كيف تتكيف مع التغيير في عالم سريع الخطى؟

You are currently viewing كيف تتكيف مع التغيير في عالم سريع الخطى؟
كيف تتأقلم مع التغيير في الحياة

التكيف مع التغيير هو مفتاح تطوير الشخصية لأي إنسان، فالمرونة في مواجهة تحديات ومواقف الحياة المختلفة تجعلنا أقوى ولا تسمح لنا بالسقوط في فخ السلبية والإحباط. في السطور التالية نتعرف أهمية التكيف مع التغيير؟ وكيف نحققه في حياتنا؟

ماذا يعني التكيف مع التغيير؟

التكيف مع التغيير هو قدرة الشخص على مواجهة تحديات أو مواقف جديدة، سواء في المجال الشخصي أو المهني. ومن المتعارف عليه أن الشخص الذي يمتلك هذه المهارة يتمتع بالمرونة والتحكم في عواطفه. كما إنه شخص إيجابي يتصف بالإيجابية والاستعداد لتحقيق أهداف الحياة الخاصة به. لذا نجد أن هذه المهارة من المهارات الضرورية في الأعمال التجارية بشكل عام، بينما يتم وضعها في الاعتبار من قبل أرباب العمل وموظفي التوظيف في أي شركة.

لا يتمتع الكثير من الناس بهذه القدرة. حيث يفضل المعظم أن يظلوا آمنين في منطقة الراحة الخاصة بهم، وليس لديهم رغبة مطلقاً في التجديد أو التغيير. لكن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة، فالتغيير سنة الحياة، وسيحدث آجلاً أو عاجلاً. وربما نلاحظ التغيير حولنا في كل مكان، فالفرص تأتي وتذهب، والصداقات تتغير، والأجساد تصح وتمرض، ويدخل البعض في حياتنا ويخرجون. فلا يمكن أن يظل شيئاً على حاله إلى الأبد. ومن هذا المنطلق يجب على الجميع أن يتعلم كيف يتعامل مع التغيير؟


لماذا يقاوم البشر التغيير؟

على الرغم من أن التغيير هو سمة أساسية في الحياة إلا أن البشر يتميزون برفض التغيير ومقاومته حتى مع أشد الناس جرأة وشجاعة نرى أنهم يقاومون تغيير بعض الأمور، وذلك لأن قبول بعض الأمور الجديدة يتطلب جهداً وتركيزاً كبيراً من أجل فهم هذه الأمور وتبنيها. سواء كان الأمر يتعلق بالتكيف مع التغيير التنظيمي أو التكيف مع العمل أو القدرة على التكيف مع المواقف الشخصية.

هناك سبب آخر يمكن أن يعيق عمليات التغيير لدينا هو أننا مخلوقات تحكمنا العادة، ومن الصعب التخلي عن عاداتنا حتى لا تفسد توازن حياتنا، لذا فإن التجديد والتغيير يغمرنا بالخوف والارتباك والتوتر والقلق، ومن هنا ننكره ونرفضه. ومع ذلك، فقد أثبتت الأبحاث النفسية أن الأدمغة يمكن أن تتغير بل وتتغير طوال الوقت، لذلك يمكن تشكيل مسارات عصبية جديدة بوعي. كل ما يتطلبه الأمر هو العمل على الثقة بالنفس والتعامل مع عقلية أكثر انفتاحاً.

اقرأ أيضًا: أهم أسباب الهجرة الرئيسية في عالم اليوم

مزايا التكيف مع التغيير في الحياة

أهمية التكيف مع التغيير في الحياة
أهمية التكيف مع التغيير

تحظى القدرة على التكيف في مكان العمل بتقدير كبير، حيث يعتقد أرباب العمل أن الموظفين الذين يتمتعون بالمرونة الكافية وتقبل التغيير هم الأكثر إنتاجية. كما يتميزون بقدرتهم على عدم إضاعة الوقت في محاولة التغلب على الخوف والضغط تحت وطأة التحديات الجديدة. هذا بالإضافة إلى أن الشخص القابل للتكيف واسع الحيلة ويتمتع بقدرة تحليلية عالية، ولا يخشى إظهار قدراته على المشاركة في مقترحات جديدة. أما بالنسبة لأهمية التكيف مع التغيير في الحياة الشخصية فهي تبقيك واقفاً على قدميك عندما تحاول محن الحياة ومشكلات الحياة اليومية إحباطك. ومن مزايا التكيف مع التغيير الأخرى ما يلي:

اكتساب المرونة

يعتمد النجاح في الحياة دائماً على قدرتنا على التكيف مع التغيير أكثر من اعتمادنا على مستوى التعليم أو الذكاء أو الخبرة التي لدينا. إن مواجهة كل ما يأتي في طريقك من تحديات بمرونة يزيد من قدرتك على التعامل مع التغيير. وبدلاً من إهدار طاقتك في محاولة تغيير الظروف، فإن تغيير نفسك سيجعلك تزدهر في كل ما تخطط للقيام به.

