روايات تاريخية مختلفة وغريبة لقصة نبي الله موسى

You are currently viewing روايات تاريخية مختلفة وغريبة لقصة نبي الله موسى
صورة رمزية للنبي موسى

ذُكرت قصة النبي موسى في العديد من الأديان السماوية، لكن لم يتوقف ذكرها فحسب على الديانات السماوية الثلاثة. ورغم تشابه أحداث القصة في الكتاب المقدس مع أحداثها في القرآن الكريم إلا أن هناك نسخ أخرى من هذه القصة تم ذكرها في العديد من الثقافات. فلكل ثقافة من الثقافات نسخة مختلفة من القصة. في هذا المقال نستعرض رأي المصريين القدماء والإغريق والرومان حول السبب الذي جعل آلاف اليهود يرحلون من مصر إلى القدس.

قصة النبي موسى في الأديان السماوية

من المتعارف عليه أن نبي الله موسى قد أرسله الله إلى فرعون من أجل أن يدعوه لعبادة الله الواحد ومن ثم يطلب منه أن يحمل معه بني إسرائيل إلى أرض الميعاد كما يقول الكتاب المقدس. لكن طلب موسى قوبل بالرفض من فرعون. من هنا بدأ الإله في عقاب المصريين عبر إرساله للدم والجراد والقمل والطوفان والضفادع ضمن آياته التسع لنبيه موسى، والكثير منا يعلم تفاصيل القصة جيداً. طبقاً لما ذكرته الأديان السماوية الثلاثة في كتبها. لكن نبي الله موسى الذي صنع المعجزات الكبرى واستطاع تحرير اليهود من العبودية لم تكن سوى نسخة واحدة من العديد من النسخ الأخرى. وهذه النسخ التي سوف نستعرضها الآن ترسم صورة مختلفة تماماً عن تلك التي سمعتها من قبل في الأديان الإبراهيمية.


قصة النبي موسى من وجهة نظر المصريين

الديانات السماوية
صورة رمزية للنبي موسى أمام الشجرة

يعد مانيتون أحد أشهر المؤرخين المصريين في مصر القديمة، لقد عمل ككاهن تحت حكم بطليموس الثاني عام 280 ق.م. أوكل إليه حاكم مصر آنذاك بمهمة كتابة تاريخ مصر القديمة، فماذا قال هذا المؤرخ عن النبي موسى في كتاباته.

روى المؤرخ المصري قصة مفاداها أن موسى لم يكن يهودياً بل كان مصرياً واعتبره أحد المجرمين الذين استغلوا المصابين بالجذام أو البرص واستطاع أن يؤثر عليهم وينصب نفسه ملكاً عليهم. يقول مانيتون أن موسى كان عنيفاً ووحشياً لأقصى درجة يمكن تخيلها ولم يكن بطلاً أو رسولاً أرسله الله مع معجزات. موسى حسب مانيتون كان كاهناً مصرياً يُدعى أوسارسيف. هذا الكاهن حاول الاستيلاء على عرش مصر، لكن لم تكن الفرصة مواتية له إلا عبر استغلال المصابين بالجذام. حيث كان الفرعون يضع كل شخص مصاب بالجذام في الحجر الصحي داخل مدينة أفاريس، ومن هنا استغلهم موسى من أجل التمرد على السلطة الحاكمة وغير اسمه إلى موسى بعدهم

وضع موسى وجيشه من البرص الشرائع اليهودية بدافع نكاية للمصريين. لقد تعمدوا جعل قوانينهم مناقضة تماماً لكل ما آمن به المصريون. لقد ضحوا بالعجول، على سبيل المثال، لمجرد أن المصريين كانوا يعبدونها. بينما شكل موسى تحالفاً مع الناس الذين يعيشون في القدس. حيث قام ببناء جيش قوامه 200000 شخص، ثم غزا مصر. عبد المصريون القدماء حيوانات مقدسة مثل أبيس، الذي كان عجلاً حياً يُعامل كإله. لم يقتل موسى هذه الحيوانات المقدسة فحسب – بل أجبر الكهنة المصريين الذين خدموها على فعل ذلك من أجله. حيث أُجبر الكهنة على حرق حيواناتهم الإلهية أحياء فوق محرقة مصنوعة من الصور المقدسة. ثم جردوا من ملابسهم وأرسلوا إلى البرية ليموتوا. وفي النهاية – بعد حوالي 13 عاماً – تمكن أمينوفيس من تكوين جيش كبير بما يكفي لطرد موسى من مصر. طارده إلى سوريا، حيث استقر موسى وشعبه في أورشليم.

اقرأ أيضًا: قصة عصا موسى: حكايات غريبة ومعجزات حقيقية

قصة النبي موسى في الرواية اليونانية

قصة نبي الله موسى
لوحة تصور نبي الله موسى

وفقًا للمؤرخ اليوناني سترابو، لم يكن النبي موسى صانع معجزات ولم يتحدث إلى الله قط. بل كان مجرد فيلسوف جلس وفكر في الأمر وقرر أن التوحيد هو الأكثر منطقية. لقد كان موسى، في ذلك الوقت حاكم الوجه البحري، لكنه لم يكن راضياً عن السلطة السياسية والدينية الحاكمة في مصر. حيث كان يعتقد في قرارة نفسه أن الله لا يمكن أن يكون على شكل إنسان أو حيوان كما كان يعتقد المصريون، لكنه يجب أن يكون شيئاً واحداً يشملنا جميعاً نحن البشر.

