The Menu هو فيلم أصلي ومدهش يمكن تصنيفه على أنه فيلم رعب، لكنه ليس كذلك، أو ربما كوميديا سوداء؛ لكن الأمر أكثر من ذلك بكثير، حيث يختلط الغموض الدرامي بالمأساة والفكاهة في فيلم فريد من نوعه يعج بالعديد من الرمزيات التي كانت عصية على الفهم من قبل بعض المشاهدين. في السطور التالية نتعرف على قصة ومراجعة فيلم The Menu، ثم نحاول الكشف عن رمزيات فيلم The Menu بشكل أكثر تفصيلاً.
معلومات عن فيلم The Menu
- البلد: الولايات المتحدة.
- اللغة: الإنجليزية.
- تاريخ الإصدار: 18 نوفمبر 2022.
- المخرج: مارك ميلود.
- الكاتب: سيث ريس| ويل تريسي.
- وقت العرض: 107 دقيقة.
- النوع: رعب | إثارة.
- التصنيف: (R) للكبار فقط، يحتوي الفيلم على مشاهد عنيفة.
- فريق التمثيل: رالف فينيس | أنيا تايلور جوي | نيكولاس هولت | هونغ تشاو | جانيت ماكتيير.
- التقييم: 7.2.
قصة فيلم The Menu
تدور قصة فيلم The Menu حول مطعم شهير على جزيرة نائية تبلغ مساحتها 12 فدان. يقدم فيه رئيسه الشيف سلويك – رالف فينيس – لرواده من المشاهير ورجال الثروة عشاءاً مميز جداً. وسيلة النقل الوحيدة إلى هذه الجزيرة هي القارب. يدير الشيف المطعم مع عدد من موظفيه، ويستخدم جميع مكونات الحياة الطبيعة على الجزيرة سواء الخضروات أو اللحوم وغيرها. ويتم أعداد قائمة الطعام كل مساء في المطبخ المفتوح من أجل تجربة تذوق لا مثيل لها. حيث تعد أطباق الطعام بجودة عالية وبمستوى عالِ من الفن في مجال الطهي. وبالإضافة إلى قائمة الانتظار التي لا تنتهي، تبلغ تكلفة هذه الأمسية 1250 دولاراً للفرد الواحد.
تُنقل مجموعة مكونة من 12 شخص على متن القارب إلى الجزيرة. يحصل تايلر ورفيقته مارجو على مقعد في هذا المطعم مع الملياديرات والمشاهير ونقاد الطعام، ليبدأ فريق الطهاه في المطعم تقديم الأطباق. كل طبق من الأطباق يحمل اسماً. وقبل تقديمه يشرع الشيف في رواية بعض القصص التاريخية عن الطعام. لكن مع ذلك يشعر المرء أن هناك شيئاً غريباً في الأجواء. وأخيراً عندما يصل أحد الأطباق الرئيسية ينتحر واحد من الطهاه وسط المطعم. هذا الحدث الصادم يعتبره البعض في البداية بمثابة عرض مسرحي، لكن البعض الآخر يعتقد أنه حقيقي، وهذا هو المكان الذي يبدأ فيه الجميع الخوف على حياتهم. وخاصة بعد تأكيد الشيف عليهم بأن الجميع سيموت. ومن هنا تتحول هذه الأمسية التي لا تنسى إلى تجربة وجودية رائعة.
إلى هنا نتوقف ولن نكشف عن المزيد من حبكة هذا الفيلم الرائع من أجل ألا يفقد المشاهد متعة المشاهدة. فإلى مراجعة فيلم The Menu.
اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم The Pale Blue Eye: الخط الرفيع بين الحياة والموت |
مراجعة فيلم The Menu
The Menu هو فيلم مختلف يعلمنا أن هوليوود يمكنها أن تخرج لنا أفلاماً خارج القوالب النمطية المعتادة. فهذا الفيلم نادر وفني للغاية، ولا يمكن التنبؤ به، فالقدرة على التنبؤ هي العدو القاتل للإبداع، لكنها من ناحية أخرى أساس النجاح التجاري في هوليوود. لذا فإن من المنعش أن يخرج شخص مثل مخرج بعض حلقات مسلسل Game of Thrones مارك ميلود عن قالب السرد المعتاد ويقدم لنا شيئاً جامحاً وبدائياً ولا يمكن التنبؤ به.
