جزر فرسان: جواهر خفية في شبه الجزيرة العربية
جزر فرسان هي جنة طبيعية خلابة تقع في البحر الأحمر قبالة ساحل الجزء الجنوبي للمملكة العربية السعودية، وهي عبارة عن أرخبيل يضم 84 جزيرة مرجانية. دعونا نتعرف بمزيد من التفصيل على واحدة من أروع الوجهات الشاطئية في العالم.
ما هي جزر فرسان؟
جزر فرسان هي مجموعة من الجزر المرجانية الصغيرة التي تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من البحر الأحمر، على بعد حوالي 42 كيلومتراً قبالة ساحل محافظة جازان الجنوبية في المملكة العربية السعودية. وتبلغ مساحة المنطقة المحمية حوالي 5408 كيلومتر مربع.
تضم جزر فرسان 84 جزيرة أكبرها جزيرة فرسان الكبرى والسقيد وقماح، وتتكون الجزر جميعها من الحجر الجيري المرجاني، ويتراوح ارتفاعها بين 10 و20 متراً فوق مستوى سطح البحر. ويمكن أن يصل الارتفاع إلى 40 متراً في بعض المناطق، بينما يصل أعلى ارتفاع إلى 75 متراً فوق مستوى سطح البحر. تسمى هذه الارتفاعات محلياً بالجبال. كما توجد سلسلة من الوديان القصيرة التي تصب في البحر.
التنوع البيولوجي
تتميز هذه الجزر بشواطئها المغطاة بالرمال البيضاء الجيرية التي تكونت نتيجة تفتت المرجان والأصداف. كما إنها موقع خلاب للتنوع البيولوجي المذهل. حيث تنتشر العديد من أنواع النباتات[1] والأشجار الرائعة مثل الأكاسيا والزيزفون والمانغروف، هذا بالإضافة إلى وجود محمية طبيعية تضم في طياتها العديد من أنواع الحيوانات والطيور التي لا مثيل لها.
ولا تزال هناك أنظمة من الشعاب المرجانية غير المستكشفة تكمن تحت الأمواج التي تضرب شواطئ الجزيرة، ومع ذلك تشتهر جزر فرسان بأسماكها النابضة بالحياة (التي يحتفل بها السكان المحليون في مهرجان كل ربيع) ومن هذه الأنواع أسماك قرش الحوت وأبقار البحر وأسماك شيطان البحر والسلاحف البحرية، لذا فإن الحياة المائية في هذه الجزيرة لا تعرف حدوداً. ولا يمكن أن نغفل بعض الأبنية التاريخية التي لا تزال صامدة في وجه الزمن.
تاريخ جزيرة فرسان
معظم جزر فرسان غير مأهولة بالسكان، إلا أن الجزر الثلاث الكبرى يقطنها بعض السكان الذين يعملون في صيد الأسماك وزراعة الدخن والذرة. وقد أثبتت العديد من الدراسات والأبحاث العلمية التي قامت حول هذه الجزر أن البشر تواجدوا في هذا المكان منذ بداية الألفية الأولى قبل الميلاد. ليس هذا فقط بل هناك العديد من الحضارات القديمة التي كانت حاضرة على هذه الجزر منذ القدم، مثل الحضارة الرومانية ومملكة أكسوم والإمبراطورية العثمانية، هذا بالإضافة إلى الحضارة العربية بكل تأكيد.
كانت منطقة جازان منذ الألفية الأولى قبل الميلاد منطقة جذب شديدة الأهمية. فلقد جذبت البشر من جميع المناطق المحيطة بشبه الجزيرة العربية؛ ليس شبه الجزيرة فحسب بل امتد تأثيرها على أفريقيا وأوروبا. وكانت تُعرف هذه الجزر فيما مضى باسم بورتوس فيريسانوس، وقد وجد هذا الاسم على نقش لاتيني يرجع تاريخه إلى عام 144 بعد الميلاد[2]. بينما أشارت تلك النقوش والكتابات إلى وجود حامية رومانية سكنت هذه الجزر.
لقد كانت جزر فرسان الواقعة في البحر الأحمر مكاناً استراتيجياً مهماً. وكانت الممالك القديمة على اختلافها تبنى على شواطئ البحار. لذا ليس من المستغرب أن تتخذ الإمبراطورية البرتغالية من هذه الجزر حصناً لها. كما دل وجود القلعة العثمانية هناك على فعل الإمبراطورية العثمانية نفس الشيء. بينما استخدمها الألمان في العصر الحديث كمركز التقاء للسفن القادمة من ألمانيا، وبنوا بيت الجرمل عليها بغرض استخدامه كمخزن للسلاح[3].
