كشف أسرار متلازمة ستوكهولم في الزواج

You are currently viewing كشف أسرار متلازمة ستوكهولم في الزواج
كل ما تريد معرفته عن متلازمة ستوكهولم

إذا وقعت في حب خاطفك، ماذا يمكننا أن نطلق على هذه الحالة؟ نعم إنها متلازمة ستوكهولم التي حصلت على اسمها من حادثة سطو على بنك في السويد. ففي ذلك الوقت طور الرهائن مشاعر تعاطف إيجابية مع خاطفيهم. أثار هذا الحدث فضول الكثير من الناس، مما دعا علماء النفس للبحث في هذه الظاهرة. وبعد الدراسة توصلوا إلى أن متلازمة ستوكهولم موجود كذلك بين الزوجين وفي العلاقات الاجتماعية المختلفة. في السطور التالية نتعرف على هذا الاضطراب النفسي، وأسباب متلازمة ستوكهولم وأعراضها وطرق علاجها.

تحدث متلازمة ستوكهولم بين الأزواج في العلاقات المسيئة. حيث يتحكم أحد الشريكين في الآخر من خلال التهديدات والتلاعب العقلي والنفسي والاعتداء اللفظي والجسدي من أجل السيطرة على الآخر. وعلى الرغم من أن حالات متلازمة ستوكهولم هي الأكثر شيوعاً في الزواج إلا أنه من الأفضل في بعض الأحيان استخدام اسم آخر مثل الارتباط المؤلم أو التعلق الصادم ليعبر بوضوح وتخصيص عن دورة الإساءة المتكررة بين الزوجين وتطور الطرف المعتدى عليه لمشاعر إيجابية تجاه المعتدي.

قصة متلازمة ستوكهولم

بدأت قصة متلازمة ستوكهولم في عام 1973 عندما دخل لصان مسلحان إلى بنك في ستوكهولم – عاصمة السويد – من أجل السرقة. وهناك احتجزا ثلاث نساء ورجل كرهائن لمدة خمسة أيام تقريباً حتى يتم التفاوض مع الشرطة. قيد اللصان الرهائن في قبو ووضعا الديناميت أمامهم لإخافتهم. يبدو هذا الأمر وكأنه شيء مؤلم جداً بالنسبة للرهائن. وبعد أن اقتحم رجال الشرطة البنك وأنقذوا الرهائن من أسرهم كانت المفاجأة. حيث لوحظ سلوك غير متوقع تماماً من الرهائن. فعلى الرغم من الخوف على حياتهم واحتجازهم ضد إرادتهم لعدة أيام أعربوا عن تعاطفهم ودعمهم للخاطفين. وحاولوا مساعدة اللصان على الهرب. وما زاد من غرابة الأمر أنهم شعروا تجاه رجال الشرطة الذين أنقذوهم بمشاعر سلبية. إلى هنا تنتهي قصة السطو على البنك، لتبدأ قصة متلازمة ستوكهولم في الظهور.

أثارت هذه الحادثة اهتمام العديد من علماء النفس الذين سعوا إلى معرفة الأسباب الكامنة وراء سلوك الرهائن تجاه خاطفيهم. وليس من المستغرب أنها ظاهرة مثيرة للفضول، فكيف ولماذا يكون الضحية روابط عاطفية تجاه المعتدي، وهي روابط تختلف عن الحب، أو العداء، أو حتى الشعور بالتمييز، مما ولد سلسلة من السلوكيات التي تتعارض مع المنطق ومع الحقائق. فإلى ماذا توصل العلماء؟

