أسلوب حياة

كيف تقضي وقتًا ممتعًا مع عائلتك؟

يتساءل العديد من الناس عن كيفية قضاء وقت ممتع مع العائلة أو الأطفال أو الأصدقاء، ففي كثير من الأحيان نجد العائلة مجتمعة على طاولة، ولكن عيون الجميع ملتصقة بشاشات الهواتف، فلا تواصل ولا حديث ولا تعبير عن الحب والاهتمامات والعاطفة والمشاعر، مع العلم أن تلك اللحظات التي يترك فيها الجميع هواتفها ويتواصلوا معاً هي التي تعطي للحياة معنى، بل وتساهم بدرجة كبيرة في صحتنا النفسية والعقلية.

هذه اللحظات هي أثمن ما يمتلكه المرء، وتتطلب اهتمامه الواعي، فلا يكفي أن نجلس معاً لمجرد أن نكون حاضرين فحسب، بينما نتحقق من مواقع التواصل الاجتماعي أو ننظم أجندة العمل لليوم التالي. إن اهتمامنا بهذه اللحظات الممتعة والجيدة هي التي تضمن لنا علاقات صحية وعميقة. ومن هذا المنطلق نحاول إلقاء الضوء على تعريف الوقت الجيد أو الممتع وأهميته ثم نستعرض بعض الأفكار حول كيفية قضاء وقت ممتع مع العائلة.

الوقت الجيد

يشير هذا المصطلح إلى قضاء وقت ممتع مع الأشخاص المقربين منا. وهو لا يعني مجرد الحضور، بل التخلص من جميع الاهتمامات الأخرى وإعطاء قيمة للمشاركة العقلية والعاطفية مع الآخر. يرتبط الوقت الجيد دائماً بما يسمى لغة الحب، لأن قضاء الوقت مع شخص ما ونحن نعي جيداً أننا نقضي وقتاً ممتعاً أفضل وسيلة للتعبير عن الحب والعاطفة للأشخاص الذين يهتمون بنا في حياتنا. ولا يمكننا تحقيق ذلك من خلال قول إنني أحبكم، بل من خلال المحادثات الصادقة التي لا يقطعها نشاط آخر، أو الذهاب في نزهة والحديث عن أي شيء خارج الروتين اليومي. لذا فإن أهم ما في هذا الأمر هو تجنب جميع المشتتات مثل مكالمات العمل والتحقق من الشبكات الاجتماعية ومشاهدة التلفاز بينما يتحدث الآخر وغيرها.

باختصار يمكننا تعريف وقت العائلة الجيد بأنه الوقت الذي نشعر فيه بأنه خاص ومهم. حيث تتولد الذكريات والروابط الجيدة. إنها تلك اللحظات التي يتدفق فيها التواصل والضحك والانتباه من واحد إلى الآخر.

لغات الحب الخمس

ظهر مصطلح لغات الحب لأول مرة في كتاب غاري تشابمان الذي يحمل عنوان “لغات الحب الخمس: كيف تعبر عن حبك العميق لشريك حياتك” وفيه يقدم المؤلف العديد من النصائح اللازمة لبناء روابط دائمة وحقيقية مع الأصدقاء والعائلة والأشخاص المقربين.

يوضح تشابمان في كتابه أن لغات الحب هي طرق يتواصل بها الأشخاص مع من يهتمون بهم، وهي عبارة عن خمس طرق لإظهار الحب والمودة: قضاء وقت ممتع، وكلمات التأكيد، والأعمال الخدمية، والاتصال الجسدي، والهدايا. هذه الطرق توضح كيف يمكنك إظهار الحب وكيف تتلقاه؟

أهمية قضاء الوقت مع العائلة

وقت ممتع مع العائلة
لماذا من الضروري تخصيص وقت للعائلة؟

إن تلقي الحب ومنحه من خلال قضاء وقت ممتع مع من تحب، يوفر للمرء قائمة من الفوائد العظيمة. على سبيل المثال يحسن العلاقة الحميمية والعاطفية والجسدية. والتواصل يقلل من اللامبالاة الزوجية، وبالتالي يقلل من معدلات الانفصال أو الطلاق، ويقوي أواصر الصداقة والثقة. أما فيما يتعلق بالصحة يقلل من التوتر والقلق ويبعدنا عن العديد من الأمراض. ومما لا شك فيه أنه أمر يستحق الجهد المبذول لتعزيز العلاقات الصحية. دعونا نتعرف على المزيد من أهمية قضاء وقت ممتع مع العائلة والأصدقاء.

