مراجعة فيلم Last Night in Soho: رحلة إلى الجانب المظلم من البشرية

You are currently viewing مراجعة فيلم Last Night in Soho: رحلة إلى الجانب المظلم من البشرية
فيلم Last Night in Soho

فيلم Last Night in Soho هو أحد الأفلام الرائعة التي أنتجت مؤخراً، وهو فيلم يمزج بين الرعب والإثارة والموسيقى والغموض. إنه بمثابة رحلة إلى الماضي تتحول فيها الأحلام إلى كوابيس مظلمة، لتكتشف البطلة أن وراء كل هذا البريق والسحر عالم قاسٍ مخيف. في هذا المقال نخوض سوياً رحلة شيقة من خلال مراجعة فيلم Last Night in Soho.

قصة فيلم Last Night in Soho

تدور أحداث الفيلم حول الفتاة البريئة إيلي – توماسين ماكنزي – التي تعيش مع جدتها بعد وفاة والديها في الريف الإنجليزي الهادئ. وهي من أشد المعجبين بالموسيقى والأزياء في الستينيات، وتحلم بأن تصبح مصممة أزياء. وذات يوم، استلمت إيلي رسالة تفيد بقبولها في كلية لندن للأزياء. تنتقل الفتاة البريئة إلى المدينة الكبيرة لتبدأ حياتها التي طالما تمنتها. لكن في اليوم الأول لها في سكن الطلاب لم تستطع التأقلم معهم وذلك بسبب سلوكها الريفي وأسلوب ملابسها.

تقرر إيلي أن تستأجر غرفة لنفسها من السيدة العجوز كولينز – ديانا ريج – وتحاول أن تعيش بمفردها بعيداً عن زملائها. ولكن خلال تواجدها في غرفته وبالتحديد حينما تنام تراودها أحلام عن فترة الستينات، وفي هذه الأحلام ترى شابة شقراء تدعى ساندي – أنيا تايلور جوي – تمتلئ ثقة بالنفس وجرأة منقطعة النظير. تحاول ساندي أن تحصل على فرصة للعمل كمغنية وراقصة يساعدها في ذلك جاك – مات سميث – الذي يبدو أنه من الواضح كان يحاول استغلالها في أمور أخرى.

تتعلق إيلي بصورة هذه الفتاة التي تراها في أحلامها بل وتستوحي من ساندي تصميمها للأزياء، لكن مع استمرار الأحلام تتحول إلى كوابيس مظلمة لتعلم أن ساندي قد قتلت على يد جاك، ومن هنا تبدأ أشباح الرجال الذين حاولوا الاعتداء عليها في الظهور، لتتحول حياة إيلي إلى جحيم. حيث تعتقد أن عليها الكشف عن قاتل هذه الفتاة. لذا تنطلق إلى الشرطة لتخبرهم بما تراه. لكن الشرطة تعتقد أن مس من الجنون قد أصابها. في النهاية تذهب لتبحث بنفسها عن القاتل وعن شخصية ساندي الحقيقية. لتكتشف في النهاية أن ساندي لم تمت بل هي التي قتلت العديد من الرجال الذين يظهرون كأشباح لها، وأن ساندي ما هي إلا السيدة كولينز العجوز. بينما تخبرها العجوز أنها جاءت إلى لندن كذلك وهي تتمتع ببراءة لكن تم استغلالها من قبل العديد من الرجال فما كان منها إلا أن قتلتهم.

مراجعة فيلم Last Night in Soho

قصة فيلم Last Night in Soho
مشهد من فيلم الليلة الماضية في سوهو

يطرح فيلم Last Night in Soho فكرة الخوف، بل ويلعب على هذه الفكرة كعادة أفلام الرعب، لكنه على عكس معظم الأفلام الأخرى. حيث يمكن تصنيفه كفيلم إثارة ودراما أكثر منه رعب. وهو يتناول فكرة الخوف من كل شيء تقريباً.. الخوف من السير وحيداً في الليل، الخوف من عدم القبول، الخوف من الوقوع في الحب، الخوف من الرغبة، الخوف من الفشل. إنه عبارة ملخص شامل لجميع مخاوف الإنسان. فبطلة الفيلم ضائعة وحيدة وخائفة في شوارع لندن الفوضوية.

بحر من الأوهام

تريد إيلي الصغيرة فقط أن تحقق حلمها في أن تصبح مصممة أزياء، وأن تهرب من البلدة الصغيرة التي عاشت فيها طوال حياتها وتعتنق الحداثة والفرص التي توفرها عاصمة مثل لندن. لكن الجدة تحذرها من مخاطر بابل المعاصرة، مدينة الرذيلة والفجور. لكن إيلي ليست على استعداد للتخلي عن كونها نفسها، لتكون، في النهاية، ما تريد أن تكونه حقاً. وهذا الخوف يظهر بعد ذلك على أنه ضبط للذات أو على وجه التحديد قمع الذات. لذا تحاول إيلي الهروب من رغباتها وهذا الرعب الداخلي عن طريق الأحلام المعقد والمرعب. فهي عندما تغمض عينيها تغرق في بحر من الأوهام. حيث كل شيء موجود وغير موجود في الوقت ذاته.

