غموض

كشف ألغاز الحكاية الغامضة للرجل من توريد

قصة الرجل من توريد هي واحدة من أغرب القصص في التاريخ. حدثت هذه القصة في عام 1954. وهي عن رجل يصل إلى مطار طوكيو من بلد يُدعى توريد Taured لكن لا وجود لهذا البلد على الخريطة. وبعد العديد من التحقيقات والملابسات اختفى الرجل فجأة ولم يظهر مطلقاً بعد ذلك. يعتقد البعض أن هذا الرجل استطاع السفر عبر الزمن، بينما يعتقد أخرون أنه أتى من عالم موازي. فما هي قصة” الرجل من توريد” الغريبة التي لم يستطع أحد كشف ألغازها.

بداية قصة الرجل من توريد

تبدأ قصة رجل من توريد على وجه التحديد في العديد من المصادر خلال أحد أيام شهر يوليو 1954. كان مطار طوكيو باليابان في ذلك اليوم يعج بالمسافرين. مر اليوم بشكل طبيعي وبالهدوء المعتاد، حتى جاء الوقت الذي اضطرت فيه الجهة المختصة في منطقة التفتيش إلى فحص جواز سفر رجل عشوائي. رجل طويل ذو لحية يرتدي قبعة. أظهر الرجل هويته بشكل طبيعي تماماً، وعندما نظر موظفو المطار إلى جواز سفره، لم يصدقوا ما رأوه. كان جواز سفر الرجل يحمل اسم “دولة توريد”، وهي بلد غير موجودة على الإطلاق.

المزيد من الأدلة

عالم موازي
جواز سفر الرجل من توريد

اندهش الجميع، وتسألوا فيما بينهم “كيف يمكن ذلك؟”.. “هل هي مزحة؟” لكن جواز السفر كان حقيقياً مما أجبرهم على استدعاء السلطات. جاء الضباط وأخذوا ذلك الغريب إلى غرفة التحقيق، وهناك ازدادت الدهشة. لم تأت الغرابة من السلطات اليابانية فحسب، بل من الرجل من توريد الذي أخبرهم أنه لا يفهم ما يحدث. وادعى أنه من دولة توريد، وهي دولة أوروبية معروفة. فلماذا لم يعرف اليابانيون عن توريد؟ وحتى يؤكد لهم صدق حديثه قدم لهم المزيد من الأدلة. أظهر لهم عملاته المعدنية وأوراقه النقدية الخاصة بدولته المزعومة التي جاء منها.

أجاب الرجل من توريد على جميع أسئلة المحققين، وأخبرهم أنه يعمل في إحدى الشركات متعددة الجنسيات منذ خمس سنوات، ويزور اليابان بانتظام، ولم يكن لديه أي مشكلة من قبل على الإطلاق. وكان يتحدث اليابانية بشكل ممتاز، بالإضافة إلى العديد من اللغات الأخرى. كما قدم للسلطات المزيد من الأدلة: رخصة قيادته، وحجز الفندق الذي سيقيم فيه، ودفتر الشيكات، وعقود الشركة التابع لها.

اتصلت السلطات اليابانية بالشركة التي قال إنه يعمل بها. وبالفعل كانت الشركة موجودة، لكن لم يكن لديهم أي موظفين بهذا الاسم، ورخصة القيادة كانت سارية، ولكنها صادرة من دولة توريد؛ الفندق موجود أيضاً، لكن ليست هناك أي حجوزات باسم الرجل، أما البنك الذي أصدر دفتر الشيكات فلم يكن له وجود على الإطلاق. كان الأمر مريباً وغريباً في الوقت ذاته.

موقع توريد على الخريطة

قصة الرجل من توريد
موقع إمارة أندورا على الخريطة

لم تنتهي قصة الرجل من توريد عند هذا الحد، بل حاول إقناع ضباط المطار بأن توريد موجودة بالفعل. بدا على الرجل أن ادعاءاته ربما تكون صحيحة. وشرع يقص على الضابط كيف أن هذه البلدة موجودة منذ ما يقرب من 1000 عام. وكي يحل الضابط هذه المعضلة أتى للرجل بخريطة، وأمره أن يشير إلى موضع البلد الذي أتى منه. هنا أشار الرجل إلى المنطقة التي تسمى إمارة أندورا. وهذه الإمارة لمن لا يعرفها هي بلدة صغيرة حبيسة تقع جنوب غرب أوروبا وتحدها فرنسا وإسبانيا. بدت على الرجل من توريد ملامح الحيرة حينما لمح على الخريطة أن بلدته التي أتى منها تسمى على الخريطة باسم أندورا.

لم يرغب أي من الطرفين الاستسلام رغم ما سبق. فلقد ظل الرجل من توريد يؤكد أن بلدته موجودة وشرعية، بينما تقول السلطات غير ذلك. وفي النهاية احتجز الرجل في مبنى المطار لمدة 8 ساعات تقريباً، ثم تم تسليمه إلى مركز الشرطة، حيث قررت السلطات أنه من الأفضل إبقائه محتجزاً لمزيد من التحقيق في قضيته.

