تعزيز الصحة النفسية: خطوات بسيطة لتحسين جودة حياتك
يعلم الجميع أهمية الحفاظ على الصحة الجسدية من خلال الالتزام بأسلوب حياة صحي يتضمن نظام غذائي جيد وممارسة الرياضة بانتظام وما إلى ذلك، لكن عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على الصحة العقلية والنفسية تنتابنا الحيرة والارتباك، ونتساءل ماذا يمكننا فعله بشأن ذلك. الحقيقة هي أن صخب الحياة اليومية والضغوط والالتزامات المختلفة تدفعنا إلى تبني عادات تضر بتوازننا النفسي. لذا في المقال التالي سنتحدث عن سلسلة من العادات البسيطة التي إذا التزامنا بها يمكننا تعزيز الصحة النفسية بشكل كبير.
-
وضع حواجز بين العمل والحياة الشخصية
يُلقي العمل ومسؤولياته بظلاله على بقية جوانب حياتنا. حتى في اللحظات التي يفترض أننا نرتاح فيها أو تلك التي نخصصها للعائلة أو الأصدقاء ننتبه إلى هواتفنا المحمولة ونتطلع إلى بريدنا الإلكتروني، ونتلقى مكالمات من أرباب عملنا. هذا الأمر له تأثير سلبي على صحتنا النفسية والعقلية، ليس ذلك فحسب بل يؤثر كذلك على علاقاتنا الاجتماعية.
من هذا المنطلق علينا أن نضع حدوداً بين عملنا وحياتنا الشخصية بحيث لا يؤثر أحدهما على الآخر. فعندما تغادر العمل، حاول مسح كل ما سبق واشغل عقلك بقضايا أخرى. اقض وقتاً ممتعاً مع عائلتك أو مارس الرياضة أو اذهب في نزهة على الأقدام دون التفكير في أي شيء آخر. إن معرفة كيفية فصل العمل عن كل شيء آخر يعني أيضاً وضع حدود وعدم البقاء في العمل لساعات متأخرة كل يوم. فإذا لم يكن ذلك ضرورياً للغاية حاول أن تتجنب العمل الإضافي واحترام أوقات راحتك. -
الحصول على قسط كافٍ من النوم
تعد نوعية النوم مهمة جداً بالنسبة للصحة الجسدية والنفسية والعقلية كذلك. فالحصول على قسط كافٍ من النوم العميق هو المفتاح لتجديد الطاقة والحفاظ على أداء الجسم. لكن الكثير منا يعاني من الأرق واضطرابات النوم، مما يؤثر على الصحة النفسية بطريقة لا يمكن تخيلها. ولتجنب مشاكل النوم، يُنصح بعدم النظر إلى الشاشات قبل الذهاب إلى السرير، وممارسة الرياضة أثناء النهار وتناول وجبة عشاء خفيفة. وقد يكون من المفيد أيضاً القيام بتمارين الاسترخاء أو أخذ حمام ساخن قبل النوم، لأن ذلك سوف يريح جسمك ويسهل عليك الراحة. وعليك أن تعلم جيداً أن عدم حصولك على قسط غير كافي من النوم يؤدي إلى العصبية والتوتر والقلق وانخفاض الأداء اليومي بشكل عام.
-
الحفاظ على روتين منظم
على الرغم من أن الروتين له سمعة سيئة للغاية، إلا أنه في الحقيقة مفيد لعقولنا. فهو يساعدنا على النظام والهدوء والاستقرار. فالمعرفة المسبقة بما يجب علينا فعله ومتى نفعله يسمح لنا بالحصول على المزيد من الهدوء العقلي وأن نكون أكثر كفاءة. لذلك، ستشكرك صحتك العقلية على قضاء يوم متوقع، وترك الارتجال لعطلة نهاية الأسبوع. وعندما يكون لدينا تخطيط جيد للوقت، فإننا نتجنب المماطلة والتسويق وتراكم المهام التي لا تؤدي إلا إلى زيادة التوتر.
-
ممارسة اليقظة الذهنية
اليقظة الذهنية هي ممارسة تساعدنا على الحفاظ على الاتصال بالحاضر، وتعزيز قبول أنفسنا وما يحيط بنا دون إصدار أحكام. تساعد طريقة العيش هذه بشكل كبير في تعلم كيفية التعايش مع التوتر أو عدم الراحة في الحياة اليومية. ومن خلال ممارسة تمارين اليقظة الذهنية يمكنك الاستفادة بوقتك مع المهام اليومية. لذا حاول التركيز على الحاضر فقط وما تفعله فيه، واترك الماضي يرحل بعيداً ولا تفكر في المستقبل.
