فيلم The Night House هو فيلم رعب وإثارة يسحبك بطريقة عاطفية ومدروسة؛ وهو من بطولة ريبيكا هول ومن إخراج ديفيد بروكنر. في هذا المقال نتناول سوياً تحليل فيلم The Night House بشيء من التفصيل، ومن ثم شرح نهاية فيلم The Night House الغامضة.
قصة فيلم The Night House
تدور أحداث الفيلم حول معلمة تدعى بيث – ريبيكا هول – تعيش في منزل ناء بمفردها بعد أن انتحر زوجها أوين – إيفان جونيكيت – منذ أسبوع تقريباً. حيث أخذ أوين قارباً من منزله الواقع على البحيرة وأطلق النار على نفسه، تاركاً بيث محبطة، مع أسئلة أكثر من الإجابات.
بعد موت زوجها تعاني بيث من الوحدة والاكتئاب وتقضي بيث لياليها في معاقرة الخمر وتفحص متعلقات أوين التي تركها وراءه. وسرعان ما تجد رسالة انتحار مشؤومة تركها أوين يقول فيها “لا يوجد شيء. لا شيء بعدك. أنت بأمان الآن “. ومنذ تلك اللحظة تبدأ بيث في المعاناة من أحداث خارقة للطبيعة غريبة تحدثها لها في الليل، منها سماع أصوات الموسيقى أو سماع صوت زوجها الراحل ينادي عليها. في البداية تنبذ هذه الأصوات والأحداث باعتبارها مجرد أحلام لا تمت للواقع بصلة، لكنها تدرك ببطء أنها حقيقية.
في ذلك الوقت تشرع بيث في التحقيق حول وفاة أوين، وتكتشف أن لديه صوراً غريبة لنساء تبدو قريبة الشبه بصورة كبيرة منها. وتكتشف لاحقاً أن هناك قوى شريرة أكثر بكثير من مجرد أوهام أو أحلام، وعليها أن تتعامل مع هذه القوى الخارقة للطبيعة. لكن تسحبها هذه القوى رويداً رويداً لتجعلها تنتحر مثلما فعلت مع زوجها.
اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Last Night in Soho: رحلة إلى الجانب المظلم من البشرية |
تحليل فيلم The Night House
الأسلوب والقصة هما جانبان من جوانب صناعة الأفلام يستخدمان لقياس مدى جودة الفيلم. وبينما تتفوق بعض الأفلام في كليهما، فإن البعض الآخر يفشل في كليهما. لكن غالبية الأفلام تقدم جانباً واحداً فقط بشكل جيد. مثال على ذلك الأمر هو فيلم The Night House فهو فيلم أنيق ورائع ولكنه يفتقر إلى القصة التي يمكنها تجميع كل شيء معاً.
تعتبر أفلام الأسلوب هي الأكثر استحساناً من قبل النقاد ولكنها لا تلقى استحساناً من الجماهير. ويرجع ذلك أساساً إلى أن النقاد من المرجح أن يقدروا الجوانب الفنية لصناعة الأفلام. بينما يبحث الجمهور عن قصة مؤثرة. وهذا لا يعني أن الأفلام الأسلوبية سيئة، بل يعني فقط أنه من غير المرجح أن يستمتع بها الجمهور – وهو ما يقودنا إلى فيلم The Night House.
الرعب النفسي
يتمتع المخرج ديفيد بروكنر بسجل حافل في إنتاج أفلام الرعب النفسي. وقد استطاع أن يجلب إحساساً قوياً بالأناقة في هذا الفيلم. فهذا الفيلم عبارة عن قصة مجازية عن التعامل مع أدنى مستويات الاكتئاب مع تطور خارق للطبيعة. حيث يقدم كيانًا شيطانياً كان بمثابة المظهر المادي للأفكار الانتحارية – الصوت داخل رأس الشخص الذي يخبره أن الحياة لا معنى لها ويجب عليه الاستسلام.
