مراجعة فيلم Portrait Of a Lady on Fire: تجربة غامضة وآسرة
فيلم Portrait Of a Lady on Fire هو أفضل مثال للسينما كشكل فني، فهذا الفيلم ينبض بأقصى درجات النقاء حيث يعتمد فقط على الصور السينمائية والمشاعر وتعبيرات الوجوه. ولا يتظاهر بوجود حبكة مقنعة أو حوار ذكي أو موسيقى تصويرية مثيرة؛ إنه يتحدى كل هذا عن عمد من أجل تجربة بصرية خالصة. فكل إطار هو تحفة فنية تعيد إلى الأذهان اللوحات القديمة. في السطور التالية نقدم قصة الفيلم ونستعرض مراجعة فيلم Portrait Of a Lady on Fire بشيء من التفصيل.
معلومات عن فيلم Portrait Of a Lady on Fire
- البلد: فرنسا.
- اللغة: الفرنسية | الإيطالية.
- تاريخ الإصدار: 14 فبراير 2020.
- المخرج: سيلين سياما.
- الكاتب: سيلين سياما.
- وقت العرض: 122 دقيقة.
- النوع: دراما | رومانسية.
- التصنيف: (R) للكبار فقط | يحتوي على مشاهد فاضحة.
- فريق التمثيل: نويمي ميرلانت | أديل هانيل| لوانا بجرمي| فاليريا جولينو.
- التقييم: 8.1.
قصة فيلم Portrait Of a Lady on Fire
تبدأ أحداث فيلم Portrait Of a Lady on Fire مع معلمة الرسم ماريان – نويمي ميرلانت وهي جالسة وسط طلابها. تسأل الطالبات عن لوحة لامرأة تتطلع نحو الأفق وقطعة من ملابسها مشتعلة. كانت اللوحة على ما يبدو لها ذكريات عميقة فمع نظرها إلى اللوحة تثار ذكريات الماضي التي تشكل بقية الفيلم.
تصل ماريان إلى جزيرة نائية بعد رحلة شاقة على القارب، وخلال وجودها على القارب يسقط الصندوق الذي يحتوي على أدوات الرسم الخاصة بها. وسرعان ما تقفز في البحر لتحصل عليه. وبعد أن يستقر القارب على الشاطئ تنطلق ماريان في طريقها نحو قصر منعزل. وهناك تقابل الخادمة التي تدعى صوفي – لوانا بجرمي – وهي خادمة شابة تخدم أصحاب القصر منذ ثلاث سنوات. تقضي ماريان الليل في رسوماتها الباردة.
في صباح اليوم التالي تقابل ماريان الأم – فاليريا جولينو – التي تخبرها أن استدعائها كان لرسم لوحة لابنتها إيلويز – أديل هانيل – لتحمل اللوحة بعد ذلك إلى أحد النبلاء في ميلانو ليقرر إذا ما كان سيتزوجها أم لا. وتخبرها الأم أن ابنتها تعاني من حالة اكتئاب بعد موت شقيقتها. ثم تسرد عليها بعض التفاصيل الأخرى عن حياة إيلويز.
نظرات مختلسة
ترفض إيلويز الزواج، كما ترفض أن تظهر أمام الرسامين لرسمها. لذا على ماريان أن تتظاهر بأنها مجرد رفيقة لها في نزهاتها على الشاطئ. وعليها أن تراقبها سراً كي تعرف ملامحها ومن ثم ترسمها دون معرفتها. في اليوم التالي ترى ماريان إيلويز للمرة الأولى وتشعر معها وكأنها شخصية شبحية لا تكشف عن وجهها. لكن عندما سقط غطاء وجهها وكشف عن شعرها الأشقر المموج تعرف ماريان ملامح هذه الفتاة.
من خلال النظرات المختلسة لماريان استطاعت أن ترسم لوحة لها، وعندما انتهت أخبرت الأم أن تأتي لتراها، ولكن طلبت منها أن تخبر إيلويز في البداية عن هذه الخدعة، وترى لوحاتها. عندما نظرت إيلويز إلى اللوحة لم تعجبها وانتقدت العمل الفني الذي قامت به ماريان بشدة. مما دعا ماريان إلى تمزيق اللوحة. جاءت الأم لتنظر للوحة فأخبرتها ماريان أنها لم تكن راضية عنها وستعاود رسمها. إلا أن الأم رفضت هذا الأمر وطلبت من ماريان الرحيل.
في تلك اللحظة تدخلت إيلويز وأخبرت والدتها أنها ستجلس لترسمها. منحت الأم ماريان خمسة أيام ستغيب فيها عن البلدة وطلبت منها إنجاز مهمتها في هذه الفترة. وافقت ماريان وعادت للعمل. وفي هذه الأثناء بدأت تتطور علاقة تعاطف وتقارب بين ماريان وإيلويز. سرعان ما تحولت العلاقة بينهما إلى علاقة حب.
اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Ali: Fear Eats the Soul: نظرة عميقة على الحب الممنوع |
مراجعة فيلم Portrait Of a Lady on Fire
فيلم Portrait Of a Lady on Fire هو أحد أفضل الأفلام الرومانسية، وهو عمل فني ثقيل مثير للإعجاب، فبغض النظر عن قصة الحب الممنوعة، هناك اللقطات المذهلة، والألوان وتلك الإضاءة المزاجية، وهذه التناقضات، وفي الختام التمثيل الأكثر من رائع. تعتمد المخرجة سيلين سياما على عدد قليل من الحوارات وبدلاً منها تسمح لوجوه ممثلاتها بالتحدث من خلال مشاعرهن، ومظهرهن الحساس، وحركاتهن الرقيقة، وابتساماتهن المحسوبة، والتي تقوم بتدويرها في العديد من اللقطات المقربة. فيلم يدعوك جماله ودقته واتساعه العاطفي وعمقه إلى الانغماس فيه. كما أن قوتها الغامضة الآسرة – كما هو الحال مع أي عمل فني عظيم – يصعب وصفها بالكلمات.
