مراجعة فيلم Tiresia: لا شيء يدوم إلى الأبد
فيلم Tiresia دراما فرنسية مستوحاة من أسطورة تيريسياس اليونانية. وهي قطعة فنية مظلمة تمتلىء بالرمزية التي تجعل المشاهد يفكر طويلاً فيما يراه. في السطور التالية نتعرف على قصة فيلم Tiresia وأسطورة تريسياس اليونانية خلال مراجعة هذا الفيلم الرائع.
معلومات عن فيلم Tiresia
- البلد: فرنسا | كندا.
- اللغة: الفرنسية | البرتغالية.
- تاريخ الإصدار: 15 أكتوبر 2003.
- المخرج: برتراند بونيلو.
- الكاتب: برتراند بونيلو | لوكا فازي (قصة).
- وقت العرض: 115 دقيقة.
- النوع: دراما.
- التصنيف: (NC-17) للبالغين فقط | غير مناسب لمن هم دون 17 عاماً | يحتوي على مشاهدة جنسية صارخة مبالغ فيها.
- فريق التمثيل: لوران لوكاس | كلارا تشوفو | تياجو تيليس.
- التقييم: 6.2.
قصة فيلم Tiresia
تدور قصة فيلم Tiresia حول تيريسيا – كلارا تشوفو – وهي برازيلية متحوّلة جنسياً تعيش بشكل غير قانوني مع شقيقها في باريس وتعمل كعاهرة. في أحد الأيام دعاها تيرانوفا – لوران لوكاس – إلى منزله، وهو شاعر يبحث عن الجمال والكمال. عندما تذهب معه إلى المنزل يرفض الشاعر ممارسة الحب معها، ثم سجنها في منزله، وفي الوقت ذاته يتلصص عليها عبر فتحة في الباب. لم يمض وقت طويل على تيريسيا حتى بدأت تتغير جسدياً، بعد أن حُرمت من العلاج الهرموني اليومي، وسرعان ما عادت سماتها الذكورية للظهور مرة أخرى.
في تلك اللحظة شعر آسرها بالاشمئزاز منها، ويخشى انتقام أخيها إن تركها ترحل ببساطة. لذا دخل عليها وهو يحمل بديه مقصاً وفقع عينيها ثم حمل جسدها إلى الريف ليتركها هناك في العراء بلا وعي. وفي اليوم التالي وجدت الجثة فتاة تبلغ من العمر 17 عاماً تدعى آنا، وعند فحصها تكتشف أن تيريسيا مازالت على قيد الحياة. ومن هنا تحملها معها إلى منزلها للعلاج. بعد أن شفيت بعض جروح تيريسيا أدركت أنها لن تستطع الرؤية بعد الآن، لكنها سرعان ما اكتشفت أن لديها موهبة عظيمة هي القدرة على الاستبصار والتنبؤ بالمستقبل.
الاستبصار والتنبؤ بالمستقبل
تجذب موهبة تيريسيا انتباه سكان الريف الذين شرعوا في المجيء إليها لمعرفة المستقبل، وسرعان ما انتشرت شهرته كعراف في الريف، لدرجة أن الكنيسة أرسلت الأب فرانسوا للتحقيق فيما إذا كانت موهبة تيريسيا معجزة حقيقية.
يتغير حظ تيريسيا عندما ينقذه أب وابنته اللذان يعيشان في مكان قريب. يعتنون به بينما يتعافى من إصاباته وسرعان ما يكتشفون أن الشاب لديه موهبة رؤية المستقبل، محذرين حماته والجيران المختلفين من مآسي مختلفة. وسرعان ما تنتشر شهرة تيريسيا كعراف في الريف، لدرجة أن الكنيسة ترسل الأب فرانسوا للتحقيق فيما إذا كانت معجزة. لنكتشف أن الآب فرانسوا هو نفسه تيرانوفا، الذي يعرف أن موهبة تيريسيا تهدد الكنيسة، لذا يجب الخلاص منها. وخلال سير تيريسيا في الشارع تصدمه سيارة الآب فرانسوا ليسقط قتيلاً.
اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم The Handmaiden: عالم من الكوابيس المثيرة |
مراجعة فيلم Tiresia
تستند حبكة هذا فيلم Tiresia على أسطورة “تيريسياس” اليونانية. وهي حكاية أسطورية قديمة وضعها المخرج الفرنسي برتراند بونيلو في قالب حديث. تنتقل القصة بوتيرة بطيئة نوعاً ما لتسمح للمشاهد بامتصاص كل شيء. وعلى الرغم من الانتقادات الكثير الموجهة لهذا الفيلم الفرنسي نظراً لاحتواءه على مشاهد فاضحة صريحة جداً إلا أنه يتمتع بوفرة من الثراء. فهناك شيئاً ما يخيفك ويصدمك ويجعلك تفكر طويلاً.
