الكذب والخداع بين الزوجين: لا مزيد من الأسرار

You are currently viewing الكذب والخداع بين الزوجين: لا مزيد من الأسرار
مشكلة الكذب بين الزوجين

نحن نعيش في عصر الأقنعة الزائفة، فلقد اعتاد الكثير من الناس على التظاهر في علاقاتهم الاجتماعية. لكن لا ينتهج الجميع هذا النهج، وحتى البعض ممن يتظاهرون في العلاقة الأشد قرباً – الزواج – ربما يفعلون ذلك بنية حسنة. ففي بعض الأحيان تشعر الزوجة بالحزن في فترة ما، لكنها تتظاهر بالسعادة حتى لا تجعل شريك حياتها حزين، لذا ترتدي قناع السعادة وتخدع نفسها والآخر معها. أو ربما تدفعك بعض سلوكيات الزوجة إلى الكذب عليها وخداعها عندما تريد أن تقضي بعض الوقت مع الأصدقاء. ففي تلك المواقف تغضب الزوجة وتخبرك بأنك لا تحبها، ولا تريد قضاء الوقت معها. هذه بعض الأمثلة البسيطة لموضوع الكذب والخداع بين الزوجين. تشير هذه الأمثلة وغيرها مما سنقدمه في هذا المقال إلى أن التواصل الحقيقي غير موجود، وأن الثقة بين الزوجين تكاد تكون مفقودة.

كذبة تلو الأخرى

مشاكل زوجية
الكذب المستمر بين الزوجين

يعتقد البعض أن لا ضرر من بعض الكذب (الأبيض) على زوجاتهم. ومن ثم يكررون الكذبة مرة تلو الأخرى حتى يعتادون على ذلك. ربما يكون لدى شريكك أحياناً سلوكاً لا توافق عليه، ولا تحبه فيه، لكنك تعتقد أنك يجب أن تحبه في جميع الأوقات ولا تتعارض معه أبداً، لذلك تخدع نفسك بالقول إنها ليست مشكلة كبيرة، وأن شيئاً من هذا القبيل لا ينبغي أن يزعجك. كما تخدع نفسك أيضاً بإخبار شريك حياتك أن ما يفعله لا يزعجك على الإطلاق.

تعتقد سارة أن شريكها يجب أن يخبرها عن مكان تواجده في جميع الأوقات التي يغيب فيها عنها. وعندما لم يفعل ذلك، تحدثت معه بغضب وازدراء. على الجانب الآخر يعتقد زوجها عمر أنه يجب أن يحبها في جميع الأوقات، لذا التزم الصمت وقبل تعليقاتها الغاضبة بابتسامة مزيفة. في هذه الحالة فإن عمر هو الذي لم يكن صادقاً مع مشاعره، لأنه شعر حقاً بالأذى واعتقد في قرارة نفسه أنها تكن له الكراهية. لكنه لم يعبر عن مشاعره وفضل أن يكبتها حتى لا تتفاقم المشكلة. إذن كان لعمر موقفاً سلبياً ولم يفعل شيء لتغيير هذا الوضع، لذلك استمرت زوجته في التحدث إليه بنفس الطريقة كلما شعرت أنها لا تحظ باهتمامه الكامل.

هذا الافتقار إلى الصدق يمكن أن يمنع وجود العلاقة الحميمة الحقيقية بين الزوجين؛ فالاتصال الحقيقي مفقود، لأن هناك الكثير من الأسرار. وفي حرصك على إرضاء شريكك وعدم القيام بأي شيء يزعجه، ينتهي بك الأمر بالكذب والخداع، والتظاهر، وقمع مشاعرك أو آرائك، وبالتالي لن يعرف شريكك أبداً ما يكمن بداخلها وما تشعر به في الحقيقة.

