سيغموند فرويد هو أحد أشهر علماء النفس في التاريخ، وهو طبيب أعصاب نمساوي ومؤسس مدرسة التحليل النفسي، كما طور نظريات رائدة حول طبيعة عمل العقل البشري من أجل فهم شخصية وسلوك الإنسان. تلك النظريات والأفكار كان لها تأثيراً لا يضاهيه تأثير على كل من علم النفس والفكر الإنساني بأكمله. في هذا المقال نستعرض سيرة حياته وكتب فرويد العظيمة بالإضافة إلى عرض بعض أقوال فرويد.
مَن هو سيغموند فرويد؟
ولد سيغموند فرويد في 6 مايو 1856 في مورافيا (الآن جمهورية التشيك). وكان أول طفل من زواج والده الذي ترمل مرتين. أما والدته أماليا ناثانسون فكانت تبلغ من العمر تسعة عشر عاماً عندما تزوجت من جاكوب فرويد البالغ من العمر 39 عاماً. كما كان لفرويد شقيقان من زواج والده الأول وكانا في نفس عمر والدته تقريباً.
نشأ الولد في بنية أسرية غير عادية، فوالدته في منتصف العمر بينه وبين والده. وعلى الرغم من ولادة سبعة أطفال أصغر سناً، ظل سيغموند دائماً هو المفضل لدى والدته. وما أن بلغ من العمر أربع سنوات انتقلت العائلة إلى فيينا وقد كانت عاصمة المملكة النمساوية المجرية حينها. هناك عاش فرويد حتى العام السابق لوفاته.
الشباب في فيينا
نظراً لأن عائلة سيغموند فرويد كانوا يهوداً، لذا فإن تجربة سيغموند المبكرة هي تجربة شخص خارج من مجتمع يغلب عليه الطابع الكاثوليكي. ومع ذلك، حرر الإمبراطور فرانسيس جوزيف (1830-1916) يهود النمسا، وأعطاهم حقوقاً متساوية وسمح لهم بالاستقرار في أي مكان في الإمبراطورية. لذلك جاءت العديد من العائلات اليهودية إلى فيينا، كما فعلت عائلة فرويد في عام 1860، حيث كان مستوى المعيشة أعلى والفرص التعليمية والمهنية أفضل مما كانت عليه في البلدان الأخرى. وبالنظر إلى الوضع الذي كانت تقيم فيه العائلة نجد أنهم عاشوا في منطقة بها كثافة عالية من اليهود، تسمى حي ليوبولدشتات الفقير. كما كان المسكن ضيقاً وعليهم الانتقال كثيراً. لكن بحلول عامه العاشر، كبرت عائلة سيغموند وكان لديه خمس أخوات وأخ واحد.
ذهب سيغموند فرويد إلى المدرسة الابتدائية المحلية، ثم التحق بمدرسة كومونال ريل جيمنازيوم (مدرسة ثانوية في أوروبا يحضرها الطلاب للتحضير للكلية) في ليوبولدشتات. درس فرويد هناك اليونانية واللاتينية والرياضيات والتاريخ والعلوم الطبيعية، وكان طالبا متفوقا. مما جعله مؤهلاً لدخول جامعة فيينا في سن السابعة عشرة. ظل مواظباً على دراسته وهو يعيش في كنف عائلته حتى بلغ السابعة والعشرين من العمر.
ما قبل مدرسة التحليل النفسي
التحق فرويد بكلية الطب عام 1873. في وقت أصبحت فيه فيينا العاصمة العالمية للطب، وانجذب الطالب الشاب في البداية إلى المختبر والجانب العلمي من الطب بدلاً من الممارسة السريرية. لذا أمضى فرويد سبع سنوات بدلاً من الخمس سنوات المعتادة في الحصول على الدكتوراه.
حصل سيغموند فرويد على درجة الدكتوراه في الطب في سن الرابعة والعشرين. وفي ذلك الوقت وقع في الحب وأراد الزواج، لكن الرواتب المتاحة لعالم شاب لا يمكنها إعالة الزوجة والأسرة. لقد التقى مارثا بيرنايز وهي ابنة عائلة معروفة في هامبورغ عندما كان في السادسة والعشرين من عمره. ظلا مخطوبين لفترة طويلة ثم انفصلا لفترة أربع سنوات لكن في الأخير تزوجا في عام 1887. وقد أنجبا ستة أطفال.
قضى فرويد ثلاث سنوات كطبيب مقيم في مستشفى فيينا الشهير. ثم أمضى خمسة أشهر في قسم الطب النفسي (مجال الطب الذي يشمل الصحة النفسية والعقلية) برئاسة تيودور مينيرت. حيث الطب النفسي في ذلك الوقت لم يكن مهمًا في حد ذاته؛ فهو يقوم على دراسة السلوك من أجل فهم عمل الدماغ. لكن أعمال فرويد اللاحقة غيرت هذا المفهوم بالكامل.
