مراحل تكوين الجنين: من بداية الرحلة وحتى الخروج إلى الدنيا
مراحل تكوين الجنين عملية غاية في التعقيد، فهي رحلة طويلة يخوضها الإنسان من أجل الخروج إلى الحياة. في هذا المقال نستعرض مراحل تكوين الجنين بشيء من التفصيل للتتعرف على تفاصيل هذه الرحلة الرائعة.
البويضة
يحتوي جسم الأنثى على مبيضين ينتج كل واحد منهما بويضة واحدة كل أربعة أسابيع بالتبادل فيما بينهما. هذه البويضة تظل حية لمدة تتراوح ما بين 12 – 24 ساعة. ومن الملاحظ أن المبيضين يتوقفان عن إنتاج البويضات حينما يتكون الجنين داخل الرحم. إلا إنهما يعاودان العمل من جديد بعد خروج الجنين إلى الحياة. في تلك اللحظة التي يتم فيها إنتاج البويضة تكون على أهبة الاستعداد لاستقبال الحيوان المنوي الذي يظل لديه القدرة على تلقيح هذه البويضة لمدة يومين لكي يحدث الإخصاب عادة في الجزء العلوي من قناة فالوب. لكن تسبق مرحلة الإخصاب رحلة شاقة تخوضها الحيوانات المنوية من أجل الإخصاب.
إخصاب البويضة
تعد أولى مراحل تكوين الجنين هي مرحلة إخصاب البويضة. فهذه البويضة يتجه نحوها أكثر من 300 مليون حيوان منوي بسرعة تصل إلى حوالي ملليمتر في الدقيقة الواحدة. وبعد مرور ساعتين من الوقت نجد أن هذه الأعداد الضخمة من الحيوانات المنوية يقل تدريجياً. وذلك نظراً لأن العديد منها يموت في الطريق. كما أن المهبل يكون حمضياً مما يودي بحياة الكثير من هذه الحيوانات. وعلى الرغم من هذا العديد الهائل الذي يخوض غمار تلك الرحلة إلا أن ما يصل إلى الوجهة النهائية – البويضة – بالفعل هو حيوان واحد فقط، وذلك بعد أن يتغلب على جميع الصعاب التي واجهته في الطريق.
والجدير بالذكر أن في كثير من حالات إخصاب البويضة يصل إليها بالفعل عدد كبير من الحيوانات المنوية إلا أن كل هذه الحيوانات تفشل في النفاذ إلى داخل البويضة ذاتها. بينما ينجح حيوان واحد فقط في اختراق جدارها البروتوبلازمي الذي يتمزق فتحيط البويضة نفسها بجدار أخر لا يمكن اختراقه ويحدث ذلك بعد دخول هذا الحيوان المنشود إلى الداخل.
اقرأ أيضًا: هل المرأة هي المسؤولة عن تحديد نوع الجنين؟ |
مراحل تكوين الجنين – النواة
في تلك اللحظة يندفع رأس الحيوان المنوي – الذي تحتوي نواته على 23 كروموسوماً – نحو نواة البويضة التي تحتوي أيضاً على نفس العدد من الكروموسومات لتكوين نواة واحدة تحتوي على 46 كروموسوماً، وتعرف بالبويضة المخصبة. وتنقسم إلى خليتين تحتوي كل منهما على 46 كروموسوماً. ثم تنقسم الخليتان إلى أربع خلايا ثم إلى ثماني خلايا هكذا يولد الجنين بعد تسعة أشهر. وهكذا نجد أنه من حيوان منوي واحد يمثل أصغر خلايا الجسم البشري، وبويضة صغيرة قطرها 0,14 من الملليمتر ينشأ الطغاة والصالحون والسادة والعبيد بنفس الطريقة.
اقرأ أيضًا: الغرائز البشرية الأساسية: التعريف والأنواع والنظريات والأمثلة |
الظلمات الثلاث
يبدأ تكوين الجنين داخل رحم الأم وسط سائل عجيب يطلق عليه “السائل الأمنيوسي” ويتصل الجنين بالحبل السري وهو في أمان تام. حيث تحيطه ثلاثة أغشية هما:
-
غشاء الأمنيون
وهذا الغشاء بمثابة مكيف طبيعي للجنين، فهو يقيه الحر والبرد تلقائياً، ويحفظ الجنين في درجة الحرارة المثلى. كما يقيه من الصدمات المفاجئة ويتيح له الحركة الكاملة داخل الرحم. هذا بالإضافة إلى أن السائل الأمنيوسي يمنع التصاق الجنين بهذا الغشاء. أي إنه يمنع التشوهات الخلقية، فوجود هذا السائل عامل مهم في تجنب حدوث هذه التشوهات.
-
غشاء الكوريون
هذا هو الغشاء الثاني ويطلق عليه أيضاً الغشاء المشيمي. ويقع في المنتصف بين غشاء الأمنيون والغشاء الساقط. ويتركب هذا الغشاء من طبقتين. أما الطبقة الداخلية فهي مجموعة من الخلايا، وتقوم هذه الخلايا بامتصاص الغذاء من الدم المحيط بها، كما تنقل المضادات للأجسام الغريبة من الأم إلى الجنين فيتكون للجنين الجهاز المناعي وفي الوقت ذاته تمنع عن الجنين انتقال السموم والميكروبات إليه. ولا يتوقف عمل هذا الغشاء على اختيار ما يصلح للجنين وطرد ما يضره بل يرسل كذلك هرمونات يثبت بها الجنين في الرحم، كما ينمي الثديين في الأم استعداداً لإفراز اللبن من أجل الرضاعة الطبيعية.