اقرأ أيضًا: متلازمة وهم كوتار: حالات غريبة لمرضى يدعون أنهم موتى

أسباب متلازمة ستوكهولم

أسباب متلازمة ستوكهولم
أهم أسباب متلازمة ستوكهولم

سارع العلماء في دراسة هذه السلوكيات، وسرعان ما تم التبليغ عن حالات عديدة يحدث معها هذا الأمر. على سبيل المثال، حالة باتريشيا هرست التي اختطفت لمدة سنة على يد عصابة لطلب فدية. وقد طورت مشاعر عاطفية تجاه العصابة على الرغم من الاعتداءات المتكررة عليها، بل والأغرب من ذلك هي مساعدتهم فيما بعد في سرقاتهم. كذلك هناك حالة إليزابيث سمارت التي اختطفها رجل واتخذها كزوجة ثانية بجانب زوجته الأولى، وكان يعتدي عليها ويقيدها. وعلى الرغم من ذلك، عندما ألقي القبض على الخاطف، قالت إليزابيث أنه تسنى لها الهرب العديد من المرات لكنها لم ترغب في ذلك. وغيرها من الحالات. والحقيقة أن هناك أن هناك العديد من سيناريوهات الضحية والمعتدي، ولكن من أكثرها شيوعاً في العلاقات المسيئة، والعنف ضد الأطفال، والتعدي الجسدي والجنسي بداخل أعضاء بعض الطوائف.

توصل علماء النفس بعد دراسة هذه الحالات إلى أن ما تشترك فيه كل سيناريوهات متلازمة ستوكهولم أنها تحدث في المواقف التي يكون فيها الشخص (الضحية) تحت ضغط شديد، مما يؤدي إلى نوع من الصدمة تولد لديه سلسلة من الاستجابات التي يمكن رؤيتها غريبة أو غير منطقية. لنرى ماذا قالت الأبحاث عن أسباب متلازمة ستوكهولم.

آلية الدفاع

السبب الأول لتفسير متلازمة ستوكهولم هو أن تطوير مثل هذه المشاعر تجاه المعتدي يعود إلى فكرة البقاء على قيد الحياة، وهي استجابة طبيعية مثل القتال أو الهروب عندما يشعر الإنسان بالخوف. ففي التاريخ القديم كانت بعض القبائل تتعدى على الأخرى وتأسر نساء القبيلة وتتعدى عليهن، ومن أجل الحفاظ على حياتهن كانوا يحاولون تطوير علاقة عاطفية مع الخاطف حتى ينجو بأنفسهن. كان الأمر كذلك في الحروب وكانت النساء والرجال على السواء يفعلون ذلك في محاولة للحفاظ على حياتهم وعدم قتلهم. وفي حالات متلازمة ستوكهولم يقرر الشخص التمسك بآسره أو المعتدي لزيادة فرصه في النجاة من الموقف المؤلم، ومع الوقت يرتبط الشخص يرتبط بصدق بالجاني، ولهذا السبب تستمر المشاعر حتى بعد انتهاء الموقف. المنطق هنا هو أنك إذا كنت جيداً مع آسرك، فسيرد بالمثل، باختصار إنها آلية دفاع في مواجهة موقف شديد التوتر والتعقيد.

التبرير والتعاطف

سبب آخر محتمل لمتلازمة ستوكهولم هو أن الضحية خلال تعاملها مع المعتدي تتعرف عليه. وهناك لحظات تستطيع فيها الضحية من التعاطف وفهم المعتدي. هذا السبب هو الأكثر شيوعاً في حالات العنف المنزلي، حيث من الشائع بالنسبة للزوجين مشاركة معلومات شخصية للغاية، وأن تقوم الضحية بالتبرير والتعاطف مع شريك الحياة، عن طريق التفكير في أشياء مثل “لقد كان يعيش حياة صعبة” أو “كان لديه يوم سيء” أو “أنا من قام باستفزازه في البداية” وغيرها من الأفكار التي تطور مشاعر إيجابية تجاه المعتدي وتبرير أفعاله.

