فن

مراجعة فيلم Holy Spider: الأرملة السوداء تنظف شوارع المدينة المقدسة

فيلم Holy Spider هو فيلم إثارة إيراني مستوحى من قصة حقيقية لقاتل يجوب مدينة مشهد الإيرانية لتنظيفها من العاهرات. في السطور التالية نتناول قصة فيلم Holy Spider ثم مراجعة سريعة عنه.

معلومات عن فيلم Holy Spider

  • البلد: فرنسا | السويد | ألمانيا | الدنمارك.
  • اللغة: الفارسية.
  • تاريخ الإصدار: 13 يوليو 2022.
  • موقع التصوير: الأردن.
  • المخرج: علي عباسي.
  • الكاتب: علي عباسي | أفشين كمران بهرامي | جوناس فاغنر.
  • وقت العرض: 116 دقيقة.
  • النوع: جريمة | إثارة | دراما.
  • التصنيف: (R) للكبار فقط | يحتوي على مشاهد فاضحة وعنيفة.
  • فريق التمثيل: مهدي باجستاني| زار أمير إبراهيمي| آراش أشتياني.
  • التقييم: 7.3.

قصة فيلم Holy Spider

الفيلم مستوحى من قصة حقيقية لقاتل متسلسل قتل 16 عاهرة بين عامي 2000 و 2001 في مدينة مشهد المقدسة بإيران. تدور أحداث الفيلم حول الصحفية الاستقصائية رحيمي – زار أمير إبراهيمي – التي تصل إلى مدينة مشهد للتحقيق في سلسلة جرائم القتل الوحشية التي تعرضت لها البغايا، والتي نفذها ما يسمى نفسه “العنكبوت المقدس”. رحيمي مصممة على حل القضية، لكنها سرعان ما تواجه مقاومة. حيث ترفض السلطات التعاون بجدية معها. بل والأدهى من ذلك تجد أن الشرطة سعيدة للغاية لأن شخصاً ما يتجول ويقتل العاهرات في المدينة.

بالتزامن مع قصة الصحفية رحيمي، نتبع القاتل المعني سعيد – مهدي باجستاني. يعمل سعيد في النهار كعامل بناء مجتهد يفعل كل شيء لمن حوله، وخاصة زوجته وأطفاله المحبين. ومع ذلك، فإن سلوكه الجيد هو غطاء لأفعاله كقاتل. ففي الليل يخرج لتعقب العاملات بالجنس ويستدرجهن إلى منزله بوعد بالمال والأفيون. ثم يخنق النساء ويلقي بالجثث في الحقول. يعتبر سعيد نفسه خادماً أميناً لله؛ وهو مكلف بمهمة تخليص مدينة مشهد من كل الخطاة.

بعد  أن علمت رحيمي بتواطأ السلطات وعدم رغبتهم في القبض على القاتل، تلجأ بمساعدة صحفي أخر في وضع خطة تقتضي أن تتنكر في شكل عاهرة حتى يلتقطتها السفاح وتكشف عنه. لكن لم يسر الأمر كما أرادت نظراً لأن الصحفي أضاع السفاح خلال مراقبته. عندما صعدت معه الصحفية إلى منزله حاول قتلها لكنها قاومت، وشرعت في الصراخ حتى انتبه الجيران. واستطاعت الهروب.

اعتقد السفاح أن الفتاة لن تعود مجدداً ولن تبلغ الشرطة عنه وهو لا يعلم أنها صحفية. وفي اليوم التالي حضرت الشرطة للقبض عليه. ومع ضغط الرأي العام العالمي كان على الحكومة أن ترسل القاتل إلى الإعدام.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم A Hero: نكسة واضحة بمعايير فرهادي السينمائية

مراجعة فيلم Holy Spider

قصة فيلم Holy Spider
مشهد من فيلم Holy Spider

تعتبر مدينة مشهد واحدة من الأماكن السبعة المقدسة وهي من مواقع حج الإسلام الشيعي التي يزورها الملايين بسبب قبر الإمام الشيعي الثامن الموجود هناك. بينما في بداية الألفية الجديدة، وقعت سلسلة من جرائم قتل الفتيات اللاتي عملن في الدعارة في هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 3 ملايين نسمة. وقد تبين أن ما يسمى بالقاتل العنكبوت هو متعصب ديني أراد تنظيف شوارع المدينة المقدسة.

الجدير بالذكر أن الإشارة إلى القاتل باسم العنكبوت في فيلم Holy Spider يعود إلى الآية 41 من سورة العنكبوت التي تقول:

” مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً. وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون”.