إنها مستعدة لفعل أي شيء لتحصل على حريتها لذا تتابع حياة الشخصية الأخرى ساندي الجريئة والمتحررة، فساندي تجسد كل ما ترغب فيه إيلي. لكن تكتشف إيلي أن وراء كل هذا البريق والمظاهر الخادعة يكمن عالم قاسي لا يرحم. وهكذا، بين ما تتوق إليه وما تخشاه، ينتهي الأمر بالبطلة عالقة في صراع هوية، عبر عنه المخرج إدغار رايت من خلال لعبة مرايا، حيث تشوش وجوه إيلي وساندي وتتداخل. يرسم رايت على الزجاج الحالة العاطفية للأولى بشخصيتها المكسورة والمقسمة في المرآة، بينما تنزل ساندي الواثقة على السلالم بغطرسة وثقة بالنفس.

عالم من الأسرار

منذ البداية تناول الفيلم فكرة أن الأوقات في الماضي كانت أفضل من الحاضر. لذا تريد إيلي تعيش في لندن في الستينيات، وهو الوقت الذي تتميز فيه بالموسيقى والسحر. لذلك، تبدو أحلامها مع ساندي وكأنها الجنة في البداية، والفيلم يبيع هذه الفكرة بشكل جيد للغاية، حيث يخلط مشاهد الشخصية بفرح كامل مع أغاني الحنين في ذلك الوقت لإيصال ذلك الجو من المرح والحلم. ولكن عندما تتكشف الحبكة، تتكشف أسرار حياة ساندي، وكذلك الأسرار المظلمة لتلك الفترة.

وبمجرد أن تبدأ الحبكة في الغموض، يطلق الفيلم آخر جوانبه الرائعة؛ الرعب النفسي بلمسات خارقة للطبيعة. إنها خطوة خطيرة، لأن فيلماً كهذا لن يحتاج إلى وجود الأشباح ومثل هذا التضمين يمكن أن يدمر العمل بسهولة. لكن في فيلم Last Night in Soho، تمت إضافة هذا العنصر إلى موضوع الغموض ليمنحه رونقاً عظيماً. ومن خلال وضع كل هذه العناصر معًا، يتم إنشاء عمل رائع من التشويق، والذي يبني التوتر من خلال التفاقم التدريجي للوضع، بينما يجعل لغزه أعمق ومليئاً بالتفاصيل، وبلغ ذروته في ذروة مثيرة، وبطرق عديدة غير متوقعة.

الشخصيات

تصور توماسين ماكنزي براءة إيلي الريفية بأعينها المفقودة ونظراتها غير المؤكدة. حيث تأخذنا طاقتها إلى الأحلام المتلألئة التي تفقد نفسها فيها، وتجد نفسها مرة أخرى. أما أنيا تايلور جوي فهي فنانة استطاعت أن تنقل لنا الغموض والتعقيد. حيث تتمتع عيناها بالهدوء وتمنحنا شعوراً زائفاً بالأمان. يلعب مات سميث دور جاك ببراعة لدرجة أنه لا يمكنك تخيل أي شخص أخر غيره يمكنه لعب هذا الدور. وفي النهاية لابد من الإشارة إلى الدور العظيم الذي قدمته ديانا ريج التي وافتها المنية في 10 سبتمبر 2020 وكان هذا الدور هو أخر دور لعبتها هذه الفنانة القديرة.


فيلم Last Night in Soho هو رحلة إلى الماضي ولكنه أيضاً رحلة إلى الجانب المظلم للبشرية. لأنه على الرغم من أن الأمر يتعلق بلندن، فإن الأشخاص هم من يصنعون المكان. حيث تختبئ الوحوش خلف وجوه حليقة الذقن وبدلات باهظة الثمن. يُشبه هذا الفيلم كثيراً أفلام مثل فيلم The Night House وفيلم The Worst Person in the World يمكنك الاطلاع على مراجعتهما عبر هذه الروابط:

تحليل فيلم The Night House: هل يمكن خداع الموت؟

مراجعة فيلم The Worst Person in the World: البحث عن معنى وسط فوضى الحياة

This Post Has 2 Comments

  1. غير معروف

    مقاله رائعه
    الفيلم يعد عمل فني مكتمل النضوج
    لانه لعب بالدراما والرعب النفسي في حبكه متقنه يصعب تقليدها وهذا ان دل ، فإنه يدل على إتقان السيناريو والمخرج والدقه في اختيار الممثلين

اترك تعليقاً