محمية جزر فرسان
تحتوي محمية جزر فرسان[4] على أهم الموائل الطبيعية للتنوع البيولوجي في منطقة البحر الأحمر، بما في ذلك الأنواع المهددة بالانقراض وتلك الأنواع ذات القيمة العالمية البارزة من وجهة نظر العلم. حيث تضم محمية جزر فرسان أكبر عدد من غزال الادمي أو غزال الجبل كما يُطلق عليه في المملكة العربية السعودية، ومجموعة كبيرة جداً من طائر الفلامنغو الأكبر، والبجع الوردي، والعقاب، وثعبان جزيرة سارسو. بالإضافة إلى ذلك، تم العثور على الصقر السخامي، الزقزاق، النورس أبيض العينين، الخرشنة الأقل قمة، الخرشنة البيضاء الخدين. أما بالنسبة للحياة البحرية فتشتمل على الأصناف الرئيسية الأخرى مثل الأطوم والحيتان والدلافين، وخفاش باتريزي ذو الأنف الورقي ثلاثي الأبعاد، والسلحفاة الخضراء، وسلاحف صقر المنقار، وأسماك شيطان البحر. كما تحتوي البحار المحيطة على مجموعة متنوعة من الشعاب المرجانية والرخويات والقشريات وأسماك الشعاب المرجانية.
تشمل حدود المنطقة المحمية جميع الأشكال البرية والبحرية الرئيسية والموائل البرية والبحرية اللازمة للحفاظ على المدى الطويل واستدامة الأصناف الرئيسية البرية والبحرية والسمات المادية وما يرتبط بها من قيم وسمات جمالية وثقافية. بينما تتمتع المنطقة المحمية بحماية قانونية عالية المستوى، وقد تم إنشاؤها في عام 1989 من قبل مجلس محافظي المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية السعودية، وهي الوكالة الوطنية المكلفة بإنشاء وإدارة المحميات في المملكة.
أفضل الأماكن في جزيرة فرسان
هناك العديد من الأماكن الطبيعية والتاريخية في جزيرة فرسان. ولعل من أفضل الأماكن في جزيرة فرسان ما يلي:
-
قرية القصار التراثية
واحدة من أفضل الأماكن في جزيرة فرسان هي قرية القصار التراثية التي تعد من المواقع الرئيسية في الجزيرة. هذه القرية مبنية بالكامل من الحجر الرملي، ويُقال إن تاريخها يرجع إلى عصر الرومان.
-
بيت الرفاعي في جزر فرسان
أحد أشهر المعالم السياحية في جزر فرسان. وهو عبارة عن منزل جميل كان ملكًا لتاجر لؤلؤ مزدهر يدعى منور الرفاعي. يعود تاريخ بناء هذا المنزل إلى مائة عام. والمنزل مبني بالحجارة المرجانية ويتميز بنقوش معقدة على جدرانه الجبسية.
-
مسجد النجدي
وهو مسجد أسسه تاجر لؤلؤ يدعى إبراهيم التميمي عام 1347 هجرياً. يحتوي هذا المسجد على الكثير من الزخارف والنقوش الإسلامية التي تميزت بها المساجد في ذلك العصر.
-
القلعة العثمانية
تعد هذه القلعة واحدة من أهم المعالم السياحية في جزيرة فرسان وهي تقع في شمال الجزر على مرتفع كبير لتكون موقعاً استراتيجياً للدولة العثمانية في ذلك الوقت. بينما بُني هذا الحصن الصغير في القرن الثامن عشر ولا يزال قائماً حتى اليوم لكنه مغلق أمام الجمهور.
-
بيت الجرمل في جزر فرسان
وهو عبارة عن مبنى صغير بناه الألمان خلال الحرب العالمية الأولى لاستخدامه في تخزين الأسلحة والذخيرة. وقد تم بناءه على هذه الجزيرة نظراً لموقعها الحيوي في البحر الأحمر فلقد كانت منطقة استقبال السفن.
كيفية الوصول إلى جزيرة فرسان
لا تتوافر وسيلة نقل إلى الجزر سوى من خلال العبّارات. فهي وسيلة النقل الوحيدة المتوفرة التي تحمل الناس من جازان إلى فرسان والعكس. بينما تشتمل وسيلة النقل هذه على رحلتين أحداهما تنطلق الساعة السابعة والنصف صباحاً، والأخرى تنطلق في الثالثة والنصف مساءً.
تعد جزر فرسان هي المكان المثالي لقضاء وقت ممتع. كما أنها فرصة عظيمة لاستكشاف تاريخها وثقافتها وهندستها المعمارية وبالطبع الشعاب المرجانية الشهيرة التي تلون قاع البحر.
المراجع
[1] Progress towards an updated checklist of the Farasan Archipelago flora.
[2] South Arabian Inscriptions from the Farasān Islands (Saudi Arabia).
[3] A Study of The Farasan Islands’ “Saudi Arabia” Cultural …
جزر تستحق الزيارة فعلا
جنة طبيعة لابد من زيارتها