الفضول السردي
كان من الممكن أن تخرج قصة فيلم The Menu والسرد عن القضبان تماماً في النهاية، لكن لحسن الحظ لم يحدث ذلك. يلعب المخرج في البداية على الفضول البشري، فنحن نرغب في معرفة ما يريده البطل، ونود أيضاً أن نرى ما سيحدث لرواد المطعم. هناك فضول ورغبة في رؤية كيف سيموتون كما أخبرتنا القصة بذلك “الجميع سيموت”. وهذا الأمر يولد اعتلالاً معيناً لدى المشاهد الذي يود رؤية كيف سيتم تنفيذ ذلك، بالطبع لا نريد كمشاهدين موت أحد لكنه كفضول سردي سينمائي، مثلما نرى فيلماً عن مذنب سوف يصطدم بالأرض، فمن ناحية، نريد إنقاذ الأبطال، ولكن من ناحية أخرى، نود أن نرى تأثير المذنب بعد اصطامه في مشهد مذهل، وبالمثل يمكن أن يكون موقفنا تجاه هذا الفيلم بهذا المعنى.
رعب أم كوميديا أم إثارة
يمتلك فيلم The Menu سيناريو مقامر يضع كل البيض في سلة واحدة ويعرض شيئاً جديداً ملغزاً. أول هذه الألغاز هي تصنيفه. فتحت أي تصنيف يمكن وضعه؛ هناك من يصنفه على إنه فيلم رعب، وهناك من يدرجه تحت فئة الكوميديا، وآخر يجمع بين النوعين. العديد من وجهات النظر المختلفة التي نتفق معها أو نختلف إلا أن هذا الفيلم من نوع معين يتعامل مع فكرة ويطورها بطريقة معينة، ويستخدم في عرضه هذه الأنواع المختلفة سواء الرعب أو الكوميديا السوداء أو الدراما أو الغموض.
ربما يحمل فيلم The Menu روح الدعابة ويحتوي على العديد من المشاهد التي تسبب الضحك، لكنه ضحك كالبكاء، ابتسامة توضع على وجه المشاهد وأفكاراً تدور في عقله، تجعله يتفكر في تلك المأساة العبثية الساخرة. لكنه لم يكن كذلك فهذا الفيلم له نغمة جادة ودرامية، وكل شخصية من شخصياته معرضة لخطر الموت، لذا فهي ليست كوميديا صريحة.
لا يمكننا اعتباره كذلك فيلم رعب، لإنه لا يحاول أن يكون كذلك، فلم يحاول تخويفك، بل قصة تحمل خليطاً من الدراما والمأساة والجريمة والدماء. لكن بسبب مرضه وانحرافه وسفك الدماء والموت يمكن إدراجه تحت نوعية أفلام الرعب، ومع ذلك فإن السرد أقرب إلى التشويق والغموض منه إلى الرعب. لكنه ليس فيلماً تشويقياً أيضاً لأن هدفه ليس إثارة التوتر في المشاهد بقدر ما يريد تقديم الحبكة وتطويرها، ودراسة نفسية الشخصيات والدوافع.
دراسة نفسية رمزية
فيلم The Menu عبارة عن دراسة في علم النفس البشري، فرواد المطعم هم الشخصيات المنومة مغناطيسياً والشيف هو القائم على الدراسة والذي يحاول تفكيك نفسية رواده. لذا يمتلىء الفيلم بالكثير من الألغاز التي تشبه إلى حد ما نفسية الإنسان المعقدة التي لم يستطع أحد حتى الآن سبر أغوارها. يجعل الفيلم المشاهد يتساءل عما يحدث، هل كل ذلك مجرد تمثيلية؟ هل ما نراه حقيقي؟ ولماذا يحدث ما نشاهده؟ هل سيموت الجميع؟ أم سيموت البعض فقط؟ ولماذا يموت شخص ما في مأدبة عشاء؟ كل هذه الأسئلة تتناوب في عقل المشاهد طوال أحداث الفيلم ليجيب عنها في النهاية من خلال رمزية قلما نراه على كثرة الأفلام السينمائية.
