فيلم Identity لماذا يعتبر واحد من أفضل أفلام الاضطرابات النفسية

You are currently viewing فيلم Identity لماذا يعتبر واحد من أفضل أفلام الاضطرابات النفسية
بوستر فيلم Identity أفضل أفلام اضطراب تعدد الشخصيات

فيلم Identity أحد أفلام الغموض والإثارة التي تتناول فكرة اضطراب تعدد الشخصيات، وقد تناول المخرج جيمس مانجولد هذه الفكرة بصورة أكثر من رائعة لدرجة تجعلك لا تستطع التخمين. لكن رغم ذلك فهذا الفيلم من أفلام الاضطرابات النفسية التي يصعب فهمها. حيث تناقش فكرة غاية في الصعوبة تشتمل على نظريتين نفسيتين أحداهما نظرية بياجيه للتطور المعرفي والأخرى نظرية إريكسون النفسية الاجتماعية. لنلقي نظرة عليه لمحاولة شرح فكرة الفيلم.

قصة فيلم Identity

في إحدى الليالي الحالكة السواد كانت العاصفة الرعدية تعوي على طريق نيفادا الوحيد. على هذا الطريق توقفت سيارة زوج وزوجته وابنهما نظراً لانفجار إطار السيارة، ترجل الزوج لإصلاح الإطار وكانت الزوجة في انتظاره أمام نافذة السيارة تلاعب ابنها في حين أتت سيارة مسرعة لتصطدم الزوجة. تحوي هذه السيارة سائقها مع إحدى نجمات السينما. يحمل السائق الزوج وزوجته إلى أحد الفنادق القريبة. يبحث عن هاتف إلا أن جميع خطوط الهاتف معطلة.

عشرة غرباء تقطعت بهم السبل في فندق غير طبيعي. يبدو أنه لا يوجد شيء مشترك بينهما: نجمة سينمائية وسائق سيارات ليموزين، عاهرة، محقق شرطة وسجينه، رجل مع زوجته المصابة بجروح خطيرة وابنهما الصغير، وزوجين متزوجين للتو. بمجرد أن يتم تجميعهم جميعاً وتأكدنا من أن جميع الاتصالات والمخارج قد قطعت بسبب المطر تبدأ أشياء الفيلم المخيفة في الظهور. عندما تُقتل هذه الشخصيات واحداً تلو الآخر يحاول الناجون معرفة مَن هو القاتل؟ وما هو نمط الموت؟

في البداية تبدو جرائم القتل عشوائية. ولكن بعد ذلك نظراً لأن كل جثة لديها مفتاح غرفة في الفندق يتم العد التنازلي فيه بالتسلسل، يبدو من الواضح أنه لا بد من وجود اتصال.

في الناحية الأخرى من الفيلم تدور الأحداث حول جلسة استماع لقاتل أدين بارتكاب جريمة قتل وحشية، وقد استيقظ قاضي غاضب على أمر بالاستئناف. فإذا لم يتم نقض حكم هذا القاضي المسبق فإن الإعدام هو مصير ذلك المجرم. يأتي الطبيب النفسي الذي يقوم على علاج هذا المجرم من أجل توضيح حالته المرضية من أجل التخلي عن حكم الإعدام ومن ثم محاولة علاج هذا الرجل.

لا نعرف حتى الآن كيف ستتقاطع هاتان القصتان، على الرغم من أنهما لابد وأن تكون هناك صلة بينهما في النهاية.