لقد كان موسى مقتنعاً بهذا لدرجة أنه تخلى عن منصبه وقاد مجموعة من الناس خارج مصر. هؤلاء الناس لم يكونوا عبيداً، وما قام به موسى لم تكن ثورة، لكنهم جميعاً تمتعوا بعقلية سليمة اتفقت مع فلسفة موسى. ولم يحاول أحد منعهم من مغادرة مصر.

وصل موسى وشعبه إلى أورشليم التي لم يكن عليهم غزوها. حيث كانت منطقة قاحلة تتمتع بالقليل من الماء. لذا لم يكن أحد يطمع في منطقة بهذه المواصفات. في هذا المكان أقام موسى ديناً وفلسفة خاصة به وبشعبه. لقد أقام قواعد سهلة وبسيطة لهذا الشعب مما جعل الكثير من الناس حوله ينضمون عن طيب خاطر إلى مملكته الناشئة. لكن بعد وفاة موسى، استولى عدد من المؤمنين بالخرافات على القدس، ومن ثم أذاعوا العديد من الأفكار التي تتعارض مع فلسفة موسى.  

اقرأ أيضًا: قصة السامري: هل صنع العجل الذهبي أم صنعه النبي هارون؟

الرواية الرومانية

عندما تناول المؤرخ الروماني تاسيتوس قصة النبي موسى، كان مصمماً على تصحيحها. حيث كان هناك بالفعل الكثير من القصص المختلفة التي تدور حوله. لقد بذل قصارى جهده لفرز الأجزاء التي كانت منطقية بالنسبة له. كتب تاسيتوس أن معظم الكتابات التاريخية تتفق على أن القصة بدأت في مصر وفي مستعمرة الجذام كما أشار بذلك مانيتون. طُرد موسى والبُرص الآخرون من البلاد تماماً وأُرسلوا إلى البرية.

في البرية، أمر موسى شعبه باتباعه والوثوق في حكمه الخاص. وقادهم عبر الصحراء، كما أبقهم على قيد الحياة عن طريق ضخ المياه من الأرض. لكن هذه لم تكن معجزة. حيث وجد موسى قنوات مائية تحت الأرض باتباع رقع من العشب. وبمجرد وصولهم إلى أورشليم، قدم موسى ديانة جديدة – ليس لأنه كان يؤمن بها، ولكن لأنه يعتقد أن ذلك سيؤمن ولاء شعبه.

لقد منع على شعبه تناول لحم الخنزير لأن أكل لحم الخنزير أصابهم بالجذام. وطلب منهم الصيام كطريقة لإحياء ذكرى رحلتهم عبر البرية. كما جعلهم يحتفظون باليوم السابع مقدساً لإحياء ذكرى رحلتهم عبر الصحراء – والتي، في هذه النسخة، لم تستغرق أربعين عاماً. بل استغرقت فقط سبعة أيام.

اقرأ أيضًا: قراءة في كتاب موسى والتوحيد لسيجموند فرويد

رواية يهودية مختلفة لقصة النبي موسى

حتى اليهود لديهم أكثر من رواية لقصة النبي موسى. كان للمؤرخ اليهودي أترابانوس نسخته الخاصة من القصة، وعلى الرغم من أنه يهودي، إلا أنها مختلفة تمامًا عن القصة المذكورة في سفر الخروج. موسى، وفقا لأتربانوس، نشأ كابن لملك الصعيد بعد أن وجدته زوجة الفرعون. لكن على ما يبدو فإن عاطفة الأبوة لم تكن على قدر عال من القوة. حيث حاول والده أن يقتله العديد من المرات. لقد أرسل موسى لقيادة كتيبة تحتوي على أسوأ الجنود من أجل أن يخوض بها حرباً ضد إثيوبيا على أمل أن يموت موسى في المعركة. لكنه مع ذلك تمكن من احتلال إثيوبيا وأصبح بطل حرب في جميع أنحاء مصر.

بدأ دينه عندما عاد إلى ممفيس، حيث علم الناس كيفية استخدام الثيران في الزراعة، وفي هذه العملية، بدأت عبادة أبيس. لكنه لم يستمر في هذه العبادة لفترة طويلة. علم والده أن موسى قد ذاع صيته في مصر وخشي أن يزيحه عن العرش لذا اغتياله مرة أخرى بواسطة العديد من القتلة. لم يكن أمام موسى خيار سوى مغادرة مصر.


هذه الروايات التاريخية مجرد وجهات نظر أخرى وليست هي الحقيقة عينها. وفيها نرى الكثير من الانقسام في السرد التاريخي. وكل قصة من القصص تجدها ملونة بالثقافة الخاصة بها. أما الأديان السماوية فقط روت أحداثاً مختلفة عن نبي الله موسى.

المصادر:

1. Author: MARK OLIVER, (5/3/2017), 4 Completely Different Versions of the Story of Moses, www.ancient-origins.net, Retrieved: 4/14/2021.

2. Author: Joshua J. Mark, (9/28/2016), Moses, www.ancient.eu, Retrieved: 4/14/2021.

اترك تعليقاً