الفن والسلطة والثروة
يفاجئ الفيلم المشاهد في كل منعطف، لدرجة أن المرء يبدأ في الشك في أن القصة يمكن أن تذهب في عدة اتجاهات ولا تزال منطقية. يشير العديد من النقاد إلى أن فيلم The Menu بمثابة تعليق اجتماعي لاذع على النخبة الثرية وحاجتهم للاستهلاك وأخذ كل شيء لأنفسهم. لكن البعض الآخر يرى أن موضوع الفيلم يتمحور حول السلطة والثروة وتأثيرها على الفن. حيث يعلق الشيف في الفيلم على تاريخ الطعام وكيف يصنع الفجوة بين الطبقات. كما أن فاحشي الثراء يدمروا الفن بأفعالهم ويستنزفون حياة الفنان في الوقت ذاته. يشير هذا الفيلم بذكاء إلى كل هذا من خلال القصص التي يرويها الشيف عند تقديم كل طبق. وبالإضافة إلى التعليق على الثروة والفن، ينتقد الفيلم أيضاً عشاق الطعام الذين يأكلون ولا يتذوقون، وكما يقول الشيف، أنهم دمروا ما كان يفعله.
هناك بعض الأفلام التي تحمل في طياتها أفكاراً عميقة، تلك الأفلام التي تهتم بصورة أكثر بتقديم سرد فني أكثر رمزية، ولا يمكن أن تكون قصصها مجرد ترفيه عابر، ولكن أيضاً كمصدر جيد للتفكير، هذا الفيلم واحد من هذه الأفلام وهو قادر على تشكيل الشخصية – على غرار أطباق الطهي الأكثر تفصيلاً. إنه وجبة دسمة ذات طعم رائع، ولكن لا يستطيع الجميع هضمها.
الشخصية الإلهية
بدون الممثل البريطاني رالف فينيس لن تكون القائمة كما هي – تحفة فنية. يلفت فينيس انتباهنا منذ اللحظة التي يدخل فيها كاتدرائية تذوق الطعام الخاصة به.، وحتى كلمات العشق والأعجاب التي تفوه بها تايلر لم تكن لها ضرورة بعد رؤيته. إن تقمصه للعديد من الشخصيات الغريبة والرائعة على مدار مشواره الفني بدت مكتملة خلال أدائه لشخصية الشيف في هذا الفيلم. حيث نرى في الشيف تلك العيون الغاضبة للورد فولدمورت في هاري بوتر، والإرادة الدموية لفرانسيس دولارهيد في Red Dragon والماضي المكسور لجوستين كويل في The Constant Gardener. إنه يمسك بتلابيب الشخصية، ويسحب المشاهد معه في كل مشهد، حتى عندما تقف مارجو – أنيا تايلور جوي – في أداء رائع فإنه يحدث كذلك بمباركته.
اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Tár: قصة رمزية عن هشاشة النجاح |
تفسير رمزيات فيلم The Menu
تنويه هام: يمكن أن يحتوي هذا القسم على حرق كامل للأحداث، فإذا لم تكن شاهدت الفيلم من قبل أنصحك بمشاهدته أولاً، ثم العودة لاحقاً لقراءة هذا القسم.
هناك العديد من التفسيرات المحتملة لرمزيات فيلم The Menu وهو ما يعطيه قوته. في هذا القسم سأحاول تقديم التفسير الأكثر شيوعاً ووضوحاً للفيلم، والذي قراءته في العديد من المراجعات قبل كتابة مراجعة فيلم The Menu. لكنه بدا لي غير مقنع مع الأسف. وبعد سأقدم تفسيري الخاص الذي أراه أكثر ملاءمة ومنطقية من وجهة نظري البحتة، وهذا لا يعني إجبار القارىء على الأخذ به، فالحكم في الأول والأخير للقارىء، وهو قادر على قراءة الفيلم من منظوره الخاص.