فيلم من نوعية خاصة

أفلام الاضطرابات النفسية ؛ اضطراب تعدد الشخصيات
مشهد من فيلم Identity

يعد هذا الفيلم أحد أكثر أفلام الغموض والإثارة قوة، وهو ليس من النوع الذي يتم فيه كشف كل شيء في لحظة أخيرة مثيرة. حيث أن المخرج جيمس مانجولد، والكاتب مايكل كوني تناولا هذا الفيلم بطريقة رائعة. وبمجرد أن تفهم تفكيرهم يمكنك تتبع الفيلم ورؤية أنهم لم يخدعوك أبداً، على الرغم من أنهما في العديد من الأوقات كانا يشيران إلى استنتاجات خاطئة بشأن معرفة هوية القاتل. إنه واحد من أفلام الاضطرابات النفسية الذي يمثل اختبار قاسي للممثلين. فهل يمكن أن يحافظوا على احترامهم لذاتهم وهم محصورون في غرفة بينما تحدث جرائم قتل مروعة من حولهم، الجميع يصرخ ويلوم بعضهم البعض.

لقد شاهدت الكثير من أفلام الغموض والإثارة لكن معظمها في المجمل يسهل التنبؤ به. فالمخرج في هذه الأفلام يحاول أن يصل بالمشاهد إلى استنتاجات وتخمينات خاطئة لدحضها في النهاية وتصل إلى الشخص الذي لا يمكن توقعه. تماماً مثل روايات أجاثا كريستي. لكن في هذا الفيلم نكتشف أن الأمر لم يكن كذلك، وأن الحل بسيط جداً وبارع في نفس الوقت.

من بين جميع الأسرار التي تم الكشف عنها فإن الكشف المفاهيمي للفيلم هو الأكثر إثارة للدهشة. ففي وقت متأخر جداً، عندما تم حل لغز الرابطة المشتركة بين الشخصيات ظهر التطور في الحبكة السريالية. حيث تعتمد المعقولية على النجاح في إدخال نظرية نفسية فلسفية معقدة للغاية تتعلق بالوعي في هذا المزيج.

اضطراب الهوية الانفصامية

فيلم Identity ؛ اضطراب تعدد الشخصيات
أحد مشاهد فيلم Identity

يتناول جيمس مانجولد مخرج هذا الفيلم أحد أكثر الاضطرابات الانفصالية تعقيداً ؛ اضطراب الهوية الانفصامية (اضطراب تعدد الشخصيات)، ومن المثير للاهتمام ملاحظة مدى جودة توثيق الكاتب لوصف هذا الاضطراب. اضطراب الهوية الانفصالية (اضطراب تعدد الشخصيات سابقاً) يتميز بوجود هويتين أو أكثر من الهويات المميزة أو حالات الشخصية التي تتحكم بشكل متكرر في سلوك الفرد مصحوباً بعدم القدرة على تذكر المعلومات الشخصية المهمة التي لا يمكن تفسيرها بالنسيان العادي. إنه اضطراب يتميز بتجزئة الهوية بدلاً من تكاثر الشخصيات المنفصلة، وهذه هي الفكرة التي تتناولها دوماً أفلام الاضطرابات النفسية.

التطبيق على فيلم Identity

تدور حبكة هذا الفيلم في سيناريوهين؛ الأول فندق بُني فوق مقبرة هندية. يلتقي في هذا الفندق عشرة أفراد؛ من الغسق إلى الفجر تُقتل كل شخصية، ومع العثور على كل جثة يوجد أيضاً مفتاح به رقم. يبدو أن هناك اتصال بين هذه الشخصيات يمكن استنتاجه من خلال تسلسل الأرقام الموضحة على المفاتيح.

فندق الموتيل هو تمثيل مجازي لعقل المجرم المحكوم عليه بالإعدام. وتمثل الشخصيات العشر التي قُتلت هناك الشخصيات المختلفة التي تتعايش بداخله. العلاج النفسي الذي استخدمه طبيبه المعالج هو ما يتسبب في المواجهة بين هذه الشخصيات العشر، والتي تظهر في الفيلم على أنها قتل انتقائي.

