تعزيز الثقة بالنفس: من أين تبدأ؟

You are currently viewing تعزيز الثقة بالنفس: من أين تبدأ؟
مفاتيح امتلاك الثقة بالنفس

هل لديك تقدير متدني لذاتك ولا تعرف كيف تتعامل معه؟ هل قرأت جميع كتب التنمية الذاتية، وقمت بزيارة مئات المقالات بحثاً عن الإجابة ولكن ينتهي بك الأمر بمزيد من الارتباك والحيرة. كيف تعزز الثقة بالنفس؟ كيف يكون لديك احترام صحي لذاتك؟ من أين تبدأ؟ في هذه المقالة سنحاول كشف الغموض عن هذه القصة لتتخلص من شكوكك وحيرتك، لكن عليك أن تتحملني حتى النهاية التي سأكشف فيها مفاتيح امتلاك الثقة بالنفس. فهل أنت مستعد؟

تحذير: إذا كنت تبحث عن حلول فورية وسحرية فليس لها وجود، لكن يقدم لك علم النفس تلك الحلول من منظور آخر، بناءً على كيفية فهم سلوكك وبيئتك وعملك وما أنت عليه.

الذات واحترامها

تُعرف الذات في علم النفس على أنها مجموعة من الصفات (الأفكار، والمعتقدات، والمعرفة، والمهارات، والمواقف، والقيم) التي يمتلكها كل شخص عن نفسه، مع العلم أنها يمكن أن تتغير بمرور الوقت، وهذه الصفات هي كينونة هذا الشخص. أما احترام الذات فهو التقييم الذي لديك عن نفسك، ويجمع أفكارك ومشاعرك وخبراتك التي كنت تستوعبها طوال حياتك. باختصار، الصورة التي قمت بإنشائها عن نفسك. لتسهيل الأمر، دعنا نقول إن مفهوم الذات يعني “من أنت؟” واحترام الذات يعني “هل تنظر إلى نفسك بالإيجاب أم بالسلب؟” ومن هذا المنطلق يمكن لأي شخص أن يكون لديه مفاهيم ذاتية سلبية وإيجابية مع الحفاظ على احترام الذات.

إذن احترام الذات هو تقييم شخصي لقيمتك كشخص. أعني بهذا أنه لا يعكس قدراتك أو مواهبك الموضوعية، إنه مجرد تفسير. كذلك يتقلب احترام الذات طوال الحياة اعتماداً على الظروف المحيطة بحياتك، لذا يمكن أن يرتفع احترامك لذاتك في بعض الفترات ويقل في فترات أخرى. لكن يظل ضمن الحدود الثابتة في كل شخص. والأهم من ذلك أن تقديرك لذاتك من عدمه لا يضمن لك النجاح في الحياة.

على سبيل المثال: سارة امرأة تبلغ من العمر 45 عاماً، وتقول إنها تتمتع بالثقة بالنفس، والاحترام الكبير لذاتها، وبفضل هذا الأمر فقط هي الآن الرئيس التنفيذي لشركة متعددة الجنسيات. لا شيء مما تقوله سارة صحيح، فالثقة العالية بالنفس لن تقودك إلى النجاح في القريب العاجل. لذا لا تنخدع بما يقوله هؤلاء الذين يبيعون لك الوهم تحت عنوان “المساعدة الذاتية”. فهناك العديد من العوامل التي تؤثر على ما يسمى بالنجاح، مثل أن يتصور كل شخص النجاح بطريقة مختلفة، والبلد الذي يعيش فيه، والعلاقات الاجتماعية وعشرات العوامل التي تؤثر على جزء من احترام الذات. نحن لا نعطي أهمية كبيرة لعامل واحد فقط.