الشخصيات
تشير قصة فيلم The Menu كما أشرنا آنفاً إلى علاقة الفن بالسلطة والثروة. لذا فمن المحتمل أن يكون الشيف جمع هذه الشخصيات بالتحديد للانتقام منهم كنوع من الانتقام لفنه الذي لا يقدره أحد. ويبدو ذلك جلياً في الشخصيات المختلفة.
المسن وزوجته
كان ريتشارد المسن وزوجته آن زبائن منتظمين في مطعمه، ومع ذلك عندما سألهم عن اسم طبق من الأطباق التي تناولاها خلال زياراتهما السابقة لم يتذكرا، على الرغم من إنه يمنح اسماً لكل طبق. يعد هذا مؤشراً واضحاً على أن الأشخاص الذين يحاول إرضائهم لا ينتبهون حتى إلى الفن الذي يقوم بإنشائه. كذلك كان ريتشارد فاسقاً حتى في هذا العمر، وكان يطلب من العاهرات أداء دور ابنته، وربما كانت زوجته تعرف كل ذلك، ومع ذلك قررت أن تظل صامتة.
الناقدة ومحررها
كذلك يحمل قدراً من الحقد تجاه ليليان، لأنها دفعته نحو هذه الحياة الفاخرة التي يخدم فيها الأثرياء، ومنذ ذلك الوقت لم يشعر بالرضا بعد خدمة أي عميل لسنوات عديدة حتى الآن. كذلك كانت ليليان السبب وراء غلق العديد من المطاعم في الماضي، على الرغم من أن أولئك الذين يديروهم كانوا أشخاصاً موهوبين. قامت ليليان بذلك من خلال تحيزاتها الشخصية والمراجعات السيئة لطعامهم. أما المحرر الآخر فكان يسير على منوالها على الرغم من معرفته بتحيزها الشديد.
الشباب الثلاثة
يقود الشيف جيش من الطهاة والمساعدين المستعدين لتنفيذ أي شيء يأمر به. وهناك شعور واضح جداً بأن غرور سلويك هو جانب حاسم وراء أفعاله، لأن الرجل هو أيضاً جزء من نخبوية الطهي التي يكرهها كثيراً. فالضحية الأولى له كان المستثمر الذي يملك مطعمه، ولم يقم بإغراق هذا المستثمر في البحر فحسب، بل يبدو أيضاً أن هذا هو السبب في دعوة المستثمرين الشباب الثلاثة. هذا بالإضافة إلى قيامهم بسرقة الأموال عن طريق فواتير برسوم مزيفة. بخلاف ذلك، لا يبدو أن هناك سبباً لقيام سلويك بدعوة هؤلاء الثلاثة، باستثناء حقيقة أنهم جميعاً أفراد متعجرفون ومغرورون بشأن مكانتهم في الحياة. كما أظهروا الجرأة في التشكيك في قائمة طعامه وخياراته الغذائية وطلبوا بدائل.
الممثل ومساعدته
أما سبب حضور الممثل السينمائي السابق جورج دياز هو أنه – بحسب الطاهي – باع فنه من أجل المال. كانت أفلام جورج الشهيرة، هي الأعمال التي جعلت سلويك يفهم كيف كان الممثل يعمل فقط لكسب أموال طائلة. وهذا الإهمال تجاه الفن شيئاً لا يرغب في تحمله، كذلك يستخدم الممثل سلطته في التحكم في مساعدته، على الرغم من أن المرأة أخبرته عدة مرات أنها تريد تركه وتجربة شيء آخر.
تايلر
أما تايلر فلقد كان شديد النهم ومعجب كبير بعمل الشيف، لدرجة أنه على الرغم من معرفته أن دعوة العشاء هذه كانت دعوة للموت، حضر هذا الحدث، واصطحب معه مارجو. الاستثناء الوحيد لجميع الأفراد المذكورين أعلاه، هي مارجو التي كشفت في النهاية أن اسمها الحقيقي إيرين. لقد برزت الشابة من بين الحشود منذ البداية، وقد لاحظها سلويك أيضاً. إنها أول من تحدثت عن ادعاءاته وتحويل الطعام إلى شيء خيال لا داعي له.
