فن

مراجعة فيلم All the Moons: دراما مظلمة عن العزلة الأبدية

فيلم All the Moons عبارة عن دراما مظلمة وأنيقة بصرياً تتناول العديد من الموضوعات مثل الحب والوحدة والحياة، ويحاول فيها المخرج الإسباني إيجور ليجاريتا أن يعرف من هو الوحش الحقيقي: هل هو مصاص الدماء الذي يحاول التأقلم مع المجتمع من حوله؟ أم إنه الشخص المتحضر المستعد لقتل شخصاً ما لأنه مختلف عنه؟ في السطور التالية نستعرض قصة فيلم All the Moons ومراجعته بمزيد من التفصيل.

معلومات عن فيلم All the Moons

  • البلد: إسبانيا | فرنسا.
  • اللغة: الباسكية.
  • تاريخ الإصدار: 10 فبراير 2022.
  • المخرج: إيجور ليجاريتا.
  • الكاتب: إيجور ليجاريتا | جون ساجالا.
  • وقت العرض: 102 دقيقة.
  • النوع: دراما | خيال.
  • التصنيف: (R) للكبار فقط | يحتوي على مشاهد فاضحة وعنيفة.
  • فريق التمثيل: إيتزيار إيتونو | هايزيا كارنيروس | إيلينا إوريز | جوسيان بينجويتكسيا.
  • التقييم: 6.6.

قصة فيلم All the Moons

قصة فيلم All the Moons
مشهد من فيلم All the Moons

تبدأ قصة الفيلم في عام 1876 خلال الحروب الكارلية الإسبانية حول فتاة صغيرة تجد نفسها على شفا الموت بعد قصف دار الأيتام الذي تعيش فيه. تقترب منها امرأة غامضة ترتدي عباءة سوداء، تتوسل الفتاة للمرأة كي تنقذها معتقدة أنها ملاك. وسرعان ما تستيقظ الفتاة في مكان آخر مع إصابتها الخطيرة لتجد بجانبها امرأة تسألها: هل تريدين أن تُشفي؟ تجيبها الفتاة بالإيجاب، فتقدم لها المرأة مادة مجهولة لتشربها. وسرعان ما تختفي جروحها وتجد نفسها مختلفة كلية عما كانت من قبل. حيث برزت عروقها، وأصبحت حواسها أكثر حدة. يبدو المنزل الذي استيقظت فيه على وشك الانهيار وجميع نوافذه مغطاة بالقماش.

تخبرها المرأة أنها لا تستطيع الخروج أثناء النهار، حتى لا يقتلها الجنود. لكن الجنود ليسوا التهديد الوحيد، فلقد أصبحت الفتاة عضواً من مجتمع مصاصي الدماء الذين لا يخرجون إلا في الليل لامتصاص دم الجثث. ذات يوم يكتشف الجنود مكان تجمع مصاصي الدماء ينقضوا عليهم وتنفصل الفتاة عن والدتها لتجد نفسها تعيش بمفردها في البرية لمدة 10 سنوات. ثم تلتقي الفتاة في النهاية بمزارع وحيد يأويها. ويعطيها بعض الأشياء التي افتقدتها منذ فترة طويلة: منزل، وأب، ومجتمع، وحتى اسم. وعلى الرغم من أنها لم تختر حياتها، إلا أنها بدأت تجد المعنى فيها مرة أخرى.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Paradise: فرضية مثيرة تنتهي بخيبة أمل

مراجعة فيلم All the Moons

قصة فيلم All the Moons
مشهد من فيلم كل الأقمار

يروي الفيلم قصة مؤثرة ومعقدة ومفجعة عن الحياة الأبدية التي أعطيت لفتاة دون طلب ليصبح لديها الكثير من الوقت، مما يمنحها فرصاً لا حصر لها لتعلم أشياء جديدة واكتساب خبرات وتجارب وتحسين المهارات. ولكن ليس كل شيء بسيطاً كما يبدو. يناقش الفيلم في المقام الأول فكرة الخلود، والوحدة، وقسوة وأنانية البشر، ونفاق رجال الدين من خلال منح المشاهد العديد من الأسئلة العميقة للتفكير فيها: من يحتاج إلى حياة أبدية إذا مات فيها أحباؤك بسبب الشيخوخة؟ وهل الوحدة والندبات النفسية الناجمة عن الخسارة هي ثمن أكسير الشباب.

مصاصو الدماء والحياة الأبدية

تمتلك العديد من الثقافات في جميع أنحاء العالم أساطير أو حكايات شعبية عن كائنات ماصة للدماء. وتصور هذه الوحوش على أنها كائنات مخيفة ترتدي ملابس سوداء بالكامل ولها أنياب تتغذى من خلالها على دماء الضحايا ولا تخرج إلا في الليل، وتتمتع بالخلود. وتناولت العديد من الأعمال الأدبية والفنية قصة الخلود المليئة بالوعود والفرص منذ أن ابتكر الروائي برام ستوكر شخصية دراكولا لأول مرة، ولكن قصة فيلم All the Moons تأخذ مساراً مختلفاً.

