علم النفس هو دراسة العقل والسلوك البشري، ويعود تاريخ هذا العلم إلى آلاف السنوات حيث كان مرتبط بشكل كبير بالفلسفة وعلم وظائف الأعضاء. لكنه انفصل عنهما في أواخر القرن التاسع عشر حينما أسس فيلهلم فونت مؤسس علم النفس الحديث أول مختبر تجريبي مخصص لدراسة علم النفس، لذا يمكن اعتبار علم النفس كعلم منفصل قد بدأ رسمياً في العصر الحديث. فما هو تعريف علم النفس؟ وما هي أهداف علم النفس، ومدارس علم النفس ومجالاته؟
تعريف علم النفس
يمكن تعريف علم النفس على إنه دراسة العقل البشري ووظائفه وتأثيراته. كما تعمل الأبحاث النفسية على دراسة السلوك البشري، وتطوير فهمنا للمشاعر البشرية والشخصية والذكاء والذاكرة والإدراك والانتباه والتحفيز، فضلاً عن العمليات البيولوجية التي تحرك هذه الوظائف والسلوكيات البشرية.
يدرس علم النفس الأفراد والجماعات لفهم أفضل لكيفية عمل الناس والمجتمعات وطرق مساعدتهم على الازدهار، والهدف من علم النفس ليس فقط دراسة التفكير والسلوك البشري، ولكن لوضع هذه المعرفة موضع التنفيذ من أجل مساعدة الناس والمجتمعات على إيجاد حلول لمشاكل الحياة الحقيقية مثل تحسين الصحة العقلية والرفاهية والتعلم والأداء والعلاقات والتماسك المجتمعي.
تاريخ علم النفس
نظرة عامة على علم النفس للمبتدئين
البدايات
يعود تاريخ علم النفس إلى العصور القديمة. حيث كان موجوداً منذ آلاف السنين في اليونان القديمة ومصر والهند وبلاد فارس والصين. لكنه كان مرتبط بالفلسفة، ويمكن إرجاع أصول هذا العلم إلى اليونان القديمة منذ حوالي 400 – 500 سنة قبل الميلاد، وخاصةً في تلك الفترة التي عاش فيها فلاسفة عظماء مثل سقراط وأفلاطون وأرسطو. فإلى نظرة عامة على تاريخ علم النفس:
في عام 387 قبل الميلاد اقترح أفلاطون أن الدماغ هو المكان الذي تحدث فيه العمليات العقلية، وفي عام 335 قبل الميلاد اقترح أرسطو أنه القلب. حيث اعتاد الفلاسفة على مناقشة العديد من الموضوعات التي يدرسها علم النفس الحديث الآن، مثل الذاكرة، والإرادة الحرة مقابل الحتمية، والطبيعة مقابل التنشئة، والجاذبية، إلخ.
ابن سينا الطبيب المسلم الشهير المولود عام 980 بعد الميلاد قام بدراسة وعلاج الصرع والكوابيس وضعف الذاكرة، ويقال أن أول المستشفيات التي كانت تعالج الحالات النفسية قد أنشأها أطباء إسلاميون في العصور الوسطى.
في عام 1774 اقترح فرانز أنطون ميسمر أن التنويم المغناطيسي أو السحر قد يساعد في علاج بعض أنواع الأمراض العقلية.
في عام 1793، أطلق فيليب بينيل سراح أول المرضى الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية من الحبس في خطوة تشير إلى تحرك نحو علاج أكثر إنسانية.
تاريخ علم النفس الحديث
في عام 1879 أسس العالم الألماني فيلهلم فونت علم النفس كمجال تجريبي مستقل للدراسة، وقد أنشأ أول مختبر تجريبي مخصص لدراسة علم النفس حصرياً في جامعة لايبزيغ، ويعتبر فونت هو مؤسس علم النفس الحديث.
خلال عام 1890 نشر الفيلسوف الأمريكي ويليام جيمس كتاباً بعنوان مبادئ علم النفس. تمت مناقشة هذا الكتاب من قبل علماء النفس في جميع أنحاء العالم لعدة عقود، وفي نفس العام أصدرت ولاية نيويورك قانون رعاية يسمح للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الصحة العقلية بالعلاج في المستشفيات.
في عام 1890 تأسست الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA)، تحت قيادة عالم النفس الأمريكي ستانلي هال.
كان هيرمان أبينجوس الذي عاش من عام 1850 إلى عام 1909 وعمل كأستاذ في جامعة برلين أول عالم نفسي يدرس الذاكرة على نطاق واسع.