مارجو
نكتشف لاحقاً أنها كانت تعمل بالدعارة مع عملاء أثرياء. وأن ريتشاد استخدمها لتلعب دور ابنته، كذلك استخدمها تايلر وأحضرها إلى حفلة الموت هذه. وهي أيضاً الوحيدة التي تقوم بمحاولات نشطة للهروب من المكان بمجرد أن تتضح لها نية الشيف بالكامل. وهنا من الممكن طرح السؤال عن سبب عدم قيام أي من الضيوف الآخرين بتجربة أي خطة للهروب، والجواب على الأرجح أنهم أغنياء لدرجة أنهم لا يفكرون بهذه الطريقة. ونظراً لكون هذا التفسير يتعلق بالطبقة العليا فاحشة الثراء في المجتمع، فغالباً ما يسلط فيلم The Menu الضوء على حماقاتهم. فلا يعرف الأغنياء إلا حلاً واحداً لجميع المشكلات – الأموال. ومع ذلك، فإن أموالهم لا فائدة منها، لأن سلويك ليس بحاجة إليها. لذا فالمحاولات الوحيدة للهروب التي قام بها الضيوف هي إغراء الطاقم بالمال من أجل تركهم يرحلون. نجد ريتشارد يتحدث عن استدعاء مروحية خاصة لنقله هو وزوجته بعيداً عن الجزيرة، والشباب يعرضون المال. الاستثناء الوحيد، مرة أخرى، هو مارجو، حيث تتسلل إلى منزل الشيف الخاص وتحاول العثور على أي دليل يدين الرجل. تعترضها إلسا التي تشعر بعدم الأمان من أن مارجو ستأخذ مكانها يوماً ما. تقتل مارجو إلسا ثم تطلب المساعدة الخارجية عبر راديو، ولم تدرك بعد أن خفر السواحل المستجيب سيكون أيضاً من طاقم سلويك.
المختلف الوحيد
يدرك سلويك نفسه أن مارجو تختلف عن جميع ضيوفه الآخرين، ولهذا السبب يعرض أن تكون جزءاً من خططه. وأشار إلى أن النتيجة ستظل كما هي، وستموت مارجو في النهاية، لكن الاختلاف الوحيد هو أنها ستكون في فريق الطهاة عندما يحدث ذلك. كذلك بغض النظر عن مدى روعة الشيف سلويك مع قائمته طوال المساء، لا يبدو أن أياً من الضيوف يشكك في وضعه المهني. مارجو تتجاهل هذا تماماً؛ تخبر الشيف أن طعامه لم يعجبها. وتطلب منه بدلاً من ذلك إعداد هامبرغر أمريكي، وهي تعلم أنه كان يصنعه في شبابه من خلال صوره. تأخذ قضمة منه عند وصوله. ويبدو أن وجه مارجو الراضي جعل سلويك سعيداً، ثم تطلب المرأة أن يتم تعبئة البرغر حتى تتمكن من أخذه معها. يبدو أن هذا الحديث والتصرف كما لو كان المرء في مطعم عادي. يتم تعبئة البرغر، ويُسمح لمارجو بمغادرة قاعة الطعام والجزيرة.
النهاية
تصل مارجوت إلى الشاطئ في الجزيرة وتجد زورقاً بمحركاً صغيراً تستخدمه للابتعاد عن الجزيرة. في غضون ذلك، لا يزال حفل العشاء المظلم لسلويك مستمراً مع الضيوف. وفي وقت سابق، طلب الشيف من تايلر – المخلص الأعمى للطاهي الشهير – أن يعد شيئاً له. يقوم تايلر بذلك بشكل عصبي، لأنه يعتقد أنه طاهٍ أيضاً، ولكن عندما يقدم طبقه إلى سلويك، يسخر الأخير منه وينتقد تايلر بشدة. ونتيجة لعدم قدرته على تحمل مثل هذه الانتقادات من الرجل الذي كان ينظر إليه عل إنه فنان، يشنق تايلر نفسه. مع بقاء بقية الضيوف الآن في قاعة الطعام، يعد سلويك آخر طبق له. وبدلاً من تقديمه للضيوف ألبسهم أعشاب على أجسادهم وقبعات من الشوكولاتة على رؤوسهم. ثم أشعل النار في المكان بأكمله، وانفجر المطعم بأكمله في غضون وقت قصير.