تعزيز التواصل

في بعض الأحيان نكون مشغولين جداً سواء من خلال القيام ببعض الأعمال أو التفكير، مما يؤدي إلى عدم قدرتنا على الاستماع إلى ما يقوله لنا شركاؤنا أو أطفالنا أو أصدقاؤنا، ونفتقد تجارب حياتية مهمة، والأسوأ من ذلك أننا نقع في ارتباك وصراعات غير ضرورية بسبب نقص التواصل الحقيقي. لكن إذا منحنا وقتاً ممتعاً لأطفالنا أو عائلتنا أو شريك حياتنا كما نفعل في بيئة العمل أو على شبكات التواصل الاجتماعي، فيمكننا خلق مساحة للحوار المفتوح والوحدة والاتصال العاطفي.

بناء احترام الذات

هذا مهم للأطفال والشباب، الذين يدخلون في دائرة علاقاتنا، حيث يمكنهم هذا الوقت من التعبير عن أنفسهم وإبداء آرائهم للمساهمة في محادثة مهمة بشكل أفضل لتشكيل شخصيتهم. ففي بيئة عائلية مريحة وتشاركية، سيكونون قادرين على الشعور بالتقدير وتحسين احترامهم لذاتهم.

التواصل الأسري المفتوح

إن التواصل الأسري المفتوح من أهم الأمور الضرورية للأطفال والمراهقين. فهؤلاء يعتبرون الوالدان هما المثال الرئيسي، ويقلدوهما في كل شيء، ونتيجة لذلك تحدد البيئة التي ينشأ فيها الأطفال. لذا فمن المهم التشجيع على اللقاءات المستمر وقضاء الوقت والتواصل والحديث حتى يحظوا بعلاقات صحية متينة.

فرض القواعد

يساهم قضاء وقت ممتع مع الأسرة إلى التنسيق بين أفرادها والاتفاق المشترك، لأن الإحساس بالتكامل سيسمح حتى لأصغر فرد بالمشاركة في الأنشطة التي يتم تنظيمها لقيادة منزل وظيفي وسعيد، سواء كان ذلك للتنظيف أو للذهاب في إجازة. وعندما يسير الجميع في نفس الاتجاه، يكون من الأسهل الاحتفال بديناميات التوجيه والوقت الجيد، فضلاً عن المسؤوليات الفردية.

تعزيز الصحة النفسية

إن كل علاقة صحية نطورها ونستثمر الوقت فيها تجعلنا سعداء، سواء كانت صداقة أو حب أو زواج أو أبناء أو أفراد من العائلة. تساهم هذه العلاقات في تعزيز الصحة النفسية مثل الشعور بالتقدير والحب، ولكن على مستوى الدماغ فإن العديد من الأبحاث العلمية تشير إلى أن القيام بأنشطة ممتعة وجيدة تمنحنا السعادة من خلال إفراز الجسم لهرمونات السعادة التي تمنحنا التوازن النفسي والصحة.

كيف تقضي وقتاً ممتعاً مع العائلة؟

كيفية قضاء وقت ممتع مع العائلة
أوقات ممتعة مع العائلة

يمكن التعبير عن الحب من خلال الوقت الجيد الذي نقضيه مع من نحب، دون أن يمثل ذلك الأمر تضحيات كبيرة، فإذا كنا أشخاصاً لدينا قائمة طويلة من المسؤوليات علينا إعادة الجدولة ومنح بعض الوقت لصحتنا النفسية، وهذه بعض الأفكار من الأنشطة التي تمكننا التي تجيب على سؤال كيفية قضاء وقت ممتع مع العائلة.

