مراجعة فيلم CODA 2021: فيلم يستحق الأوسكار عن جدارة

You are currently viewing مراجعة فيلم CODA 2021: فيلم يستحق الأوسكار عن جدارة
فيلم CODA 2021 المرشح لجائزة الأوسكار 2022

فيلم CODA 2021 هو فيلم دراما ساحر وربما يعد أحد أفضل أفلام هذا العام بلا جدال. ففي غضون دقائق قليلة ستقع في حب الفيلم وقصته وشخصياته. إنها قصة ساحرة عن مجتمع الصم الذي لم يأخذ حقه في الفن السابع. في هذا المقال نتناول بمزيد من التفصيل قصة ومراجعة فيلم CODA 2021.

قصة فيلم CODA 2021

تدور أحداث الفيلم حول عائلة من الصم تتكون من الأب المليء بالحماسة والقوة والغضب فرانك – تروي كوتسور – وزوجته جاكي – مارلي ماتلين – التي كانت ملكة جمال سابقة، وطفليهما ليو – دانيال ديورانت – المشاكس وأخيراً روبي – إميليا جونز – وهي الطفلة الوحيدة التي تسمع في هذه العائلة.

تعمل العائلة في حرفة صيد الأسماك، وتقوم روبي بالدور الأكبر مع أسرتها؛ فهي تقوم بالعمل كمترجمة لهم بلغة الإشارة. وكذلك تشعر بأنها ملزمة بحماية أسرتها من العالم من حولهم لأنها تخشى أن يتم استغلالهم. لكن رغم معاناة هذه العائلة من استغلال التجار وقلة الموارد المالية التي يحصلون عليها إلا أنها عائلة سعيدة تملأ البهجة جنبات حياتهم، ويعرفون جيداً كيف يستمتعون بها.

في المدرسة تعاني روبي من التنمر من زملائها، لذا فهي حذرة دائماً وخجولة ولا ترغب في تكوين صداقات. ومن الواضح أنها تكتفي بصديقة واحدة فحسب. في أحد أيام الدراسة تشترك روبي في كورال المدرسة، وفي حصة الموسيقى يدخل معلم الموسيقى غريب الأطوار برناردو فيلالوبوس – أوجينيو ديربيز – بلحيته المتأنقة وابتسامته الكريهة واللهجة المتوهجة، ليصبح فيما بعد مصدر إلهام لهذه الفتاة التي تكتشف أن لديها موهبة كبيرة في الغناء.

موهبة عظيمة

يطلب منها برناردو أن تتدرب على الغناء مع زميلها في الفصل مايلز – فيرديا والش بيلو – ومن هنا تبدأ قصة صداقة هذا الثنائي. ومن ثم يتدربا معاً ويذهبان للسباحة في النهر معاً. وسرعان ما يخبر المعلم روبي بأنها تمتلك موهبة عظيمة في الغناء ينبغي استغلالها على أكمل وجه. لذا يطلب منها الاستعداد للالتحاق بكلية الموسيقى لتنمية هذه الموهبة. كما يقدم لها اقتراحاً بتدريبها لإيمانه بهذه الموهبة. وتوافق الفتاة على ذلك، ليبدأ في تعليمها الغناء.

على الجانب الأخر يحاول الأب فرانك وابنه ليو تكوين جمعية تعاونية للصيد حتى يتخلص الصيادون من استغلال التجار. هناك كذلك والدة روبي التي تتمتع بمزيج رائع من المودة والحنق، فهي من نوعية الأمهات المحبة ولكنها شديدة الحذر، ولا تدرك أن أنها تستخدم خوفها لسحق أحلام الآخرين. بينما تتمتع جاكي مع زوجها فرانك بحياة جنسية قوية، لكنهما يتشاجران كالقطط والكلاب من أجل الموارد المالية.

أما علاقة جاكي مع روبي فهي أكثر تعقيداً. حيث تريد روبي تحت تأثير معلم الموسيقى التقدم للحصول على مكان في كلية بيركلي للموسيقى في بوسطن، ولكن الأم جاكي التي تستاء بالفعل من انجذاب ابنتها للغناء، تخشى فقدان طفلها. وذات يوم اجتمعت الطفلة والأم في مشهد مؤلم. حيث تجرأت روبي على سؤال والدتها عما إذا كانت تتمنى أن تكون روبي قد ولدت صماء. وقد كانت الإجابة لاذعة ومرة، إلا أنها كانت صادقة، وتطلق أكثر مشهد سينمائي مؤلم رأيته منذ فترة طويلة.

