المباشرة. بينما تشتمل هذه الطريقة على فرضية يتم استخلاص الاستنتاج منها. مثال على ذلك:

  • الفرضية: الكواكب ليست مربعة.
  • الاستنتاج: الأرض ليست مربعة.

الطريقة غير المباشرة في التفكير الاستنتاجي

في هذه الطريقة تُستخدم اثنين أو أكثر من الفرضيات أو المقدمات للحصول على نتيجة. بينما المقدمة الأولى تتضمن فرضية عامة، والثانية فرضية خاصة، والتباين بين الاثنين يسمح باستنتاج نتيجة. وهذه هي الطريقة الأكثر استخداماً. مثال على ذلك:

  • المقدمة 1: الكواكب ليست مربعة.
  • المقدمة 2: الأرض كوكب.
  • الاستنتاج: الأرض ليست مربعة.

القياس المنطقي

يُنسب هذا التصنيف إلى أرسطو وهي طريقة استدلال منطقي ممتازة. بينما في هذه الطريقة تكون الفرضية الأولى رئيسية وعامة، والثانية ثانوية وخاصة. مثال على ذلك:

  • المقدمة 1: جميع الكواكب كروية.
  • المقدمة 2: الأرض كوكب.
  • الاستنتاج: الأرض كروية.

القياس الاستثنائي

في هذا النوع من المنطق الاستنتاجي، يوجد جزء أول يُقترح فيه شرط يجب أن يؤكده الجزء الثاني. مثال على ذلك:

  • الفرضية 1: إذا كنت تريد النجاح في الاختبار، فيجب أن تدرس بجد.
  • الفرضية 2: تريد النجاح في الاختبار.
  • الاستنتاج: يجب أن تدرس بجد.

الاستقراء الإقصائي

في هذا النوع من المنطق الاستنتاجي، تكون الفرضية الأولى مشروطة (مثل السابقة)، لكن الافتراض الثاني يرفضها. مثال على ذلك:

  • الفرضية 1: إذا كنت تريد النجاح في الاختبار، فيجب أن تدرس بجد.
  • الفرضية 2: لا تريد النجاح في الاختبار.
  • الاستنتاج: لا تدرس بجد.
اقرأ أيضًا: فلسفة بارمنيدس: لا يولد شيء من لا شيء

خطوات التفكير الاستنتاجي

تمر عملية التفكير الاستنتاجي بثلاث مراحل:

  1. جمع البيانات

    في هذه الخطوة، يتم تحديد الظواهر أو الحقائق المراد تحليلها. على سبيل المثال، شكل الكواكب في الكون.

  2. الملاحظة

    من الضروري في بناء الفرضية ملاحظة الظاهرة. بينما إذا كانت هناك أكثر من فرضية واحدة، علينا العمل تأكيد صحتهم. مثال على ذلك:
    الفرضية الأولى: الكواكب ليست مربعة.
    الفرضية الثانية: المريخ كوكب.
    الفرضية الثالثة: الأرض كوكب.
    الاستنتاج: إن الأرض والمريخ ليسا مربعين.

  3. الاستنتاج

    بعد جمع البيانات والملاحظة نحصل على الاستنتاج. وطبقاً للمثال المشار إليه سيكون الاستنتاج: الأرض والمريخ ليسا مربعين.

اقرأ أيضًا: هل كل ما يُخبرنا به العلم صحيح؟

أمثلة على التفكير الاستنتاجي

بعد أن استعرضنا الطرق المختلفة للتفكير الاستنتاجي لم يتبق سوى عرض بعض الأمثلة عليه.

مثال على الطريقة المباشرة في التفكير الاستنتاجي

تُستخدم فرضية واحدة فقط.

  • الفرضية: تصب الأنهار في البحر.
  • الاستنتاج: نهر النيل يصب في البحر.

مثال على الطريقة غير المباشرة في التفكير الاستنتاجي

تُستخدم فرضية أو أكثر. بينما الفرضية الأولى عامة والثانية خاصة.

  • المقدمة 1: السيارات ليست مهمة.
  • المقدمة 2: مرسيدس سيارة.
  • الاستنتاج: مرسيدس ليست مهمة.

مثال القياس المنطقي

الفرضية الأولى رئيسية وعامة. بينما الثانية ثانوية وخاصة.

  • المقدمة 1: تحتاج الأشجار إلى الشمس لتنمو.
  • المقدمة 2: الصنوبر شجرة.
  • الاستنتاج: يحتاج الصنوبر إلى الشمس لتنمو.

مثال القياس الاستثنائي

الفرضية الأولى هي شرط يجب تأكيده بالثاني.

  • المقدمة 1: إذا كنت ترغب في زيادة الوزن، يجب أن تأكل كثيراً.
  • المقدمة 2: تريد أن تصبح سميناً.
  • الاستنتاج: يجب أن تأكل كثيراً.

مثال على الاستقراء الإقصائي

الفرضية الأولى مشروطة، لكن المقدمة الثانية ترفضها.

  • المقدمة 1: لرؤية قوس قزح يجب أن تمطر.
  • المقدمة 2: في الصحراء لا تمطر.
  • الاستنتاج: في الصحراء لا ترى أقواس قزح.

الاستدلال الاستنتاجي هو الذي يستخدم المقدمات العامة للوصول إلى استنتاجات معينة. بينما يعد المنطق الاستنتاجي نموذجاً موضوعياً لا يفقد صحته، لأنه يسمح بالوصول إلى استنتاجات صحيحة من واحد أو أكثر من المقدمات.

المراجع:

1.       Author: Alina Bradford, Mindy Weisberger, (12/07/2021), Deductive reasoning vs. Inductive reasoning, www.livescience.com, Retrieved: 9/20/2022.

2.       Author: The Editors of Indeed Editorial Team, (5/07/2019), What Is Inductive Reasoning? (Plus, Examples of How to Use It), www.indeed.com, Retrieved: 9/20/2022.

3.       Author: The Editors of Masterclass Staff, (9/30/2021), What Is Inductive Reasoning? Learn the Definition of Inductive Reasoning with Examples, plus 6 Types of Inductive Reasoning, www.masterclass.com, Retrieved: 9/20/2022.

 

اترك تعليقاً