قصة قصيرة عن أغرب جريمة: قــربــان بشـــري (1)

You are currently viewing قصة قصيرة عن أغرب جريمة: قــربــان بشـــري (1)
قصة قصيرة عن أغرب جريمة: قــربــان بشـــري (1)

ليس هناك أفضل من قصص الجرائم القصيرة التي تأخذ القارىء معها في رحلة مخيفة تجعل القلب ينتفض من الرعب. ومن هذا المنطلق وبدلاً من الاستطراد في الحكايات نقدم للقارىء قصة قصيرة عن أغرب جريمة لعلها تنال حظها من تقديره.

قضية ملغزة

في تلك الليلة الماطرة كانت معالم القلق والاضطراب بادية على وجهه عندما حضر إلى كبير الأطباء الشرعيين بتلك الجثة. وضع الجثة أمام الطبيب على سرير التشريح، وشرع الشرطي يتحدث إليه قائلاً: لقد وجدناها في حفرة داخل الغابة. مازالت مجهولة الهوية. نريد أن نعرف سبب الوفاة الليلة..

تعجب الطبيب العجوز وقال له: هذه هي الجثة الرابعة التي تأتيني بها خلال أربعة أشهر.. ماذا يحدث؟

– إنها تتعلق بذات القضية المُلغزة. لم نستطع حتى الآن كشف أسرارها.

– كنت أتمنى مساعدتكم في كشف اللغز، لكن للأسف..

غادر الشرطي منزعجاً، وشرع الطبيب ومساعده الفني في التجهيز لعملية التشريح. تم تجهيز الغرفة وبدأت عملية الفحص الخارجي. كانت الجثة لفتاة في أواخر العشرينات من العمر على ما يبدو. قوقازية ذات شعر أسود، بدا واضحاً آثار للكدمات والندبات التي تملئ الجسد المتيبس. نظر الطبيب إلى الجسد المُلقى أمامه بتمعن شديد ولاحظ أن القدمين والمعصمين والكاحلين قد تعرضوا للكسر. وكذلك وجد آثار الطين على أظافر الفتاة وكذلك الشعر.

قال الطبيب للمساعد: أعتقد أنها كانت مدفونة بشكل كامل منذ فترة قصيرة نوعاً ما.

ثم عاد لاستكمال الفحص. لا أثر هناك لأي التهابات داخلية، ولا سوائل ولا وجود لأي مادة غريبة. لكن المفاجأة المدوية كانت حينما فتح فم الجثة ففُزع مما رأه. جحظت عيناه، ثم اصطنع الهدوء وقال: لم أكن أتوقع ذلك؟

لقد تم قطع اللسان بشكل وحشي وليس جراحي، وأخرج من الفم خيط طويل من القماش المقوى. غلفّه جيداً وطلب من مساعده حفظه تمهيداً لإرساله إلى المختبر. ثم نظر إلى المهبل، لا آثار لسوائل منوية، لكن هناك نتوءات في المهبل. قال الطبيب في دهشة: ما كل هذا. لسان مقطوع، مفاصل ممزقة. إصابات في المهبل متعمدة، والتشريح لم يكتمل بعد.

اقرأ أيضًا: قصة رعب مخيفة: بــوابـــة إلـى العالـــم الآخـــــر

كل شخص يمتلك سراً

انتهى الفحص الخارجي لجسد الفتاة. ثم بدأ الفحص الداخلي. أمسك الطبيب بمشرطه وشق الجثة لنصفين، وقعت عيناه على رئتيها فوجدها متفحمة شديدة السواد. قال له مساعده: هل تعتقد أنها كانت تُدخن؟

أجابه الطبيب بدهشة، ومازال مستمرا في عمله: يمكنها أن تُدّخن عشرة عُلب من السجائر يومياً لثلاثين عاماً ولن تكون رئتيها هكذا.

– هل تعتقد أن هذا ما قتلها؟

– لا.. تضرر الرئة لهذه الدرجة لا يحدث إلا في حروق من الدرجة الثالثة.. إنه لشيء غريب، هذا مثل إيجاد رصاصة في الدماغ، لكن دون وجود إصابة بعيار ناري.

بدا الأسى على وجه المساعد وهو يقول: كيف بحق الجحيم يمكن لشخص أن يفعل هذا؟

أجابه الطبيب بهدوء: كل شخص يمتلك سراً، بعضهم يُجيد إخفاؤه، والبعض الآخر يُجيد كشف السر.

– ولماذا يفعل أحدهم هذا؟

– نحن ندع الأسئلة للشرطة لتحلها، نحن هنا لإيجاد سبب الوفاة فحسب لا أكثر ولا أقل.

