كيف تكتسب المرونة في مواجهة الصعوبات؟

You are currently viewing كيف تكتسب المرونة في مواجهة الصعوبات؟
كيف تكون مرناً؟

المرونة هي القدرة على مواجهة المواقف الصعبة والصدمات. ولقد نجح البشر منذ آلاف السنوات في النجاة في ظل الظروف القاسية لتحلّيهم بالمرونة اللازمة. لكن هذا لا يعني أن محن الحياة قد انتهت، ففي عصرنا الحالي تواجهنا العديد من المحن والمشكلات الحياتية التي يجب مواجهتها بالمرونة الكافية. في هذا المقال نتعرف على مفهوم المرونة النفسية والعاطفية، وأهم صفات الشخص المرن.

ما هي المرونة النفسية؟

المرونة النفسية هي القدرة التي يتعين علينا التحلي بها من أجل التعافي من مواقف التغيير التي تؤثر علينا، سواء كان ذلك بسبب القلق أو انعدام الأمن أو مشاكل أعمق، مثل التغييرات الجادة في حياتنا التي تجعلنا نعيد التفكير في عالمنا بأكمله والتي تتطلب منا السيطرة على الوضع.

يشير علم النفس إلى أن هناك خمس سمات شخصية رئيسية: الانفتاح، الضمير، الانبساط، الوفاق، العصابية. وعندما نتحدث عن الشخص المرن نعني أنه الذي يسجل درجات عالية في سمة الانفتاح. وهكذا، عندما يكون الشخص منفتحاً وخيالياً ومبدعاً، ولديه فضول بشأن حياته الداخلية وما هو جديد من الخارج، ويكون منفتحاً على تجربة أشياء جديدة، والاستماع، والتفكير، و دمج الأفكار الجديدة والقيم غير التقليدية، فهو شخص يتمتع بالمرونة. وهذا الانفتاح مرتبط بالمرونة المعرفية، وهي قدرة عقولنا على تكييف سلوكنا وتفكيرنا مع المواقف المتغيرة أو الجديدة أو غير المتوقعة.

تمتلىء الحياة باللحظات الجيدة والسيئة، ولكن في اللحظات الصعبة يأمل البعض أن يتمكنوا من القدرة على تجاوز تلك اللحظات، وهنا يلعب عامل المرونة دوراً هاماً في حياة كل شخص. بينما تختلف ردود أفعال الناس تجاه المواقف أو الصعوبات التي تواجههم. فلكل إنسان شخصية منفردة ومتفردة، وإدراك كل واحد فريد من نوعه. وترتبط الاستجابة وردود الأفعال تجاه المواقف الصعبة بالعديد من السياقات التي تساعد في تشكيل شخصية شخص ما. حيث يمكن لشخصين يواجهان ظروفاً مماثلة، ويمرون بنفس التجربة أن تأتي استجابتهم بطرق مختلفة تماماً. على سبيل المثال عند مواجهة مرض ما، سيكون لدى الشخص الذي لديه تأمين صحي وأموال مدخرة المرونة الكافية لمواجهة المرض، في حين لن يفعل ذلك الشخص المدين بالمال، أو الذي لا يملكه.

اقرأ أيضًا: أفضل أدوات إدارة العواطف في علم النفس

فوائد أن تكون مرناً

أهمية المرونة
صفات الشخص المرن

إن التحلي بصفة المرونة النفسية يمكن أن توفر للشخص العديد من المزايا والفوائد. لكن قبل أن نتعرف على مزايا التمتع بالمرونة علينا أن نوضح أن هذه الصفة مثل العديد من خصائص الشخصية الأخرى تتمتع بمستويات، فهي ليست شيئاً تمتلكه أو لا تمتلكه، ولكن البعض يتمتع بمستوى مرونة أعلى من الآخرين.

تحقيق الأهداف

المرونة النفسية هي صفة حاسمة أثناء السعي لتحقيق هدف ما، فخلال الطريق لتحقيق بعض الأهداف، من المرجح أن نتعرض إلى الفشل في مرحلة ما، وبالتالي فإن التمتع بمستوى معين من التفاؤل ومستوى جيد من المرونة هو العامل الحاسم لمواصلة المحاولة وعدم الاستسلام.

