أدب

قصة حب قصيرة عن الوفاء: رسـائـل الغـيــاب (1)

قصص الحب القصيرة التي لا تنتهي دوماً بنهاية سعيدة لها مذاق خاص، والحب الحقيقي هو الذي يبقى مهما حدث، ومهما طال غياب المحبوب. وعلى الرغم من أن هناك علاقات لم يكتب لها أن تكتمل إلا أن الحب الصادق لا يذهب إلى أي مكان فهو محفور في الذاكرة. لذا نقدم هذه القصة القصيرة عن الحب والوفاء، وهي تتكون من أربعة أجزاء تحمل شكل رسائل إلى الحبيب الغائب.

الرسالة الأولى 

” زهرة العمر،

هذه رسالتي الأخيرة إليكِ، أكتبها ومازلت أتشبث بأمل ولو ضئيل، أو لعلها تكون طوق النجاة لروحي المعذبة التي انتظرتكِ طويلاً، سنوات وأنا أخط إليك رسائل الحب، ولم ألق جواباً قط، حتى بدأ اليأس ينسحب إلى نفسي التائهة. في الحقيقة لا أدر إن كنتِ قد إستلمتِ رسائلي السابقة أم لا، لكن مازال الأمل يحدوني حتى وإن كنت لا أعلم إن كان مصير هذه الرسالة سيكون مثل العشرات غيرها.

أجلس بمفردي كل ليلة تحت ظلال شجرة الصفصاف التي كنا نجلس تحت ظلها معاً. غارق في أفكاري عن أيامنا الماضية، بعد أن ثمل قلبي من تجرع الأمل في لقاءكِ. وبرغم المسافات الطويلة بيننا إلا أن قلبي مازال يردد في داخلي أننا سنلتقي قريباً، لكن سريعاً ما يدب اليأس في صدري فأعود كما الواد الحزين بحسرة تجثم على روحي، وصمت حزين يكسو شجرة الصفصاف التي جمعتنا دوماً.

كل ما أرغب فيه أن أعرف سبب رحيلك هكذا. بلا وداع، ما هو ذلك الأمر الهام الذي جعلك تتركين كل شىء ورائك، وترحلين إلى مكان مجهول لا أستطع الوصول إليه. ماذا حدث؟ أريد أن أعلم ولو سراً واحداً من أسرارك التي أخفيتها عني طوال تلك الفترة.

بحثت عنك طويلاً في كل مكان. فتشت في وجوه الناس لعلني ألمح طيفك. لكن طال بحثي وزاد ألمي، والحيرة كادت تقتلني. هكذا فجأة أذهب إلى بيتك، فلا أجد فيه أحد، وكأن البيت مهجوراً منذ سنوات. سألت جميع الجيران، والأقارب، والأصدقاء، لا أحد يعلم إلى أين ذهبتِ؟  

سنوت مرت على رحيلك ولم أعلم بعد كل هذا الوقت مكانك إلا بمحض الصدفة، من خلال طبيب صادقته منذ ثلاث سنوات. إكتشفت أنه يعرفك. فأخبرني أنكِ هاجرت مع عائلتك إلى الأبد. وخلال تلك السنوات الثلاث ما برحت أرسل إليكِ رسائل على العنوان الذي أعطاني إياه صديقي الطبيب. أخبريني بأي شىء. لقد توقفت حياتي، وأمست بلا معنى بدونك. أجيبي أرجوك على رسائلي إن كانت قد وصلتك…

المخلص لكِ دائما، عمر “


يمكنك الاطلاع على باقي أجزاء قصة الحب القصيرة عن الوفاء عبر هذه الروابط:

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!