الروايات الأكثر إثارة للجدل في التاريخ
يعج تاريخ الفكر الإنساني بالعديد من الأمثلة على مصادرة حرية التعبير والفكر. فهناك ما لا يعد ولا يحصى من الكتب التي تعرضت للاضطهاد والحظر من قبل الحكومات أو المؤسسات الدينية المتشددة أو الرقابة على المواد الثقافية التي كانت موجودة في بعض الديكتاتوريات. تتعامل هذه الكتب مع موضوعات مثيرة للجدل، أو على وجه التحديد التابوهات الثلاثة “السياسة والدين والجنس”. وقد أثارت هذه الكتب الكثير من الجدل المحيط بها حتى وصل إلى أبعاد ملحمية. ولا تزال مثل هذه الكتب مثيرة للدهشة حتى وقتنا الحالي. ومن منطلق أن الممنوع مرغوب، وأن الفضول الإنساني لا حد له نحاول استعراض بعض هذه الروايات المحظورة والتي منعت من النشر لنتعرف على محتواها وسبب الجدال حولها.
مغامرات هكلبيري فين لمارك توين – 1884
تعد رواية مغامرات هكلبيري فين التي كتبها مارك توين بعد الحرب الأهلية الأمريكية واحدة من أعظم الروايات الأمريكية. وكانت الفترة التي نُشرت فيها الرواية فترة اضطرابات سياسية يسود فيها التمييز العنصري بين البيض والسود. واعتبر البيض أن السود لا يصلحون سوى أن يكونوا عبيداً. وفي تلك الرواية التي كتبها مارك توين بالعامية، وبالمناسبة هذه الرواية هي أول رواية تُكتب بالعامية في تاريخ الأدب، انتقد فيها مثل هذه الأوضاع. بدأ الجدل حول الرواية منذ اللحظة الأولى التي نُشرت فيها. ووصفها النقاد حينها بأنها مجرد هراء بسبب اللغة التي استخدمها مارك توين، والطريقة التي مثل بها العرق، بالإضافة إلى الهجاء السياسي والاجتماعي الذي ساد في عصره. وعلى الرغم من الأوضاع تغيرت الآن، إلا أن الكتاب لا يزال مثيراً للجدل حتى يومنا الحالي، للأسباب نفسها. وفي فترة التسعينيات من القرن الحالي، وضعت قائمة بالكتب المحظورة، وأدرجت هذه الرواية فيها. ولا تزال هناك مدارس ومكتبات تفضل عدم وضع هذه الرواية على رفوفها.
رواية اليقظة لكيت شوبان – 1899
نُشرت رواية اليقظة للكاتبة الأمريكية كيت شوبان عام 1899، وهي واحدة من أولى الروايات في الأدب النسوي التي نُشرت في الولايات المتحدة. يصفها البعض الآن بكونها باكورة الروايات النسوية، وفيها تركز الكاتبة على الشخصية الرئيسية التي تسخر من دور المجتمع المقيد للنساء. وتتناول موضوعات مثل الرغبة الأنثوية الجنسية بصراحة تامة، وهو أمر نادراً ما فعله معاصرو كيت شوبان. تحظى هذه الرواية اليوم بكل أنواع الثناء والتقدير. لكن الأمر لم يكن كذلك في العصر الذي نُشرت فيه. حيث خضعت لرقابة شديدة في ذلك الوقت، وكانت من الروايات المحظورة، واعتبرها النقاد أكثر قليلاً من مجرد رواية جنسية تافهة، بل وذهب البعض إلى حد القول إنها ليست لأشخاص يتمتعون بأخلاق مستقيمة. لكن لم يتوقف الأمر على ذلك بل وصل الأمر إلى أن ناشري شوبان رفضوا نشر روايتها التالية، وكان هذا الأمر بمثابة نهاية لمسيرتها الأدبية. ولم تكتشف أعمال كيت شوبان سوى في ستينيات القرن الماضي لتمنحها الحركة النسوية مكانة عظيمة.
الأدغال لأبتون سنكلير – 1906
كان أبتون سنكلير صحفياً أمريكياً عمل متخفياً لأسابيع في صناعة اللحوم، من أجل كشف الفساد، وفضح الأوضاع غير الصحية في هذه الصناعة، وإظهار استغلال العمال. ثم أقدم على كتابة رواية الأدغال، وفيها تصوير واقعي صارخ لنضالات الطبقة العاملة الأمريكية في أوائل القرن العشرين. كان هدف سنكلير في كتابة الرواية هو الكشف عن الممارسات التجارية غير العادلة المستخدمة في صناعة المواد الغذائية لاستغلال العمال الذي كانوا يتقاضون رواتب منخفضة ويعملون فوق طاقتهم. حاول تسليط الضوء على هذه الأمور من خلال الكتابة وأثار الكثير من الغضب سواء من السلطة الحاكمة أو من الرأسماليين، لكن في المقابل استطاعت هذه الرواية تغيير الأوضاع بشكل كبير.