اقرأ أيضًا: كيف تتحدث مع شريك حياتك عن موضوع صعب؟

عناصر متلازمة ستوكهولم

أعراض متلازمة ستوكهولم في الزواج
سمات متلازمة ستوكهولم

سنناقش في هذا القسم أربعة عناصر تمت ملاحظتها في متلازمة ستوكهولم، ورأى العلماء أنها عناصر شائعة في حالات الوقوع في حب الخاطف، في جميع العلاقات، وليست العلاقات الزوجية فحسب.

التهديد الفعلي

الأول هو وجود تهديد حقيقي، يمكن أن يكون هذا التهديد لفظياً أو جسدياً، ولكن يجب أن يقتنع الضحية بأن مهاجمه قادر على التصرف أو فعل ما يهدد به، وعادة ما يتم التعبير عن هذه التهديدات بضرب الجدران أو كسر الأشياء في نوبة غضب. أو في حالات أخرى يتعرض الضحية للتهديد المباشر من خلال الأشياء التي يقدرها مثل التهديد بإيذاء حيوانه الضحية الأليف أو أقاربه.

أعمال اللطف

العنصر المشترك الثاني هو وجود أفعال صغيرة من “اللطف”، وهي تمنح الضحية الأمل في أن حالتها يمكن أن تتحسن، وتغرس فكرة أنه “ليس كل شيء سيئاً”. وفي حالة السرقة التي حدثت في السويد تحدث الضحايا عن كيفية إطعامهم على يد آسريهم، وفي حالات العلاقات المسيئة، من الشائع إيجاد فترة رعاية واهتمام إضافيين بعد الاعتداء على الشريك كوسيلة لإبقائهم في العلاقة.

العزلة

العامل الثالث الموجود في هذه الظاهرة هو العزلة، وهذا مهم للغاية لأنه أثناء عزل الضحية سيكون لديها فرصة أقل في الحصول على وجهات نظر خارجية أو معلومات تتعارض مع ما يفكرون فيه، أو تجعلهم يتساءلون عن الواقع الذي شكلوه مع المعتدي، في العلاقات المسيئة. وفي حالة متلازمة ستوكهولم في الزواج نرى كيف أن المعتدي يحاول أن يقطع على الضحية جميع طرق التواصل مع الأسرة أو الأصدقاء أو العلاقات الاجتماعية الأخرى، وفي بعض الحالات يكون لدى المعتدي إمكانية الوصول إلى الهاتف المحمول الخاص بشريكه والتحكم فيه ليتمكن من مراقبة ما يقوله ومعرفة مع من يتحدث.

الشعور بالعجز

يجب أن يشعر الضحية بعدم القدرة على الخروج من هذا الموقف. فهذا يشجع الضحية على التفكير في عدم وجود حل للموقف. وإذا فكر في حل سرعان ما ينتهي إلى أنه لن يستطيع القيام به، لأن حياته ستكون في خطر إذا حاول. وفي بعض الحالات، تجعله الإساءة التي تعرض لها يعتقد أنه لن يستطع الهروب حتى عندما يكون الواقع خلاف ذلك.

اقرأ أيضًا: قراءة العقول: كيف تعرف ما يفكر فيه الآخرون؟

أعراض متلازمة ستوكهولم

أعراض متلازمة ستوكهولم في الزواج
أهم أعراض متلازمة ستوكهولم في الزواج

بعد أن تعرفنا على مفهوم متلازمة ستوكهولم، وأسبابها المحتملة، والعناصر المشتركة في الحالات التي تعاني منها، فقد حان الوقت لمعرفة بالضبط ما هي الأعراض والعواقب والآثار التي يشعر بها ضحايا متلازمة ستوكهولم.

المشاعر الإيجابية تجاه المعتدي

التأثير الأول والأكثر شهرة هو وجود مشاعر إيجابية تجاه الآسر أو المعتدي. وتظهر هذه المشاعر بفضل العوامل المذكورة أعلاه وتجعل الشخص المختطف أو الذي تعرض لسوء المعاملة أو المعتدى عليه يرى آسره أو المعتدي بنظرة إيجابية. ومن الشائع أن يُشار إلى هؤلاء الأشخاص المعتدين على أنهم طيبون أو جيدون أو حتى حنونون.