-
الغشاء الساقط
أما الغشاء الثالث فهو الغشاء الساقط وهو يتكون من الغشاء المخاطي المبطن للرحم وينمو نمواً هائلاً بتأثير هرمون البروجسترون. وقد سمي بذلك الاسم لأنه يسقط ويخرج مع دم الحيض أو دم النفاس إذا كان هناك حمل.
اقرأ أيضًا: معلومات عن قلب الإنسان: مضخة عجيبة تعمل ليل نهار |
الحبل السري
أما أسلوب تغذية الجنين خلال مراحل تكوين الجنين فهو عجيب حقاً. فالجنين يزداد خلال التسعة أشهر مائتين وأربعين مرة طولاً وأكثر من مليون مرة وزناً. والنمو السريع يتطلب المزيد من المواد الغذائية. كما يتطلب الامداد بالأكسجين والماء بالقدر الكافي. وضرورة أن يصل كل ذلك إلى الجنين بشكل مستمر. أما ما يقوم بهذه المهمة فهو الحبل السري الذي يتراوح طوله ما بين 40 – 50 سم. بينما يرتبط هذا الحبل من أحد طرفيه بالأم ومن طرفه الأخر بالجنين ليمده بكل ما يحتاجه من الدورة الدموية للأم. كما يخلصه من النفايات المختلفة. ومن الملاحظ أن الشعيرات الدموية لكل من الجنين والأم على الرغم من تلاصقها وتبادل المواد المختلفة من خلال جدرانها الرقيقة فإن دماءهما لا يختلطان مطلقاً.
مراحل تكوين الجنين – أجهزة الجسم
تدمج ملايين الخلايا الجديدة مع بعضها البعض في مجموعات محددة ومتميزة لتتكون منها الأجهزة المختلفة في الجسم مثل الجهاز الهضمي والجهاز الدوري وغيرهما. وتكون هذه الأجهزة بسيطة في تركيبها في البداية ثم يتعقد التركيب تدريجياً عندما تبدأ الأعضاء المختلفة التي يتكون منها كل جهاز في الظهور. فالعضو يتبعه أخر بنظام شديد الدقة، وفي توقيت محدد معروف.
اقرأ أيضًا: فوائد خروج العرق من الجسم: كيف يمنع العرق احتراق الإنسان؟ |
حماية الجنين
رحلة تكوين الجنين من مرحلة إخصاب البويضة إلى خروجه إلى العالم الجديد مليئة بالعجائب. حيث أن موقع الجنين متميز بصورة كبيرة لضمان سلامته. فمكان إقامته يقع في أكثر أماكن جسم الأم حماية من كل جانب. فالعمود الفقري والأضلاع في جهة، وعظام الحوض في جهة أخرى. بينما تولت عضلات البطن الحماية من جهة ثالثة. ولتوفير مزيد من الأمان للجنين تم وضعه داخل كيس مملوء بماء لزج حتى لا يواجه أي ضغط من أي جانب. وهو يسبح في ذلك الماء نظراً لأن بنيته تكون ضعيفة جداً في مرحلة التكوين، ويمكن لأقل ضغط أن يترك أثراً بالغاً عليه. وهذا الكيس بما يحتويه من ماء لزج يمتاز بقدرته العالية على امتصاص الضربات والحركات السريعة للأم. كما إنه يحافظ على درجة حرارة الجنين في الحدود الآمنة ولا يسمح للحرارة أو البرودة التي تهاجم بطن الأم من الخارج أن تؤثر عليه.
الخروج إلى الدنيا
بعد أن تنتهي مراحل تكوين الجنين، وحين يكتمل نموه ويحل موعد خروجه تتغير أحواله، وتتزايد حركته، وتتوالى لكماته على جدار الرحم الذي عاش فيه تسعة أشهر. وبعد أن كان رأسه يتجه إلى أعلى ووجه إلى ظهر أمه نجده عند ولادته يتحول رأسه إلى أسفل حتى يتمكن من الخروج بسهولة. ما الأسباب التي جعلته يتحرك ليخرج رأسه أولاً؟ هل يعلم أن الخروج برجليه صعب جداً؟ وكيف أعد جسمه لهذا التحول المهم؟ إنها قدرة الخالق العظيمة.
تعد مراحل تكوين الجنين إحدى أعظم الأنظمة المعقدة والمعجزة التي وضعها الخالق. ليس ذلك فحسب بل تمتد عظمة الخالق كذلك في ذلك النظام الدقيق لتغذية هذا الجنين في بطن أمه لحين خروج إلى الحياة.
المراجع:
1. Author: Kendra Cherry, Stages of Prenatal Development, www.verywellmind.com, Retrieved: 12/04/2021. |
2. Author: The Editors of Wikipedia, Human embryonic development, www.en.wikipedia.org, Retrieved: 12/04/2021. |
3. Author: Kara Rogers, prenatal development, www.britannica.com, Retrieved: 12/04/2021. |