يبدو أن وقود قارب مارجو قد نفد بعد بعض الوقت في رحلتها، وهي الآن تنظر إلى الانفجار الذي يظهر على الجزيرة. بخرج الهامبرغر وتأخذ منه قضمة وتمسح فمها بنسخة من قائمة الطعام المسائية. إن الحقيقة هي أنها نجت من الهروب من جزيرة مصيدة الموت، وذلك لأنها تحدت سلطة سلويك في البداية، وكانت الوحيدة من الضيوف التي تحاول تذوق الطعام والاستمتاع به دون أكله فقط.
اقرأ أيضًا: فيلم Happy As Lazzaro: حكاية استعارية فلسفية وشاعرية |
الخطايا السبع المميتة
بعد أن استعرضنا التفسير الأول نحاول هنا تقديم الرمزية الدينية للفيلم. ولقد قصدنا الاسهاب في وصف بعض الشخصيات من أجل أمر آخر سيفيدنا في تحليلنا هذا، فإذا نظرنا بتمعن للصفات التي تتمتع بها الشخصيات في قصة فيلم The Menu نجد أن كل شخصية تمثل خطيئة من الخطايا السبع المميتة في المسيحية. وتشتمل الخطايا السبع المميتة الرئيسية على الغرور والجشع والشهوة والحسد والشراهة والغضب والكسل. لكن قد تبدلت بعض هذه الخطايا وتغيرت على مدار التاريخ، على سبيل المثال تم استبدال الكسل بالملل أو اليأس، وتم استبدال الغرور بالتفاخر. ومع ذلك تبقى هذه الخطايا ثابتة نوعاً ما في مفهومها.
إذا نظرنا إلى الشخصيات في قصة فيلم The Menu بتمعن نجد أن كل شخصية من الشخصيات تمثل خطيئة من الخطايا المميتة:
- ليليان وصديقها – الغرور.
- الأصدقاء الثلاثة – الجشع.
- المسن – الشهوة.
- جيريمي – الحسد.
- تايلر – الشراهة.
- إلسا – الغضب.
- الأم – الكسل.
وقبل أن نتحدث عن الرمزية الدينية الأخرى علينا قراءة هذه الجمل:
- يجب أن نتطهر، مثل الشهداء أو الزنادقة.
- نحن مجرد نانو ثانية مذعورة، والطبيعة خالدة.
- علمنا يسوع أن نصلي عندما نطلب خبزنا كفافنا.
- هذا مجرد مسرح. إنها مسرحية.
- إنه يريد بشدة هيبتي، وظيفتي، موهبتي. يتطلع إلى العظمة، لكنه لن يحققها أبداً.
- لا توجد طريقة لتجنب الفوضى. الفوضى التي تحدثها في حياتك، وجسدك، وعقلك.
- نحن نسعى جاهدين لتحقيق الكمال، وهو أمر غير موجود بالطبع، وهذه حقيقة يصعب علي قبولها.
بعد قراءة هذه الجمل التي قالتها بعض شخصيات الفيلم نرى أن الفيلم يحمل رمزية دينية بحتة. فبعد أن تعرفنا على الخطايا المميتة لا يتبقى لنا أن نوضح ما المغزى بالضبط.
في حضرة الإله
في البداية نجد أن الشيف يقف في موقف إلهي تقريباً، فهو المتحكم في الجميع سواء على مستوى الطاقم أو الضيوف. إذن الشيف يرمز إلى الإله. ثم نجد الطاقم الذي لا يرفض له طلب، وينفذ جميع تعليماته دون نقاش، وهم يمثلوا الملائكة. أما مساعدته الشخصية إلسا تشير إلى إبليس وسنعلم لماذا فيما بعد.