اقرأ أيضًا: أشهر 12 مشكلة من مشكلات العلاقات الزوجية وأفضل النصائح لحلها

أسلوب حياة

الخوف من الرفض
الخداع لا يحقق السعادة

يمكن أن يكون الافتقار إلى الصدق أسلوب حياة للبعض. على سبيل المثال، أولئك الذين يريدون أن يحبهم الجميع، ولديهم رغبة شديدة في إرضاء شريكهم في كل شيء. هؤلاء تحكمهم رغبات وتفضيلات الآخرين أكثر من رغباتهم وتفضيلاتهم الشخصية. إنهم شخصيات لا تسأل أنفسها: “ماذا أريد أن أفعل؟ أو كيف أفعل ذلك الأمر؟” بل يسألون أنفسهم: “ماذا يتوقع مني الآخرين إذا فعلت ذلك الأمر؟” وهو ما يحركهم وهذا ما يفعلونه بالفعل، ولذلك ينتهي بهم الأمر إلى أن يكونوا مثل القوارب التي تجرفها الأمواج في أي اتجاه، فهم لا يشعرون بالسيطرة على حياتهم، ويشعرون دوماً بالبؤس والضياع.

لا يعرف مثل هؤلاء ما يشعرون به، لأنهم يفقدون إلى الحرية. ومن ثم يبدأون في التساؤل عما يجب أن يشعروا به، ويحاولون إقناع أنفسهم بأنهم يشعرون بالسعادة طالما يراهم الناس سعداء، ويشعرون بالتباهي طالما يفتخر الناس بهم، وهكذا، نجد أنهم يخبرون أنفسهم: “من المفترض أن يعجبني هذا الشيء.. لذلك أحبه” وطالما أحب الناس شيئاً فهم يحبونه، هذه الطريقة في الشعور، أو بالأحرى عدم الشعور هي أكثر شيوعاً مما قد تتخيله. وإذا توقفت عن التفكير وتحليل مشاعرك بصدق فقد تكتشف أنك تتصرف بهذه الطريقة.

اقرأ أيضًا: كيف تتحدث مع شريك حياتك عن موضوع صعب؟

الأقنعة الزائفة

أسباب الخلافات الزوجية
الخداع من أهم أسباب الخلافات الزوجية

قبل أن نستكمل موضوع الكذب والخداع بين الزوجين، سأقص عليكم قصة. ذات مرة قرأت الكثير جداً من التعليقات الإيجابية عن مسلسل ما. يتحدث الجميع عنه على أنه أفضل مسلسل في التاريخ، ولا تفتأ الكثير من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تشيد بالعمل وأبطاله وغيرها. ولم أجد شخصاً واحد – على حد علمي – يرى أنه مجرد مسلسل عادي. هذا الأمر دعاني من باب الفضول إلى مشاهدة هذه التحفة الفنية التي لم يكن لها مثيل. وبالفعل بدأت مشاهدته.

كانت البدايات مملة جداً لدرجة لا يمكن تخيلها، ومرت الحلقة تلو الأخرى وأنا أحاول جاهداً إنهائه. وفي النهاية بدا لي أنه مجرد مسلسل عادي، لا يستحق كل هذه الضجة التي تحوم حوله. وما إن أعلنت رأيي هذا في مقال انهالت عليّ الشتائم والسباب من كل نوع. كل هذا لأنني لم أرى المسلسل تحفة فنية كما يراها الجميع. مع العلم بأن الفن أذواق، ولن يتفق الجميع على شيء واحد، ومع ذلك كنت اندهش من هذا الاتفاق الجمعي. وبعد مرور أيام تحدثت مع عدد من الأصدقاء عن هذا المسلسل واكتشفت أنه لم يعجبهم كذلك. ومن هنا أدركت أمرين أولهما: أن الناس لا تريد أن تظهر بصورة مخالفة للجميع، ولا يرغبون في معارضة ما يتفق عليه الغالبية، فطالما أحب الناس هذا الشيء فمن المفترض أن يعجبني. أما الأمر الثاني، أن وسائل التواصل الاجتماعي عبارة عن مستنقع للأمراض النفسية، يرتدي فيه الجميع أقنعة زائفة تخفي حقيقتهم.

