مراجعة فيلم The Naked Island: قصيدة سينمائية عن الحالة البشرية

You are currently viewing مراجعة فيلم The Naked Island: قصيدة سينمائية عن الحالة البشرية
الفيلم الياباني "الجزيرة العارية"

فيلم The Naked Island هو الفيلم الياباني الأكثر إثارة للدهشة، ففي عام 1960 صنع المخرج الياباني الرائع كانيتو شيندو فيلماً بميزانية محدودة للغاية يعبر عن الحالة البشرية ببراعة، وقد ابتكر قصة مؤرقة وقاتمة لا تزال قوية الآن كما كانت في أي وقت مضى. في السطور التالية نتعرف على قصة فيلم The Naked Island ونستعرض مراجعة سريعة عنه.

معلومات عن فيلم The Naked Island

  • البلد: اليابان.
  • اللغة: اليابانية.
  • تاريخ الإصدار: 10 سبتمبر 1962.
  • المخرج: كانيتو شيندو.
  • الكاتب: كانيتو شيندو.
  • وقت العرض: 96 دقيقة.
  • النوع: دراما.
  • التصنيف: (G) ملائم لجميع المراحل العمرية.
  • فريق التمثيل: تايجي تونوياما | نوبوكو أوتوا | شينجي تاناكا | ماسانوري هوريموتو.
  • التقييم: 8.1.

قصة فيلم The Naked Island

تدور أحداث الفيلم على أرخبيل صغير في جنوب غرب اليابان. ويتابع الفيلم حياة عائلة صغيرة مكونة من زوج وزوجة وطفلين هم سكان الجزيرة الوحيدون مع تقدم حياتهم على مدار أربعة مواسم من العام. يمثل كل يوم بالنسبة لهذه العائلة الصغيرة صراعاً مريراً لأن عليهم أن يتعاملوا مع الحرارة الحارقة والأمطار الغزيرة العرضية والظروف المعيشية القاسية أثناء زراعة محاصيلهم – حتى مياه الشرب الخاصة بهم يجب جلبها من البر الرئيسي. لدى العائلة قارب صغير متهالك يبحرون به إلى البر الرئيسي من أجل الحصول على دلاء مملوء بالماء لاستخدامها في ري المحاصيل وإرواء العطش ومل حوض الاستحمام. يأتي الزوج أو الزوجة كل يوم بالماء ويصعدون به عبر المسارات المتعرجة كل يوم.

الصمت والعزلة

تسير حياتهم بسكينة وبلا ضجيج. ولا نعرف كيف انتهى بهم الأمر هنا أو كم من الوقت مكثوا على هذه الجزيرة، لكن حياتهم تبدو فظة وعديمة العاطفة. ومع ذلك، فإن هؤلاء ليسوا فلاحين في اليابان القديمة – فهذه قصة من العصر الحديث. ويبدو أن هذه العزلة هي شيء اختاروه عن طيب خاطر. كذلك لا يبدو أن عزلتهم في هذه الجزيرة لأنهم شخصيات مختلة لا تستطع التعامل مع العالم الحديث. فنحن نرى أن الزوج أو الزوجة تصطحب أحد طفليها بالقارب إلى المدرسة كل يوم. وفي وقت من الأوقات، تقضي العائلة يوماً في البر الرئيسي، حيث يشاهدون العروض الترفيهية على التلفزيون، ويركبون التلفريك ويتصرفون مثل السائحين العاديين قبل العودة إلى العالم البدائي لوجودهم الخالد. إن اقتحام هذه اللحظات اليومية المألوفة أمر مقلق وغريب، ويجعل حياتهم المقفرة محيرة للغاية.

تعيش الأسرة حياة صامتة بلا عاطفة – يأتي الحوار الوحيد في الفيلم بأكمله خلال مشهد قصير في المدرسة. والشخصيات الرئيسية لا تقول كلمة واحدة لبعضها البعض أو لأي شخص آخر طوال القصة بأكملها. ومع ذلك، هناك عواطف خفية، ولحظات من الحب، واليأس والغضب. فعندما تسكب الزوجة دلواً من الماء الثمين، يقوم زوجها بالطقطقة وصفعها على وجهها؛ تستمتع العائلة بلحظة قصيرة من الفرح؛ ومع تقدم القصة، يموت أحد الأطفال، مما يؤدى إلى انفجار قصير من الحزن والغضب من الوالدة قبل أن تعود الحياة إلى روتينها الرتيب الذي لا يتغير.

اقرأ أيضًا: تحليل فيلم Stalker: رحلة إلى عالم الإنسان المجهول

مراجعة فيلم The Naked Island

قصة فيلم The Naked Island
مشهد من فيلم الجزيرة العارية

موقع الجزيرة هو مكان كئيب ومنعزل يلتقط فيه المخرج شيندو ببراعة مصاعب حياة الأسرة. حيث يقوم الزوج والزوجة بحمل دلاء من الماء عبر مسار ترابي متعرج كل يوم. يبدو الأمر مملاً لكن إذا علمت مدى أهمية هذا لبقاء الزوجين، فلا عجب أن يتصرف الرجل بغضب شديد عندما ينسكب دلو.