في النهاية تقرر روبي أن تتخلى عن حلمها بالالتحاق بكلية الموسيقى وتستقر مع عائلتها لمساعدتهم. ولكن لم يرض الأب عن هذا القرار. وفي أحد الأيام يوقظ روبي من نومها، ليخبرها أنهم ذاهبون إلى الكلية من أجل الاختبار. وأن عليهم التضحية كما فعلت معهم الابنة طوال حياتها. لتجتاز روبي اختبار الكلية وتلتحق بها.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم 303: فيلم رومانسي ساحر بنكهة فكرية

مراجعة فيلم CODA 2021

بعد أن استعرضنا القصة نشرع في مراجعة فيلم CODA 2021 بشيء من التفصيل. فعلى مدى السنوات الخمس الماضية، كانت هوليوود تتحدث عن التمثيل والتنوع والشمول، لكن لسوء الحظ، لا يدرك معظم الناس أن الشمولية أو التمثيل تتجاوز العرق والجنس والتوجه الجنسي. فلكي تكون شاملاً بحق ينبغي على المرء أن يشمل أولئك الذين يعانون من إعاقات جسدية أو عقلية. ربما تعتقد الاستوديوهات الكبرى أنها تستحق الثناء لأنها تحمل على عاتقها إنتاج أفلام بميزانيات كبيرة يقوم بالتمثيل فيها عدد قليل من الممثلين الملونين البارزين. إلا أن الأمر لا يجب أن يتوقف على ذلك فحسب. فالعالم يحتاج إلى المزيد من القصص اليومية التي تمثل الأشخاص العاديين، بما في ذلك أولئك الذين يعيشون في المجتمعات المستعبدة أو المهمشة. لكن يبدو أن الأفلام المستقلة وصانعي الأفلام المستقلين هم القادرون على الالتفات لهذه الفئات المهمشة.

مزيد من الضوء

يجب أن تفخر الكاتبة / المخرجة سيان هيدر بما حققته في هذا الفيلم. فهو مكتوب وموجه بشكل جميل. والنغمة مثالية لأنها تمزج الكوميديا ​​بالدراما بسلاسة. كما أحيي المخرجة الرائعة للعمل مع الممثلين الصم، بل والذهاب إلى أبعد من ذلك من خلال تعلمها لغة الإشارة من أجل فيلمها. كما يجب الاحتفاء بمستوى المصداقية الذي جلبته لهذه القصة. لا يسعني إلا أن آمل أن يفتح هذا الفيلم الأبواب أمام المزيد من القصص التي تسلط الضوء على ممثلين صم. فهذه قصص مهمة يجب إخبارها للجمهور، مع رد الجميل لهذه المجتمعات الممثلة تمثيلاً ناقصاً. وفي النهاية يجب أن نكون شاكرين جداً لأن صانعي الأفلام مثل هيدر لا يخشون الصعود إلى المستوى الأول وصنع أفلام لا تخشى احتضان الشمولية.

وعلى الرغم من أن هذا الفيلم الذي كتبته وأخرجته سيان هيدر هو إعادة إنتاج للفيلم الفرنسي The Bélier Family الذي تم إنتاجه عام 2014، إلا أنها استطاعت أن تجعل منه تحفة فنية درامية فهو دقيق وصادق ويحظى بتمثيل جيد بشكل ساخر، للدرجة التي تتعجب فيها من أن هذا النوع من السينما لا يزال موجوداً.