الموقع الثاني الذي يشرح الحبكة الكاملة للفيلم بمزيد من التفصيل هو مكتب القاضي. حيث أجبرت المحكمة العليا القاضي على مراجعة حكم الإعدام الذي أصدره ضد المجرم. في هذا الوقت يحاول الطبيب أن يثبت أن السلوك الذي يتسبب في جرائم القتل الوحشية هذه هو نتيجة اضطراب تعدد الشخصيات. كما أوضح للقاضي أن واحدة فقط من هذه الشخصيات العشر هي التي تسببت في القتل الوحشي لستة أشخاص ؛ ومع ذلك يمكن علاج هذا المجرم، لكن لن يتسن علاجه إلا بعد إيقاف الإعدام وإرساله إلى مستشفى الأمراض النفسية.

يشير الطبيب النفسي خلال الاجتماع مع القاضي إلى وصف اضطراب تعدد الشخصيات الذي يسهّل فهم سبب تحول صبي يبلغ من العمر اثني عشر عاماً تعرض للإيذاء خلال طفولته إلى القتل الوحشي كشخص بالغ، ويشرح الطبيب للقاضي مدى فعالية علاجه، الذي تسبب في انحلال بعض الشخصيات الموجودة في ذهن المجرم ؛ وهو ما يمثل مقتل عشرة أشخاص في الفندق.

نظرية بياجيه للتطور المعرفي

فيلم Identity
واحد من أفضل أفلام التلاعب بالعقل

يوضح ملف المجرم من تاريخ العثور عليه في الفندق كيف أنه اضطر لرؤية والدته تقيم علاقات جنسية مع رجال مختلفين عندما كان طفلاً، والشخصيات العشر المختلفة التي تنتقل في عقله هي نتيجة معالجة العقل لهذا الواقع المؤلم، وهذا ما تسميه نظرية بياجيه للتطور المعرفي باسم الاستيعاب والتكيف.

تقوم نظرية بياجيه للتطور المعرفي على تطور طبيعة الذكاء البشري، وأن مرحلة الطفولة هي المرحلة الأساسية التي تلعب دوراً فعالاً وحيوياً في تنمية الطفل. كما تتناول فكرة أن الأطفال يحاولون تأسيس فهماً للعالم حولهم من خلال خبراتهم المختلفة التي تنشأ بين ما يعرفونه وما يكشفونه في البيئة المحيطة بهم، ومن ثم يعدلون هذه الأفكار وفقاً لما يكتسبونه.

هناك أربعة مفاهيم أساسية في نظرية بياجيه وهي:

  • طبيعة الذكاء: وهذا المفهوم يعني الأفعال والتمثيلات العقلية التي تنظم المعرفة.
  • الاستيعاب: وهو استخدام طبيعة الذكاء الحالية للتعامل مع المعلومات أو الخبرات الجديدة.
  • الإقامة: ويقوم على تعديل المخططات لتناسب المعلومات والخبرات الجديدة.
  • التنظيم: ويعني هذا المفهوم تجميع السلوكيات والأفكار المنعزلة في نظام إدراكي أعلى مرتبة ويعمل بسلاسة أكبر.

شرح فيلم Identity على ضوء نظرية بياجيه

ما يعنيه بياجيه في نظريته هو أنه كان على هذا المجرم كطفل مهمل يتعرض لسوء المعاملة إنشاء واقع افتراضي لفهم إساءة معاملة والدته وسلوك الأشخاص الذين التقى بهم خلال سنوات الطفولة المؤلمة تلك.

كان مخططه للعالم هو العناصر التي رآها موجودة في الفندق. العالم كله بالنسبة له منذ تلك اللحظة هو الموتيل، وكان عقله محاصراً في هذا المكان لبقية حياته، ولا يوجد شيء آخر بالنسبة له كمكان مادي مثل الموتيل.

تم تخفيف هذا الموقف المؤلم والمرهق من خلال عقل المجرم وخلق شخصيات مختلفة قادرة على تولي دور الواقع المؤلم. وقد أخذ ملامح هذه الشخصيات المتخيلة من البرامج التلفزيونية التي كانت اتصاله الوحيد بالعالم الخارجي.

