قصة اليسع لم تذكر في القرآن بأي نوع من التفاصيل، حيث أتى القرآن على ذكر النبي اليسع في معرض حديثه عن مجموعة من الأنبياء، ومع ذلك تعددت الآراء حول هذا النبي، وأرجح هذه الأقوال إن اليسع هو النبي اليشع الذي تحدثت عن التوراة في سفر الملوك. فما هي قصة ذلك النبي الغامض الذي جعل الله له الكثير من المعجزات؟
بداية قصة اليسع
تبدأ قصة اليسع بعد أن رُفع النبي إيليا إلى السماء، وقد ألقى عليه النبي إيليا عليه ردائه ليحمل اليسع النبوة ويكون خليفة من بعده. أما النبي اليسع فكان ابناً لرجل يدعى شافاط يقطن في غرب الأردن وبالتحديد في المنطقة الواقعة بين البحر الميت والجليل. وكان اليسع ذا ثراء حيث كان أبيه يمتلك في أرضه اثني عشر زوجاً من الثيران يقومون بحراثة الأرض. وكان اليسع يقوم على رعاية أرض أبيه حتى دعاه إيليا ليكون نبياً من بعده. من هنا ترك عمله وانطلق في الدعوة. وكانت وقت دعوته من عهد الملك آخاب إلى عهد يوآب، أي من حوالي 850 إلى 800 قبل الميلاد.
اقرأ أيضًا: قصة النبي لوط في الكتاب المقدس: هل ارتكب الفاحشة مع ابنتيه؟! |
الدعوة
كان طريقة حمل النبي اليسع للدعوة مثل الطريقة التي تميز العديد من أنبياء العهد القديم، فعندما رفع إيليا إلى السماء ألقى عباءته عليه، وعلى الفور ركض اليسع وراء إيليا وقال إنه سيتبعه بمجرد أن يودع والديه. ولقد كان مرافقاً للنبي إيليا في جولاته الدعوية. وقبل أن يصعد إيليا إلى السماء مباشرة، ذهب النبيان من الجلجال إلى بيت إيل وأريحا. وفي الجلجال وأريحا، طلب النبي إيليا من اليسع أن يبقى في هذه القرى، لكن أليشع أقسم أنه لن يترك سيده.
وفي بيت إيل وأريحا سأل بنو إسرائيل اليسع إن كان على علم أن الرب سيرفع إيليا إليه في ذلك اليوم. وقد كان على علم بهذا الأمر. توجّه الرجلان إلى نهر الأردن، وحينما لم يستطيعا عبوره ألقى النبي إيليا رداءه على النهر فانشق النهر ليعبراه سوياً. وبعد عبور نهر الأردن وبينما هما منغمسان في حديثهما ظهرت عربات نارية تجرها الخيول وحملت إيليا عليها إلى السماء في حين كان اليسع يراقب ما يحدث في دهشة.
بعد رفع النبي إيليا إلى السماء جاء الوقت الذي يحمل في اليسع الرسالة، وبعد أن أصبح نبياً شرع في مساعدة المحتاجين، وقامت على يده الكثير من المعجزات، كما كان يقدم المشورة للملك. ولقد لوحظ أن معجزات اليسع هي ضعف العدد الذي قام به سلفه. وإلى هنا تنتهي قصة اليسع، وليتبقى فقط المعجزات التي صنعها الله على يده.
اقرأ أيضًا: أمنون وثامار: قصة الحب المحرمة التي ذكرت في التوراة |
معجزات اليسع
يعد النبي اليسع واحد من أكثر أنبياء العهد القديم في معجزاته التي فاقت في عددها معجزات المسيح عيسى نفسه، ولعل أشهر هذه المعجزات التي ذكرها العهد القديم ما يلي:
-
قصة اليسع مع شق نهر الأردن
بعد اختفاء النبي إيليا، مزق اليسع ملابسه إلى قطعتين وأخذ عباءة إيليا الساقطة. ثم توجه إلى نهر الأردن ليعود أدراجه، وهنا واجه أزمته الأولى. شرع يصرخ قائلاً: “أين الرب إله إيليا؟” ثم ضرب المياه بالعباءة فانفصل الماء. وما إن وصل إلى أريحا حتى أدرك بنو إسرائيل أن روح النبي إيليا تحل فيه. لذا استقبلوه بالترحيب ورضوا عنه، وبعد أن قص عليهم ما حدث لإيليا أصروا على إرسال مجموعة للبحث عنه.
-
تطهير نبع الماء
اشتكى أهل أريحا إلى النبي اليسع من عدم صلاحية مياه النبع، فألقى بوعاء من الملح في النبع وأعلن أن الرب قد غير الينبوع. ويقال إن هذا النبع مازال مصدراً مهماً للمياه الصالحة للشرب يستخدمها الناس حول أريحا حتى وقتنا الحالي.
-
لعنة الأولاد
أثناء ذهابه من أريحا إلى بيت إيل، تعرض اليسع للسخرية من قبل الأولاد الصغار الذين سخروا من رأسه الأصلع. فسبهم باسم الرب. وخرجت دبتان من الغابة ومزقتا اثنين وأربعين من الصبيان.
