أسلوب حياة

كيف نتعامل مع الخلافات العائلية بشكل بنّاء؟

لا يوجد أحد بمنأى عن الخلافات العائلية، فهي حالة متكررة تنشأ عن التعايش. وهذا لا يعني أن وجود الخلافات يشير إلى بيئة سامة، على الرغم من أنه في بعض الحالات يمكن تكون كذلك. لكن معرفة كيفية إدارة النزاعات العائلية أو تجنبها هو أمر سيوفر على نفسك الكثير من الصداع، ويساعدك على التطور الشخصي والاستمتاع بصحة نفسية جيدة. في السطور التالية نتعرف على أسباب المشاكل العائلية، وتأثيرها، ثم نقدم مفاتيح رئيسية للتعامل مع الخلافات العائلية بصورة صحية.

نظرة عامة على الخلافات العائلية

تتعدى الخلافات العائلية مسألة كونك تغضب أو تثور على أحد أفراد الأسرة، فهي أكثر تعقيداً من ذلك. ففي كل مرة يحدث فيها خلاف يتم إحضار تاريخ السلوكيات أو التجارب أو المحادثات أو التصورات السابقة إلى الحاضر، ومن ثم يتفاقم الصراع ويؤثر رد فعل أحد الأطراف على رد فعل الطرف الآخر. والسبب الأكثر شيوعاً في الخلافات العائلية هو التناقض بين ما يعتقد المرء بأنه الحقيقة من وجهة نظره الخاصة، والحقيقة من وجهة نظر الطرف الثاني. مع العلم أنه يمكن حل هذه الصراعات بشكل ودي وحضاري لكن تأثير الأفراد غير المشاركين في المشكلة يؤدي إلى زيادة التوتر أو تقليله – على حسب شخصية كل فرد.

لماذا من الضروري منع الخلافات العائلية؟

حل الخلافات العائلية
أهمية تجنب الخلافات العائلية

تؤثر الخلافات العائلة على سلام الفرد النفسي، وتعيق التنمية الذاتية، وتكرارها يجعل الحياة جحيماً مستعرة. لكن هناك أسباب مختلفة أخرى تجعل من المهم منع وتجنب الخلافات العائلية، ومن بينها:

  • تتعامل الخلافات الأسرية مع قضايا أكثر حساسية.
  • التقارب المستمر بين أفراد الأسرة الواحدة يجعل الخلافات أكثر حدة.
  • يمكن أن تظهر الخلافات السابقة التي كان يُعتقد أنه تم حلها مرة أخرى مع أي مشكلة جديدة.
  • تؤثر الخلافات العائلية على هوية كل شخص والأسرة كنظام اجتماعي واقتصادي وشخصي.

كان لابد من التعرف على هذه الأسباب للتعامل بشكل أفضل مع المشكلة، وامتلاك المفاتيح والأدوات اللازمة لإدارة هذه النزعات بشكل أكثر وضوحاً.

كيف تتجنب المشاكل العائلية؟

أسباب المشكلات الأسرية
كيف تمنع الخلافات الأسرية

يجب في البداية ألا نخلط بين تجنب المشاكل العائلية قدر الإمكان، وبين منعها إلى الأبد، فهذا الأخير لن يتحقق مطلقاً. ففي كل علاقة ستظهر الخلافات آجلاً أم عاجلاً، ولا سبيل لمنعها، لكن دورنا هو تقليل التوتر الحادث، ومحاولة تجنب ظهورها قدر الإمكان. وهذه النصائح التي نقدمها لك ستساعدك بشكل كبير في الحد من الخلافات العائلية، ولا تظن أن هذه الممارسات ستجعل حياتك وكأنك تعيش في الجنة، لكنها مثل النبات التي تعتني بسقايته كل يوم ولا تنتظر حتى يجف لتسقيه. يحدث هذا مع العلاقات، فلكي تقيم علاقة صحية عليك أن تعتني بها جيداً. ويمكنك القيام بذلك بطريقتين:

  1. أظهر للآخر أنه ذو قيمة.
  2. شاركه واجعله يعرف أنك تضيف قيمة لعلاقتكما.

الأمر بسيط أليس كذلك؟ ولكن ماذا تفعل لجعل الشخص الآخر يدرك ذلك؟ هنا نوضح بعض النصائح:

  • استمع إليه دون أن تحكم عليه.
  • وضح له الجهود التي تبذلها لجعل العائلة أفضل.
  • عبر له عن العاطفة التي تشعر بها تجاهه (عناق، إمساك يديه، تقبيله)، سيعتمد ذلك على مدى قربك منه.
  • ساعده في تحقيق أهدافه.
  • امنحه وقته للتنفيس عما بداخله.
  • رافقه في لحظاته الصعبة.