نظرة على قصة فيلم CODA 2021

قد تكون بعض إيقاعات القصة المستخدمة مألوفة بالفعل، لكن تنفيذها لا يزال يجعل الفيلم يبدو جديداً تماماً. وأحد أسباب ذلك هو تفاني طاقم الممثلين بأكمله. حيث تملأ الطبيعية المذهلة في أداء الممثلين الفيلم بالحياة وتتيح ظهور مشاعر حقيقية. كما أن حقيقة أن الشخصيات في الفيلم هم بالفعل صم في الحقيقة تعطي الفيلم الأصالة المطلوبة. حيث يتكون الجوهر العاطفي من اللحظات التي يتواصل فيها أفراد الأسرة مع بعضهم البعض عبر لغة الإشارة ولا يتم التحدث بكلمة واحدة. كذلك تجسد مارلي ماتلين الحائزة على جائزة الأوسكار وتروي كوتسور الآباء الصم بتمثيل تعبيري، حيث تكشف نظرة واحدة عن أكثر من ألف كلمة. ومع ذلك، فإن الممثلة الرئيسية إميليا جونز تتفوق على المجموعة المثيرة للإعجاب بالفعل بأداء قوي يدفع الفيلم بأكمله إلى الأمام. تقع معظم المشاعر التي يجب نقلها على أكتاف الممثلة الشابة فقط وهي تتقن هذه المهمة بإحكام.

لكن القصة يمكن التنبؤ بها في معظم الأوقات. على سبيل المثال، من السهل تخمين أن المشاعر الرومانسية ستتطور بين روبي وزميلها مايلز – ومع ذلك نظراً لأن القصة يتم سردها إلى حد كبير بطريقة صادقة وخالية من الفن الهابط، فإن هذا لا ينتقص بأي حال من الأحوال من قيمة الفيلم.

الكوميديا في فيلم CODA 2021

كان للكوميديا ​​الظرفية دور كذلك؛ فبالإضافة إلى المحادثات المسلية مع والديها، فإن المشاهد مع أفضل أصدقاء روبي هيرتي (إيمي فورسيث) وشقيقها (قصة رومانسية مؤثرة بشكل محرج تلوح في الأفق بين الشخصيتين) هي التي تقدم القليل من الضحكات القلبية. كذلك يؤدي السلوك الغريب لمعلم الموسيقى برناردو أيضاً إلى بعض المشاهد الكوميدية، والتي تنشأ بسبب التمثيل الغريب الرائع لأوجينيو ديربيز.

استعارات جديدة

قد يبدو في الظاهر أن فيلم CODA 2021 هو مجرد قصة عن مشكلات بلوغ سن الرشد، ولكن حينما تدرك أن الفيلم يحتضن مجتمع الصم، تبدأ في أن تسأل نفسك: “لماذا لا يوجد المزيد من مثل هذه الأفلام؟”  فكما ترى يتناول فيلم CODA العديد من الموضوعات المشتركة التي رأيناها من قبل؛ ومع ذلك، فإن طريقة كتابة الفيلم والمجتمع الذي يركز عليه تجعل هذه الاستعارات تبدو جديدة تماماً.

إن أفضل ما في فيلم CODA 2021 هو كيفية تصوير الشخصيات الصم بشكل صحيح كونهم أشخاص عاديون. إنهم صيادون، ويعملون بجد مثل أي شخص آخر. فلا هم يبحثون عن صدقة، ولا يخجلون من هويتهم. لذا فالعروض في CODA كلها مذهلة للغاية وتستحق الجوائز. أدرك جيداً أننا لم نخرج بعد من موسم الجوائز الحالي، لكن ستكون جريمة إذا لم يحصل هذا الفيلم على بعض التقدير في هذا الوقت. نظراً لأن أداء الوالدين – تروي كوتسور ومارلي ماتلين – كان غاية في الروعة فهم يتمتعان بحس الدعابة والصدق في حديثهما والعطف. كما أن علاقتهما ببعضهما البعض وعلاقتهما مع روبي وشقيقها ليو كانت رائعة بشكل لا يصدق.

إميليا جونز

ومع ذلك، فإن الصدارة الحقيقية للفيلم هي إميليا جونز. فهي لعبت دور شخصية محبوبة ومسؤولة تعاني مع عائلة بأكملها من الصم، وكان لها الكثير من العمق وتقمص الطريقة التي يمكن أن تكون عليها مثل هذه الشخصية. لذا فإن أداء جونز لا تشوبه شائبة، وصوتها الرائع وأدائها الغنائي ساهم في رفع مكانة هذا الفيلم بكل تأكيد.