حيوانات لم تتطور
نأتي للضيوف، نحن نجد جميع الضيوف يأكلون ولا يتذوقون، وهو ما حذرهم منه الشيف قبل وصول أي طبق. هؤلاء الضيوف يمثلون الحيوانات، ووفقاً لنظرية التطور فإن الإنسان وصل إلى ما هو عليه بعد تطوره من الحيوانات، وليس هذا مجالاً للحديث عن نظرية التطور. إن أهم ما يميز الإنسان المتطور قدرته على صنع الفن وتذوقه، وهو ما لم يحدث مع الحيوانات – الضيوف – لكن هناك شخص واحد فقط هو الذي استطاع تذوق الطعام بالفعل – مارجو – وهذه الشخصية تشير إلى شخصية آدم. لكن ماذا فعل آدم؟ لقد طلب منه الله أن يأكل من كل شيء موجود بالجنة ولا يقترب من شجرة واحدة، وهي شجرة الخير والشر أو المعرفة أو شجرة التفاح على حسب اعتقاد كل دين. لكن آدم ترك كل ما في الجنة – المطعم – وذهب ليأكل من الشجرة – الهمبرجر – وكان الجزاء هو الطرد من الجنة. لذا فإن الشخص الوحيد الذي سمح له الشيف بالخروج كان مارجو.
إبليس
نعود للنقطة التي أشرنا إليها في بداية تحليل فيلم The Menu وهي مساعدة الشيف إلسا. هنا تمثل إلسا إبليس وحقده على مارجو – آدم – بعد أن رأت أنها أثارت إعجاب الشيف، ومن الممكن أن تأخذ مكانها، فكان الصراع بينهما والذي انتهى بهزيمة إلسا وقتلها.
الخلاص
يسود الاعتقاد في الديانة المسيحية كما نعرف أن يسوع هو الإله المجسد – أي إنه الإله وابن الإله – بمعنى أنه شخص واحد. ومن هذا المنطلق يرمز الشيف إلى المسيح باعتباره الإله، وبكل تأكيد وجود شخصية الأم في الفيلم تشير إلى أم مريم. ومن خلال صلبه وقيامته يمنح البشر الخلاص والحياة الأبدية. لذا كان مشهد النهاية هو موت الجميع، بما فيهم الشيف وطاقمه بكل تأكيد.
اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Parallel Mothers: هل يمكن لأحداث الماضي أن تحدد مستقبلنا؟ |
الأطباق الفكرية
الأمر الأخر الذي نريد الحديث عنه هو الأطباق الفكرية التي يقدمها الشيف. في البداية علينا أن نعلم جيداً أن الأكل هو أساس وجودي، لأنك إذا لم تأكل ما يكفي من الطعام فستموت حتماً. وعلى مدار تاريخ البشرية، تم تكليف طاهٍ بإعداد وجبات الطعام التي تحافظ على الحياة. لذا فإن وضع ثقتك في يد شخص غريب لصنع الطعام، فأنت تمنحه موقفاً إلهياً. حيث أن بإمكانه أن يمنحك الحياة – الطعام – ويمكنه أيضاً أخذها.
الجزيرة (الطبيعة)
تمثل الأطباق في قصة فيلم The Menu الحلقات الدراسية التي يعلمها الشيف لرواده، ولكن للأسف لم يتعلم منها سوى مارجو. ففي البداية كما أشرنا مسبقاً في مراجعة فيلم The Menu حذر الشيف الجميع من الأكل، ونصحهم بالتذوق. يمثل الطبق الأول الطبيعة بما تحتويه من نباتات، والتي ستفيد الإنسان فيما بعد نزوله إلى هذه الأرض كمصدر للطعام – الحياة.
