بلعام بن باعوراء: قصة رجل غامض حمل اسم الله الأعظم

You are currently viewing بلعام بن باعوراء: قصة رجل غامض حمل اسم الله الأعظم
قصة بلعام بن باعوراء

بلعام بن باعوراء هو شخصية غامضة ذُكرت في سفر العدد بالكتاب المقدس، لكنه لم يذكر في القرآن بأي حال من الأحوال إلا أن هناك العديد من الروايات التي تشير إلى أن الشخصية في الآية التي تقول: ” فأتل عليهم نبأ الذي أتيناه آياتنا فانسلخ عنها” هي بلعام. ومع ذلك سنورد قصة بلعام بن باعوراء كما جاءت في العهد القديم، ثم نتعرف على صحة هذه القصة بعد ذلك؟

نسب بلعام بن باعوراء

بلعام بن باعوراء كان من الكنعانيين نسبة إلى كنعان، ويقال إنه ينتسب إلى النبي لوط، وكان يقطن مدينة تدعى “بلقاء” وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى ملكها الأول الذي كان يسمى بالق بن صافوراء. وهذه المدينة كان مشهورة بمدينة الجبارين. نظراً لأن سكانها كانوا يتسمون القسوة والبطش والتجبر. وبلعام بن باعوراء عاش في عصر النبي موسى، وعلى الرغم من حسه الديني الضعيف الذي كان ينبغي أن يقربه أكثر من غيره إلى موسى إلا إنه لم يكن على وفاق تام معه. فما هي قصة ذلك الرجل الغامض؟


دعوة بلعام بن باعوراء

بعد أن خرج بني إسرائيل من مصر، ذهب موسى ومن معه إلى ملاقاة هؤلاء الجبارين في حرب ضروس. في ذلك الوقت كان يعلم الناس أن بلعام بن باعوراء معه اسم الله الأعظم الذي إذا سأله به استجاب الله لدعوته. ولما علم قومه أن موسى على مقربة منهم توجهوا إليه ليطلبوا منه أن يدعو الله على موسى وقومه كي يخلصهم من شرهم. نظراً لأن موسى رجل قوي ومعه كثرة من الجنود. وإنه يتقدم إليهم ليغزوهم ويستولي على أرضهم. ثم ذكروه بأنهم قومه وجيرانه وأصحابه ولا يرض لهم هذا الذل. كما أن ليس لديهم مكان أخر يذهبون إليه إذا ما حل بني إسرائيل على ديارهم.

اقرأ أيضًا: يوشع بن نون: فتى موسى الذي قاد حروب بني إسرائيل

اسم الله الأعظم

كان القوم يعلمون بأنه مستجاب الدعوة نظراً لإنه يعلم اسم الله الأعظم. فقال لهم بلعام: إن هذا نبي الله ومعه ملائكة من السماء ومؤمنون به في الأرض. كيف أدعو عليهم؟!

ظل القوم يلحون في طلبهم ويحاولون استرضاءه بشتى الطرق الممكنة، ولكنه رافض أشد الرفض، ومع هذا الإلحاح الشديد رضخ لطلبهم في النهاية، وقال لهم انتظروا حتى أستأمر ربي. فلقد كان لا يدعو حتى يؤمر بذلك، وكان الأمر يأتيه في أحلامه. وفي منامه طلب من الله أن يدعو على موسى وقومه، فلم يؤذن له بذلك.

رجع إلى قومه وقال لهم: إني قد نهيت عن ذلك الأمر. فما كان من قومه إلا أن ألحوا عليه مرة أخرى. لذا عاد مرة أخرى ليستأمر ربه بالدعوة على موسى، لكن في ذلك الوقت لم يكن هناك رد في منامه. فذهب إلى قومه ليخبرهم بما حدث، وهنا صاح فيه القوم قائلين: لو كره ربك أن تدعو عليهم لنهاك كما فعل في المرة السابقة. لكنهم مع ذلك لم يقتنع بما يقولوه.

بعد هذا الجدال الشديد أدرك القوم أنه بلا فائدة، لذا اتجهوا إلى إغراءه بكل ما يمكنهم أن يغروه به. فحملوا إليه الهدايا، والكنوز من ذهب وفضة. وعندما رفض كل ذلك لم يكن أمامهم من طريق سوى الذهاب بهداياهم إلى امرأته التي كانت يحبها حباً جماً، ولا يرفض لها طلباً.

توجه عشرة من كبار القوم إليها. وكان كل واحد منهم يحمل إناء من ذهب ومال، فأهدوا إليها كل تلك الكنوز وطلبوا منها أن تقنع بلعام بن باعوراء بالدعوة على موسى وقومه. وقد قبلت زوجته الهدايا، وذهبت إلى بلعام وحادثته في الأمر، وظلت تلح عليه حتى امتثل إلى أمرها في النهاية.