اقرأ أيضًا: قبول الذات: كيف تقبل نفسك في 10 خطوات؟

أسباب عدم الثقة بالنفس

أسباب عدم الثقة بالنفس
أهم أسباب عدم احترام الذات

لا أستطيع أن أخبرك عن مفاتيح امتلاك الثقة بالنفس دون التحدث إليك أولاً عن الأسباب المحتملة لتدني احترام الذات. فلكي نحل مشكلة ما علينا في البداية أن نعرف أسبابها حتى نصل إلى حلول شافية تخلصك من معاناة البحث وضياع الكثير من الوقت. ربما يتساءل الكثير: لماذا أنا؟ لماذا أعاني من عدم الثقة بالنفس؟ ولماذا يقل احترامي لذاتي؟ يتأثر عدم الثقة بالنفس بعدة متغيرات، ضع في اعتبارك أن هذا ليس سبباً ونتيجة، فهذه هي المتغيرات التي تؤثر بشكل عام على احترام الذات:

  • الاعتداء الجسدي أو الجنسي أو النفسي.
  • فقدان أحد الأحباء.
  • الشعور بالإهمال في الطفولة.
  • المواقف المحفوفة بالمخاطر في العمل.
  • التعرض للتنمر أو الإساءة في علاقة أو مضايقة في العمل.
  • الشعور بالفشل في عدم تلبية توقعات الآخرين.
  • المعاناة من مرض عضال.
  • الشعور بأنك غير ذات أهمية (في عائلتك، في عملك، وسط مجموعة من الأصدقاء).
  • الشعور بالاستبعاد في مكان إقامتك (ما نسميه الإقصاء الاجتماعي).

هل هناك المزيد من المتغيرات التي تؤثر على احترام الذات؟ بالتأكيد نعم. هل هذا يعني أنه إذا رأيت نفسك في أي من هذه المواقف، فسوف ينخفض ​​تقديرك لذاتك؟ لا على الإطلاق، فهذا يعتمد على مهاراتك، وثقافتك، أي على الموارد التي لديك في تلك اللحظة لإدارة الموقف. دون أن ننسى التفسير الذي نصنعه للموقف. لا أقصد على الإطلاق أن أخبرك بالتفكير بشكل إيجابي (هذه كذبة كبيرة).

اقرأ أيضًا: أهمية الصدق كقيمة أخلاقية في المجتمع

عواقب تدني احترام الذات

عواقب تدني احترام الذات
تأثير عدم الثقة بالنفس

تقدير الذات هو مجموعة من السلوكيات، لذلك فهو بالطبع يؤثر على جوانب أخرى من حياتك. على وجه التحديد في الطريقة التي تفسر بها ما يحدث لك في يومك. والخبر السار هو أن هذا الأمر يمكن تعلمه. أنا أعطيك مثالاً. فُصلت ماريا للتو من وظيفتها. في حالة مثل هذه، ستشعر ماريا بالإحباط والحزن والغضب (سيحدث ذلك لنا جميعاً) ويمكنها تفسير الموقف بطرق مختلفة، مما سيكون له تأثير على ما ستفعله بعد ذلك:

  • تعتقد ماريا بأنها لا تزال قوية وتؤمن بقدراتها حتى لو فُصلت من عملها، مما سيساعدها على تجاوز هذه المحنة والبحث عن عمل.
  • تقول لنفسها إنها عديمة الفائدة والقيمة. وهذا سيغذي حزنها وستصاب ماريا بالإحباط لدرجة أنها لن تملك القوة لبدء البحث عن وظيفة أخرى.
  • تُلقي ماريا اللوم على الشركة لفصلها، وتعتقد بأن جميع الشركات ستكون مثل تلك. لذا لن تبحث عن وظيفة لأنها تعتقد أنها ستُعامل معاملة سيئة هناك أيضاً.

هل ترى؟ إنها نفس الحالة مع تفسيرات مختلفة. لقد رأيت أن التفسيرات تعدل ما ستفعله ماريا لاحقاً وتؤثر على عواطفها واحترامها لذاتها وثقتها بنفسها وما إلى ذلك. الآن بعد أن عرفت ما هو تدني احترام الذات وفهمت أنه شيء يتغير، دعنا نضع الأسس التي نسير عليها لتعزيز الثقة بالنفس.

اقرأ أيضًا: الطريق إلى تحقيق الذات في الحياة

كيف تعزز ثقتك بنفسك؟

الثقة بالنفس وتطوير الذات
كيف تحسن الثقة بالنفس

هذه هي المفاتيح التي يجب أن تضعها أمامك باستمرار:

  1. حدد جوانب حياتك التي تجعلك تشعر بقيمتك

    بمعنى أن تركز اهتمامك على ما تستطيع فعله، وما تبرع فيه، واعمل على تعزيزه. ضع أهدافاً واقعية بناءً على قدراتك الحقيقية. فالأهداف الصعبة للغاية تبعدك عن أهدافك الحقيقية وعن نفسك. اعرف من أنت، ستكون هناك أشياء لا تحبها ولا تجيدها، التقط جوهرك. ومن هناك، جدف في هذا الاتجاه.