إذا لاحظت أن عقلك بدأ يفكر في المهمة التالية أو الاهتمامات الأخرى، فحاول إعادة انتباهك إلى ما تفعله. على سبيل المثال، إذا كنت تستحم، حاول التركيز على الأحاسيس في جسمك، وصوت الماء، ورائحة الصابون، وما إلى ذلك. ومن السهل تضمين هذه الممارسة البسيطة في حياتك اليومية، وإذا كنت تشعر بالارتياح تجاهها، يمكنك التفكير في تعلم بعض تقنيات اليقظة الذهنية الرسمية. -
الابتعاد عن الشخصيات السامة
يتطلب تعزيز الصحة النفسية اتخاذ إجراءات معينة بأنفسنا، إلا أن هذا الأمر يصبح أكثر صعوبة إذا أحطنا أنفسنا بالأشخاص الخطأ. تعتمد صحتنا النفسية بشكل كبير على بيئتنا الاجتماعية، حيث نحصل منها على الحب والدعم والاهتمام. ففي نهاية المطاف، نحن نبني هويتنا من خلال علاقاتنا مع الآخرين. لذلك، من المفيد جداً أن تكون لدينا دائرة مكونة من أشخاص يحترموننا ويقدروننا ويمنحوننا الهدوء والسلام النفسي، ونحاول الابتعاد بقدر الإمكان عن الشخصيات السامة التي يمكنها تسميم حياتنا.
-
الاستمتاع بوقت الفراغ
لا فائدة من قضاء وقت الفراغ إذا لم يتم استغلاله بشكل جيد. لذلك، من المهم أن تعرف كيفية القيام بذلك بشكل جيد عندما يحين وقت التوقف. لا تبدأ بالرد على رسائل البريد الإلكتروني أو تبقى في المنزل وتفكر في كل الأعمال التي سيتعين عليك القيام بها عند عودتك. حاول القيام بالأنشطة المفيدة لك، والتسكع مع الناس والخروج لاستنشاق بعض الهواء النقي. وفي عطلات نهاية الأسبوع، يمكنك أيضاً قضاء إجازة لتغيير المشهد. يجب عليك أن ترحب بأي شيء يسمح لك بالاستمتاع بوقتك الشخصي. تذكر أن الراحة حق لك وعدم الالتزام بها يؤثر سلباً عاجلاً أم آجلاً على صحتك النفسية والعقلية.
-
الحفاظ على الدافع
إن التمتع بالهدوء وراحة البال لا يجب أن يكون مرادفاً للملل، والحياة المرضية مع الصحة العقلية الجيدة تتطلب الدافع والحماس للمستقبل. لذلك، يوصى بشدة أن يكون لديك خطط أو مشاريع أو أهداف تساعدك على التطلع إلى الأمام. نحن جميعاً بحاجة إلى سبب يدفعنا إلى الأمام، وإلا فإننا نذبل وننطفئ نتيجة للرتابة. الأمر لا يتعلق بالقيام بشيء طموح أو معقد للغاية، ما عليك سوى العثور على شيء تريد تحقيقه لأنه يملأ روحك وتسعى إليه.
-
الاهتمام بالصحة البدنية
يفصل الكثير من الناس بين الصحة البدنية والصحة النفسية والعقلية، لكنهما في الواقع كل متكامل. ولذلك فإن عادات نمط حياتنا لها تأثير ليس فقط على حالتنا الجسدية، ولكن أيضاً على نفسيتنا. يتطلب الحفاظ على صحة نفسية جيدة تناول الطعام بشكل جيد، وممارسة الرياضة بانتظام، وترطيب الجسم، والنوم جيداً وبالطبع تجنب التدخين والكحول والمخدرات.
-
الاستماع إلى المشاعر
من المهم أن نتعلم الاستماع إلى عواطفنا بشكل مفتوح وصريح. لقد تعلمنا أن هناك مشاعر جيدة وأخرى سيئة، ولكن الحقيقة هي أن جميع مشاعرنا طبيعية وضرورية، لأنها تؤدي وظيفة ما. فعندما نحاول محاربة ما نشعر به، ونحاول إخفائه، تزداد معاناتنا بشكل عام. بينما يضاف إلى المشاعر المؤلمة التي نشعر بها الشعور بالذنب بسبب تجربتها. لذلك، لا ينبغي قمع أو إخفاء حتى أكثر المشاعر السلبية غير السارة. حيث يتطلب تعزيز الصحة النفسية تعلم الاستماع إلى جميع مشاعرنا، عندها فقط يمكننا فهمها وإدارة عواطفنا بطريقة صحية.
-
تحديد القيم والتصرف وفقاً لها
الشيء الذي يميل الكثير من الناس إلى نسيانه يتعلق بتحديد القيم. إن معرفة القيم الأساسية بالنسبة لنا في الحياة أمر أساسي، لأنها تتيح لنا الحصول على بوصلة ترشدنا على طول الطريق. وعندما لا نكون واضحين بشأن ما هو مهم حقاً، فإننا نفقد الاتجاه والمعنى في الحياة. وهكذا، فإن أولئك الذين يعرفون جيداً القيم التي يسيرون وفقها يعيشون الحياة على أكمل وجه. لذا عليك الاعتناء بهذا الأمر جيداً.
كانت هذه بعض العادات التي يمكن أن تساعدنا في تعزيز الصحة النفسية. لقد رأينا في السنوات الأخيرة كيف يتحدث الكثير من الناس عن الصحة النفسية والعقلية وأهميتها، ونتيجة لإهمال الصحة النفسية في حياتنا على مدى فترات طويلة أصاب الكثير المرض النفسي الذي كان وصمة عار، لكن في وقتنا الحالي يجب أن ينتهي ذلك.