اقرأ أيضًا: قصة اليسع: من هو النبي الغامض الذي أقام الموتى؟

حمار بلعام بن باعوراء يرى الملائكة

صحة قصة بلعام بن باعوراء
صورة رمزية لبلعام بن باعوراء على حماره

انطلق راكباً حماره متوجهاً إلى حيث يعسكر موسى وقومه، وتقدم في مسيره حتى أمسى ذا مقربة من منهم، وهنا توقف الحمار وتثبت في مكانه ورفض أن يستكمل المسير. فنزل عنه وضربه حتى تحرك وسار بضع خطوت أخرى. لكنه توقف مجدداً ورفض أن يتحرك نهائياً. ترجل بلعام وشرع في ضرب الحمار حتى أنطقه الله وقال له: ويحك يا بلعام ألا ترى الملائكة أمامي تردني كلما تقدمت؟ أتريد أن تذهب إلى نبي الله والمؤمنين به لتدعو عليهم؟

اقرأ أيضًا: قصة السامري: هل صنع العجل الذهبي أم صنعه النبي هارون؟

تيه بني إسرائيل

لما سمع بلعام بن باعوراء ذلك خر ساجداً وظل يبكي حتى انصرفت الملائكة. وفي تلك اللحظة ركب حماره وعاد إلى قومه، وحينما أخبرهم بما حدث معه استهزأوا به. وما كان منهم في النهاية إلا أن يهددوه. فإن لم يفعل ما يأمروا به سينال منهم العذاب العظيم. فرضخ إلى طلبهم ودعا على موسى وقومه باسم الله الأعظم أن يتوهوا بحيث يتعذر عليهم دخول المدينة. فاستجاب الله له ووقع موسى وبني إسرائيل في التيه بسبب هذه الدعوة.

في هذا الوقت سأل موسى ربه قائلاً: يا رب بأي ذنب أوقعتنا في التيه لنظل فيه أربعين سنة، وذلك بسبب دعاء بلعام بن باعوراء. ثم قال موسى: كما سمعت دعاءه، فهل تسمع دعائي عليه وتنزع منه الاسم الأعظم والإيمان. فاستجاب الله لدعاء موسى وسلخ (أي نزع) عنه ما كان عليه من علم.

إلى هنا يسدل الستار على قصة بلعام بن باعوراء كما ذكرت في الكتاب المقدس، وفي العديد من الروايات الإسلامية، فهل كانت هذه الرواية صحيحة.

اقرأ أيضًا: تابوت العهد: حكاية أكثر الألغاز المحيرة في التاريخ

صحة قصة بلعام بن باعوراء

كما أشرنا من قبل أن قصة بلعام بن باعوراء لم تذكر في القرآن الكريم، ولا حتى بإشارة عابرة. ورغم أنها ذكرت في العديد من الأحاديث المنسوبة للنبي محمد إلا أن هذه الأحاديث بها الكثير من الثغرات التي لا تتوافق مع قصص القرآن فيما يتعلق بالنبي موسى. فما هي صحة قصة بلعام بن باعوراء.

الأمر الأول الذي يجب الإشارة إليه أن خروج بني إسرائيل من مصر ودخولهم في التيه كان بسبب رفض بني إسرائيل أن يدخلوا الحرب مع هؤلاء الجبارين في البداية. حيث قالوا لموسى كما أشار القرآن:

” اذهب أنت وربك فاقتلا إنا هاهنا قاعدون”.

إذن لم يذهب بني إسرائيل لملاقاة هؤلاء الجبارين، الأمر الثاني ربما ذكر قصة ذلك الرجل الذي أتاه الله آياته فانسلخ عنها بعد قصة موسى من الأسباب التي جعلت البعض يشبك خيوط القصة معاً، وطالما لم يذكر القرآن اسم هذا الرجل ولا ما فعله، فكل ما يدور حوله من حكايات هي من قبيل الخيال أو تم أخذها من الإسرائيليات. هذا بالإضافة إلى أن ما أطلقوا عليه اسم الله الأعظم لم يكن له وجود كذلك. بينما الأمر الأخير هو أن في هذه القصة الحمار يتحدث إلى بلعام، وهذا الأمر لم نعهده في قصص الأنبياء التي ذكرت في القرآن من قبل، وعلى الرغم من أن هناك الكثير من المعجزات التي حدثت مع الأنبياء إلا أننا لم نعلم أن بلعام كان نبياً. لذا وجب التنويه إلى ذلك الأمر.  

اقرأ أيضًا: الوصايا العشر في الكتاب المقدس ونظائرها في القرآن

وفي النهاية فما ذكرنا قصة بلعام بن باعوراء إلا لتوضيح أنها مجرد قصة موضوعة من نتاج الخيال لا أكثر من ذلك ولا أقل، وفي الأخير فإن مرجعنا هو القرآن الكريم وكفى به مرجع.


المصادر:

This Post Has One Comment

  1. An Mehdi

    قصة عجيبة حقا!

اترك تعليقاً