لا يتوقف الأمر على الفشل فحسب، بل تلعب المرونة دوراً مهماً في الأحداث الصادمة التي نتعرض لها في الحياة مثل صدمة مثل فقدان أحد الأحباء على سبيل المثال. فمن المتوقع أن تجعل هذه الأحداث المؤلمة أولئك الذين يعانون منها يأخذون وقتاً طويلاً في الحداد، ويعيشون مراحل الحزن واليأس التي تمنعهم من مواصلة حياتهم. لكن الأشخاص التي تتمتع بالمرونة النفسية الكافية يدركون جيداً أن هذا الأمر ضروري في الحياة وسيحدث عاجلاً أو آجلاً، ومن هنا يتجاوزوا مراحل الحزن ويعودوا سريعاً إلى حياتهم الطبيعية.

التعلم من التجارب السابقة

هناك بعض الأحداث التي تحدث في الحياة بشكل مستقل عنا، مثل المثال السابق. ولكن هناك أحداث أخرى يمكننا فيها تجنب الصدمة أو المحنة إذا استطاعنا اتخاذ قرارات صحيحة. لكن لا يسير الأمر كذلك على الدوام، فلابد لنا أن نتعرض للعديد من التجارب الفاشلة أو المؤلمة لنكون قادرين على التعلم منها بعد تجربتها. ففي جميع التجارب التي نعيشها هناك شيئاً ما نتعلمه. ففي المثال السابق يمكننا استخدام التجربة للتعلم منها في المستقبل المرونة في مواجهة الحزن والتغلب عليه سريعاً.

الاستعداد بشكل أفضل

هناك ميزة أخرى تتعلق بالمنظور الذي يمكن أن تتمتع به الشخصية المرنة، وترتبط بتصور الحياة، فالشخص الذي يقبل أن الحياة تتكون من النجاحات والفشل أو التجارب الإيجابية والسلبية سيكون مستعداً بشكل أفضل وربما أكثر حماسة مقارنة بشخص آخر لا يتمتع بالمرونة.

اقرأ أيضًا: كيف تكون أكثر حزماً في سلوكك وقراراتك؟

نصائح لتكون أكثر مرونة

نصائح لتكون أكثر مرونة
أهم النصائح لتكون شخصاً مرناً

تساعدنا المرونة النفسية على تحسين نوعية حياتنا، وتطوير ذواتنا، والتكيف مع المواقف غير المتوقعة، ولكن  كيف يمكننا أن نكون أشخاصاً أكثر مرونة؟ خاصة عندما نفقد السيطرة على المواقف أو إذا حدث خطأ ما خططنا له.

استمع بفعالية

هل تعلم لماذا خلق الإنسان بأذنين، ولسان واحد؟! لو تفكرت قليلاً لأدركت أهمية وجود أذنين. هذا الأمر يشير إلى أن علينا أن نستمع أكثر مما نتحدث، وهو ما سيساعدك على فهم ما يحدث. والأسباب التي أدت إلى هذا الموقف، وحينها ستكون على أهبة الاستعداد قبل التصرف أو اتخاذ القرار.

تجنب الصلابة في التفكير

الجمود الفكري شيء سيء كما الحكم على الناس بالضبط، وقبول وجهات النظر جميعها ستجعل منك شخصاً مرناً. ولكي يكون لديك القدرة على ذلك ما عليك سوى وضع نفسك وطريقة تفكيرك مكان الشخص، حينها ستدرك جيداً لماذا تصرف مثل هذا التصرف، وستتفهم الموقف بصورة أفضل.

راقب المواقف

يعاني الكثير من البشر في عصرنا الحالي من انعدام التركيز، ولكن لاكتساب المرونة النفسية عليك أن تراقب المواقف بحكمة وتمنح نفسك الوقت اللازم للتفكير قبل الاستجابة الاندفاعية التلقائية.