اغتنام الفرص

يمكن للتغييرات غير المتوقعة في الحياة أن تخرجنا من منطقة الراحة الخاصة بنا، لكن إذا كنا نتمتع بالمرونة الكافية لمواجهة التغيير حينها فقط نستطيع اغتنام الفرص التي تظهر أمامنا، ولا تخشى من الفشل، فالفشل موجود ليعلمنا ويطور من شخصيتنا. لذا يجب عليك أن تنحي فكرة أن التغييرات في الحياة هي عقبات في الطريق بل هي وسيلة لتحقيق النجاح والتقدم في كل جانب من جوانب الحياة. ومن الضروري تعديل الإدراك والمزاج لرؤية التغييرات الكبيرة كفرص فريدة وغير متكررة.

تحسين الصحة العقلية

هل يمكن أن تكون القدرة على التكيف مع التغيير وسيلة لتحسين الصحة العقلية؟ بكل تأكيد نعم. حيث أن الشخصيات الإيجابية تتأقلم بسهولة أكبر مع التغييرات، ولا يقاومون المواقف التي تنشأ. فهذه المواقف في الطبيعي هي مواقف خارجة عن سيطرتنا وإرادتنا، لكن ما نملكه في أيدينا هو موقفنا تجاهها وكيفية مواجهتها. بينما تساعدنا القدرة على التكيف على التخلص من المشاعر السلبية الناتجة عن التغييرات غير المرغوب فيها، فضلاً عن التوتر والقلق. مما يساهم في تحسين الصحة العقلية والنفسية.

القدرة على القيادة

إن القدرة على التكيف مع التغييرات لأي فريق عمل داخل الشركة هي ميزة تسمح بتحديد الشخصيات التي تتمتع بالقدرة على قيادة الفريق. فمما لا شك فيه أنه عند مواجهة مواقف جديدة في مجال العمل سيبرز فقط القائد الذي يمكنه حل المشكلات بكفاءة، وقد يصبح نموذجاً يحتذى به لبقية الأعضاء. حيث أن القدرة على قبول التغيير والعقلية المرنة عند ظهور مواقف جديدة تساهم في الوصول إلى الأهداف بسهولة أكبر وتحقيق نتائج أفضل للمؤسسة.

اقرأ أيضًا: كيف تواجه أزمة منتصف العمر؟

كيف تتأقلم مع التغيير في الحياة؟

خطوات للتكيف مع التغيير في الحياة
خطوات بسيطة تساعدك على التكيف مع التغيير

يعد التكيف السريع مع التغييرات سواء في الحياة الشخصية أو في مكان العمل أمراً ضرورياً للتطور في كلا المكانين. حيث يتعامل بعض الأشخاص مع التحديات الجديدة والمتطلبات والبيئة المتغيرة وغير المتوقعة بسهولة أكبر. إنهم أشخاص يتمتعون بالاستقرار العاطفي والطموح بشكل خاص، ولكن هناك مهارات تجعل من السهل عليهم التكيف مع التغيير وهي ما يلي:

  1. كن مرناً

    لن تسطيع التكيف مع التغير إلا إذا كنت تتمتع بالمرونة، وعلى استعداد كافي لكسر العادات وتحدي النفس حينما تتغير الظروف. وبدلاً من البحث عن أسباب التغيير وإلقاء اللوم والشكوى، تبدأ في التفكير الإيجابي في كيفية التأقلم مع الظروف الجديدة.

  2. ضع خطط بديلة

    إن التفكير في المستقبل ووضع الخطط البديلة لكل الأمور أمر مهم جداً، لذا يجب أن تركز طاقتك على أن تكون أفضل، وتوازن بين عيوب ومزايا كل موقف يمكن أن تتعرض له. بمعنى أنه يجب عليك أن تكون ذو رؤية استباقية، ومبدعة وخلاقة في الوقت ذاته. وبهذه الطريقة لن تتفاجأ بحدوث التغيير، بل بإمكانك التعامل معه بسهولة.

  3. كن فضولياً

    ربما يكون الفضول هو السبب الرئيسي لما وصلت إليه البشرية من تقدم وتطور. لذا يجب أن تتحلى بالفضول، نظراً لأنه أمر أساسي من أجل اكتساب القدرة على التكيف مع التغيير. ومن هنا ينبغي عليك أن تكون فضولي جداً، ولا تخشى طرح الأسئلة، بغرض البحث عن الحلول واستكشاف المشكلات بكفاءة.

  4. استغل الفرص

    يرى الأشخاص القادرون على التكيف الفرص وسيلة لتحقيق النجاح في الحياة. بينما يراها الآخرون عقبات أو إخفاقات. لذا يجب أن تسخر كل الأفكار والموارد التي تملكها وتستخدمها عندما تأتيك الفرصة، واعلم جيداً أن الفرص المواتية هي وسيلة للتعلم والتطوير.

