فن

مراجعة فيلم Escape from Mogadishu: ملحمة سياسية مذهلة

فيلم Escape from Mogadishu هو فيلم حركة مكثف ودراما سياسية مؤثرة عن الصراع بين كوريا الجنوبية والشمالية في ظل الحرب الأهلية الصومالية. إنه واحد من أفضل الأفلام الكورية التي صنعت عام 2021. في السطور التالية نستعرض قصة فيلم الهروب من مقديشيو ثم نقدم مراجعة لهذا الفيلم الرائع.

معلومات عن الفيلم

  • البلد: كوريا الجنوبية.
  • اللغة: الكورية.
  • تاريخ الإصدار: 6 أغسطس 2021.
  • المخرج: سيونغ وان ريو.
  • الكاتب: سيونغ وان ريو| كي تشول لي.
  • وقت العرض: 121 دقيقة.
  • النوع: دراما | أكشن | إثارة.
  • التصنيف: (R) للكبار فقط | يحتوي على مشاهد عنيفة.
  • فريق التمثيل: كيم يون سوك | إن سونغ جو | جون هوه| كيو هوان كو.
  • التقييم: 7.0.

قصة فيلم Escape from Mogadishu

تدور قصة فيلم Escape from Mogadishu في أوائل التسعينيات في مدينة مقديشو بالصومال. وبالتحديد قبل اشتعال الحرب الأهلية الصومالية في عام 1991. في ذلك الوقت يكافح أعضاء السفارة الكورية الجنوبية وعلى رأسهم السفير الكوري من أجل إقناع الرئيس الصومالي محمد سياد بري بالتصويت على عضوية كوريا الجنوبية في منظمة الأمم المتحدة. وعلى العكس من ذلك يحاول أعضاء سفارة كوريا الشمالية في إفشال هذه المساعي.

استمرت هذه المشاحنات في ظل الصراع بين كوريا الجنوبية والشمالية عبر أعضاء السفارتين حتى اندلعت الحرب الأهلية في الصومال. ومن ثم تم قطع جميع الاتصالات في البلاد. وفي خضم الحرب أصبحت السفارات معلقة بين دعم وتأييد الحكومة الصومالية أو بين دعم المتمردين أو الثوار. ورغم ذلك فإن كلا الجانبين معادون بشدة لوجودهم الأجنبي على الأراضي الصومالية.

التعاون بين الجانبين

في تلك الأوقات كان لا مفر لأعضاء السفارتين من التعاون معاص للهروب من مقديشيو. على الرغم من أن حكومات البلدين قد حظرت التعامل بينهما. لكن عواصف الرصاص والقتلى التي تملأ شوارع مقديشيو جعلت لا سبيل للنجاة سوى اتحادهما معاً. وخاصة حينما لم تعد الحكومة الصومالية قادرة على ضمان حماية السفارات من الثوار، مما جعلها عرضه لهذه الهجمات الشرسة.

في مواجهة هذا التهديد، قرر سفير كوريا الجنوبية وسفير كوريا الشمالية تنحية خلافاتهما جانباً على أمل إخراج كل شعبهما من الصومال على قيد الحياة. لتبدأ رحلة الهروب من مقديشيو. حيث قرر الطرفان أن الكوريين الجنوبيين يذهبون إلى السفارة الإيطالية ليحتموا هناك ويستطيعوا كذلك الاتصال بحكومتهم، في حين يذهب الكوريون الشماليون إلى السفارة المصرية ليفعلوا بالمثل.

عندما وصل الوفد الكوري الجنوبي إلى السفارة الإيطالية تم استقبالهم بالترحيب وتقرر منحهم طائرة تعود بهم إلى كوريا الجنوبية. أما السفارة المصرية فلم تستطع مساعدة الوفد الكوري الشمالي. لكن قبل أن يرحل الكوريون الجنوبيون سأل السفير الكوري عن إمكانية سفر أعضاء السفارة الكورية الشمالية معهم. إلا أن السفير رفض ذلك الأمر نظراً لعدم وجود اتفاقية تعاون بين البلدين. وهنا يقرر السفير الكوري الجنوبي منح تأشيرات لأعضاء السفارة الكورية الشمالية كونهم مواطنين جنوبيين. ومن هنا عاد الجميع سالماً بعد رحلة أهوال على طوال الطريق إلى الطائرة.