فيلم Tiresia هو واحد من أفلام التشويق والدراما المثيرة للقلق التي تستحق المشاهدة، نظراً لرمزية الفيلم القوية واللغة المرئية المقنعة والمشاهد التي تبدو وكأنها لوحة زيتية رسمها فيلاسكيز، ثم المنعطف السريالي الذي تنحدر إليه حبكة الفيلم وكأنه إحدى كوابيس سلفادور دالي. لكن قبل الاسترسال في مراجعة فيلم Tiresia دعونا في البداية نتعرف على أسطورة تيريسياس التي استوحى منها الفيلم قصته.
أسطورة تيريسياس اليونانية
كان تيريسياس الحكيم في الأساطير اليونانية هو النبي الأعمى الذي تحول إلى امرأة لمدة سبع سنوات بعد أن شهد تزاوج الثعابين في طقوس مقدسة للإلهة هيرا. تبدأ القصة عندما كان تيريسياس يتجول في البرية فشاهد ثعبان يداعب حية، شرع في مراقبتهما، وعندما تتطور الأمر إلى الجماع بينهما ضرب الحية بعصاه، وهو ما أغضب منه هيرا ربة الزواج، فحولته إلى أنثى، وعاش تيريسياس حياته كأنثى طوال سبع سنوات، وذات يوم مر مجدداً بالثعبان والحية فضربها مرة أخرى لعل لعنته تزول، وعندما فعل عاد إلى طبيعته الذكورية مرة أخرى. لكن لم يتوقف الأمر على ذلك. حيث تجادل زيوس كبير الآلهة وزوجته هيرا حول من الذي يحصل على أكبر متعة في الجنس الرجل أم المرأة. ونظراً لأن تيريسياس عاش الحياتين، حياة الرجل والأنثى فكان الشخص المناسب للحكم بينهما.
كان زيوس يدعي أن المرأة هي التي تحصل على المتعة الأكبر في حين كان رأي هيرا أنه الرجل. وقد انحاز تيريسياس إلى جانب زيوس، الأمر الذي أثار عضب هيرا وضربته بالعمى. لكن زيوس منحه هدية كبرى تعويضاً عما أصابه وهي هبة الاستبصار والتنبؤ بالمستقبل. تختلف الأساطير إلى حد كبير، ولا تتفق مع بعضها البعض، إلا أن هذا هو الملخص الرئيسي للأسطورة دون الدخول في العديد من التفاصيل.
الضياع
بعد أن تعرفنا على الأسطورة القديمة ندرك الآن أن برتراند بونيلو مخرج فيلم Tiresia احتفظ بالعديد من العناصر في تكييفه لهذه الأسطورة عندما وضعها في قالب معاصر. ومن هذه العناصر على سبيل المثال الجنس المتناقض والتحولات العنيفة والقدرة على رؤية المستقبل، ويمكننا كذلك ملاحظة بعض اللوحات التي تشير إلى الأسطورة مثل لوحة الثعبان الموجودة في منزل تيرانوفا.
ومع ذلك فإن فيلم Tiresia يتناول كذلك موضوع الهوية المتغيرة، والصراع الأزلي بين الرجل والمرأة والفن والطبيعة والوثنية والمسيحية. والرسالة التي يقدمها الفيلم هي أنه لا شيء يدوم إلى الأبد، وتشير الصور الافتتاحية والمتكررة للحمم البركانية التي تصهر الصخور إلى الموضوع المركزي للفيلم، وهو أن التغيير سنة الحياة، وحتى أكثر الصخور صلابة يمكن تحويلها إلى نهر متحرك.
“أشعر بالضياع. لا أفهم كل شيء. أنا فقط أقبلها. الآن أرى أن الأشياء المنفصلة تبدو متصلة.” هكذا يعلن الأب فرانسوا قرب النهاية مردداً حيرة المشاهد. فيلم Tiresia هو فيلم ليس سهلاً بالمرة، فهو يتحدى المشاهد فكرياً، كما إنه نوع مختلف تماماً من تجربة المشاهدة التي تجلب للمشاهد أفراحاً يائسة.