اقرأ أيضًا: أهم أعمال فيرجينيا وولف التي يجب أن تقرأها |
عوليس لجيمس جويس – 1922
تعد رواية عوليس التي كتبها الأيرلندي جيمس جويس واحدة من أهم الروايات في الأدب الإنجليزي. لكن عندما نُشرت للمرة الأولى أثارت الكثير من الجدل. ولدى وصولها إلى الولايات المتحدة اعتبرها النقاد رواية فاحشة نظراً لاحتواءها على العديد من الصور الجنسية. وأعلنت المحكمة رسمياً أنها رواية فاحشة، وأمرت بحظرها ومصادرة جميع النسخ الموجودة. في تلك الأوقات بدأت خدمات البريد في سحب أي نسخة من الرواية تحاول دخول البلاد. وفي عام 1930 ألغت محاكمة أخرى القرار السابق، وعاد نشر الرواية مجدداً. في عصرنا الحالي أشاد الكثير من النقاد بهذه الرواية وتم اعتبارها علامة من علامات الأدب الحداثي. كما وضعت ضمن قائمة أفضل مائة رواية في القرن العشرين.
عشيق الليدي تشاترلي لديفيد هربرت لورانس – 1928
رواية أخرى من الروايات الممنوعة من النشر والتي أثارت الجدل في الوقت الذي نُشرت فيه. أدى هذا الجدل حول العمل إلى محاكمة استمرت ستة أيام في بريطانيا عام 1960. حيث تسبب القصة في فضيحة، وكانت ممنوعة من النشر بسبب المشاهد التي تحتوي على وصف صريح للجنس. تدور أحداث الرواية حول علاقة حب بين سيدة المجتمع الراقي وحارس زوجها، وهي قضية اعتبرها المجتمع في ذلك الوقت فاحشة وغير مقبولة. ومع ذلك كسب الناشر القضية وأصبح عمل لورانس أحد أكثر الكتب مبيعاً.
اقرأ أيضًا: أفضل الروايات الرومانسية في التـاريـخ تـنـاسـب جميع الأذواق |
مدار السرطان لهنري ميللر – 1934
تدور أحداث القصة في فرنسا في ثلاثينيات القرن الماضي، وتحكي قصة المؤلف نفسه، الذي يروي بجميع أنواع التفاصيل لقاءاته الجنسية. ومع ذلك، فإن العمل يخفي شيئاً أكثر من مجرد موضوع جنسي. لقد كان نقداً للحياة التي عاشها العديد من الأمريكيين الشماليين عندما انتقلوا إلى بلدان أجنبية. بمجرد نشر هذه الرواية في عام 1934 أصبحت من الروايات المحظورة في الولايات المتحدة بسبب محتواه الجنسي الشديد. علاوة على ذلك، أصبحت جميع أعمال ميلر اللاحقة ممنوعة من النشر في الولايات المتحدة.
مزرعة الحيوانات لجورج أورويل – 1945
رواية مزرعة الحيوانات هي تحفة أدبية كتبها جورج أورويل يهجو فيها الثورة الروسية وانتصار الستالينية. وقد مثلها من خلال قصة صعود حيوانات مزرعة مانور. قصة تعج بالرمزية الأدبية أدرجت في العديد من القوائم كأفضل روايات القرن العشرين. لكن عند نشرها لأول مرة واجهت العديد من الصعوبات والكثير من الجدل. حيث كانت ممنوعة من النشر ومحظورة في الاتحاد السوفيتي السابق وفي بعض الدول الشيوعية. ولا تزال حتى وقتنا الحالي محظورة في دول مثل فيتنام أو كوريا الشمالية أو الإمارات العربية المتحدة، والتي تزعم أنها تحتوي على نصوص وصور تتعارض مع القيم الإسلامية (مثل وجود خنزير بجسم بشري يتكلم).