كل هذه الأمور ستجعل الشخص يشعر بأنه في مكان آمن، ويحظى بالتقدير والاحترام، لذا عليك أن تعتني جيداً بهذه العلاقات. وكلما اعتنيت بها أكثر كلما قل احتمال دخولك في صراعات عائلية حادة وشديدة. ولكن ماذا لو قمت بذلك وظهرت الخلافات، هنا يجب أن تفعل ما عليك فعله حتى لا تدمر هذه الخلافات أسس الأسرة. في القسم التالي سأوضح لك كيف تتعامل مع الخلافات العائلية لدى ظهورها.

كيف تتعامل مع الخلافات العائلية؟

التعامل مع الخلافات العائلية
كيفية حل المشكلات العائلية

ينبغي عليك أولاً أن تنتبه إلى الأخطاء التي تؤجج الخلافات ولا تحلها، وهي كالتالي:

  • الهجوم على الطرف الآخر من خلال إبراز الخطأ الذي يرتكبه.
  • عدم احترام الشخص الآخر والتحدث معه بشكل سيء.
  • تسليط الضوء على كل أفعالك الجيدة التي فعلتها له، ولومه على هذه المشكلات.

يمكن أن يدفعنا الغضب الناتج عن الخلاف إلى التصرف باندفاع، فإذا لاحظت أن الخلاف يتفاقم، حاول الخروج من الموقف، واستنشق بعض الهواء النقي، وعد مجدداً عندما تهدأ. وبعد العودة ما عليك سوى أن تسير وفق هذه الخطوات:

  1. اعترف بخطئك

    إذا كنت مخطئاً لا ترفض الاعتراف بالخطأ فهو فضيلة من فضائل الإنسان السوي. وبداية حل أي مشكلة هو الاعتراف بها. وهذا بالضرورة سيقلل من التوتر الناشئ عن الخلاف، ولن يشعر الطرف الآخر بالهجوم، وبالتالي سيهدأ تدريجياً.

  2. حدد الضرر الناجم عن الخلاف

    في كثير من الأحيان يترك البعض المشكلة الأساسية المطلوب حلها، ويلجأ إلى اجترار خلافات الماضي، وهذا يفاقم المشكلة ولا يحلها، لذا ما عليك سوى أن تطلب من الطرف الآخر أن يهدأ مع وعده بحل هذه المشكلة معاً. وقبل كل شيء مناقشة الضرر الناجم عن الخلاف، وحاول ألا تنجرف إلى مشكلات أخرى سابقة، ركز فقط على هذه المشكلة، حتى تصل معه إلى اتفاق وتفاهم.

  3. عبّر عن الشكوى بشكل بناء

    إن اختيار التزام الصمت بشأن ما يزعجنا لا يساعدنا بأي حال من الأحوال، لأن عدم الحديث عن مشكلة ما لن يصل بك إلى أي مكان، وستظل المشاعر السلبية مسيطرة عليك تجاه الطرف الآخر. ومن هنا نشير إلى أهمية الحديث، مع اختيار الطريقة الصحيحة لمناقشة المشكلة، واحترام الطرف الآخر. لا تعبر عن شكوتك في شكل هجوم، بل يمكنك البدء بالتعبير عن مشاعرك بشكل بناء مثل قول: “أنا أحبك، ولديك العديد من المزايا، لكن هناك بعض الأمور التي اختلف فيها معك، فهل أنت على استعداد لسماعها”.

  4. احترم الشخص الآخر

    لا تنسى حبك ومودتك للطرف الآخر وفضائله، وعامله باحترام، ولا تقلل من شأنه أو أفعاله، فمن المؤكد أنه فعل ذلك لسبب ما، وهنا يأتي دور التعاطف، ويعني التعاطف أن تضع نفسك مكان الشخص الآخر لتعرف لماذا تصرف مثل هذا التصرف. هذه الأمور ضرورية جداً حتى لا تشتد حدة الخلافات العائلية.


لن تساعدك هذه الاستراتيجيات على التعامل مع الخلافات العائلية فقط، بل ستسمح لك فيما بعد على تنظيم مشاعرك في أوقات الأزمات، وتشجعك على حل النزاعات بطريقة صحية، وكذلك ستتعلم منها كيفية التحكم في سلوكك عندما تكون وسط مشكلة ما. لكن عليك الحذر، فعندما تقوم بمحاولة حل الخلافات بطريقة حضارية وقام الشخص الآخر بالتعدي على حقوقك، ولم يحترمك، فيحق لك ألا ترغب في التوصل إلى تفاهم، ومن الأفضل لك الابتعاد عن تلك العلاقة.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!