نهاية قصة الرجل من توريد

السفر عبر الزمن
صورة رمزية للرجل من توريد

احتجز الضباط الرجل من توريد في فندق قريب ليقضي فيه الليل، ومن ثم يستكملوا معه التحقيق في الصباح. ولضمان عدم هروبه أثناء الليل وضعوا على باب غرفته حارسين. وفي صباح اليوم التالي، عندما ذهب الضباط إلى غرفة الرجل أدركوا أنه اختفى ببساطة، ولم تكن هناك أية علامات تدل على هروبه. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن جميع مستنداته الشخصية، والتي قد تكون بمثابة دليل على صحة القصة، قد اختفت أيضاً. ومازالت هذه القصة واحدة من أغرب القصص في التاريخ[1].

مسافر عبر الزمن أم من عالم موازي

أحد أبرز التفسيرات لهذا الحادث هو أن الرجل من توريد قد مر بطريقة ما عبر بُعد موازٍ عن طريق الصدفة، وانتهى به المطاف في مطار طوكيو الدولي. بناءً على هذا التفسير هناك أرض أو عالم موازي يشبه أرضنا باستثناء أن البلد التي تسمى أندورا هنا تعرف هناك في العالم الموازي باسم توريد. بينما هناك اقتراح آخر هو أن الرجل استطاع السفر عبر الزمن من المستقبل، ويمكن القول إن هذا التفسير أكثر إشكالية من ذلك الذي يفترض السفر متعدد الأبعاد.

الجدير بالذكر أن حادثة من هذا القبيل قد حدثت بالفعل، وإن كانت ربما أقل إثارة بكثير مما تناقلته الروايات. ربما من الممكن أيضاً إضافة العديد من العناصر الأخرى للقصة مما جعلها أكثر غموضاً وبالتالي تطورت في النهاية إلى اللغز العظيم الذي يعرف اليوم. أخيراً، من الممكن أيضاً أن تكون هذه القصة مجرد أسطورة حضرية. فربما لم تحدث قصة “رجل من توريد” من الأصل وهي مجرد ابتكار لخيال شخص ما.

أصل أسطورة الرجل الغامض

إذا تركنا هذه التكهنات جانباً، فإن الشيء الأكثر منطقية هو تتبع أصل القصة والمكان الذي ظهرت فيه لأول مرة. ومن خلال ذلك نجد أن القصة ليست اختراعاً حديثاً. حيث ورد ذكر أسطورة “الرجل من توريد” لأول مرة في كتاب “صباح السحرة” الصادر عام 1960، للكاتبين جاك بيرجييه ولوس باولس[2]، وهما باحثان في السحر تحدثا عن موضوعات مثل الكيمياء والحضارات المفقودة، وألغاز الكون.

نص آخر تحدث عن هذه القصة في كتاب نُشر عام 1981 بعنوان: “دليل الاحتمالات” للمؤلفين كولن ويلسون وجون جرانت[3]. وهو كتاب يحتوي على مجموعة من قصص الظواهر الخارقة للطبيعة، ومنها قصة الرجل من توريد، على الرغم من أنها لم تظهر سوى في اقتباس واحد داخل الكتاب.

أسطورة الرجل من توريد
الاقتباس الذي ظهر في كتاب “دليل الاحتمالات”

إذن من أين أتت بقية هذه القصة؟ على الأرجح تم تزيين القصة بعناصر مختلفة لجعلها أكثر جاذبية وشعبية، كما حدث مع معظم الأساطير من قبل. والأمر اللافت للنظر في هذه الحالة هو أن كل شيء نشأ من سطر واحد فقط مخفي في فقرة من الكتاب.

القصة الحقيقية وراء الرجل من توريد

تحمل قصة الرجل من توريد التي عرضناها آنفاً الكثير من الغموض والغرابة، وبقدر غرابتها فهي تحتوي على بعض الحقيقية. ففي عام 1960 اعتقلت السلطات اليابانية رجل يدعى ألين زيجروس بعد دخوله اليابان بجواز سفر مزور، وعند تفتيشه اكتشف الضباط العديد من الوثائق والمستندات الأخرى. شرعت السلطات اليابانية في التحقيق معه والتأكد من حقيقة ما يحمله الرجل من مستندات. وتأكدت من أنها وثائق وهويات مزورة اخترعها ألين زيجروس بنفسه. وبعد كشف الحقيقة ادعى الرجل أنه عميل لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية من أجل إقناع السلطات اليابانية بجميع البلدان التي زارها.

سجن ألين في أحد سجون طوكيو، وظل فيه لأشهر، ثم نٌقل إلى تايوان – وهو المكان الذي زاره عدة مرات كما هو موضح في جواز السفر – وعندما كان في جلسة الاستماع الأخيرة له عام 1961 انتحر وتجنب توضيح هويته الحقيقية[4].

