مراجعة فيلم The Place: الشيطان يكمن في التفاصيل

You are currently viewing مراجعة فيلم The Place: الشيطان يكمن في التفاصيل
مراجعة الفيلم الإيطالي "The Place"

فيلم The Place هو نظرة أخرى على أسطورة فاوست، الذي باع روحه للشيطان. تتناول قصة فيلم The Place عدد من الشخصيات التي تعقد صفقات مع رجل غامض لتلبية رغباتهم. تختبر كل قصة من القصص أحد أكثر الأسئلة المؤلمة والأساسية التي يعاني منها العالم: هل البشر أخيار بالفطرة أم إنهم أشرار؟ في السطور التالية نقدم مراجعة فيلم The Place بمزيد من التفصيل.

معلومات عن فيلم The Place

  • البلد: إيطاليا.
  • اللغة: الإيطالية.
  • تاريخ الإصدار: 9 نوفمبر 2017.
  • المخرج: باولو جينوفيزي.
  • الكاتب: كريستوفر كوباسيك (القصة الأصلية) | باولو جينوفيز (سيناريو) | إيزابيلا أغيلار (سيناريو).
  • وقت العرض: 105 دقيقة.
  • النوع: دراما | غموض | إثارة.
  • التصنيف: (PG-13) يجب إرشاد الآباء، غير مناسب لمن هم دون سن 13 عام.
  • فريق التمثيل: أليساندرو بورجو | ماركو جياليني | فاليريو ماستاندريا | ألبا روهرواتشر.
  • التقييم: 7.0.

قصة فيلم The Place

تدور قصة فيلم The Place في مكان واحد – مطعم – يجلس فيه شخص غامض على طاولة ويستقبل عدد من الشخصيات على التوالي. لا يعرف هؤلاء الأشخاص بعضهم البعض، وكل منهم يأتي إلى الرجل الغامض ليبرم معه صفقة. يبدو أن هذه الشخصية الغامضة لديها قدرة خارقة للطبيعة على تلبية جميع الرغبات والأحلام، وحتى المستحيلة منها. لكن لتلبية طلب ما على الطالب أن يقوم بتنفيذ مهمة محددة يطلبها منه الرجل الغامض مقابل تحقيق طلبه.

يتناوب على طاولة الرجل امرأة عجوز تريد أن يشفى زوجها من مرض الزهايمر، فيطلب منه في المقابل أن تصنع قنبلة وتقتل الكثير من الناس. أما الشخص التالي عليه أن يقتل طفلة صغيرة لإنقاذ ابنه من مرض السرطان؛ ويجب على الأعمى أن يغتصب امرأة حتى يستعيد بصره. وعلى الراهبة أن تحمل كي تشعر بوجود الله مرة أخرى في حياتها. أما الشرطي فعليه أن يضرب رجلاً حتى يستعيد ما سرق منه. وهناك امرأة عليها أن تعمل على التفريق بين زوجين حتى يعود إليها زوجها. وفتاة تريد أن تصبح أجمل، لذا يجب عليها أن تسرق مبلغ كبير من المال.

تأتي هذه الشخصيات بالتناوب وفي أوقات عديدة إلى الرجل الغامض لشرح تطورت الأحداث التي يحاولون القيام بها من أجل تنفيذ رغباتهم، في حين يستمع إليهم الرجل باهتمام ويسجل ملاحظاته في دفتره الضخم. لكن ما يثير الاهتمام أن الرجل الغامض لا يجبر أحد على شيء ما، وكذلك يسمح لأي شخصية بالانسحاب من الصفقة في أي وقت. وفي النهاية ينفذ العديد من الطلبات للبعض، لكن ينسحب البعض الآخر من الصفقة.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Bird Box: دراما تغوص في أعمق مخاوفنا البشرية

مراجعة فيلم The Place

قصة فيلم The Place
مشهد من فيلم The Place

 يتطلب صنع فيلم قائم بالكامل على الحوار وفي مكان واحد إلى عنصرين لا غنى عنهما: نص على قدر عالِ من الجودة، وممثلين بعمق كبير. لكن لسوء الحظ يفتقر فيلم The Place  إلى هذين العنصرين. فالحوارات والموضوعات التي يتناولها الفيلم أحادية البعد وخالية تماماً من العمق وغير مثيرة للاهتمام، ولا تنبثق منها رؤية اجتماعية أو أسئلة فلسفية. وعلى الرغم من مخرج الفيلم باولو جينوفيز يعتبر واحد من أفضل المخرجين الإيطاليين – مخرج فيلم Perfect Strangers – إلا أنه أخرج لنا فيلماً يفتقر إلى الروح والمحتوى.

العنصر الثاني هو الأداء الذي لم يكن على قدر عالِ من الجودة، حيث نجد أن بطل الفيلم فاليريو ماستاندريا غير مقنع في هذا الدور الذي يتطلب الكثير من الغموض والكثير من الشر. ومع ذلك لا نشعر مع البطل بهذه الأمور، فهو يفتقد المصداقية إلى حد كبير. كذلك جاءت شخصيات الفيلم المختلفة سطحية ومخيبة للآمال، ونادراً ما نجد العمق الحقيقي في أي شخصية.

