فن

مراجعة فيلم Mass 2021: دراما مأساوية لم نراها منذ سنوات

فيلم Mass صعب وعاطفي، يتطرق إلى قضايا حساسة ويجبر المشاهدين على الجلوس في حالة من القلق والتوتر من هذه المواجهة البائسة. لذا أولئك الذين يمكنهم التعامل مع هذا الموضوع قد يجدونه مثير للغاية، لكنه مأساوي. أما الذين لا يستطيعون مواجهة هذه القضايا، فلن يستمتعوا به مطلقاً. ومع ذلك فهذا الفيلم قوي جداً، ويتعامل بمهارة مع موضوعه الحساس. في هذا المقال نستعرض سوياً مراجعة فيلم Mass.

قصة فيلم Mass

تدور أحداث الفيلم حول عائلتين، تتكون كل عائلة من زوج وزوجة، أما العائلة الأولى فهي عائلة جاي – جيسون إيزاك – وزوجته جيل – مارثا بليمبتون – والعائلة الثانية فهي عائلة ريتشارد – ريد بيرني – وزوجته ليندا – آن دود. تجتمع العائلتان في غرفة داخل كنيسة من أجل الحديث عن مأساة حدثت منذ سنوات. تتمثل هذه المأساة في إطلاق ابن ريتشارد وليندا النار على الطلاب في مدرسته ليقتل منهم عشرة طلاب، ثم يقتل نفسه في النهاية. أما جاي وجيل فقد كان لهما ابناً تم قتله في هذه الحادثة. ترتب كيندرا هذا اللقاء بين العائلتين للحديث عن هذه المأساة من أجل التسامح بينهما. بينما تدور أحداث هذا الفيلم في مكان واحد هو غرفة الكنيسة.

مراجعة فيلم Mass

قبل الدخول في مراجعة فيلم Mass ينبغي أن نسأل هذه الأسئلة: كيف تتعامل مع تداعيات حادث إطلاق نار في المدرسة؟ إن التعامل مع فقدان طفل أمر لا يمكن تصوره تحت أي ظرف من الظروف. كيف تتعامل مع طفلك إذا قتل زميله الطالب أثناء مطاردته في أروقة مدرسته؟ كيف يمكنك أن تعيش مع علمك أن ابنك قد ارتكب فظائع قبل أن يطلق النار على نفسه؟ هل يمكنك أن تتحلى بالشجاعة للجلوس مع والدي أحد الضحايا وتطلب التفاهم؟ هل يمكن أن تجلس مع والدي الجاني وتحاول أن تحصل على التسامح والمغفرة؟ كيف تتغلب على الحزن؟ تطرح هذه القطعة السينمائية الدرامية للمخرج فران كرانز هذه الأسئلة باحترام وبلا خوف.

يركز فيلم قداس على فرضية مأساوية غير مريحة: لقاء الآباء وجهاً لوجه بعد سنوات من حدث مأساوي حطم حياتهم بشكل لا رجعة فيه. حيث فقدت إحدى العائلات ابنهم في حادث إطلاق نار في المدرسة. بينما العائلة الأخرى هي والدا مطلق النار.

مشاعر متفجرة

يتم تصوير فيلم Mass كاجتماع واحد تتم من خلاله محادثات غير منقطعة بين الأزواج، ويرتب هذه المحادثة واحدة من أعضاء الكنيسة المتحمسين. في بداية الفيلم نجد أن الأزواج متحفظين بشكل كبير للغاية، فليس هناك حديث سوى على الأشياء البسيطة التافهة مثل صور الأطفال وهم في مراحل العمر المختلفة. لكن هذا الأمر لا يستمر طويلاً. حيث تفتح أبواب النقاش بعد سؤال جاي: “أريد أن أعرف عن ابنك؟”. هنا يحاول ريتشارد أن يكبت الغضب بداخله، ليسأله: لماذا؟ وفي تلك اللحظة يصرخ عليه جاي قائلاً: لأنه قتل ابني.

تشير هذه البداية إلى الدخول في أعماق المشاعر المتعلقة بالذنب واللوم، والندم، إنها مجموعة مرعبة ومرهقة من المشاعر المتوترة التي لم نراها في أي فيلم منذ سنوات. أما ما تمثله غرفة الكنيسة فهو المطهر الذي يطهر هذه الأزواج من تلك المشاعر التي اجتاحتهم بعد هذه المأساة.

تقوم كل من آن دود وريد بيرني بالمهمة الأصعب في فيلم Mass. نظراً لأن تعاطف الجمهور لن يكون معهم بشكل طبيعي، فهما والدي القاتل. لكنهما مع ذلك قاما بأداء مذهل. فمن الحديث المتكلف المحرج إلى الانفجارات العاطفية التي لا مفر منها، يبدو الحوار وتدفقه طبيعياً بشكل رائع، مما يضع الجمهور في لحظة من الدراما المقنعة – ولكن المدمرة تماماً.

الأداء في فيلم Mass

بيرني، ودود، وإيزاك، وبليمبتون كلهم ​​في أفضل حالاتهم التمثيلية، وكل منهم يقدم توصيفات معقدة للحزن. بينما يكون الفيلم في أفضل حالاته عندما يكون التركيز على تفاعل الوالدين مع بعضهما البعض. هذه الديناميكية غير مريحة في البداية، لكن الكيمياء بين الأربعة لا يمكن إنكارها. كما أن هناك العديد من اللحظات الكبيرة – كل من الممثلين الأربعة يحصلون على مونولوجات ثقيلة وعاطفية – لكن اللحظات الهادئة مثيرة للإعجاب بنفس القدر. هذا هو النوع من الكتابة حيث يكون ما لم يتم قوله هاماً مثل ما تم قوله، كما يتم توصيل الكثير من المشاعر عبر النظرات والإيماءات والتوقفات الصامتة.

يحافظ فيلم Mass على انتباه الجمهور من خلال الكشف التدريجي عن تفاصيل الحادث. على الرغم من وجود لقطات خارجية في بعض الأحيان تلمح إلى الأحداث – إلا أن كرانز اتخذ القرار الحكيم بعدم تجسيد المأساة. حيث يقتصر الفيلم إلى حد كبير على الغرفة في الكنيسة، وهنا تأتي المخاطر الدرامية فقط من التوتر والقلق العاطفي ومن خلال الكشف عن تفاصيل الحدث المعني شيئاً فشيئاً، مما يثير فضول الجمهور ويحافظ على السرد مقنعاً.


في الختام وبعد مراجعة فيلم Mass  لابد من التنويه إلى أن هذا الفيلم واحد من أفضل أفلام الدراما التي أنتجت في عام 2021، وساهم في هذا الأمر الأداء المذهل للرباعي بطل هذا الفيلم الرائع.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

‫2 تعليقات

  1. فلم يجعلك تفكر كاب كثير باولادك كيف تربي اولادك تنتبه إلى تصرفاتهم و سلوكهم و بتالي ممكن تساعدهم بما يمرون بيه من صعوبات بحياتهم هذا الفلم من يشاهده لابد يراجع نفسه في التعامل مع أبناءه ليحميهم مما قد يضرهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!