انتشار الأسطورة

ذُكرت هذه القضية المعنية في مجلس العموم كجزء من مناقشة حول تدابير مراقبة الحدود في عام 1960. وخلال المناقشة، ادعى النائب روبرت ماثيو أن السيد زيجروس كان يواجه الملاحقة القضائية في اليابان بعد محاولته دخول البلاد باستخدام جواز سفر يحمل بلد غير معروف يسمى “توريد”.

وبعد أسبوعين من ذكر النائب روبرت ماثيو لقضية زيجروس نشرت صحيفة ذا بروفينس الكندية مقالاً تحدث عن القصة بمزيد من التفصيل، وزعمت الصحيفة أن جون كان “إثيوبي متجنس وعميل استخبارات للرئيس المصري جمال عبدالناصر”. وكان جواز السفر مختوماً بأنه صادر في “تمنراست” عاصمة الطوارق جنوب الصحراء الكبرى[5].

قصص السفر عبر الزمن
مقال صحيفة ذا بروفينس الكندية عن الرجل من توريد

ربما نسجت العديد من الأساطير حول قصة الرجل من توريد لجعلها واحدة من أغرب القصص في التاريخ، لكن الحقيقة لابد أن تظهر في وقت ما. وعلى الرغم من معرفة القصة الحقيقية وراء هذا الرجل الغامض إلا أن أصل جون الحقيقي لا يزال لغزاً عصياً على الحل.

المصادر

[1] The Mysterious Man from Taured – Evidence for a Parallel Universe?

[2] The Morning of the Magicians.

[3] The Directory of Possibilities.

[4] A man who came to Japan on a fake passport didn’t mysteriously disappear – Full Fact.

[5] Man With His Own Country.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

‫12 تعليقات

  1. القصة خيالة بكل بساطة اقنعني كيف شخص كان موجود واختفى بكل بساطة بليلة واحدة
    العوالم الموازية والمتعددة مالها وجود بعض الاشخاص قالوا مسافر عبر الزمن
    لكن لو تشغل عقلك شوي رح تستوعب ان القصة خيالية .

  2. يأتي الغموض يا صديقي من عدم إلمامنا الكامل بالحقائق.. وما قرأته في هذه القصة يغيب عنه الكثير من الجوانب التي لم يوضحها أحد.. أما بالنسبة لفكرة العوالم الموازية فهي فرضية لم يثبتها العلم، ولم ينفيها كذلك.. أطيب تحياتي إليك.

  3. اولا السفر عبر الزمن ما ينفع الي الماضي فقد ممكن تسافر الي المستقبل
    ثانيا لا اعتقد ان هناك عوالم موازيه او متعدده

  4. معك حق يا صديقي السفر إلى الماضي ليس ممكناً.. أما بالنسبة للعوالم الموازية والمتعددة فلم يتوصل العلم حتى الآن لإثبات وجودها، وربما في المستقبل تستطيع فيزياء الكم في إثبات ذلك.. أطيب تحياتي إليك

  5. نحن نجهل التفاصيل التي تدلنا الى حل هذه القضية فمن الممكن ان يكون عالم موازي او يكون جن اما السفر عبر الزمن فهذا شبه مستحيل

  6. هذه فرضية بسيطة مني : لقد اشار الرجل الى بلدة اندورا التي تقع جنوب غرب اوروبا و التي تحدها فرنسا و اسبانيا اذا افترضنا ان جواز سفره صنع في دولة اندورا و فقط الاسم مختلف فنحن نعلم ان جواز سفر دولة اندورا للبالغين يدوم فقط 10 سنوات بعد 2015 و كذلك فرنسا كان جواز السفر صالحا لمدة 5 سنوات فقط الى غاية 2005 و كذلك اسبانيا كان يدوم جواز سفرها فقط 10 سنوات على كل مواطن من عمر 0 الى 30 الى غاية 2015 حيث تقسم على البالغين و الاطفال اما جواز سفر هذا الرجل بالرغم ان الرحلة حدثت سنة 1954 الا ان جواز سفره ينتهي في 1988 اي يدوم على الاقل 34 سنة و منه جواز السفر مزور ان هته مجرد فرضية لأن جودة صورة جواز السفر ليست واضحة ابدا

  7. هذه القصة من صنع البشر لا صحة لها وعن اي مستقبل تتكلمون الرجل الوحيد اللذي سافر عبر الزمن هو اظم خلق الله حبيبنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم رأى بشر في جهنم وهم لم يولد حتى الحمد لله على نعمه الاسلام وانتم انتظرو أن يخترعو بوابت زمن لتفرو من الموت أن استطعتم هذا هو جوابي الاول والاخير الفاهم والعاقل يستوعب والطمار ينتظر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!