اقرأ أيضًا: قصة فيلم World War Z: حكاية بسيطة ومبتكرة بلا تعقيدات

مراجعة فيلم Escape from Mogadishu

الصراع بين كوريا الجنوبية والشمالية في قصة فيلم Escape from Mogadishu
مشهد من فيلم Escape from Mogadishu

الهروب من مقديشو هو فيلم يتناول الوضع السياسي في الصومال، لكنه لا يركز على ذلك، فهو ليس فيلماً مباشراً عن الصومال، بل هو قصة الصراع بين كوريا الجنوبية والشمالية. فكلا الجانبين الكوريين، يتعين عليهما التغلب على التحيز وعدم الثقة الأبدي في ظل الظروف القاسية من أجل الوصول إلى الهدف معاً. ففي مثل هذه الظروف يتعين على الأعداء أن يصبحوا حلفاء. إنها قصة إنسانية عميقة، وعلى الرغم من كل القسوة التي تحيط بها، إلا أنها تحتوي على شيء جميل. ويعطي رسالة مهمة أن بإمكان الدولتين أن يتجاوزا خلافاتهما.

الصراع بين الكوريتين

بعد أن انتقلت كوريا الجنوبية بنجاح إلى الديمقراطية، كانت حريصة على احتلال مكانتها على المسرح العالمي من خلال الانضمام إلى الأمم المتحدة. مع العلم أن الأصوات الأفريقية مهمة في هذه العملية، لذا فإن السفير الكوري الجنوبي في الصومال مصمم على ضمان حصوله على أصوات الرئيس بري في الحقيبة قبل أن ينهي فترة ولايته. لكن لسوء الحظ، أحبطت محاولاته أولاً بسبب نقص المعرفة الثقافية عن هذا البلد كما يتضح من الهدايا غير المناسبة التي أعدوها للرئيس والتي تشمل المشروبات الكحولية باهظة الثمن على الرغم من حقيقة أن الصومال دولة مسلمة، وثانياً من قبل الكوريين الشماليين الذين يبدو أنهم أقاموا علاقة أوثق مع النظام الحاكم وهم حريصون على ضمان عدم حصول كوريا الجنوبية على مقعدها في الأمم المتحدة.

الحرب الأهلية الصومالية

فيلم Escape from Mogadishu مأخوذ عن قصة حقيقية ويبدأ قبل وقت قصير من التصعيد الكبير للحرب الأهلية الصومالية عام 1990. في ذلك الوقت كان الوضع في البلاد خطيراً بالفعل، لكنه لا يزال تحت السيطرة، وبالتالي فهو آمن إلى حد ما للدبلوماسيين. يبدأ الفيلم بتقديم الممثلين من السفارتين (بشكل سطحي قليلاً) والقضايا المحلية التي يواجهونها في عملهم، سواء كان ذلك مع الحكومة المحلية والشعب أو من خلال التنافس بين الكوريتين. لقد تم بالفعل تناول الفساد وأنشطة العصابات والفقر بشكل موضوعي هنا، ولكن على الرغم من جوهره الخطير، يحافظ الفيلم في البداية على نبرة هادئة ويحافظ في الوقت ذاته على روح الدعابة، لكن لحسن الحظ لم يبالغ في هذا الأمر لأ الهروب من مقديشو لا ينبغي أن يفشل في إحداث تأثير كدراما مروعة.