ماذا لو كان مصاصو الدماء كائنات متعاطفة تكافح لاستعادة حياتهم المفقود والاندماج مع المجتمع؟ هذا بالضبط ما يفعله المخرج إيجور ليجاريتا في قصته. فلم يلتزم المخرج بالقوالب النمطية في روايته، فليس هناك أنياب، ولا توجد أرواح بشرية تُقتل، ولم يتم نطق كلمة “مصاص دماء” أبداً. بينما يفضل مصاصو الدماء المصورون هنا الاختباء بدلاً من إغواء الضحايا الأبرياء. وهم مجرد أشخاص كانوا على وشك الموت، وتم إنقاذهم ومنحهم حياة أبدية. لكن الحياة الأبدية كانت أشبه بالجحيم الأبدي.

يتميز هذا الفيلم عن غيره من الأفلام التي تناولت نفس الفكرة بالتفاصيل والأماكن المذهلة والتصوير الرائع. وربما تبدو الحكاية المركزية مألوفة بعض الشيء لكن المناظر الطبيعية القاسية والجميلة والاستحضار الرائع لهذا العصر، كل هذا يعمل لصالح الفيلم، فهو رعب تاريخي مظلم ومؤلم.

العزلة الأبدية

الوحدة هي القاسم المشترك في جميع أفلام مصاصي الدماء، لكنها القلب النابض في فيلم All the Moons. فحياة الفتاة بأكملها، كإنسان وكمصاصة دماء، تتميز بالوحدة العميقة. إنها وحيدة في العالم، باعتبارها يتيمة وكمخلوق غريب ليس له خالق يتطلع إليه. وقد أصبحت وحدتها أكثر مأساوية بسبب إدراكها أنه لا يمكن لأي شخص حي أن يفهمها بالكامل. تظهر هذه الوحدة بجلاء في بحثها عن عائلة ومكان لها في هذا العالم. بينما تحاول إيجاد وسيلة للانسجام مع النظام الطبيعي من خلال محاولة العثور على رفاق أو أصدقاء. لكنها تعاني من العزلة الأبدية وسط مشهد دائم التغيير ينضح بالحياة. وقد صور الفيلم هذه العزلة من خلال العديد من مشاهد الطبيعة المثالية التي خلقت جمالاً خالداً، وهو ما عزز العناصر الموضوعية للفيلم.

قصة حياة غير تقليدية

يحكي الفيلم قصة حياة غير تقليدية، وبالتالي جاءت الوتيرة بالمثل. حيث يتحرك الجزء الأول من القصة بسرعة إلى حد ما، مما يعكس منظور الفتاة الخائفة والقلق الذي تشعر به عندما تنقلب حياتها رأساً على عقب. يمتلئ هذا الجزء من الفيلم بالكثير من الحركة والحوار واللقطات المقربة للوجوه، وليس لدينا الكثير من الوقت للتفكير والتأمل، فنحن ببساطة نرافق الفتاة في رحلتها ونشاهد ونتعلم قدر الإمكان.

ثم تتباطأ القصة في الجزء الذي تعيش فيه الفتاة بمفردها في الغابة، ومن ثم تتغير الوتيرة، وفجأة نرى كيف استطاعت الفتاة أن تسيطر بالكامل على حياتها، وهي تحاول أن تتعلم كيفية تحقيق أقصى استفادة من الظروف التي لم تخترها. نجح الفيلم في التقاط هذه العملية عن طريق إبطاء الوتيرة، فلا يوجد حوار في هذا الجزء، لكن كارنيروس قدمت أداءً جذاباً بشكل ملحوظ يتحدث دون كلام عن تطور شخصيتها. فلقد استطاعت أن تنقل ألمها ووحدتها وإحباطها، مما يجعل من السهل على المشاهد أن يصدق أنها فتاة شابة محاصرة في جسد طفل.

الأداء والموسيقى

تحتاج قصة الحب والدم والأساطير إلى وجوه قوية لتحافظ على نفسها، وعلينا أن نشيد باختيار الممثلين، بدايةً من هايزيا كارنيروس التي قدمت لنا دور فتاة يكتشف المشاهد العالم من خلال عيونها المبهرة، بينما إيتزيار إيتونو تملأ شخصية الأم بقوتها المعهودة، رغم قصر دورها، وهي شخصية محكوم عليها بالعيش بين الوحدة والظلال؛ جوسيان بينجويتكسيا مليء بالإنسانية في دور المزارع الذي تغلب عليه الحياة، بينما يمثل زوريون إغيليور عالم الكنيسة المتغطرس.

يجب علينا أن نغفل دور الموسيقى الخفيفة والمتلألئة التي جعلت الفيلم يبدو وكأنه قصة خيالية مليئة بالمغامرة، وعلى الرغم من أن القصة تدور أحداثها في زمان ومكان حقيقيين، إلا أنه من السهل الانغماس في الخيال ونسيان السياق التاريخي.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!