إن ألم الحزن على المستوى الإنساني هو أفضل جانب في الفيلم. ففي مشهد مبكر رائع حيث تحدثت بيث إلى والدة طالب بخصوص درجات ابنها في الامتحان، فتنهار بيث وتشرح لها التفاصيل الدموية لانتحار زوجها. هذا المشهد هو نافذة مثالية للصحة العقلية لبطلنا مما يجعلنا نتساءل عن كل حادث يأتي فيما بعد.
الغموض
هالة الغموض التي أحاطها المخرج بهذا الفيلم هي التي جعلت الحبكة مثيرة؛ فنحن لا نعرف ما إذا كانت بيث ترى أشياء بالفعل أم لا. فالمجهول هو ما يثير الاهتمام – والإجابات هي ما يفرغه. لكن يخرج الفيلم عن مساره عندما يحاول إدخال عنصر الرعب في قصته. فلم يعد الأمر يقتصر على عدم وجود مخاوف فحسب، ولكن كلما تكشفت القصة أكثر، قل معنى ذلك. بينما تتخذ الشخصيات التي من المفترض أن تكون ذكية قرارات غبية محيرة للعقل تزيد من خطرها فقط، مما يخلق إحساساً زائفاً بالتوتر. إن تبرير رفض بيث التوجه إلى السلطات لأنها تكشف تفاصيل مزعجة عن ماضي زوجها يزيل التعاطف مع مآزقها المستقبلية.
عندما تبدأ بالفعل في تشريح كل شيء، هناك بالطبع عناصر للقصة لا يبدو أنها منطقية، أو تم الاحتفاظ بها عن عمد غامضة قدر الإمكان لفترة طويلة، في حين أن هذه هي الأشياء كان من الممكن حلها إلى حد ما بسرعة من قبل الشخصيات الرئيسية من الفيلم. لكن برغم كل ذلك فهو فيلم أعلى من المتوسط إذا ما تم تصنيفه على إنه فيلم رعب.
لكنه بالتأكيد ليس فيلماً مليئاً بالخوف أو الكثير من لحظات الرعب المبتذلة الأخرى. حيث لم يزال يحتفظ بكونه مثيراً وجذاباً للغاية، وذلك بفضل النهج الواقعي للقصة والغموض الجيد. فإذا كنت قد شاهدت هذه الأنواع من الأفلام من قبل، فإن التقلبات والكشوفات لا تأتي على أنها مفاجآت كبيرة، ولكن نظراً لأن الفيلم يُروى بطريقة أصلية، فأنت تظل مفتوناً وتتماشى مع القصة. لكن تكمن الحقيقة في أن الفيلم في الأساس عبارة عن دراما، مع الكثير من المشاعر.
اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Wristcutters: A Love Story: أغرب قصة حب يمكنك مشاهدتها |
تفسير فيلم The Night House
ربما يحتوي هذا الفيلم على العديد من الرموز التي حالت دون فهم بعض المشاهدين لما يحدث بالفعل. لكن إذا أمعنا النظر في بعض المشاهد سنتعرف بكل تأكيد على ما يرمز إليه. ففي البداية روت بيث لصديقتها كلير ما حدث لها في السابق. حيث أخبرتها أنها خاضت تجربة الاقتراب من الموت عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها. فأثناء ذهابها في رحلة مع صديقها تعرضت سيارتهما لحادث مميت، وانقلبوا على جانب الجبل. وبسبب هذا الحادث، تحطمت رئتا بيث، واضطروا إلى إخراجها من السيارة. ووفقًا لبيث، توقف قلبها لمدة أربع دقائق. لقد كانت ميتة حرفياً في اللحظة. وعندما تم سؤالها عما رأته خلال موتها أخبرت الجميع أنها لا تتذكر، في حين أخبرت زوجها بأنه لا يوجد شيء. هذا المشهد يشرح بوضوح ما يحدث معها. فهي رأت – لا شيء – ولا شيء هنا هو رمزية الموت. أي أن الموت كان بانتظارها في تلك اللحظة ليحمل روحها إلى العالم الآخر. لكنها خدعته وعادت إلى الحياة مرة أخرى، ومنذ تلك اللحظة وهو يطاردها.