ويقصد بالعنكبوت هنا الأرملة السوداء الخطيرة التي تجذب فرائسها وتقتلها. سعيد هو الشخص الذي قتل النساء من خلال وضعهن في شباكه الفوضوية.

HOLY SPIDER هو أحد أفلام الغموض والإثارة التي تسير بخطى مكثفة مع العديد من المنعطفات في السيناريو. أما الغريب هو أن مخرج الفيلم علي عباسي – وهو إيراني يعيش في الدنمارك – قدم أحد أفضل الأفلام في العقد الماضي – Border – وهو استعارة تحريضية مع عناصر خيالية لوضع المهاجرين في أوروبا. أي أن التوقعات حول مشروع عباسي القادم كانت عالية. وكان من المتوقع أن يكون هناك شيء أكثر إبداعاً وجرأة، مع سرد أقل تقليدية. لكن لم يحدث هذا فجاء السيناريو خطي تماماً وربما هذا أضعف ما في هذا الفيلم. فالمشكلة الرئيسية في الفيلم هي تعامل عباسي مع القصة بخطية، وبالتالي إفسادها، حيث أن هذا التعامل هو ما أفقد اللغز الكامن وراء هوية القاتل ولماذا يفعل ذلك.

حقوق المرأة في إيران

لكن مع ذلك فإن وجود امرأة كبطلة للقصة تسمح للمخرج بالتطرق إلى موضوع غالباً ما نراه في السينما الإيرانية، وهو التحيز والقمع ضد المرأة في ذلك المجتمع الصارم. وفي الوقت نفسه الذي يكشف فيه ما يتعلق بالعنف وسوء المعاملة والظروف اللاإنسانية التي تتعرض لها البغايا، سيظهر عباسي ما يمكن للأصولية الدينية أن تفعله، حيث لا يتمتع سعيد بالخصائص المعروفة للمختل عقلياً – فهو يعتقد إنه يفعل الخير للأمة.

إن إحدى التحولات الرائعة للفيلم هي دخول المرأة وقضاياها في المجتمع. حيث نرى في البداية الصحفية العازبة رحيمي وهي جديدة على مدينة مشهد وتفشل بالفعل في شيء يبدو أنه طبيعي، وهو حجز غرفة في فندق كامرأة عزباء، حتى تنجح أخيراً بالإشارة إلى وظيفتها. إنها ليست العقبة الوحيدة التي ستواجهها في بحثها عن الحقيقة – ومع ذلك تبدو هذه الصعوبات بسيطة نسبياً مقارنة بالنضال اليومي من أجل البقاء على قيد الحياة للنساء اللاتي يجبرن على ممارسة الدعارة في شوارع المدينة لتأمين سبل العيش.

تشير شخصية رحيمي التي فصلت من وظيفة قديمة بسبب التحرش الجنسي من قبل رئيس تحريرها السابق إلى الأخلاق الجنسية المزدوجة، وبالتالي تعمل كصحفية مستقلة تحارب ضد الظلم وعدم المبالاة من جانب السلطات. يخرج علي عباسي هذه القصة المثيرة بفاعلية مرضية وعين ثاقبة للواقع الاجتماعي في الزمان والمكان.

الدين كأداة سياسية

أما الأمر الأكثر إثارة للخوف في فيلم “العنكبوت المقدس” هو استخدام الدين كأداة سياسية. وهنا أوضح عباسي بصورة رائعة كيف يمكن التلاعب بالرأي العام بسهولة إلى درجة تأييد مثل هذه الهمجية. إن نضال رحيمي هو صراع يمتد إلى جميع أنصار الإنسانية في هذه الأوقات الكارثية ذات الآفاق المظلمة.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Escape from Mogadishu: ملحمة سياسية مذهلة

الجدير بالذكر هو أن فيلم العنكبوت المقدس ترشح في العديد من المهرجانات السينمائية، وفازت الممثلة زار أمير إبراهيمي بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان السينمائي عن دورها الرائد. ومع ذلك، فقد تلقت إبراهيمي التي تعيش في المنفى في فرنسا منذ عام 2008، العديد من التهديدات بالقتل بعد إصدار الفيلم. كما تم حظر الفيلم في إيران وفرضت قيود على السفر ضد كل من ساهم فيه. حتى أن وزارة الثقافة الإيرانية قارنت الفيلم برواية سلمان رشدي “آيات شيطانية” وهو ما عرضه للطعن في 12 أغسطس 2022 أثناء محاضرة له في نيويورك. كل هذه الأمور تثبت أنه لا تزال حقوق الإنسان وحقوق المرأة والحرية لم تتحقق حتى الآن في إيران.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!