عالم يتجاوز الحدود
تعمل الكاتبة والمخرجة سيلين سياما بعناية من أجل اللحظة الرومانسية العليا. ونسير معها ببطء مع كل متطلبات الحب الناشئ بما يحتويه من توتر وقلق. ففي المنزل المفروش بشكل رصين وعلى طول الساحل القاحل، تلعب الأصوات دوراً داعماً قوياً. الحرائق المتساقطة والأمواج العاصفة تكمل المشاعر المتزايدة. الفرح يطفو على السطح في عالم مؤطر بإحكام. وبمجرد أن تتحقق رغبات القلب، يصل الفيلم إلى ذروته. فلا تستغل الشحنة المثيرة فحسب، بل ينصب التركيز على الشدة العاطفية التي تترك وراءها السياق المحدد للحب الممنوع. التوق ليس إلى هذا الحب بقدر ما هو لعالم يسمح به، عالم يتجاوز القيود، حيث يختفى إنكار الذات، وتطفو خبايا النفس على السطح.
عندما تحاول رسم وجهاً لشخصية تخفي وراء هذا الوجه الكثير من الأسئلة والحيرة، تعكس صورة الوجه البشري جوهره، وما يفكر فيه، وما يشعر به، وتكشف عن أعمق مشاعره على القماش. فهناك خاصية شبه منومة للسمات الجسدية للإنسان. يمكن للوجه أن يقول آلاف الأشياء بنظرة. فالعيون لا تكذب أبداً، والقماش هو الجسر الذي يظهره. يمكن أن يكون هناك فرح وخيبة أمل وخوف وغضب وحزن مصحوباً بجمال لا مثيل له. وعلى الرغم أن ما تراه في الصورة هو النظرة الثابتة والهادئة والشفافة لشخص ما إلا أن الفنان الماهر يستطيع أن يروي قصة هذا الشخص الكامنة خلف وجهه.
أفضل سيناريو
حصل فيلم Portrait Of a Lady on Fire على جائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان السينمائي. وهو رابع فيلم روائي طويل لمخرجة سيلين سياما. وقد أشاد به جميع النقاد باعتباره تحفة فنية، وكأنهم يشهدون اكتشاف النار. إنه فيلم ممتع للغاية، نسوي ملموس، مبني على شكلية تسمح لي ببناء طبقات من القراءة حول حالة المرأة والحقوق التي تنتمي إليها ضمن بنية اجتماعية ترفض أي تسمية بطولية مغايرة.
الحبكة التي يحكيها فيلم Portrait Of a Lady on Fire ذكية في الموازنة بين الدراما والرومانسية، وشاعرية للغاية فليس هناك عجلة وكل شيء، يسير ببطء، وقد استوعب المخرجة الرائعة سياما رمزية اللون وسيكولوجيته كذلك.
ففي البداية نجد إيلويز ترتدي الزي الأزرق – مثل والدتها – الذي يدل على خصائص الشخصية مثل الصلابة والنضج والتفاهم والتسامح والاستقلال والسلطة. وفي المرات القليلة التي ترتدي فيها اللون الأخضر الذي تصوره ماريان يؤكد على تطورها الداخلي، وهو ما يفسر تفاؤلها المفاجئ، واستقرارها العاطفي، وفرحة السعادة بالحب. أما صوفي فهي شخصية ثانوية ترتدي اللون الأبيض لتمثيل القضايا النبيلة، ونقاوتها، والوجود المحفوف بالمخاطر لهشاشتها الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما يظهر بشكل أكثر جدية في المشهد الذي تقوم فيه المرأة بالإجهاض. يرتبط اللون الأحمر الذي ترتديه ماريان إلى الحرارة والعاطفة والجرأة والحب. إنه الربيع العاطفي لكل شيء. واللون الأحمر لا ينفصل عنها حتى تعود إلى الوقت الحاضر ، حيث ترتدي نفس اللون الأزرق الذي ارتدته إيلويز كبادرة نبيلة لتذكر الحبيبة التي فقدتها.
عالم أنثوي في فيلم Portrait Of a Lady on Fire
من خلال هذه الشخصيات الثلاث في فيلم Portrait Of a Lady on Fire، تبني سياما عالماً أنثوياً قائماً على التفاهم المتبادل والمودة والتضامن، مما يؤسس لمبدأ المساواة الذي يقسم الطبقات الاجتماعية ويدحض التسلسل الهرمي للسلطة الذكورية. قصة حبها عبارة عن أطروحة نسوية متشددة عن هوية المرأة وفلسفة الحب ومراحل الرغبة. يمثل كل منهم أصلاً اجتماعياً داخل المجتمع الفرنسي. ألوانه تشكل علم فرنسا. إنهن نساء لديهن أحلام، رغم أنهن للأسف يتعرضن للقمع من قبل النظام الأبوي (خارج الكاميرا) الذي يقيد أحلامهن.
وهكذا تصبح الصورة التي سترسم جوهر القصة: لولا ضرورة اللوحة، لم تكن ماريان لتصل إلى هذا المكان المنعزل. وفي الوقت نفسه تحترق كل ضربة فرشاة إضافية في روحها مثل إيماءة منبهة. ومن ثم يصبح الفن كذبة، ويصبح الجمال اختباراً ولا مجال للحب.