إن الدماغ هو عضو مذهل ساعده على فهم العالم الذي كان بالنسبة له الجحيم. لم يستطع كطفل الهروب أو الانتحار. لذا كان الخيار الوحيد المتاح له هو خلق عالم من رغباته الخاصة. حيث كان عقله [الفندق] مكاناً يمارس فيه دور الوصي والمعاقب. لذا يعد هذا الفيلم بالفعل من أفضل أفلام الاضطرابات النفسية التي تتمتع برمزية كبيرة.

نظرية إريك إريكسون النفسية الاجتماعية

يوضح فيلم Identity للمشاهدين مدى أهمية فترة الطفولة في النمو العقلي لأي إنسان. فالتجارب والتفاعلات التي تحدث خلال هذه الفترة الهامة ذات أهمية حيوية. كان عقل المجرم محصوراً في الفترة بين ما أسماه إريكسون الثقة مقابل عدم الثقة، والتشويش في الهوية مقابل ارتباك الهوية. هذه الفترة من الطفولة (السنة الأولى من الحياة) إلى المراهقة (من 10 إلى 20 عاماً).

الثقة مقابل عدم الثقة هي المرحلة النفسية الاجتماعية الأولى لإريكسون التي يتم اختبارها في السنة الأولى من الحياة. فالثقة في الطفولة تمهد الطريق لتوقع مدى قابلية هذا العالم للحياة. هل سيكون مكاناً جيداً وممتعاً للعيش فيه أم لا. فخلال سنوات المراهقة، يواجه الأفراد اكتشاف مَن هم؟ وما الذي يدور حولهم، وإلى أين يتجهون في الحياة؟  وهذه هي المرحلة التطورية الخامسة لإريكسون.

تلاقي النظريتين

تتلاقى نظرية بياجيه للتطور المعرفي ونظرية إريكسون النفسية الاجتماعية في فكرة أن مسببات هذا الاضطراب أو أي اضطراب آخر يمكن أن يكون لها جذور في عقل الطفل المُهمَل والمُعتدى عليه.

في فيلم Identity حينما كان عمر الطفل حوالي اثني عشر عاماً. كانت الشخصيات العشر المختلفة هي الآلية التي اعتمدها للتعامل مع هذا الوضع المؤلم، ومن الجلي أن اضطراب الهوية الانفصامي نشأ أثناء الطفولة.

أخيراً عمل التحليل النفسي الذي استخدمه الطبيب المعالج للمجرم في فيلم الهوية جيداً في تدمير تسعة من شخصيات المجرم العشرة. لكن ما لم يستطع علاجه في ذهن المجرم هو شخصيته الحقيقية التي كان يمثلها الطفل المعتدى عليه. يرتكب الطبيب خطأ فادحاً عند تشخيص اضطراب تعدد الشخصيات فقط، وتجاهل اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع. كان هذا الخطأ سبب وفاته على يدي المجرم في النهاية.


يعد فيلم Identity أحد أفلام الغموض والإثارة الحقيقية من ذلك النوع الذي يجعلك تقفز وتفكر. كما أن تناوله لبعض النظريات النفسية بصورة رائعة جعلته في مصاف أفلام الاضطرابات النفسية.

المراجع:

1.    Author: Philip Wang, (8/1/2018), ​​​​What Are Dissociative Disorders?, www.psychiatry.org, Retrieved: 12/8/2020.

2.    Author: Kendra Cherry, (3/31/2020), The 4 Stages of Cognitive Development, www.verywellmind.com, Retrieved: 12/8/2020.

3.    Author: Gabriel A. Orenstein and Lindsay Lewis, (11/22/2020), Eriksons Stages of Psychosocial Development, www.ncbi.nlm.nih.gov, Retrieved: 12/8/2020.

اترك تعليقاً