بمجرد أن يتغير المزاج، يصبح تهديد وخطورة الموقف أكثر وضوحاً. حيث يسيطر المسلحون على الشوارع، وتفقد الحكومة وقوات الشرطة كل سلطتها، ولم يعد الاتصال بالعالم الخارجي ممكناً. وفي تلك اللحظات يتحول الفيلم إلى فيلم حركة وإثارة مفعم بالحيوية حيث يتجول الكوريون العزل الآن في الشوارع بينما تتطاير طلقات الرصاص في الهواء وتتناثر الجثث في الشوارع. لقد تم تنظيمه بشكل مثير وعاطفي، حتى لو كانت بعض المشاهد على الأرجح مبالغ فيها لأغراض سينمائية. كما يتم التقاط أجواء التسعينات وحالة الحرب بصورة أكثر من رائعة.

التصوير والتمثيل

يعد فيلم الدراما الكورية الجنوبية Escape from Mogadishu أحد أعظم الأفلام لعام 2021. ونظراً لأنه لا يزال من المستحيل حتى يومنا هذا تصوير فيلم في الصومال، اختار صانعو الأفلام الكوريون الجنوبيون إعادة إنشاء مقديشو في المغرب والنتيجة النهائية تبدو أصيلة للغاية. كما أجرى مصممو المجموعة مقابلات مع العديد من الدبلوماسيين الذين عملوا في العديد من البلدان الأفريقية في أوائل التسعينيات للحصول على سيناريو موثوق بشكل صحيح تماماً.

أما بالنسبة للتمثيل فكان أداء أبطال الفيلم أكثر من مذهل. من السياسيين الفاسدين إلى ضباط الشرطة العدوانيين إلى المستشارين المشبوهين والسفراء الدبلوماسيين، يعرض فيلم Escape from Mogadishu عدداً كبيراً من الشخصيات المثيرة للاهتمام. فالممثلين والممثلات من كوريا الجنوبية وخارجها يعيدون الحياة إلى هذه الشخصيات بلغة جسد قوية وحوارات مكثفة.

الواقعية في فيلم Escape from Mogadishu

تسلسل الحركة في فيلم Escape from Mogadishu مثير للإعجاب أيضاً. جرائم الحرب التي ظهرت في شوارع الصومال مخيفة وواقعية لأنها قد تجعل حتى أشد المشاهدين يرتجفون ويبكون. الهجوم على سفارة كوريا الشمالية هو أيضاً مشهد لا ينسى حيث يتم تصوير رعب الضحايا الأبرياء بكفاءة عالية. أما أبرز ما في الأمر هو تسلسل مطاردة السيارات في الثلث الأخير حيث تحاول قوافل كوريا الشمالية والجنوبية عبور المدينة للوصول إلى السفارة الإيطالية. تتضمن هذه المعركة من أجل البقاء اصطدامات خطيرة وانفجارات مشتعلة وطلقات نارية لا نهاية لها. سيبقيك هذا الفيلم على حافة مقعدك في هذا الثلث الأخير الرائع.

يقدم فيلم Escape from Mogadishu أيضاً رسالة رائعة عن العمل الجماعي والمرونة والتعاون. فلا يمكن لأعضاء سفارتي كوريا الشمالية والجنوبية البقاء على قيد الحياة إلا إذا وثقوا ببعضهم البعض ووضعوا أجنداتهم السياسية جانباً. يثبت هذا الفيلم أنه يجب على البلدين أن يتحدان في نهاية المطاف وأن يكون لهما مستقبل مشرق معاً، تماماً كما كان الحال بالنسبة لألمانيا الشرقية والغربية في أوائل التسعينيات.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم Train to Busan: هل البشر أشد خطورة من الزومبي؟

في الختام فإن هذه الدراما المؤثرة عن الصراع بين كوريا الجنوبية والشمالية رغم حبكتها البسيطة إلا أنها جذابة وواقعية لأنها تستند إلى أحداث حقيقية. أما أولئك الذين يزعمون أن فيلم Escape from Mogadishu قد يكون عنصرياً بسبب قلة الممثلين الصوماليين والتصوير السلبي للحرب الأهلية فهم مخطئون تماماً لأن هذا الفيلم يعرض الأحداث تماماً كما عاشها الناس في أوائل التسعينيات. فإذا كنت تبحث عن سينما أصلية تحرك عقلك وقلبك وروحك، فعليك بالتأكيد تجربة هذا الحدث السينمائي.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!