مراجعة فيلم Hell: كيف تكون الحياة في قلب الجحيم؟
فيلم Hell هو دراما إنسانية خام تأخذك أنفاسك منذ البداية وحتى النهاية. يصور هذا الفيلم الجانب المظلم للروح البشرية: العنف والفساد والجشع والقتل والانتقام، لكنه يتمتع بالفكاهة المظلمة التي لا تجعل المشاهدة أكثر راحة. في السطور التالية نتعرف على قصة فيلم Hell، ثم نستعرض مراجعة هذه التحفة المكسيكية.
معلومات عن فيلم Hell
- البلد: المكسيك.
- اللغة: الإسبانية | الإنجليزية.
- تاريخ الإصدار: 3 سبتمبر 2010.
- المخرج: لويس استرادا.
- الكاتب: لويس استرادا | خايمي سامبيترو.
- وقت العرض: 149 دقيقة.
- النوع: جريمة | أكشن | كوميدي.
- التصنيف: (NC-17) للبالغين فقط | غير مناسب لمن هم دون 17 عاماً | يحتوي على مشاهدة جنسية وعنيفة.
- فريق التمثيل: داميان الكازار | جواكين كوزيو | إليزابيث سرفانتس.
- التقييم: 7.6.
قصة فيلم Hell
تدور قصة فيلم Hell حول بيني جارسيا – داميان الكازار – وهو شاب مكسيكي نقي القلب انطلق في رحلة للعمل في الولايات المتحدة الأمريكية، تاركاً وراءه والدته وشقيقه. كان السفر إلى هناك هو السبيل الوحيد لبيني من أجل الحصول على وظيفة تضمن له ولعائلته العيش بكرامة، بعد معاناتهم من الفقر المدقع. ظل هناك لما يقارب العشرين عاماً ولكن في النهاية تم ترحيله إلى المكسيك مرة أخرى. بلا مال ولا مستقبل عاد إلى البلد ليكتشف أن لدته الجميلة أصبحت مكباً للعنف والفساد والفقر والمخدرات.
علم بيني فور وصوله أن شقيقه قتل على أيدي عصابات تجارة المخدرات خلال عمله معهم بعد أن تحول إلى رجل عصابات مخيف في المنطقة يُلقب ب “الديابلو”. قتل الأخ تاركاً وراءه زوجته وابنه. تعمل زوجة أخيه في الدعارة لتحصل على قوت يومها، يحاول بيني التقرب من زوجة أخيه ورعاية ابنه المراهق، ومع ضيق الحال يضطر إلى طلب المساعدة من كوتشيلوكو – خواكين كوزيو – وهو رجل عصابات كان صديق طفولته فيما مضى.
لحظات من اليأس
أخذه صديقه إلى رئيس العصابة الذي لديه نفوذ مع السلطات المحلية، والتي تساعده في تجارته. لكن الرئيس لديه مشكلات مع أخيه الذي يرأس عصابة معادية، وتدور بينهما على الدوام العديد من المعارك التي تسفر على قتل العشرات. عندما علم الرئيس أنه شقيق ديابلو وظفه، وبدأ علاقة مع أرملة أخيه، وسرعان ما حصل على المال الوفير من عمليات تجارة المخدرات والقتل.
كان بيني يرغب في تحقيق الكثير من المال ثم الهروب مع أرملة أخيه وابنه إلى مكان آخر ليعشوا في سلام، لكن الأمور لم تسير كما كان يخطط. حيث علم أن رئيس العصابة التي يعمل معه هو من قتل أخيه، لأنه كان على علاقة بزوجته. كذلك علم أن ابن أخيه المراهق قام بالوشاية إلى مكان أفراد العصابة لأعدائهم، وتسبب في قتل ابن الزعيم. وفي الأخير قتلت العصابة أرملة أخيه، وحاول هو تهريب الابن إلى الخارج. وعند عودته يحاول إبلاغ السلطات الأعلى في البلاد عن أفراد العصابة ليكتشف أن أعلى سلطة في البلاد متواطئة معه. وفي لحظة من لحظات اليأس يحمل سلاحه ليقتل رئيس العصابة وزوجته أثناء احتفالهم بالذكرى السنوية لاستقلال المكسيك.
اقرأ أيضًا: تحليل فيلم Triangle of Sadness: رحلة بحرية من الجحيم |
مراجعة فيلم Hell
ينتقد المخرج المكسيكي لويس إسترادا في هذا الفيلم الفساد والنرجسية السياسية التي تتحكم في المكسيك. حيث أظهر تحت عباءة الكوميديا الأكثر سواداً والنقد الأكثر حموضة ما وصل إليه الفساد في البلاد. وقد استطاع ببراعة تقديم مزيجاً من الأنواع في هذا الفيلم من الكوميديا الساخرة إلى النقد الاجتماعي ومن الإثارة إلى الحركة في مزيج رائع.