بدأت المرحلة الثالثة من عملية تشريح الجثة. قطع الطبيب المعدة وأخرج منها شيئاً نظر فيه ملياً، كانت زهرة بداخل كيساً من البلاستيك. تعجب المساعد وقال له: ما هذا؟

أسرع الطبيب إلى أحد المراجع العلمية، ونظر فيه ملياً على صورة لنفس الزهرة التي أخرجها من المعدة. وجد أنها نوع من الزهور التي تستخدم في الأدوية المسببة للشلل.

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة من وحي الخيال: الأقـدار لا تعـرف المـزاح (1)

شعور سيء حيال الجثة

في هذا الوقت كانت إضاءة الغرفة تخبو رويداً رويداً. ألقى الطبيب ببصره ناحية مصابيح الإضاءة العتيقة، وأدرك أن عمرها الافتراضي أوشك على الانتهاء. عاد ليستكمل عمله، وحينما نظر إلى مساعده وجد عليه معالم القلق والاضطراب، ابتسم ساخراً وقال له: أأنت خائف؟!

أجابه المساعد في تردد: بلى، في الحقيقة ينتابني شعور سىء حيال هذه الجثة. هل لنا أن نستكمل عملية التشريح في الصباح.

نهره الطبيب بشدة قائلاً له: الشرطة تحتاج سبب الوفاة الليلة ونحن لم نقترب حتى من الانتهاء. عندما نبدأ بشىء فعلينا إنهاؤه.

امتثل المساعد لأوامر الطبيب وساعده في استكمال التشريح.

عاد الطبيب إلى المعدة مجدداً وأخرج منها شيئاً آخر. لقد كانت قطعة من القماش مكومة داخل المعدة. تفحصها الطبيب تحت الإضاءة، فرأى مكتوب عليها ” المهمة المقدسة “.

إنها نفس المقولة التي كان يجدها دوماً في الجثث الثلاث الأخرى التي قام بفحصهم في الأشهر الماضية. قال له المساعد: هل تأكدت الآن أنها طقوس دينية أو روحية؟

– ربما، لكن دعنا نستبعد هذا الآن، فكل الطقوس تهدف إلى شيء ما.. قل لي ما الذي وجدناه حتى الآن؟

– أنها كانت مقيدة. تم قطع لسانها وتسميمها. ثم إعطائها أدوية مسببة للشلل لإجبارها على ابتلاع قطعة القماش، ثم الجروح والتشوهات الداخلية والخارجية، وكأن ما قام به لا يكفي فقام بحرقها، وكأنها قربان بشري..

اقرأ أيضًا: قصة قصيرة من وحي الخيال: الأقـدار لا تعـرف المـزاح (2)

خلايا حية

في تلك اللحظة عادت مصابيح الإضاءة تخفت. ثم بعد مرور ثواني قليلة ضرب البرق زجاج نوافذ الغرفة فتناثر شظايا الزجاج على الأرض، وأغلق باب الغرفة بشدة. ثم ساد الظلام، انتاب الاثنان الفزع والرعب من هول المفاجأة، وصرخ المساعد في تلك العتمة: ما هذا؟!

راح ينادي على الطبيب ويفتش عنه على ضوء القداحة، حتى وجده لا يُحرك ساكناً، وبدت عليه علامات القلق. قال له الطبيب: لنخرج من هنا الآن؟

وعندما حاولا الخروج كان الباب موصداً بشدة فلم يستطيعا أن يخرجا. عاد الطبيب إلى الجثة وأشعل بعض الشموع، ثم أحضر عينة من خلايا القتيلة، ووضعها تحت المجهر ليفحصها، فإذا به يفزع بشدة مما رأه، وقال: أنها خلايا حية!

تساءل المساعد في عجب: حية؟!.. لقد أخرجنا أحشائها من الداخل وتقول حية، إذن هي ما تفعل بنا كل ذلك، كان كل شيء على ما يرام حتى قمنا بتشريحها.

نظر إليه الطبيب وقال: أنت تتحدث عن جثة؟!.. لكن هناك شيء ما، أو طاقة ما. سمّها ما شئت. شيء ما لا يزال يساعدها على المضي..

إلى هنا ينتهي الجزء الأول من قصة قصيرة عن أغرب جريمة


يمكنك قراءة الجزء الثاني من قصة قصيرة عن أغرب جريمة عبر هذا الرابط: قصة قصيرة عن أغرب جريمة: قــربــان بشـــري (2)

اترك تعليقاً