أجرى إيفان بافلوف الذي عاش من عام 1849 إلى عام 1936 التجربة الشهيرة التي أظهرت أن الكلاب تسيل لعابها عندما تتوقع الطعام مقدماً مفهوم “التكييف”.
قدم النمساوي سيغموند فرويد الذي عاش من 1856 إلى 1939 مجال التحليل النفسي، وهو نوع من العلاج النفسي. استخدم طرقاً تفسيرية، واستبطاناً، وملاحظات إكلينيكية لفهم العقل، وقد ركز على حل الصراع اللاواعي والضيق العقلي وعلم النفس المرضي. كما جادل فرويد بأن اللاوعي كان مسؤولاً عن معظم أفكار الناس وسلوكهم، وعن مشاكل الصحة العقلية.
تنقسم مدارس علم النفس إلى مدرستين البنيوية والوظيفية
عبر تاريخ علم النفس، بخاصةً في الأيام الأولى كانت هناك مدرستين نظريتين لعلم النفس فيما يتعلق بكيفية عمل الدماغ وهما المدرسة البنيوية والمدرسة الوظيفية.
المدرسة البنيوية
كانت البنيوية هي الاسم الذي أطلق على النهج الذي ابتكره فيلهلم وندت (1832-1920)، تركز هذه المدرسة على تحليل العقل من خلال العودة إلى المجموع الكلي للخبرة الحياتية منذ لحظة الولادة وحتى الوقت الحاضر، واعتمدت البنيوية على ما يسمى بالاستبطان وهي طريقة بحث تربط من خلالها الموضوعات بما كان يدور في أذهانهم أثناء أداء مهمة معينة، ومع ذلك فقد ثبت أن الاستبطان طريقة غير موثوقة نظراً لوجود الكثير من الاختلافات الفردية بين البشر في التجارب وموضوعات البحث.
المدرسة الوظيفية
طور عالم نفس أمريكي يدعى ويليام جيمس (1842-1910) نهجًا آخر أصبح يُعرف باسم الوظيفية، والذي لا يتفق مع تركيز البنيوية.
جادل جيمس بأن العقل يتغير باستمرار وأنه من غير المجدي البحث عن بنية التجربة الواعية، وبدلاً من ذلك اقترح أن يكون التركيز على الكيفية والسبب الذي يجعل أي كائن حي يفعل شيئاً ما، أي وظائف أو غرض الدماغ.
اقترح جيمس أن علماء النفس يجب أن يبحثوا عن السبب الكامن وراء السلوك والعمليات العقلية المعنية. هذا التركيز على أسباب وعواقب السلوك قد أثر على علم النفس المعاصر.
تم استبدال البنيوية والوظيفية بالعديد من الأساليب المهيمنة والمؤثرة في علم النفس، كل منها مدعوم بمجموعة مشتركة من الافتراضات التي تشتمل على ما هو مهم للدراسة وكيفية دراسته.
النظرية الديناميكية
كان التحليل النفسي، الذي أسسه سيغموند فرويد هو النموذج السائد في علم النفس خلال أوائل القرن العشرين. حيث اعتقد فرويد أنه يمكن علاج الناس من خلال معرفة أفكارهم ودوافعهم اللاواعية.
كان التحليل النفسي لفرويد هو النظرية الديناميكية النفسية الأصلية، لكن هذا النهج الذي انتهجه فرويد كان يشتمل على جميع النظريات التي قامت على أفكاره مثل نظريات يونغ وأدلر وإريكسون.
كانت وجهات النظر الكلاسيكية المعاصرة في علم النفس تتبنى المدرسة السلوكية كاستراتيجية تعتمد على التجارب المعملية الخاضعة للرقابة ورفض أية قوى غير مرئية أو غير واعية كأسباب للسلوك.
خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي بدأ علم النفس ثورة معرفية، حيث تبنى منهجاً علمياً صارماً تم تطبيقه على الذاكرة والإدراك والتنمية المعرفية والأمراض العقلية وغير ذلك الكثير.
النظرية السلوكية
في عام 1913 أسس عالم النفس الأمريكي جون ب. واتسون حركة جديدة غيرت تركيز علم النفس، وقال بأن السلوك ليس نتيجة عمليات عقلية داخلية، ولكنه نتيجة لكيفية استجابتنا للبيئة. وقد ارتكزت هذه النظرية على كيفية تعلم الناس سلوكاً جديداً من البيئة.