  2. كن أكثر مرونة مع نفسك ومع الآخرين

    من الطبيعي أن نرتكب أخطاء وأن الأمور لا تسير على ما يرام في المرة الأولى، فهذا جزء من طبيعتنا البشرية. حقيقة أنك فشلت في شيء ما لا تجعلك فاشلاً. ومن هنا، عليك البدء في تحمل العواقب، ولا تفكر في المواقف بمبدأ الأبيض أو الأسود، واستمع إلى وجهات نظر مختلفة. فلا يوجد إنسان كامل، وجميعنا أخطأنا.

  3. تخلص من الأفكار المقيدة

    لدينا جميعاً هذه الأنواع من الأفكار، مثل “لن أكون قادراً على ذلك”، “دائماً ما أخطئ”. لذا عليك أن تجعل هذه الأفكار تذهب بعيداً، وعقلنا جيد جداً في خلق البدائل، وجيد أيضاً في زيادة الأمر سوء، ما عليك سوى الاختيار. حدد هذه الأفكار السلبية وانظر إليها على أنها مقيدة.

  4. لا تكتف بملاحظة الجوانب السلبية في نفسك

    كل شخص لديه نقاط قوة ونقاط ضعف معينة، فأنت لا تعرف كيف تفعل كل شيء بطريقة صحيحة. يجب عليك قبول ذلك قبل المتابعة. حينها سيكون لديك منظور مختلف وأريد أن أقترح أن تبدأ في تركيز انتباهك على إنجازاتك، سواء كانت كبيرة أو صغيرة. وهذا لا يعني ألا تفكر في إخفاقاتك، لكن ما لا يجب أن تدعه يحدث هو أن تتعثر في نقاط ضعفك. وإذا سقطت في هذا الفخ، توقف، وخذ نفساً عميقاً وحاول أن ترى ما قمت به بشكل صحيح، وانظر إليه من منظور آخر أكثر احتراماً.

  5. أحب نفسك بشكل أفضل

    لن أطلب منك أن تحب نفسك أكثر، يبدو لي أمراً سخيفاً. فلديك الحق في أن تكره نفسك في وقت ما، فنحن لا نعيش في عالم وردي. لكن مع ذلك يمكنك أن تتعلم أن تحب نفسك بشكل أفضل. تخيل الموقف التالي، عندما يكون صديقك أو شريكك أو أحد أفراد أسرتك مخطئاً بشأن شيء ما، هل يقل حبك وتقديرك له؟ هل تتصرف معه بازدراء؟ بالطبع لا. نفس الأمر يجب تطبيقه على نفسك، فهل تعتقد أنه إذا سارت الأمور على ما يرام فأنت تحب نفسك ولكن إذا ساءت الأمور فأنت تكره نفسك؟ اسمح لنفسك بأن تكون مخطئاً وأن محبتك وقبولك لا يعتمد على النتائج. صحيح أنه في بعض الأحيان قد تغضب من نفسك لكن قيمتك الشخصية وثقتك بنفسك لا تلعب دوراً في هذا الأمر.

ربما أصابتك صدمة عندما علمت أن الأمر بهذه السهولة، أليس كذلك؟ لكن انتظر لم يتبق لدينا سوى تطبيق بعض التمارين لبناء أسس الثقة بالنفس بطريقة صحية.

اقرأ أيضًا: مشكلات الحياة اليومية النفسية والاجتماعية وحلولها

أنشطة لتعزيز الثقة بالنفس

مفهوم الثقة بالنفس
تمرينات لتعزيز الثقة بالنفس

سأخبرك الآن بنشاطين سهلين ومفيدين للغاية للعمل على احترام الذات. وكما سترى، يرتبط كل نشاط من الأنشطة بمفاتيح تعزيز الثقة بالنفس التي أشرنا إليها.