الكوميديا هي الوسيلة المثالية لانتقاد أي نظام فاسد وأي شبكة جريمة منظمة. ويبدأ الفيلم بطريقة كوميدية للغاية، بحوارات رائعة مليئة بالغمزات والتلميحات، ولكن مع تقدم القصة تصبح العلاقات بين الشخصيات أكثر كثافة، وتكتسب اللحظات الدرامية أهمية حيوية للفيلم. إن تطور الحبكة يغرق المتفرج نفسه في دوامة لا يستطع الفكاك منها. فهذا المخرج الرائع يتميز بالقدرة على تصوير القصص التي لا تتوقف على إدهاشك بكل دقيقة تمر، حتى وإن كنت تستطيع تخمين ما سيحدث. إنه يجبرك على الانتباه إلى كل ما يعرضه سواء كان بصرياً أو سردياً.
أسوأ الكوابيس
في عام 1999 أخرج لويس إسترادا فيلماً بعنوان قانون هيرود، انتقد فيه بشدة النظام السياسي المكسيكي. واستطاع المخرج بأناقة ورشاقة إظهار العديد من الأسرار التي تحيط بالفساد السياسي في البلاد. وفي عام 2010 كتب وأنتج وأخرج أحد أكثر المشاريع فظاظة في السينما المكسيكية: الجحيم. وقد حافظ إسترادا – كما في أفلامه السابقة – على الأسلوب الذي يميزه: إنتاج لا تشوبه شائبة، وفريق عمل قدير، ونص أكثر من رائع.
الناس في فيلم Hell غير سعداء، يعانون، ويعيشون في خوف، ولا أحد يضمن حياته، ومع ذلك يجب عليهم أن يعيشوا ليروا أسوأ مخاوفهم تتحقق أمام أعينهم. فما يحدث في المكسيك موجة عنف لا يمكن تصورها: فساد، أفخاخ، أكاذيب، انتقام، اندفاع، بقاء، وفوق كل ذلك هناك إفلات من العقاب وانعدام الثقة.
هذا الفراغ الذي يحدث حول الناس في المدينة والذي يدور حول أسوأ كوابيسهم ينعكس في خراب المدينة. حيث نجد أن أحداث القصة تدور في أرض مجردة مقفرة ومنعزلة لا وجود للأمل فيها. وهذه المدينة هي صورة مصغرة لما يحدث في جميع أنحاء المكسيك.
الرقابة السينمائية
هذه المكسيك التي تنعكس في الفيلم هي نفسها التي جعلت تصنيف الفيلم على إنه للبالغين فقط. وذلك بسبب الموضوع واللغة البذيئة والعنف الصريح وبعض المشاهد الجنسية. هذه العوامل هي أسباب رفع الحد الأدنى لسن مشاهدة فيلم Hell على الرغم من أن هناك العديد من الأفلام التي لم تصنف مثل هذا التصنيف برغم أنها أشد عنفاً وصراحة. إن هذه المعايير المزدوجة التي تلاحظ في ظاهرة الرقابة في المكسيك يمكن ملاحظته طوال الفيلم. على سبيل المثال نجد أن الرجل يقتل أخيه ثم يصلي بتفان شديد. والناس الذي يقسمون لك بالولاء يطعنونك في ظهرك بلا رحمة. إنها ازدواجية ثابتة ربما تكون انعكاساً لطبيعة بعض البشر.
الدم والدرع
واحدة من أكثر الصور إثارة للإعجاب في الفيلم تأتي عندما تسيل الدماء على الدرع الوطني. لقد رافق كلا الرمزين (الدم والدرع) دائماً تاريخ وثقافة المكسيك. إنهما جزء أساسي من تكوين الأمة والعقلية. ورؤيتهما في الفيلم تشير إلى توقع المستقبل الذي نحن على وشك أن نشهده: أنهار من الدم وسط الاحتفالات، والألعاب النارية، والفخر الوطني.
اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Argentina 1985: محاكمة من أجل الحرية |
بعد مراجعة فيلم Hell وفي خضم مرحلة “الاحتفالات” يذكرنا لويس إسترادا بأن البلاد غارقة في الأراضي القاحلة والعنف واليأس والجريمة المنظمة. إنها اللحظة التي يبذل فيها المكسيكي ما في وسعه للبقاء على قيد الحياة والمضي قدماً. إنه فيلم رعب متنكر في زي كوميدي. ومكسيك مغطاة بالألم ويبدو كل يوم أشبه بالجحيم.