النظرية الإنسانية
نظر الإنسانيون إلى النظرية السلوكية والتحليل النفسي على أنها غير إنسانية إلى حد كبير، وبدلاً من أن نكون ضحايا البيئة أو اللاوعي اقترحوا أن البشر جيدون بالفطرة وأن عملياتنا العقلية تلعب دوراً نشطاً في سلوكنا. تضع الحركة الإنسانية قيمة عالية للمشاعر والإرادة الحرة والنظرة الذاتية للتجربة.
النظرية المعرفية
تم تقديمها في السبعينيات، ويُنظر إليها على أنها أحدث مدرسة فكرية في علم النفس. يعتقد المنظرون المعرفيون أننا نأخذ المعلومات من بيئتنا من خلال حواسنا ثم نعالج البيانات عقلياً من خلال تنظيمها ومعالجتها وتذكرها وربطها بالمعلومات التي قمنا بتخزينها بالفعل. يتم تطبيق النظرية المعرفية على اللغة والذاكرة والتعلم والأنظمة الإدراكية والاضطرابات العقلية والأحلام.
هناك أنواع مختلفة من علم النفس تخدم أغراضاً مختلفة، ولا توجد طريقة ثابتة لتصنيفها، ولكن فيما يلي بعض الأنواع الشائعة:
علم النفس السريري
يدمج علم النفس السريري بين العلم والنظرية والممارسة من أجل فهم وتوقع وتخفيف مشاكل التكيف والإعاقة وعدم الراحة. كما يعزز التكيف والتنمية الشخصية. يركز عالم النفس السريري على الجوانب الفكرية والعاطفية والبيولوجية والنفسية والاجتماعية والسلوكية للأداء البشري طوال حياة الشخص عبر مختلف الثقافات والمستويات الاجتماعية والاقتصادية. يمكن أن يساعدنا علم النفس الإكلينيكي على فهم ومنع وتخفيف الضيق أو الخلل الوظيفي الناجم عن أسباب نفسية، وتعزيز رفاهية الفرد وتطوره الشخصي.
علم النفس المعرفي
يبحث علم النفس المعرفي في العمليات العقلية الداخلية، مثل حل المشكلات والذاكرة والتعلم واللغة. إنه يبحث في كيفية تفكير الناس وإدراكهم وتواصلهم وتذكرهم وتعلمهم. يرتبط ارتباطاً وثيقاً بعلم الأعصاب والفلسفة واللغويات. في هذا العلم يبحث علماء النفس المعرفيون في كيفية اكتساب الناس للمعلومات ومعالجتها وتخزينها، وتشتمل التطبيقات العملية له على كيفية تحسين الذاكرة، وزيادة دقة اتخاذ القرار، أو كيفية إعداد البرامج التعليمية لتعزيز التعلم.
علم النفس التنموي
هذه هي الدراسة العلمية للتغيرات النفسية المنهجية التي يمر بها الشخص على مدار حياته، وغالباً ما يشار إليها باسم التنمية البشرية، لا يركز هذا النوع فقط على الرضع والأطفال الصغار، ولكن أيضاً على المراهقين والبالغين وكبار السن. تشتمل التطبيقات العلمية لهذا النوع من علم النفس على العوامل والمهارات الحركية وحل المشكلات والفهم الأخلاقي واكتساب اللغة والعواطف والشخصية ومفهوم الذات وتشكيل الهوية.
علم النفس التطوري
يبحث علم النفس التطوري في كيفية تأثير السلوك البشري على التعديلات النفسية أثناء التطور. بينما يعتقد علم النفس التطوري أن العديد من السمات النفسية البشرية قابلة للتكيف. حيث أنها مكنتنا من البقاء على قيد الحياة على مدى آلاف السنين.
علم النفس الشرعي
يتضمن علم النفس الشرعي تطبيق علم النفس على التحقيق الجنائي والقانون، ويتم تطبيقه كعلم ضمن نظام العدالة الجنائية والمحاكم المدنية. كما تشتمل تطبيقاته العملية على تقييم العوامل النفسية التي قد تؤثر على القضية أو السلوك وتقديم النتائج في المحكمة.
علم النفس العصبي
ينظر علم النفس العصبي إلى بنية ووظيفة الدماغ فيما يتعلق بالسلوكيات والعمليات النفسية. بينما يدخل هذا النوع من علم النفس في الحالات التي لها تأثير على الدماغ البشري مثل السكتات الدماغية. يتم استخدام التقييم العصبي النفسي لتحديد ما إذا كان من الشخص المصاب يعاني من مشاكل سلوكية بعد إصابة الدماغ أم لا. كما تساهم النتائج في مساعدة الطبيب من تقديم العلاج الذي قد يساعد الفرد على تحقيق التحسينات الممكنة في الضرر المعرفي الذي حدث.