في هذا الفيلم تلعب إميليا جونز دور روبي، الفتاة الوحيد التي تسمع في عائلة صماء. لذا فهي تشعر بأنها ملزمة بحماية أسرتها من العالم لأنها تخشى أن يتم استغلالهم. كما ترى معاناتها، سواء تفاعلها مع زملائها في المدرسة أو من خلال المحادثات الفردية مع والدتها وأبيها. فروبي فتاة تحاول الاعتناء بأسرتها بينما تحاول التوفيق بين أحلامها ومستقبلها. مرة أخرى، قد تبدو هذه وكأنها مجازات شائعة، لكن الطريقة التي كتبت بها المخرجة سيان هيدر الشخصيات والمواقف تجعلها أكثر تأثيراً.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Belfast: قصيدة سينمائية مفعمة بالسحر والأمل

مشاهد مؤثرة في فيلم CODA 2021

بعد مراجعة فيلم CODA 2021 لابد من الحديث عن بعض مشاهد هذه التحفة الفنية؛ الذي يعد واحد من أفضل أفلام الدراما الأجنبية. ربما يمتلئ الفيلم بالعديد من المشاهد الرائعة والمؤثرة؛ لذا كان لابد من ذكر بعض هذه المشاهد، فلو أن الفيلم بأكمله لا يوجد به سوى تلك المشاهد لكان كافياً فوزه بجائزة الأوسكار عنها. ومن هذه المشاهد.

المشهد الأول

أحد هذه المشاهد المفضلة لدي في الفيلم مشهد روبي وحديثها مع زميلها مايلز بعد الشجار الذي حدث بينهما. لقد أخبرها مايلز أن حياتها تبدو مثالية لأن والديها لا يزالان في حالة حب تامة، وهي لا تدرك كيف تكون الحياة في ظل نشأته في منزل يفقد فيه التواصل. هنا تبدو رمزية الفيلم واضحة بصورة كبيرة لتخبرنا أن التواصل بين البشر ليس في حاجة إلى كلام يُقال. وقد أصبح هذا المشهد أكثر قوة في وقت لاحق من الفيلم عندما قامت روبي ووالدتها بإجراء محادثة من القلب إلى القلب حيث تسأل والدتها عما إذا كانت تتمنى أن تكون قد ولدت صماء.. تأتي كل هذه اللحظات على أنها حقيقية وتجعل المشاهد العادي يفكر فيما يجب أن تكون عليه الحياة ليس فقط لروبي ولكن لعائلتها بأكملها.

المشهد الثاني

أما المشهد الأخر هو عندما سأل معلم الموسيقى روبي عن شعورها عندما تغني؛ ولكنها أخبرته أنه شعور لا يمكن وصفه. فحاول أن يخرج منها ذلك الشعور بالكلام، لكنها فضلت أن تخبره عن شعورها عن طريق الإشارة. في هذا المشهد كذلك تتجلى فكرة أن المشاعر الحقيقية لا يمكن وصفها بالكلمات. لذا فهو واحد من أورع المشاهد التي يمكنك مشاهدتها في الفيلم.

المشهد الثالث

لكن من المشاهد المؤلمة حقاً في الفيلم هو مشهد الحفل الموسيقي الذي تغني فيه روبي مع زميلها مايلز وسط حضور عائلتها. ففي هذا المشهد يسود المسرح أجواء رائعة. حيث يندمج الجميع مع الموسيقى في تناغم تام. ولكن على الجانب الآخر لا تسمع عائلة روبي أياً مما يحدث حولها. وفجأة يتوقف الصوت تماماً. لتمنحنا المخرجة الرائعة دقيقة من الصمت المطبق مع حركة البشر في المكان. وهنا تريد أن تقول لنا هكذا يشعر من لا يسمع.

المشهد الرابع

أما المشهد الأخير الذي يجب ذكره هنا هو مشهد غناء روبي أثناء اختبار القبول في الكلية. فعندما حضرت العائلة إلى المسرح لتراقب عن كثب أداء ابنتهم، نظرت إليهم روبي وبدأت في الغناء مع تمثيل ما تقوله بلغة الإشارة لتفهم عائلتها قولها. وهذا مشهد رائع أخر من روائع هذا الفيلم. وكما قلت مسبقاً إذا لم يكن في هذا الفيلم سوى هذه المشاهد فقد فهي كفيلة بحصوله على جائزة الأوسكار.


في الختام وبعد مراجعة فيلم CODA 2021 لابد من القول أنه واحد من أفضل الأفلام التي صنعت في عام 2021 وهو بكل تأكيد يستحق الحصول على جائزة الأوسكار بجدارة.

اترك تعليقاً