دين

قصة النبي شعيب: حكاية خطيب الأنبياء مع أصحاب الأيكة

النبي شعيب هو رسول الله الذي أُرسل إلى أصحاب الأيكة. وقد أطلق عليه بعض السلف اسم خطيب الأنبياء، نظراً للباقته في الدعوة إلى قومه. وكان قوم شعيب يعرفون بأنهم ينقصون الكيل والميزان ويبخسون الناس أشياءهم. فما كان إلا أن عاقبهم الله بذنوبهم أشد العقاب. فمن هو خطيب الأنبياء؟ وماذا فعل معه قومه؟ وكيف كان عذاب قوم شعيب؟

قوم شعيب

مما لا شك فيه أن لكل قوم من الأقوام ما يميزهم عن غيرهم. بينما كان قوم شعيب تجاراً ينقصون الكيل والميزان. ولم يكونوا يعبدون الأصنام. بل كانوا عاكفين على شجرة عظيمة ملتفة الأغصان يعبدونها. لذا أطلق عليهم أصحاب الأيكة، فالأيكة تعني الشجرة العظيمة. بينما كانوا يعتقدون أن عبادتهم لا دخل لها بما يفعلوه ويمارسوه في حياتهم اليومية.


قصة النبي شعيب مع قومه

أرسل الله إلى أصحاب الأيكة النبي شعيب وهو أحد رجالهم وكانوا يقدرونه ويحترمونه حتى شرع في دعوتهم في البداية إلى ترك عبادة الأيكة وعبادة الله الواحد. هنا ثار عليه قومه ولم يستمعوا له. لكن شعيب لم ييأس وقال لهم بروية يا قومي أني مازلت أراكم بخير، وما عليكم إلا أن تتركوا عبادة هذه الشجرة وتعبدوا الله. كما دعاهم إلى التحلي بالأمانة والعدالة ولا يبخسوا الناس حقوقهم، لذا عليهم ألا ينقصوا في الكيل والميزان.

اقرأ أيضًا: قصة النبي أيوب مع الشيطان: أعظم مثال للصبر في كل العصور

الدين أسلوب حياة

لم يستجيب لدعوة النبي شعيب أياً من قومه. بينما جادلوه فيما يدعوهم إليه، فقال له يا شعيب هل صلاتك التي تصليها هي التي تأمرك أن نترك هذه العبادة التي نشأنا عليها ووجدنا آبائنا عليها. وهل صلاتك يا شعيب تأمرك أن تتدخل في حياتنا وسلوكيتنا وما نفعله بأموالنا.

هذه أموالنا يا شعيب ننفقها حيث نريد فنحن أحراراً، ولا حق لأحد أن يتدخل فيما نفعله. بينما كان قوم شعيب يرون أن الدين لا علاقة له بطريقة عيشهم أياً كانت. وهل كان الدين إلا أسلوب للحياة الكريمة الفاضلة. هذا ما جاء به شعيب إلى قومه. فلا تستقيم الحياة دون تلك المبادئ الأخلاقية التي يدعو إليها الدين. فالدين هو الذي يحدد الصواب والخطأ والحق والباطل، وإلا فلا معنى له.

اقرأ أيضًا: قصة سارية الجبل: أغرب قصص التاريخ الإسلامي

إن أريد إلا الإصلاح

عذاب قوم شعيب
صورة تخيليلة للنبي شعيب مع قومه

قال له قومه لو كنت حكيماً يا شعيب ما كان لك أن تقول مثل هذا الكلام. بينما أجابهم شعيب برد قوي قال فيه: إن أريد إلا الإصلاح. وهكذا تكون دعوة الأنبياء فهم في الأول والأخير مصلحون للعقول والقلوب والحياة. ثم بدأ يسرد عليهم قصص الأولين من أقوام سبقوهم ولما استكبروا ولم ينصاعوا لما يأمرهم به الله عاقبهم أشد العقاب. وذكرهم شعيب بقوم نوح وقوم هود وصالح ولوط.

نظر قوم شعيب إلى النبي نظرة ازدراء وقالوا له يا شعيب ما نراك إلا ضعيفاً ولولا أهلك لكنا رجمناك بالحجارة حتى تنتهي عن ذلك. أجابهم شعيب قائلاً لهم: هل أهلي أعز عليكم من الله؟! ولما استيأسوا منه قالوا له: لئن لم تنتهي يا شعيب سوف نخرجك من قريتنا وأما أن تعود إلى ديننا.

اقرأ أيضًا: قصة عيد الغدير عند الشيعة

عذاب قوم شعيب

طال بهم الأمد ولم يؤمن مع النبي شعيب سوى قلة من قومه، وفي تلك اللحظة انطلق إليه الذين كفروا به من قومه يسخرون منه ويتهكمون عليه، ويقولون أين هو عذاب الله الذي وعدتنا به يا شعيب؟ ولما تأخر؟ نظر شعيب إلى السماء وأوحى إليه الله أن يخرج من القرية ومن معه من المؤمنين، ونفذ شعيب أمر الله، وانطلق في طريقه.

بعد أن رحل شعيب جاء اليوم الذي ظهرت فيه سحابة سوداء أظلت القرية. بينما تخيل قوم شعيب أن هذه الخيمة تحمل لهم المطر لذا استبشروا بها. لكن ما هي إلا لحظات قليلة حتى جاءتهم صيحة جبارة جعلت كل واحد منهم يجثم على وجهه في مكانه، فتوقف الزمن وتجمدت القلوب ولم يستطع أحداً منهم أن يتحرك من مكانه، وسقط الجميع على الأرض موتى.

اقرأ أيضًا: قصة ماشطة فرعون: عذاب امرأة مؤمنة مع أولادها في التنور المغلي

هل شعيب هو حمو النبي موسى؟

يعتقد البعض خطأ أن شعيب هو حمو النبي موسى الذي استقبله في مدين بعد أن هرب من مصر، وعمل موسى لديه وتزوج من ابنته. لكن هذه الشخصية التي ذكرها الله في القرآن الكريم في معرض الحديث عن النبي موسى لم يكن هو نفسه النبي شعيب الذي أرسل الله إلى أصحاب الأيكة. بينما قد أشارت التوراة إلى حمو موسى باسم رعوئيل، وهو الذي استقبله في بيته. ولكن قصة رعوئيل تختلف في أحداثها عن قصة شعيب التي ذكرها القرآن الكريم. لذا وجب التنويه إلى ذلك الأمر.


إلى هنا يسدل الستار عن قصة النبي شعيب مع أصحاب الأيكة، بعد أن رفضوا دعوته وظلوا على كفرهم وعنادهم فأهلكم الله بالصيحة.

المراجع

  • قصص الأنبياء – ابن كثير.
  • شعيب عليه السلام: من وحي القرآن – عقيل حسين عقيل.
  • الأنبياء الكرام: لوط، شعيب، يوسف – إبراهيم أحمد قشطة.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

‫2 تعليقات

  1. قصة رائعة تظهر ان صبر الانبياء امر ينبغي التمسك به من لدنا، شكرا!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!