الأساطير الإغريقية
لفهم الأمر بصورة أوضح نعود إلى الأساطير الإغريقية القديمة، ففي هذه الأساطير – وربما في عدد من الثقافات الأخرى – توجد كائنات روحية تدعى سايكوبومبوس أي مرشد الأرواح، هذه الكائنات الروحية مهمتها العبور بالأرواح التي ماتت حديثاً إلى الدار الآخرة. وفي هذا الفيلم نرى أن مرشد الأرواح يدعى لا شيء. لكن بيث هربت منه أثناء محاولة قيامه بحمل روحها إلى العالم الآخر وخدعته ثم عادت للحياة مجدداً. لذا فهو الآن يحاول مطاردتها. وقد استخدم زوجها عبارة لا شيء في رسالة انتحاره للإشارة إلى هذا الكائن حيث كتب: ” لا شيء يلاحقك”.
كذلك ظهر في المشاهد الأخيرة من الفيلم قيام لا شيء الذي تمثل في صورة زوجها بإخبارها أنه كان على الدوام يهمس لأوين من أجل أن يقتلها ويعيدها إليه مرة أخرى. لكن أوين أحب بيث كثيراً ولم يرغب في فقدانها. لذا حاول هو الآخر خداع الموت. ومن هنا شرع في قراءة الكتب الخاصة بالسحر والأرواح الشريرة مثل سحر الفودو. كما بدأ في إحضار فتيات تشبه زوجته من أجل أن يقدمها للموت على أنها زوجته. بل إنه بنى منزلاً يشبه منزله تماماً على الجانب الآخر من البحيرة. كل ذلك من أجل خداع الموت. لكن في المرة الأخيرة، لم يستطع الاستمرار في قتل الفتيات وتقديمهن كقربان للموت. لذا قام بالانتحار في النهاية.
اقرأ أيضًا: مسلسل The Queen’s Gambit: دراما تضرب على وتر حساس |
شرح نهاية فيلم The Night House
في المشاهد الأخيرة من الفيلم استولت روح الموت على بيث في الرؤية. حيث رأت قمرين للدم يمثلان رمزياً “عيون الموت”. حاول الموت إقناع بيث أنه لا فائدة من المقاومة والهروب، فليس هناك مفر من الموت. هنا يظهر لنا مرشد الأرواح – الموت – وهو يجلس بداخل القارب ويحمل معه بيث، وقد بدت هذه الصورة الرمزية وكأن عامل العبّارة كان يأخذ بيث إلى العالم السفلي في قاربه. وبمجرد أن رأت كلير مسدسًا في يد بيث، قفزت بسرعة في الماء لإنقاذ صديقتها. في حين مازال الموت يحاول باستمرار إقناع بيث بالانتحار، وإنهاء المطاردة. وقد كشف لها أنه لا يوجد شيء آخر للعيش فيه سوى الموت. ومع ذلك، قبل أن تقتل بيث نفسها، قامت كلير بسحبها في الماء وإيقاظها من الكابوس.
أحضرت كلير بيث إلى الرصيف، لكن بيث كانت تحدق باستمرار في القارب العائم كما لو كان لا يزال يناديها أو ينتظرها. نظر ميل بفضول في الاتجاه وقال، “لا يوجد شيء”. أجابت بيث: “أنا أعلم”.
اقرأ أيضًا: فيلم Nothing Personal: قصيدة صامتة عن العزلة المجردة |
في النهاية وبعد تحليل فيلم The Night House لابد من التنويه إلى إنه فيلماً يُقصد به أن يكون استكشافاً للحزن وكيف يمكن لشخص واحد أن يمر بمراحله الوحشية. إنه لأمر رائع أن ترى فيلم رعب وإثارة يسحبك بطريقة عاطفية ومدروسة، وقد تم إنجازه بالكامل مع القليل من الدماء، وعلى الرغم من كونه ليس فيلماً أصليًا للغاية من حيث القصة، لكن الطريقة التي تم تقديمه بها تجعله واحداً على الرغم من ذلك.