تلقى سيغموند فرويد بعض المال لمتابعة دراساته العصبية (المتعلقة بالجهاز العصبي) في الخارج. حيث أمضى أربعة أشهر في باريس. ودرس تحت إشراف طبيب الأعصاب (شخص يدرس الجهاز العصبي ويعالج الأشخاص الذين يعانون من مشاكل عصبية) جان مارتن شاركو (1825–1893). من هنا أصبح فرويد مهتماً أولاً بالهستيريا (مرض يشكو فيه الشخص من أعراض جسدية دون سبب طبي واضح).
بداية مدرسة التحليل النفسي
عاد سيغموند فرويد إلى فيينا، وشرع في تأسيس الممارسة الخاصة به لطب الأعصاب. سرعان ما كرس جهوده لعلاج مرضى الهستيريا بمساعدة التنويم المغناطيسي (فعل إحداث تغيير في انتباه الشخص مما يؤدي إلى تغيير في تجاربه الجسدية)، وهي تقنية درسها تحت إشراف شاركو.
كان لديه زميل أكبر سناً منه يدعى جوزيف بروير. أخبر فرويد عن مريضة مصابة بالهيستيريا ثم طلب منه علاجها. عالجها بنجاح عن طريق التنويم المغناطيسي لها ثم تتبع أعراضها مرة أخرى حيث وجد أنها تعاني من صدمة كما أنها مرهقة عاطفياً. أطلق بروير على علاجه اسم “التنفيس” وتتبع فعاليته في إطلاق “العواطف المكبوتة”. كانت تجارب فرويد مع تقنية بروير ناجحة. ومنذ ذلك الوقت نشر مع بروير دراسات حول الهستيريا عام (1895). لكن في سن التاسعة والثلاثين استخدم فرويد مصطلح “التحليل النفسي” (طريقة لعلاج بعض الأمراض العقلية عن طريق كشف ومناقشة أفكار ومشاعر المريض اللاواعية) وكان هذا هو عمله الرئيسي في الحياة.
في هذا الوقت تقريبًا، بدأ سيغموند فرويد مشروعًا فريداً، وهو يقوم على تحليله الذاتي الذي يقوم في المقام الأول على تحليل أحلامه. وكانت النتيجة العلمية الرئيسية لهذا المشروع هو تفسير الأحلام الذي نشره عام (1901). ومع استمرار فرويد في عمله الدؤوب طور فرويد أسلوبه العلاجي (المتعلق بمعالجة الإعاقة العقلية أو الجسدية)، والتخلي عن استخدام التنويم المغناطيسي والتحول إلى طريقة “الارتباط الحر” الأكثر فعالية والأكثر قابلية للتطبيق.
تطوير مدرسة التحليل النفسي
بعد عمل سيغموند فرويد على الأحلام، كتب سلسلة من الأوراق البحثية التي استكشف فيها تأثير عمليات التفكير اللاواعي على جوانب مختلفة من السلوك البشري. لقد أدرك أن قوى اللاوعي، والتي تؤدي إلى العصاب (الاضطرابات النفسية)، هي الرغبات الجنسية للطفولة المبكرة التي تم استبعادها من الإدراك الواعي، ومع ذلك حافظت على قوتها القوية داخل الشخصية. وقد قدم آرائه المثيرة للجدل فيما يتعلق بالتجارب المبكرة للجنس في كتابه ثلاث مقالات عن نظرية الجنسانية (1905)، وهو عمل واجه احتجاجاً عنيفاً لأول مرة، ولكن تم قبوله تدريجياً من قبل جميع مدارس علم النفس تقريباً (مجال العلوم الذي يتضمن الدراسة في العقل).
بعد عام 1902، جمع فرويد مجموعة صغيرة من الزملاء المهتمين في أمسيات الأربعاء لتقديم أوراق التحليل النفسي ومناقشتها. وكانت هذه بداية مدرسة التحليل النفسي. حيث شكل الطبيبان النفسيان السويسريان يوجين بلولر وكارل يونغ (1875-1961) مجموعة دراسة في زيورخ عام 1907، وعُقد أول مؤتمر دولي للتحليل النفسي في سالزبورغ عام 1908.
السنوات الأخيرة في حياة سيغموند فرويد
في عام 1923 عانى سيغموند فرويد من نمواً سرطانياً في فمه، مما أدى في النهاية إلى وفاته بعد ستة عشر عاماً وثلاث وثلاثين عملية جراحية. لكن برغم هذه السنوات الطويلة من المعاناة إلا أنها كانت سنوات من الإنتاجية العلمية الضخمة. حيث نشر نتائج حول أهمية الدوافع العدوانية وكذلك الجنسية (ما وراء مبدأ المتعة، 1920) ؛ كما طور إطاراً نظرياً جديداً من أجل تنظيم بياناته الجديدة المتعلقة ببنية العقل (الأنا والهو، 1923) ؛ ونقح نظريته عن القلق لإظهارها على أنها إشارة الخطر القادمة من الأوهام اللاواعية، وليس نتيجة للمشاعر الجنسية المكبوتة (الموانع والأعراض والقلق، 1926).