النشاط الأول: قائمة نقاط قوتك

نحن البشر بارعون في تذكر لحظات فشلنا، والأوقات التي أخطأنا فيها، ولكن ما قمنا بفعله بشكل ناجح وصحيح ننساه في غمضة عين. نحاول التركيز على نقاط ضعفنا ونهمل نقاط القوة لدينا.

  1. خذ ورقة وقلم (يمكنك استخدام هاتفك) وقم بإعداد ثلاث قوائم:
  2. اكتب المجاملات التي قدمها لك الآخرون. على سبيل المثال، أنا معجب بأفكارك، أو “أنت مضحك جداً.
  3. ضع قائمة بالقدرات ونقاط القوة التي تعتقد أنك تمتلكها.على سبيل المثال، أنا محترم أو صبور أو جيد في مساعدة الآخرين.
  4. اجمع الأشياء التي تشعر بالفخر بنفسك من أجلها. على سبيل المثال، أشعر بالفخر لأنني حصلت على وظيفة في (..).

لا تستعجل القيام بذلك، من الأفضل أن تفعل ذلك لعدة أيام. بمجرد حصولك على القوائم، أقترح أن نفكر فيما يلي، اتبعني حتى تضيع وسط الطريق.

المجاملات:

  • إلى أي مدى تصدق كل مجاملة؟ (رقمها من 1 إلى 10، واحد يعني لا أصدق ذلك، و10 أعتقد ذلك تماماً).
  • ما الذي تعتقد أنه سيتغير إذا صدقتهم جميعاً؟ هل تنظر لنفسك بالعيون نفسها؟

نقاط القوة:

  • ماذا تقول نقاط القوة التي تمتلكها عنك؟
  • هل ترغب في تعزيز أياً منها؟ ماذا يمكنك أن تفعل من أجل ذلك؟

أشياء تفتخر بها:

  • ماذا تقول عن نفسك بعد أن تمكنت من تحقيق هذه الأشياء التي تفتخر بها؟
  • ما هي قدراتك الكامنة وراء كل إنجاز حققته؟

قبل أن تنتهي، أقترح أن تأخذ ورقة، وتدون الثناء ونقاط القوة والأشياء التي تشعر بالفخر بها وتضعها في مرمى البصر. وفي يوم سيء ما عليك سوى النظر إليها.

النشاط الثاني: أوقات ممتعة

يساعد هذا التمرين على تعزيز الثقة بالنفس بصورة لا يمكنك تخيلها، والهدف منه هو أن تقضي وقتاً كل يوم في الرعاية الذاتية. وللقيام بذلك، أقترح عليك عمل قائمة بالأشياء الصغيرة التي تجدها ممتعة والتي يمكنك القيام بها يومياً. وكلما كانت القائمة أطول وأكثر تنوعاً، كان ذلك أفضل، لذلك سيكون لديك المزيد من الخيارات. أنا أعطيك مثالاً:

  • الذهاب للتمشية.
  • التحدث مع صديق.
  • مشاهد حلقة من مسلسلك المفضل.
  • طهي طبقك المفضل.
  • قراءة كتاب.
  • لعب الورق.

بعد الانتهاء من إعداد القائمة، اكتب كل نشاط على قطعة من الورق وقم بطيه. ثم احتفظ بجميع هذه الأوراق في صندوق صغير بجانب فراشك. وعندما تستيقظ كل يوم، خذ ورقة عشوائية وافتحها وانظر إلى النشاط الذي يجب القيام به هذا اليوم. وبهذه الطريقة ستقوم بتدريب عقلك على الاستمتاع بلحظات ممتعة وتخصيص مساحة لها كل يوم. ليس من الضروري أن تكون عطلة أو عطلة نهاية أسبوع للاستمتاع، يمكننا تخصيص وقت لرفاهيتنا كل يوم.

اقرأ أيضًا: لماذا نعاني عندما نقع في الحب؟

يعد تعزيز الثقة بالنفس طريقاً رائعاً، على الرغم من كونه ليس مفروشاً بالورود. ويتحقق ذلك بتعلم الاعتدال في النقد الذاتي، ومراقبة الذات بموضوعية، وتقييم النفس بطريقة بناءة ومحترمة والبحث عن أهداف تتكيف مع إمكاناتك. والآن لديك مفاتيح تعزيز الثقة بالنفس بين يديك، فهل تضعها موضع التنفيذ؟

اترك تعليقاً