اعرف ذاتك

كلما زاد الوقت والجهد الذي تقضيه في الاهتمام باحتياجاتك وعواطفك وأفكارك وفهمها وتقبلها، زادت المرونة التي ستطورها في مواجهة التغيير. وتعد معرفة الذات عاملاً مهماً في الشخص المرن، كما ترتبط ارتباطاً مباشراً بعادة أخرى سيتم استكشافها لاحقاً (الموضوعية) وهي أن الشخصيات المرنة تدرك جيداً نقاط القوة والضعف لديهم، وهذه المعرفة مفيدة لأنها توفر المعلومات التي تساعد الشخص على التركيز على ما يمكنه القيام به بشكل أفضل وتجنب الأمور التي لا يمتلك خبرة فيها.

تقبل الشك

صفة أخرى من صفات الشخص المرن هي تقبل الشك. فلا يأخذ المعلومات التي تأتيه على أنها أموراً مسلم بها، بل يضعها على ميزان الشك حتى يصل إلى المعرفة الحقيقية. ومن المتعارف عليه أن نجاح أو فشل شيء ما لا يعتمد فقط على حدود معرفة الذات، بل يعتمد كذلك على عوامل خارجية لا نستطيع التحكم فيها. لذا يجب على الشخص المرن بغض النظر عن معرفة نفسه أن يكون على دراية بالموقف وأن يكون قادراً على قبول عدم اليقين.

كن موضوعياً

إن العادة المتعلقة بمعرفة الذات هي المنظور الموضوعي، ومن الواضح أن الإدراك البشري سيكون له دائماً درجة من الذاتية، لكن محاولة رؤية الأشياء بموضوعية قدر الإمكان يمكن أن تكون حاسمة لتطوير المرونة.

لتوضيح ذلك، نستعرض مثالاً: إذا تقدمت لشغل وظيفة ما وتم رفضك. هنا يمكن لأي شخص مرن أن يواجه رفضاً وظيفياً بأفكار مثل أنهم ربما وجدوا مرشحاً بسيرة ذاتية أفضل أو أكثر كفاءة مع الشعور بالرضا عن النفس، ومحاولة بذل قصارى الجهد لتطوير الذات، في حين أن الشخص غير المرن قد يعتقد أنه لم يتم تعيينه نظراً لوجود المحسوبية، والفساد. سيشعر الشخصان بمشاعر سلبية، لأنها جزء طبيعي من الرفض. لكن عقلياتك ووجهات نظرك المختلفة ستجعل من السهل أو الأصعب عليك المضي قدماً.

تمرن على التفكير المتشعب

التفكير المتشعب أو التفكير الجانبي هو الذي يسمح لك بتوليد أفكار مبتكرة وعمليات تفكير جديدة من خلال استكشاف العديد من الحلول الممكنة لإيجاد بدائل إبداعية لحل مشكلة ما. يمكنك ممارسة هذا النوع من التفكير من خلال حل الألغاز والألعاب التي تساعدك على التفكير خارج الصندوق.

غيّر روتينك

يلتزم الأشخاص من ذوي التفكير الجامد بالخطة الأصلية عند حدوث التغيير. لذا توقف عن التحسر على “ما يجب أن يكون” وحاول أن تتكيف مع التغيير. اكسر الروتين عن طريق القيام بالأشياء التي تقوم بها بشكل مختلف.

إن البشر هم كائنات مرنة بشكل عام. ولكن هناك البعض لا يتحلون بصفات الشخص المرن. ويمكن أن تصبح هذه القدرة مفيدة وتساعد أولئك الذين يمرون بأوقات صعبة. لذا فإن تطويرها هو هدف يجب تحقيقه.

افعل أشياء مختلفة

من المستحسن أن تتجرأ من وقت لآخر على الخروج من القاعدة أو العادات والتقاليد دون خوف من رأي الآخرين؛ أي ترك ما يسمى بمنطقة الراحة. ابحث عن تجارب جديدة. وتغلب على الخوف بداخلك.

اترك تعليقاً