وفاة سيغموند فرويد
في مارس 1938 احتلت القوات الألمانية النمسا، وفي ذلك الشهر تم وضع فرويد وعائلته تحت الإقامة الجبرية. لكن من خلال الجهود المشتركة للعديد من الأصدقاء المؤثرين الذين كانوا على صلة جيدة بالساسة، سُمح لفرويد بمغادرة النمسا في يونيو. لذا أمضى فرويد عامه الأخير في لندن. حيث يخضع لعملية جراحية. ثم توفي في 23 سبتمبر 1939 بعد أن تركت أعماله تأثيراً عظيماً على علوم وثقافة القرن العشرين. كما تركت أقوال فرويد تأثيراً واضحاً كذلك.
اقرأ أيضًا: علم النفس المعرفي: مقدمة موجزة جداً |
أقوال فرويد
كان سيغموند فرويد يتمتع ببصيرة نافذة. فهذا الرجل الذي تجاوز الحدود والأعراف الاجتماعية له الكثير من العبارات المُلهمة التي يمكنها أن تغير حياتك وتجعلك تفكر خارج الصندوق. فيما يلي بعض من أقوال فرويد الملهمة والحكيمة والمثيرة للتفكير، والتي تم جمعها من مجموعة متنوعة من المصادر ولعل أبرزها هي كتب سيغموند فرويد. ومن أفضل أقوال فرويد ما يلي:
- من نقاط ضعفك ستأتي قوتك.
- مثلما لا يمكن إجبار أحد على الإيمان، فلا يمكن إجبار أحد على عدم الإيمان.
- الزهور مريحة للنظر. لأن ليس لديهم عواطف ولا صراعات.
- الشخص الوحيد الذي عليك أن تقارن نفسك به هو أنت في الماضي.
- الأحلام غالباً ما تكون أعمق عندما تبدو أكثر جنونًا.
- عندما لا يملك المرء ما يريد، يجب على المرء أن يريد ما لديه.
- إذا كنت لا تحب شخصاً ما، فهذا لأنه يذكرك بشيء لا تحبه في نفسك.
- النضج العاطفي هو القدرة على تأجيل الإشباع.
- الحلم هو تحرير الروح من ضغط الطبيعة الخارجية، وانفصال النفس عن قيود المادة.
- الحب والعمل هما حجر الزاوية في إنسانيتنا.
- من يحب صار متواضعا. فأولئك الذين يحبون، إذا جاز التعبير، رهنوا جزءًا من نرجسيتهم.
- السؤال الكبير الذي لم تتم الإجابة عليه، والذي لم أتمكن بعد من الإجابة عليه، على الرغم من ثلاثين عامًا من البحث في الروح الأنثوية، هو” ماذا تريد المرأة؟
اقرأ أيضًا: كيفية الدفاع عن نفسك ضد أساليب التلاعب العقلي؟ |
كتب سيغموند فرويد
هناك الكثير من كتب سيغموند فرويد التي تعد من أفضل كتب علم النفس في القرن العشرين. فكتب سيغموند فرويد كان لها الأثر البالغ على العالم وخاصةً فيما يتعلق بعلم النفس. ولعل أفضل كتب سيغموند فرويد هي ما يلي:
- دراسات حول الهستيريا (مع جوزيف بروير ، 1895).
- تفسير الأحلام (1899).
- علم النفس المرضي للحياة اليومية (1901).
- ثلاث مقالات عن نظرية الجنسانية (1905).
- النكات وعلاقتها باللاوعي (1905).
- الوهم والحلم (1907).
- الطوطم والحرام (1913).
- في النرجسية (1914).
- مقدمة في التحليل النفسي (1917).
- ما وراء مبدأ المتعة (1920).
- الأنا والهو (1923).
- مستقبل الوهم (1927).
- قلق في الحضارة (1930).
- موسى والتوحيد (1939).
- مخطط التحليل النفسي (1940).
- الرسائل الكاملة لسيغموند فرويد إلى فيلهلم فليس (1986).
- الإصدار القياسي للأعمال النفسية الكاملة لسيغموند فرويد (1999).
اقرأ أيضًا: كيف يصل الإنسان إلى مرحلة النضج العاطفي؟ |
المراجع:
1. Author: The Editors of Biography.com, (5/3/2021), Sigmund Freud, www.biography.com, Retrieved: 7/22/2021. |
2. Author: Stephen P. Thornton, (4/15/2011), Sigmund Freud (1856—1939), www.iep.utm.edu, Retrieved: 7/22/2021. |
3. Author: The Editors of good therapy, (7/3/2015), Sigmund Freud (1856-1939), www.goodtherapy.org, Retrieved: 7/22/2021. |