مراجعة فيلم Paradise: فرضية مثيرة تنتهي بخيبة أمل

You are currently viewing مراجعة فيلم Paradise: فرضية مثيرة تنتهي بخيبة أمل
تحليل الفيلم الألماني Paradise

فيلم Paradise هو خيال علمي ألماني تستند فرضيته الرئيسية على فكرة شراء سنوات من حياة شخص آخر إذا كنت تمتلك ثمنها. يثير هذا الفيلم العديد من الأسئلة الفلسفية حول مفاهيم الخير والشر، والتفاوت الاجتماعي، ومعاناة الفقراء، وغيرها من الأفكار. دعونا نخوض رحلة سوياً نتعرف فيها على قصة الفيلم ونستعرض مراجعة فيلم Paradise بمزيد من التفصيل.

معلومات عن فيلم Paradise

  • البلد: ألمانيا.
  • اللغة: الألمانية | الإنجليزية.
  • تاريخ الإصدار: 24 يونيو 2023.
  • المخرج: بوريس كونز.
  • الكاتب: بوريس كونز | بيتر كوسيلا | سيمون أمبرجر.
  • وقت العرض: 117 دقيقة.
  • النوع: أكشن | إثارة | خيال علمي.
  • التصنيف: (R) للكبار فقط | يحتوي على مشاهد فاضحة وعنيفة.
  • فريق التمثيل: كوستيا أولمان | مارلين تانكزيك | إيريس بيربن.
  • التقييم: 6.3.

قصة فيلم Paradise

قصة فيلم Paradise
مشهد من فيلم Paradise

تدور أحداث الفيلم في المستقبل القريب، حيث أصبح الوقت – العمر – سلعة للتبادل. يتبرع الفقراء بسنواتهم للأغنياء مقابل مبالغ كبيرة جداً من المال، وبالتالي تتغير حياة كلا الطرفين بشكل جذري. يعمل ماكس كمندوب مبيعات لدى شركة آيون التي حصلت على براءة اختراع لتقنية نقل الوقت من شخص إلى آخر. يسعى ماكس في عمله إلى إقناع الأشخاص الفقراء مثل المهاجرين واللاجئين الذين يعيشون في الأحياء الفقيرة ببيع بضع سنوات من أعمارهم مقابل الحصول على مبالغ مالية كبيرة توفر لهم حياة كريمة، وهو جيد جداً في وظيفته حتى أنه حصل على جائزة موظف العام في الشركة.

تسير حياة ماكس بسلاسة على جميع الجبهات، فهو متزوج من شابة جميلة تدعى إيلينا، ويخططان لإنجاب طفلهما الأول. لكن ذات يوم يدمر حريق غامض شقتهما باهظة الثمن التي لم ينته الاثنان من دفع ثمنها بعد. ترفض شركة التأمين مساعدتهما لأنها ترى أن الحريق كان بسبب إهمالهما. ونظراً للمبلغ الضخم الذي يتجنب على الزوجين سداده، تضطر إيلينا دفع 40 عاماً من حياتها لسداد الديون.

تبادل الوقت

تبادل الوقت ليس تقنية بسيطة. وتلزم إجراء دراسة متأنية للحمض النووي للمتبرع، وهذه الدراسة هي التي ستحدد ما إذا كان هناك توافق مع المستلم أم لا. في حالة الزوجين لا يستطيع ماكس التبرع بسنوات حياته نظراً لأن المتلقي مات في حادث مفاجئ، لذا تضطر إيلينا إلى التخلي عن جزء كبير من حياتها لشخص ما. يحاول ماكس الوصول إلى حل مع العجوز صوفي تايسن مديرة الشركة ومخترعة تكنولوجيا النقل الزمني، لكن لم يصل إلى حل.

تجري إيلينا عملية التبادل لتجد نفسها عجوزاً منهكة، وعلى الجانب الآخر تصبح صوفي فجأة أصغر سناً. ويدرك ماكس أن سنوات عمر زوجته ذهبت إلى مديرة الشركة. يشعر بالخيانة، ويضع خطة يائسة لاستعادة سنوات عمر زوجته مرة أخرى من صوفي. يخطف صوفي، ويتفق مع طبيب في ليتوانيا على إجراء عملية النقل الزمني، لكن في طريقه يكتشف العديد من الأسرار.

اقرأ أيضًا: تحليل فيلم Bardo: السرد الزائف لحفنة من الحقائق

مراجعة فيلم Paradise

فيلم Paradise
مشهد من فيلم Paradise

“ماذا سيحدث للعالم في المستقبل إذا …؟” تبدأ جميع أعمال الديستوبيا الفنية والأدبية من هذا السؤال. ما إذا اندلعت حرب عالمية دمرت الكوكب، أو كارثة طبيعية مدمرة أخرى، أو غزو للكائنات الفضائية، أو اختراع تكنولوجيا جديدة تستعبد البشرية بدلاً من مساعدتها. ينطلق هذا الفيلم الألماني من هذه الفرضية الأخيرة بالتحديد. حيث يخبرنا عن مستقبل قريب مثير للقلق، اخترع فيه أحد العلماء تقنية مخيفة؛ فمن خلال عملية جراحية بسيطة، يصبح من الممكن نقل سنوات حياة شخص إلى آخر، ليصبح الأخير شاباً مرة أخرى بعد شيخوخته، في حين يتقدم المتبرع في السن فجأة بعد أن يخسر سنواته التي نقلها.