اقرأ أيضًا: روايات عالمية مشهورة من جميع أنحاء العالم لا ينبغي تفويتها |
لوليتا لفلاديمير نابوكوف – 1955
لا تزال رواية لوليتا التي كتبها فلاديمير نابوكوف ونشرها عام 1955 مثار للجدل حتى وقتنا الحالي. وهناك جمهور كبير يرفض الرواية باعتبارها منحرفة وغير أخلاقية، وعلى مدار التاريخ كانت من الروايات المحظورة. حيث يتطرق فيها الكاتب إلى موضوعات حول الأخلاق والعُقد النفسية التي تقود القارىء لاستكشاف عقل منحرف. تُروى القصة من وجهة نظر بطل الرواية هامبرت، وهو مدرس يتزوج من امرأة ويقع في حب ابنتها لوليتا التي تبلغ من العمر 12 عاماً. كانت هذه الرواية من الروايات الممنوعة من النشر وحظر الكتاب في إنجلترا وفرنسا ونيوزيلندا والأرجنتين، ووصل الأمر إلى رفض العديد من الناشرين نشرها خشية الملاحقة القضائية. الذين كانوا يخشون الملاحقة القضائية.
آيات شيطانية لسلمان رشدي – 1988
واحد من أشهر الروايات الممنوعة من النشر والتي أثارت الجدل بسبب إساءتها للدين الإسلامي. كتب الرواية الكاتب البريطاني ذي الأصول الهندية سلمان رشدي. وقد أثار نشر الكتاب في المملكة المتحدة انتقادات كثيرة، من حظره إلى حرقه في العديد من الدول الإسلامية. هذا بالإضافة إلى أعمال الشغب في الولايات المتحدة وإنجلترا. تُظهر الرواية استهزاء صريح بالنبي محمد والثقافة الإسلامية، وقد أصدر آية الله الخميني فتوى بهدر دم رشدي وطالت هذه الفتوى مترجمي الرواية كذلك. وبسبب هذه الضجة أمضى سلمان رشدي ما يقرب من عقد لا يتحرك إلا تحت حماية الشرطة.
اقرأ أيضًا: مستويات الفهم القرائي: قراءة النص لا تعني فهمه |
هاري بوتر لجي كي رولينغ – 1997
سلسلة روايات هاري بوتر للكاتبة البريطانية جي كي رولينغ هي السلسة الأكثر مبيعاً في العصر الحديث. ولا يعني هذا أن هذه السلسلة مستثناه من الجدل. ففي أغلب الأحيان كانت من الروايات الممنوعة من النشر وتم حظرها من المكتبات والمدارس بسبب تناولها للأديان، والدور الكبير الذي يلعبه السحر والسحرة في مؤامرة الرواية. ورغم أنها تحظى بشهرة عالية، وخاصة بعد إنتاج سلسلة الأفلام المعروفة ومؤخراً مسلسل، إلا أنها لا تزال محظورة في بعض الدول.
تغطرست وتجملت كونها زهرة الجدران لستيفن تشبوسكي – 1999
نُشرت هذه الرواية عام 1999 وحققت نجاحاً كبيراً مع القراء من المراهقين، وأصبحت واحدة من الروايات الأكثر مبيعاً في عام 2000، حتى قبل تحويلها إلى فيلم سينمائي في عام 2012. وعلى الرغم من الشعبية الكبيرة لهذه الرواية، إلا أنها تعرضت للعديد من الانتقادات بسبب معالجتها للقضايا المثيرة للجدل مثل النشاط الجنسي للمراهقين والمخدرات والكحول والإجهاض وسفاح القربى والاعتداء الجنسي والانتحار. ولكن بين عامي 2006 و 2008 ظهرت رواية ستيفن تشبوسكي ضمن قائمة جميعة المكتبات الأمريكية للكتب العشرة الأكثر تحدياً.
اقرأ أيضًا: سيلفيا بلاث: الكاتبة التي أرادت أن تكون الإله |
شيفرة دافنشي لدان براون – 2003
كانت رواية شيفرة دافنشي من الروايات المحظورة التي أحدثت ثورة على جميع المستويات بعد نشرها في عام 2003. هذا العمل الذي أدى إلى تجديد كامل لهذا النوع من الأدب، يمزج بين المغامرات ومكائد الفاتيكان والرموز والألغاز المشفرة. أصبحت هذه الرواية من الروايات الممنوعة من النشر عام 2004 في لبنان لمهاجمته المسيحية وإهانة جذورها. كما كان هناك العديد من الانتقادات، ولكن بشكل رئيسي الافتقار المزعوم للدقة في بعض التفاصيل المتعلقة بفن ذلك الوقت أو تاريخ الكنيسة الكاثوليكية.
عرض جيد
أشكرك بشدة