تشغل مشاهد حمل الماء جزءاً كبيراً بشكل مدهش من الفصل الأول للفيلم، وهي الرحلة المتكررة باستمرار لتذكيرنا بمدى صعوبة الحياة التي يعيشها هؤلاء الأشخاص والأعمال المملة التي يتم تنفيذها مراراً وتكراراً. وقد تمكن الأداء القوي لبطلي العمل من نقل معاناة الزوجين ومشقتهما ويأسهما أثناء نقلهما للمياه الثمينة ومع عيشهما المتقشف، تصبح المشاهد القليلة التي يشعرون فيها بالبهجة رائعة لأنك تريد أن يحصل هؤلاء الأشخاص الذين طالت معاناتهم على بعض الراحة على الأقل من حياة تبدو وكأنها ليست سوى عمل شاق فظيع مقابل مكافأة قليلة جداً. ألا يذكرنا هذا الأمر بشيء؟! إنها أسطورة سيزيف أليس كذلك؟!

أسطورة سيزيف

هذا الفيلم الياباني الرائع يمثل بصورة رمزية عظيمة أسطورة سيزيف اليونانية، وهنا يمكن السحر، الذي يأتي من البساطة، فبدون حوار استطاع المخرج أن يرسم صورة من المثابرة والبقاء، والمعاناة من نفس العمل مراراً وتكراراً كما حدث مع سيزيف في العالم الآخر. وربما تمثل الجزيرة نوعاً من العالم الآخر بالنسبة لسكانها.

لكن مع ذلك يمكن أن يفسر فيلم The Naked Island بالعديد من التفسيرات الأخرى، فهو يترك لك مساحات كبيرة للتفسيرات الأكثر تنوعاً والتي غالباً ما تكون متناقضة. فهل كان المخرج كانيتو شيندو يتغنى بالحنين إلى الماضي، أم إنه يشير إلى افتقاد إنسان العصر الحديث للعيش في الطبيعة. أم ينتقد الركود الاقتصادي.

أقرب ما وصل إليه فيلم The Naked Island من الدراما التقليدية هو وفاة الابن، ولكن هنا أيضاً يتم التعامل معه بنقص الإثارة. حيث دفن الطفل بصمت بعد أن أحضر الوالدان زملائه في المدرسة على متن القارب لحضور الجنازة. ويبدو أن فقدان الطفل هو مجرد أمر مروع يجب على الأسرة تحمله، ويبدو أن تمرد الزوجة القصير في وقت لاحق – رمي دلو ماء واقتلاع المحاصيل – صرخة حقيقية للمساعدة، ليس فقط في الغضب العاطفي ولكن أيضاً في إيجازه. فالحياة في النهاية، يجب أن تستمر، حتى لو لم نفهم تماماً سبب قيام الأسرة بزراعة هذه المحاصيل الهزيلة في مكان مجهول. قد يشعر صانعو أفلام آخرون بالحاجة إلى وضع قصة خلفية، لكن يدرك شيندو أننا لسنا بحاجة إلى واحدة.

المأساة

كذلك يمكن اعتبار المأساة المفاجئة التي ضربت أبطال فيلم The Naked Island رمزاً لكل المحن التي حلت باليابان، في حين أن رد فعل المفجوعين يعكس التحمل الخارق لليابانيين، أي القدرة على النهوض من الرماد مثل طائر الفينيق. إن الانهيار الذهني الذي عانت منه الزوجة في الفيلم كان مؤثراً للغاية. لكن المفهوم الذي يريده الكاتب توضيحه أنه يمكن التعايش مع الأمر والعودة إلى العمل الجاد من جديد. حيث تستمر الحياة، ويعود التعب والقلق إلى الوجوه، لكن الاستياء لا يزال مكبوتاً في مكان ما جنباً إلى جنب مع أحلام الراحة.

فيلم The Naked Island بطريقته الخاصة مأساة كبيرة مثل أي شيء ستراه. لا نحتاج دائماً إلى الميلودراما الكاسحة الكبرى، ففي بعض الأحيان، يؤدي البؤس الهادئ فقط المهمة. وهذا الفيلم لا يحاول أن يصيبك بالمأساة والبؤس العاطفي ولكنه ينجح في فعل ذلك على أي حال. كقصة نجاة في مواجهة المصاعب والمآسي، لها أصالة وصدى لا يمكن أن تضاهيهما سوى أفلام قليلة.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم A Hidden Life: ملحمة وجودية عن الإنسانية والجمال

بعد أن استعرضنا مراجعة فيلم The Naked Island لا يسعنا سوى القول أن الجزيرة العارية فيلم ذو جمال خلاب، على الرغم من المواقع القاحلة. ويمكننا أن نطلق عليه “قصيدة سينمائية” فليس هناك وصف أفضل من ذلك. فهذا الفيلم لديه واقعية وثائقية تعمل كدراما قوية، والافتقار إلى الحوار هو ضربة عظيمة من المخرج، فلسنا بحاجة إلى كلمات لرؤية مشاعر هؤلاء الأشخاص، فهي مكتوبة على وجوههم وفي أفعالهم الهادئة المستسلمة.

اترك تعليقاً