اقرأ أيضًا: كيف نجعل حياتنا مريرة دون أن ندري؟

سلوك القطيع

الكذب والخداع بين الأزواج
ماذا يحدث إذا عبرت عن مشاعرك الحقيقة

هذا السلوك ناتج عن الخوف من الرفض، أو عدم القبول أو الحب من قبل الآخرين. إننا كائنات اجتماعية، ونرغب جميعاً في أن نكون محبوبين من قبل الآخرين، ومن أجل ذلك علينا أن نلتزم بمعايير الجماعة، ونسير مع القطيع وإلا يتم رفضنا. لكن في الوقت ذاته نحن في حاجة إلى أن نكون أحرار في الشعور وفي التفكير وفي التصرف. إن إيجاد التوازن بين هذين الاتجاهين ليس بالأمر السهل دائماً. وفي بعض الأحيان علينا أن نقرر إذا ما كنا نريد أن نكون مع القطيع دون اعتبار لمشاعرنا الحقيقية وآرائنا الصادقة، أو بذل أكبر قدر ممكن من الصدق مع أنفسنا إذا أردنا الحفاظ على علاقات مرضية وصادقة مع الجميع.

الأمر الأكثر فضولاً هو أن العديد من الأشخاص الذين توقفوا بالفعل عن التصرف بعقلية القطيع وشرعوا في التعبير عن رغباتهم ومشاعرهم الحقيقية مالوا إلى تحسين علاقاتهم مع الآخرين. هذا على الرغم من فقدانهم لبعض الأصدقاء الذين أردوا منهم فقط أن يكونوا عما يريدوا هم. وعلى أية حال، هذا الأخير نوع من الصداقة لا يستحق الاحتفاظ به. إن معرفة ما تشعر به لا يعني أنه عليك دائماً التعبير عنه. حيث يمكنك أن تختار بحرية التعبير عن مشاعرك أم لا، لكنك على الأقل تعرف ما تشعر به وماذا تريد وأنت قادر على التصرف وفقاً لذلك.

اقرأ أيضًا: أفضل الأسئلة للتعرف على شخص ما بدقة

الطريق نحو الحرية

الكذب والخداع بين الزوجين
لن نكون أحراراً إلا بالصدق

لنعود إلى الكذب والخداع بين الزوجين مرة أخرى بعد أن تعرفنا على السبب الرئيسي لهذه المشكلة. ففي حالة الزوجين، يميل سلوك كل منهما إلى تشكيل سلوك الآخر. عندما تبدأ في التوقف عن التظاهر بفعل ما يريده شريكك طوال الوقت. والبدء في أخذ ما تريده في الاعتبار أيضاً، فأنت تمنح شريكك مزيداً من الحرية في أن يكون صادقاً. لقد بدأت سارة في الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، بدلاً من البقاء دائماً في المنزل. وعندما عاد عمر من العمل، ولم يجدها، حدثها على هاتفها فأخبرته بمكانها. وعلى الرغم من الضيق الذي شعر به عمر في البداية، والغضب اللاحق إلا أنه أدرك أن الأمر لم يكن جللاً. وأن بإمكانها الاستمتاع بحريتها، والبدء في فعل الأمور التي تريد القيام بها. وكذلك أخبرها بما يرغب في فعله وما يريده بكل صراحة، دون الخوف من إنكارها أو غضبها.

ومن خلال بدء صفحة جديدة بين الزوجين، عنوانها أن نكون أكثر صدقاً مع بعضنا البعض ومنح كل طرف الطرف الآخر الحق في التعبير بصدق عما يشعر به، لم تتحسن علاقتهما فحسب، بل شعرا براحة أكبر لكونهما معاً. ولذلك من المهم أن تكون صادقاً، كما هو الحال مع منح شريكك الحق في أن يكون كذلك، دون أن تغضب عندما يحاول التعبير عن رغباته أو آرائه التي يختلف فيها معك.

اترك تعليقاً