  5. ركز على هدفك

    كثير من الناس بدلاً من تركيزهم على تحقيق أهدافهم نجدهم يركزون على الناس وما يفلعوه، ومن ثم ندخل في دوامة النقد والشكوى وتصيد الأخطاء لهم. لكن التركيز على الهدف واستيعاب جميع المعلومات المتوفرة وتحليلها وفهمها والتكيف معها من أهم سمات الشخصيات القادرة على التكيف مع التغيير.

  6. تمتع بالذكاء العاطفي

    إذا أردت أن تكون لديك مهارة الـتأقلم مع التغيير عليك أن تتمتع بالذكاء العاطفي، والذكاء العاطفي يعني التسامح والتعاطف مع الجميع، واحترام جميع وجهات النظر حتى وإن اختلفت مع وجهات نظرك الخاصة. فهذه الصفة ضرورية جداً ليس من أجل التقدم في العمل فحسب، بل لتطوير شخصيتك والوصول إلى النضج العقلي.

  7. كن متفائلاً

    إن التفاؤل هو إحدى المهارات الضرورية لتمتلك القدرة على التكيف مع التغيير، فبدون التفاؤل ورؤية الحياة من منظور متفائل ستسقط حتماً في فخ السلبية والإحباط. والشخص القادر على التكيف لديه القدرة على التمتع بالإيجابية اللازمة لاجتياز المهام الصعبة كما إنه يعلم جيداً كيفية تصحيح الأخطاء، وعلى دراية بإمكاناته.

اقرأ أيضًا: قبول الذات: كيف تقبل نفسك في 10 خطوات؟

كيف تساعدك مهارة التكيف مع التغيير في الحياة؟

يمكن أن يفيدك التكيف مع التغيير في حياتك الشخصية وفي بيئة العمل كذلك. حيث يمكن أن تساعدك هذه المهارة الأساسية فيما يلي:

القيمة المهنية المضافة

يمكن اعتبارها ميزة تنافسية، حيث أن التكيف مع التغيير حالياً هو إحدى القدرات التي يتم تقييمها بشكل أساسي من قبل أرباب العمل عند تعيين موظفين جدد. ويتم اختيار موظفاً لديه القدرة على التكيف ويتميز بالانفتاح على الأفكار الجديدة. أي إنه يكون قادراً على توقع التغيير وليس الذعر عندما لا تسير الأمور كما هو مخطط لها.

تسهيل الانتقال الوظيفي

التغييرات في المجال المهني وكذلك في المجال الشخصي ضرورية وإلزامية. وقد تكون هناك فرصة للحصول على ترقية أو وظيفة جديدة أو في أسوأ الأحوال تقرر الشركة إغلاق أبوابها، في أي من هذه السيناريوهات سنشهد تغييراً يجب أن نواجهه. إذا كنا نتمتع بالمرونة الكافية ونفهم جيداً معنى التكيف، فسيكون التغيير إلى منصب جديد أو البحث عن وظيفة جديدة تجارب أسهل للتعامل معها، دون توتر أو خوف.

التغلب على الشدائد في الحياة

كل شخص في العالم لديه محن يجب مواجهتها. لكن يكمن الاختلاف في طريقة مواجهتها، فهناك من يواجهها بسلبية وتشاؤم وهناك من يراها فرصة أخرى وتحدي جديد في الحياة. وعلى حسب نظرتك للأمر تستطيع أن تصمد في مواجهته. إن الشخصيات التي لديها القدرة على التكيف مع التغيير هم الأكثر استفادة من هذه المحن.

الرضا عن الحياة

لا يمكننا استبعاد التأثير النفسي الإيجابي للتكيف. حيث يتمتع الأشخاص القادرون على التكيف بالعملية والفرصة لإجراء تعديلات لتلبية احتياجات ومتطلبات التغيير، بدلاً من الانغماس في بحر من الشكاوى والمخاوف، التي سيتعين عليهم التغلب عليها في نهاية المطاف. إن التحدي المتمثل في المهارات يحفز عقولنا، وحتى إذا لم تتمكن من تغيير الموقف، فستجد الرضا بغض النظر عن الظروف.


في الختام لا يسعنا سوى القول أن التغيير هو سمة متأصلة في الطبيعة البشرية، وضرورية للتطور. وربما تكون هذه التغيرات التي تحدث لنا طوال الوقت خارجة نطاق سيطرتنا، لكن يجب أن نتعلم كيف نتأقلم معها، ولا نقاومها. والتكيف مع التغييرات يمكن أن يجعل من هذه التجارب الحياتية الحتمية أقل صدمة. ومن الطبيعي أن يؤدي التكيف مع التغيير إلى توليد بعض الخوف والقلق، ولكن على المدى الطويل هناك المزيد من المزايا لهذه السيناريوهات التحويلية، والتي تتحدنا جميعاً من أجل التطور والتعلم.

اترك تعليقاً