السلبية تجاه المساعدة

في نفس الوقت الذي تنشأ فيه هذه المشاعر الإيجابية تجاه الخاطفين، يتولد نفور تجاه أي شخص يحاول تحدي هذه الرؤية. وعادة ما يكون تجاه أفراد العائلة أو الأصدقاء أو رجال الشرطة الذين يسعون لمساعدة الضحايا. ففي حالة السطو عام 1973، كان من الممكن رؤية كيف أن الرهائن لم يتعاونوا مع الشرطة. فإذا كان الشخص يعتقد أن آسره جيد ولطيف، فسيكون على استعداد لمساعدته.

الشعور بالأسف تجاه المعتدي

تأثير آخر هو التعرف على آسرك والمسيء إليك، ومنحه سمات إيجابية أو التركيز فقط على اللحظات الإيجابية وتجاهل الإساءة، بنفس الطريقة التي تتولد بها أحياناً مشاعر الشفقة تجاه المعتدي كوسيلة لتبرير الوضع. يعتمد بعض المسيئين في الواقع على هذا، فيخبرون ضحاياهم بقصص حزينة أو يجعلون أنفسهم ضحايا لتشجيع هذه الأفكار.

اقرأ أيضًا: كيف نجعل حياتنا مريرة دون أن ندري؟

استراتيجيات العلاج

اضطرابات نفسية
طرق العلاج

أخيراً، هل من الممكن علاج متلازمة ستوكهولم؟ نعم، لكن الأمر معقد للغاية لأن التغيير يجب أن يبدأ من الداخل، لأنه كما ذكرنا سابقاً، يميل الضحية إلى استعداء وتجاهل الأشخاص من الخارج الذين يحاولون المساعدة، لذلك يجب على الضحية أولاً أن يرى الحقيقة، ويبدأ في تحديد الإساءة على هذا النحو وليس كنوع من إظهار المودة.

للبدء في تغيير التصور، يجب على الشخص الذي يعاني من متلازمة ستوكهولم أن يبدأ في مراعاة جميع اللحظات التي عاشها. ليس فقط الفترات الإيجابية القصيرة ولكن أيضاً الفترات الصادمة. يجب عليه أيضاً إعادة تقييم أهمية الشعور بالراحة الجسدية والنفسية. والأهم من ذلك كله، عليه أن يعيد الاتصال بالأصدقاء والعائلة، ليس فقط لاكتساب وجهات النظر الخارجية ولكن أيضاً لإنشاء نظام من الأشخاص الذين يدعمونه في عملية الخروج من مكان الإساءة هذا.

أما العلاج النفسي، فيعطى عادة بعد أن يترك الشخص (أو يفكر في مغادرة) البيئة القمعية ويهدف إلى معالجة العواقب التي تنشأ من المتلازمة وسوء المعاملة. ويمكن أن يتراوح هذا من إعادة الهيكلة المعرفية حيث يتم العمل على مفاهيم مثل المودة، وتقدير الذات، واحترامها، وما إلى ذلك لعلاج الاضطرابات المحتملة التي يمكن أن تنشأ أثناء تجربة الصدمة، مثل أعراض الاكتئاب أو الإجهاد اللاحق للصدمة.

اقرأ أيضًا: التعامل مع الخيانة الزوجية: فراق أم غفران؟

في الختام، تعتبر متلازمة ستوكهولم في الزوجين ظاهرة معقدة للغاية يجب معالجتها. مع العلم أن الشخص الذي يعاني من متلازمة ستوكهولم في الأزواج سوف يرفض أو يعادي أي نوع من المساعدة الخارجية. وبالتالي فإن التحسن يعتمد على التغيير الشخصي في الأفكار، على الرغم من أهمية التأثير الخارجي إلا أن معظم التأثير يعتمد بشكل كبير على المريض.

اترك تعليقاً