قصة تفتقر إلى الأصالة

إن قصة فيلم The Place ليست قصة أصلية تماماً لأنها نوع من النسخة المعدلة من المسلسل الأمريكي الشهير “The Booth at the End” وهو مسلسل من موسمين بمجموع 10 حلقات. وما قام به جينوفيز في هذا الفيلم هو تلخيص فكرة المسلسل والشخصيات وعلاقاتهم المتشابكة وقصصهم في فيلم موجز ومكتظ لمدة ساعتين تقريباً.

صُور الفيلم بالكامل “خلف أبواب مغلقة”. وبغض النظر عن عدد زوايا التصوير التي يغيرها المخرج، لا يمكنه تجنب الشعور غير السار بالتكرار. حيث يذهب الشخص، ويقترب من الطاولة، ويتحدث إلى الرجل الغريب، والغريب يدون الملاحظات، ويغادر الآخر. ثم يأتي آخر، ويقترب من الطاولة، ويتحدث إلى الرجل الغريب، والغريب يدون الملاحظات. وهكذا، بشكل مستمر، وكأنك تدور في دائرة مفرغة. إنه مشروع جريء ومثير للاهتمام كفكرة، لكنه لا يعمل على الإطلاق كفيلم.

يمكن النظر إلى فيلم The Place كنسخة من الداخل إلى الخارج للمشهد الافتتاحي الأسطوري لفيلم The Godfather. حيث يأتي رجل عادي ليطلب من رئيس المافيا دون كورليوني خدمة مظلمة، وهذا المشهد العظيم يعطي انطباعاً للجمهور بأن الرجل يتحدث بالفعل مع الشيطان، على الرغم من أن شخصية العنوان القوية هي إنسانية بالكامل. هذا الأخير أقل تأكيداً في The Place الإيطالي، ورغم ذلك فتمثيل مسرحية رجل يستقبل الناس في مقهى ويستمع لرغباتهم بصورة يومية هو نهج منعش جداً، ولكن السؤال هو كم عدد المشاهدين الذين يمكن أن يظلوا مفتونين لمدة ساعة ونصف في مشهد خالٍ من الأسطورة.

تساؤلات بلا إجابة

قبل أن تتاح للمشاهد فرصة أن يسأل نفسه من هو الرجل المجهول بالفعل، تسأله راهبة على الفور ما الذي يضمن أنها لا تعقد صفقة مع الشيطان؟ يجيبها بأنه لا يستطع منحها مثل هذا الضمان. وخلال الفترة المتبقية من وقت المشاهدة يُترك السؤال مفتوحاً حول من هو هذا الرجل بالضبط، ولكن من الصعب إنكار حقيقة أنه شخص خارق للطبيعة. فهل هذا يجعله الشيطان؟ ربما، ولكن ليس بالضرورة. حيث يتم تصوير الشيطان عادة على أنه مناور ماهر، والرجل في المقهى واضح تماماً وصادق في كل شيء. ومن أجل الحصول على ما تريده كل شخصية يكلفهم ببساطة بمهمة تختبر ضميرهم. ومن ثم فإن الأمر متروك لهم فيما إذا كانوا ينفذون هذه المهمة أو يتجاهلونها. لذلك لا يوجد هنا عقود فاوستية خانقة، ولكن عمل مستقل بحت.

إن ما يثير التساؤل هو ما إذا كان هذا الرجل الغامض يمتلك قوى خارقة للطبيعة أو ما شابه ذلك ليكون قادراً على تحقيق رغبات الناس. من أين هو؟ ولماذا يجلس على طاولته في المطعم كل يوم؟ وكيف وجده الناس أو سمعوا عنه؟ ونظراً لأنك لا ترى أي شيء خارج هذا المكان، فأنت تعرف القليل جداً. يعطي هذا الأمر لغزاً إضافياً للسيناريو بأكمله، ولكنه يعطي أيضاً شعوراً بأن السيناريو لا يريد الإجابة على هذه الأسئلة.

فلسفة الأخلاق

وهكذا تستكشف قصة فيلم The Place بشكل هزلي السؤال إلى أي مدى نسمح لأنفسنا أن نسترشد بأخلاقنا. على سبيل المثال، ما مقدار المعاناة التي نرغب في إلحاقها بالآخرين لتجنيب أنفسنا المعاناة؟ الشخصيات التي تقوم بالمهمة وتعود بانتظام إلى المقهى لعرض المستجدات تتعامل كلها مع هذه المسألة بشكل مختلف قليلاً.

بعد كل شيء، الفيلم من الناحية الفنية ليس لديه الكثير مما يمكن رؤيته، ولا توجد تطورات أو اكتشافات كبيرة تسبب التوتر. يمكن أن يكون الفيلم بمثابة تجربة في الأسلوب ولكن ربما كان من الممكن تطوير هذه القصة بشكل أفضل كمسرحية.

اقرأ أيضًا: فيلم Happy As Lazzaro: حكاية استعارية فلسفية وشاعرية

وفي النهاية، وبعد مراجعة فيلم The Place لا يسعنا سوى القول بأنه ليس فيلماً مثيراً، ولكنه دراما اسمياً فقط. وبالتأكيد ليس فلسفة حول الأخلاق، لكنه سيفاجئك بالعديد من الأسئلة الصادمة التي ستطرحها على نفسك بعد فترة طويلة من مشاهدته.

اترك تعليقاً