تناول وجبة واحدة في اليوم على المائدة

لا يوجد نشاط يدل على الوفرة والتواصل والحب أكثر من الجلوس معاً على الطاولة. ربما نفعل هذا الأمر في الأعياد والمناسبات أو الاحتفالات، لكن يمكننا أن نفعله بصورة يومية، حيث نتناول طعامنا ونتواصل معاً ونتحدث عما يهمنا. وإذا أصبح هذا الأمر طقس يومي حينها سنشعر بمدى التقارب والتواصل وكيف أصبحت الروابط بيننا أقوى.

المساعدة في الواجبات المنزلية

لا يمكنك مرافقة أطفالك إلى المدرسة أو إلى دروس كرة القدم، ولا يمكنك اصطحابهم معك للعمل. ومع ذلك، يمكنك المشاركة في الوقت الذي يقضونه في أداء الواجبات المنزلية في المنزل. اشرح لهم أي تمارين لا يفهمونها تماماً، واسألهم عن الاختبارات، تعرف على هواياتهم واهتماماتهم. سيكون وجودك خلال هذه اللحظات إيجابياً للغاية، حيث ستظهر لأطفالك أنك متاح لمساعدتهم وإرشادهم. بينما سيؤدي ذلك إلى زيادة دافعهم وتحسين أدائهم المدرسي.

ليلة الأفلام

يمكنك تخصيص يوم من أيام الأسبوع للاجتماع مع أفراد العائلة من أجل الاتفاق على مشاهدة فيلم معين. اجعل كل فرد من يختار فيلماً مفضلاً يريد مشاهدته، وخصص يوم من كل أسبوع لمشاهدة أحدهم. وفي الليلة المخصصة لذلك يمكنك صنع بعض الفشار، والجلوس للمشاهدة. كما يمكنكم مناقشة الفيلم بعد الانتهاء.

أنشطة خارج المنزل

يعد التواصل بين جميع أفراد الأسرة أمراً ضرورياً، ولكن في بعض الأحيان يكون من الضروري تخصيص وقت أكثر لأحد أفراد الأسرة حتى يعمل كل شيء بشكل جيد. يستمتع الأطفال الصغار والمراهقون بشكل خاص بصحبة آبائهم العاملين في أنشطة معينة، مثل المشي لمسافات طويلة وممارسة الرياضة وصيد الأسماك. يمكن أن تكون هذه المواعيد الفردية بين الوالدين والأطفال ذات قيمة لكلا الطرفين.

تنظيم ليلة مفاجأة

في بعض الأحيان، يمكن أن تكون الأنشطة الترفيهية العائلية مملة إذا كانت متكررة للغاية. وسرعان ما تصبح فكرة قضاء وقت ممتع مصدراً لشعور المرء بإنه مضطر للمشاركة، ولم يعد بإمكانه الاستمتاع بها. لذا ينبغي مكافحة الروتين، من خلال تنظيم نشاط مختلف تماماً عن المعتاد. على سبيل المثال يمكن لأفراد الأسرة الاجتماع للعب الأوراق أو تشغيل الموسيقى وإحضار ميكروفون للغناء. هذه الأنشطة ستكون نشاطاً جديداً وممتعاً وبخاصة للصغار.

مشاركة الهوايات

لدى كل فرد من أفراد العائلة هوايات مختلفة، فالأخت الكبرى تحب الرسم، والفتى الصغير يلعب كرة القدم، أما الأم فهي تحب التصوير، والأب يحب مشاهدة الأفلام الوثائقية عن الحيوانات. كل هذه الأمور يمكن لأفراد العائلة مشاركتها فيما بينهم. ومن خلال هذا الأمر سيتعلم الجميع شيئاً جديداً، ويبني احترام الذات والثقة والأمن العاطفي. إنها طريقة إبداعية لتوجيه نوعية وكمية الوقت للأطفال.


إن قضاء وقت ممتع مع العائلة مع عائلتنا له فوائد جمة للجميع، فهو يساعدنا على تقوية الروابط، ويحسن التواصل، ويعزز التطور الفكري والعاطفي لأطفالنا، ويساعدنا على تقليل مستوى التوتر. ويمكن للعائلة من خلال بناء الذكريات أن تترك إرثاً من القصص ودروس الحياة التي ستستمر بمرور الوقت.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!