الخبز بدون خبز (الطعام الأساسي)
أين الخبز؟ يبدأ الطبق الثاني بمزحة. يشتمل الطبق على بعض الصلصات والغموس دون وجود للخبز. في هذا الطبق يسقط أول تلميح كبير: ماذا يحدث إذا حرمت شريحة الأثرياء من الخبز. إن الطعام الأساسي على أي مائدة، لكنه يقدم بعض الصلصات فقط ليخبرنا هل هذا يكفي للبقاء على قيد الحياة؟
التاكو (خطايا الماضي)
إنها وجبة لاستحضار ذكرى. يكشف من خلالها الشيف عن شيء من ماضيه، حكاية قديمة من طفولته حيث اعتاد الاستمتاع بليلة تاكو كل ثلاثاء مع عائلته، ولكن ذات يوم عاد والده إلى المنزل وهو في حالة سكر وأصاب والدته، لذلك أخذ جوليان مقصاً وطعنه في فخذه. هذا هو طبق خطايا الماضي، حيث يقدم مع خبز التورتيلا الطازج الذي يحتوي على صور للذكريات السابقة لكل ضيف في المطعم. من الواضح في هذه المرحلة أن الجميع هنا لسبب ما وأن الشيف يعلم كل شيء عن رواده. كما يعلم تصرفهم وسلوكهم عندما طلب منهم الهروب.
الفوضى
هذا الطبق الذي يحمل اسم الفوضى لم يصنعه الشيف بل صنعه أحد معاونيه، وعلينا التأكيد هنا ما قاله الشيف لمعاونه. حينما قال له يريد أن يأخذ مكاني، هيبتي، يتطلع إلى العظمة، لكنه لن يحققها أبداً. وفي تحول سريع للأحداث، يطلق الطاهي النار على وجهه. الطبق الذي ابتكره جيريمي هو تمثيل للضغط الذي يشعر به المرء ليكون أفضل من أجل أن يكون ناجحاً. ومن المستحيل تلبية جميع التوقعات والمعايير، لذا فإن أفضل طريقة للتعامل مع هذا هو قتل النفس.
حماقة رجل
قبل تقديم هذه الوجبة، يُمنح الضيوف الذكور فرصة للهروب، وهو ما يفعلونه بالفعل. صانع هذا الطبق هي كاثرين، وقبل تقديمه، تروي قصة كيف أراد جوليان إقامة علاقة جنسية معها عندما بدأت العمل معه لأول مرة. عندما رفضته، لم يطردها، لكنه رفض النظر في عينيها. هنا نجد ما يحدث في الواقع الحقيقي حينما يحاول الرجال استمالة النساء من أجل ممارسة الجنس فقط، ولكن عندما يرفضون يحاولون إقامة صداقة بينهما.
الهمبرجر
عندما ينتهي الأمر بمارجو في منزل الشيف، ترى صورة له يبدو فيها سعيداً وهو يصنع الهمبرجر. لذا أدركت أن الطريقة الوحيدة التي يمكنها بها النجاة هي إخباره بالضبط بما يحتاج إلى سماعه كطاهي. هنا تطلب منها تقديم طعام حقيقي بدلاً من هذه الأطعمة التي يقدمها بدافع الهوس وليس الحب. بعد حصولها على البرجر تأخذ قضمة ثم تدفع له الحساب، وتقول أنها ليست جائعة لكنها ترغب في أخذ ما تبقى معها. ما فعلته مارجو لن يفعله أي ثري، لذا فهي الشخص الوحيد الذي يقدر طعامه ويجلب له متعة الطهي. مما أدى إلى هروبها البسيط والفعال من الجزيرة.
الحلوى
هذا الطبق المرتبط بالبراءة والطفولة عبارة عن هراء يجمع من العديد من العناصر الرديئة لكن ما يجعله رائعاً هو النار التي تنقي هذه الشوائب، لذا كان عليه أن يحرق الجميع من أجل التطهير. فهو يعتقد أن الطريقة المناسبة لتصحيح الأشياء هي إنهاء كل شيء.
اقرأ أيضًا: تحليل فيلم mother: نسخة مرعبة من الكتاب المقدس |
إذا نظرنا بتمعن إلى هذه الأطباق في قصة فيلم The Menu نجد أنها تمثل حياة الإنسان بكل مراحلها. والآن كل ما عليك فعله عزيزي القارىء هو إعادة مشاهدة هذه التحفة الفنية، والتفكير فيما قدمناه في هذا المقال من خلال مراجعة فيلم The Menu. فهذا الفيلم عبارة عن وجبة روحية وجودية حاذقة يجب على كل محبي الأفلام تذوقها.