التفاوت الاجتماعي

يعاني هذا العالم الموحش من تفاوت اجتماعي شنيع بين الأغنياء والفقراء، فالفقراء لا يملكون سوى حيواتهم التي يبيعونها للأغنياء. وهذه هي الطريقة التي يظل بها أولئك القادرون على تحمل تكاليفها في شباب دائم. وينتهي الأمر بالملايين من الفقراء الذين يكتظ بهم العالم إلى اعتبارهم وقوداً لمثل هؤلاء الأغنياء. يبدأ فيلم المخرج بوريس كونز من فرضية مثيرة للاهتمام تتطور بشكل رائع وتجذب انتباه المشاهد على الفور. ولكن من المؤسف أن يكون الجزء الثاني أكثر حركة ولا يتضمن نفس القدر من الإثارة مثلما كان في الجزء الأول من الفيلم.

لم تكن فكرة العالم الذي يصبح فيه الوقت سلعة جديدة كليةً، فلقد شاهدنا نفس الفكرة تقريباً في فيلم In Time الذي كتبه وأخرجه أندرو نيكول، ولكن بطريقة مختلفة تماماً. خلق بوريس كونز في فيلم Paradise بذكاء مستقبلاً بائساً تتجذر فيه المشكلات الحالية التي يعاني منها عصرنا من أزمة المهاجرين واللاجئين إلى أزمة التغير المناخي، وبالتالي فهي فكرة واقعية بقدر ما هي مثيرة للقلق.

السؤال الأهم

إن التكنولوجيا التي تستخدمها الشخصيات – والتي تتخلل حياتهم اليومية – لا تختلف كثيراً عما نستخدمه اليوم، بل إنها ببساطة تبدو وكأنها تطور طبيعي لما نعيشه الآن. علاوة على ذلك، هناك أيضاً مساحة للحديث عن كيفية قبول الاكتشاف العلمي لبيع وشراء الوقت: هناك من يوافق عليه، ومن ليس لديه آراء معينة حوله، ومن يعارضه جذرياً. لقد أصبحت الاحتجاجات ضد شركة آيون أمراً شائعاً، بل تعدت الاحتجاجات إلى قيام مجموعة إرهابية عنيفة بتنفيذ هجمات ضد كل من حصلوا على سنوات إضافية. تناول فيلم Paradise السياق والتداعيات الاجتماعية والثقافية لهذه التكنولوجية بشكل جيد. ولكن لا يمكن قول الشيء نفسه عن تطور الحبكة، حيث تصبح وتيرة الجزء الثاني من الفيلم مهتزة والقصة متوقعة إلى حد ما.

لكن السؤال الأهم في قصة فيلم Paradise هو: هل تعتقد أن حياة شخص ما أكثر قيمة من حياة شخص آخر؟ فإذا كان لديك القدرة على تحقيق المزيد من الاكتشافات العلمية الثورية، فهل هذا يبرر أخذك سنوات من عمر شخص آخر. في خطاب صوفي تايسن الذي ألقته في بداية الفيلم منحت العديد من الفائزين بجائزة نوبل سنوات أخرى من الحياة. إن حصول هؤلاء الأشخاص على مزيد من الوقت على هذه الأرض أمر مهم للغاية، والتفكير في كل الاكتشافات التي يمكنهم تحقيقها وما يمكن أن يقدموه للجنس البشري يدعونا – نحن المشاهدون – إلى التفكير وسؤال أنفسنا ما إذا كان الثمن الذي يجب دفعه من أجل خلاص الإنسانية هو العديد من أرواح البشر. وهو السؤال المعتاد القديم حول خير الفرد مقابل خير الجميع. وهنا بالتحديد، يلفت فيلم Paradise أنظارنا، حيث يسحب المشاهد إلى نفس التضاريس الغامضة أخلاقياً التي تتحرك فيها شخصياته.

طاقم عمل مقنع

جاء أداء طاقم الممثلين على قدر عالٍ من الاقناع، خاصة كوستيا أولمان ومارلين تانكزيك وكورينا كيرشوف في أدوار البطولة. ونخص بالذكر أداء كورينا كيرشوف التي أدت دور إيلينا المسنة ومرورها بالتحول الجسدي والنفسي الواضح، والحيرة التي تنتابها بشأن ما الذي ترغب في فعله لاستعادة سنوات حياتها؟ وإلى أي مدى يمكنها أن تذهب لفعل ذلك؟

الشخصية الأخرى المثيرة للاهتمام هي صوفي تايسن، التي لعبتها الممثلة القديرة إيريس بيربن ثم ألينا ليفشين، وهي شخصية مزدوجة وغامضة. لقد أعمتها الأنانية، لدرجة أن الحب اللامحدود الذي تشعر به تجاه ابنتها قد تخلت عنه في النهاية ولم تمنحها بضع سنوات مما حصلت عليه.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Day of the Falcon: لغز الصحراء العربية

في الختام لا يسعنا سوى القول بأن جاذبية الفكرة العظيمة في قصة فيلم Paradise هي بمثابة نداء أو صفارة إنذار تعد المشاهد بتجربة غامرة وآسرة من شأنها أن تبقى في أذهان الجمهور. وعلى الرغم من الفرضية المثيرة للاهتمام والتي تحمل وعداً برحلة سينمائية مثيرة إلا أنها تنتهي بخيبة أمل، إلا أنه فيلم يستحق المشاهدة رغم العيوب.

This Post Has 4 Comments

  1. Mohamed Alsayyad

    تحليل وافى وعميق تناول تقريبا كافة الابعاد حول الفيلم.

    1. وائل الشيمي

      شكراً جزيلاً على هذه الإشادة.. أطيب تحياتي إليك

  2. غير معروف

    هاي الافلام ترعبنا من جهة وتريحنا من جهة أخرى.
    ترعبنا عندما نتوقع أن هذا سيكون على البشر لو تم وحصل.
    وتريحنا عندما نشعر أن البشر متنبهين إلى ما يحاك ضدهم وبذلك يأخذون حذرهم.

اترك تعليقاً