علم النفس المهني
يشارك علم النفس المهني أو التنظيمي في تقييم وتقديم توصيات حول أداء الأشخاص في العمل وفي التدريب. حيث يساعد الشركات على إيجاد طرق أكثر فاعلية للعمل، وفهم كيف يتصرف الأفراد والمجموعات في العمل. كما يمكن أن تساعد هذه المعلومات في تحسين الفعالية والكفاءة والرضا الوظيفي والاحتفاظ بالموظفين.
علم النفس الاجتماعي
يستخدم علم النفس الاجتماعي الأساليب العلمية لفهم كيفية تأثير المؤثرات الاجتماعية على السلوك البشري. حيث يسعى إلى شرح كيفية تأثر المشاعر والسلوك والأفكار بالوجود الفعلي أو المتخيل أو الضمني لأشخاص آخرين. كما يبحث علم النفس الاجتماعي في سلوك المجموعة، والإدراك الاجتماعي، والسلوك غير اللفظي، والتوافق، والعدوان، والتحيز، والقيادة. يُنظر إلى الإدراك الاجتماعي والتفاعل الاجتماعي على أنهما مفتاح لفهم السلوك الاجتماعي.
الأهداف الأربعة الرئيسية لعلم النفس هي وصف وتفسير وتوقع وتغيير السلوك والعمليات العقلية للبشر.
الوصف إن وصف السلوك أو الإدراك هو الهدف الأول لعلم النفس. وهذا الأمر يساهم في مساعدة الباحثين في تطوير قوانين عامة للسلوك البشري.
التفسير بمجرد أن يصف الباحثون السلوك، ويضعون القوانين العامة. فإن الخطوة التالية هي تفسير كيف ولماذا يحدث هذا الأمر، ومن ثم يقترح علماء النفس نظريات يمكن أن تفسر السلوك.
التنبؤ يهدف علم النفس إلى أن يكون قادراً على التنبؤ بالسلوك المستقبلي من خلال نتائج البحث التجريبي. فإذا لم يتم تأكيد التنبؤ، فقد يحتاج التفسير الذي يستند إليه عالم النفس إلى المراجعة.
التغيير بمجرد أن يصف علم النفس السلوك ويشرح ويضع تنبؤات حول السلوك، يمكن محاولة تغيير السلوك أو التحكم فيه.
يعد علم النفس أحد المجالات الممتعة والمثيرة للاهتمام. حيث أن التعرف على موضوعات مثل الشخصية والسلوك الاجتماعي والحب والتنمية يمكن أن يساعدك على فهم النفس بشكل أفضل، وكذلك فهم الأشخاص الآخرين في الحياة.
When you login first time using a Social Login button, we collect your account public profile information shared by Social Login provider, based on your privacy settings. We also get your email address to automatically create an account for you in our website. Once your account is created, you'll be logged-in to this account.
DisagreeAgree
I allow to create an account
When you login first time using a Social Login button, we collect your account public profile information shared by Social Login provider, based on your privacy settings. We also get your email address to automatically create an account for you in our website. Once your account is created, you'll be logged-in to this account.
DisagreeAgree
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
We use cookies on our website to give you the most relevant experience by remembering your preferences and repeat visits. By clicking “Accept”, you consent to the use of ALL the cookies.
This website uses cookies to improve your experience while you navigate through the website. Out of these, the cookies that are categorized as necessary are stored on your browser as they are essential for the working of basic functionalities of the website. We also use third-party cookies that help us analyze and understand how you use this website. These cookies will be stored in your browser only with your consent. You also have the option to opt-out of these cookies. But opting out of some of these cookies may affect your browsing experience.
Necessary cookies are absolutely essential for the website to function properly. These cookies ensure basic functionalities and security features of the website, anonymously.
Cookie
Duration
Description
cookielawinfo-checbox-analytics
11 months
This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics".
cookielawinfo-checbox-functional
11 months
The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional".
cookielawinfo-checbox-others
11 months
This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other.
cookielawinfo-checkbox-necessary
11 months
This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary".
cookielawinfo-checkbox-performance
11 months
This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance".
viewed_cookie_policy
11 months
The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data.
Functional cookies help to perform certain functionalities like sharing the content of the website on social media platforms, collect feedbacks, and other third-party features.
Performance cookies are used to understand and analyze the key performance indexes of the website which helps in delivering a better user experience for the visitors.
Analytical cookies are used to understand how visitors interact with the website. These cookies help provide information on metrics the number of visitors, bounce rate, traffic source, etc.
Advertisement cookies are used to provide visitors with relevant ads and marketing campaigns. These cookies track visitors across websites and collect information to provide customized ads.