-
هزيمة موآب
اشترك يهورام ملك إسرائيل ويهوشافاط ملك يهوذا، وملك أدوم في معركة عسكرية على ملك موآب. وأثناء سيرهم في برية أدوم، لم تجد الجيوش ماء وكانوا على وشك اليأس. وفي تلك اللحظة أراد يهوشافاط استشارة أحد أنبياء الرب وأُبلغ أن اليسع كان حاضراً. في البداية رفض اليسع أن ينصح يهورام، ولكن نصحه بعد أن أعطى الرب سلطة للنبي للتنبؤ بأن الأرض ستمتلئ بالماء، وأن الحلفاء سيهزمون الموآبيين. وفي صباح اليوم التالي تحققت النبوءة.
-
قصة اليسع مع زيت الأرملة
اشتكت أرملة فقيرة للنبي من أن دائناً على وشك أن يستعبد طفليها. وعندما علم اليسع أن المرأة لا تملك سوى جرة زيت، أمرها باستعارة العديد من الأواني الفارغة من جيرانها، ثم الذهاب إلى منزلها مع أبنائها وملء كل تلك الأواني من جرة زيت واحدة، بحيث يمكنها أن تدفع ديونها وتعيش على دخل هذا الزيت.
-
إقامة ابن الشونمية من الموت
اقترحت امرأة ثرية من شونم على زوجها أن يبنيا في منزلهما غرفة للنبي. وفي مقابل هذا اللطف، تنبأ اليسع أنه في غضون عام تقريباً سيكون للزوجين اللذين ليس لهما أولاد ولد. وقد حدث بالفعل وأنجب الزوجان ولداً في غضون العام، لكن بعد سنوات قليلة مرض هذا الطفل فجأة ومات. لذا ذهبت المرأة إلى جبل الكرمل لترى النبي اليسع، وتلومه على موت ابنها. وما كان من النبي إلا أن أرسل خادمه جيحزي، وطلب منه أن يضع عصا النبي على وجه الطفل، لكن هذا الأمر لم يكن له أي تأثير. ثم جاء اليسع إلى المنزل، وصلى، وتمدد على جسد الطفل فقام من الموت ليقدمه النبي مرة أخرى لأمه.
-
قصة اليسع مع وعاء السم
أثناء سنوات المجاعة، جاء النبي إلى الجلجال وأمر عبيده بإعداد طعام لبني إسرائيل. وعندما وضع أحد الرجال الجاهلين بعض القرع البري السام في قدر الطهي، ألقى اليسع ترياقاً في الخليط وأصبحت محتويات الوعاء غير سامة.
-
تكاثر الأرغفة والحبوب
أحضر رجل من بعل عشرين رغيفاً من الشعير وبعض السنابل، فأمر اليسع خادمه أن يضعها أمام مائة رجل. وعلى الرغم من احتجاج الخادم، إلا أنه أطاع، وكثرت الأرغفة والحبوب وكان هناك طعام كافٍ للجميع بل تبقى منه.
-
شفاء نعمان
كان نعمان قائد جيش ملك أرام مصاباً بداء الجذام. واقترحت عليه إحدى جواريه وهي فتاة يهودية تخدم زوجته أن النبي اليسع في السامرة يمكنه أن يشفي نعمان. لذا أرسل ملك أرام نعمان إلى إسرائيل برسالة توصية لملك بني إسرائيل. حينما تسلم ملك بني إسرائيل الرسالة أصابه الذعر لأنه خشي أن يحاربه ملك أرام، لكن اليسع سمع بالمشكلة وشفى قائد الجيش من البرص بعد أن طلب منه أن يغطس سبع مرات في نهر الأردن. ثم اعترف نعمان بعد ذلك برب إسرائيل، وحاول أن يقدم له بعض الهدايا القيمة، لكن اليسع رفضها، وحينما عاد قائد الجيش أدراجه انطلق خلفه جيجزي غلام النبي الذي طمع في هذه الهدايا وقال للقائد أن النبي يريد أن يمنح بعض الأنبياء هذه الهدايا، وبعد أن أعطاه القائد بعض الهدايا عاد وأخفاها عن اليسع الذي تنبأ لغلامه بالإصابة الجذام.
-
معجزة دوثان
حاول جيش الملك أرام القبض على النبي في دوثان، لكن الرب حماه بمركبات من النار. وبعد أن ضرب الرب العسكر بالعمى، أتى بهم اليسع إلى السامرة، حيث استعادوا بصرهم. وبناء على نصيحة اليسع، صنع لهم ملك إسرائيل وليمة عظيمة ثم أطلقهم.
لا يتوقف الأمر على هذه المعجزات التي تم ذكرها هنا فحسب بل هناك الكثير من المعجزات الأخرى التي قامت على يد النبي اليسع، ولا داعي لذكر المزيد عنها هنا. وإلى هنا يسدل الستار على قصة اليسع كما ذكرت في العهد القديم.
اقرأ أيضًا: قصة بولس الرسول: كيف استطاع نشر المسيحية في العالم؟ |
المصادر:
الكتاب المقدس – العهد القديم – سفر الملوك.
غريب أمر هذه المعجزات (إن صحت بطبيعة الحال).