كتاب الجمهورية لأفلاطون: كيف يكون شكل الدولة المثالية؟

You are currently viewing كتاب الجمهورية لأفلاطون: كيف يكون شكل الدولة المثالية؟

كتاب الجمهورية لأفلاطون هو أحد كتب أفلاطون الأكثر شهرة. وعلى الرغم من أنه يحتوي في طياته على لحظات درامية كما يوظف فيه أدوات أدبية معينة، إلا أنه ليس رواية أو قصة أو مسرحية، كما أنه ليس مقالاً بالمعنى الدقيق للكلمة. بل هو نوع من المحادثة الممتدة التي تحتضن حجة مركزية، حجة قدمها مؤيد الحجة وهو سقراط. لذا يمكن النظر إلى الجمهورية على أنه نوع من النقاش، فهذا هو الوصف المناسب لمعظم الحوارات. في هذا المقال نستعرض ملخص كتاب جمهورية أفلاطون، ومن ثم مفهوم العدالة عند أفلاطون.

ملخص كتاب جمهورية أفلاطون

الهدف الرئيسي من النقاش في كتاب الجمهورية هو تحديد تعريف موسع لما يُشكل العدالة عند أفلاطون في دولة معينة، وما إذا كان مفهوم العدالة عند أفلاطون يمكن تحديده من قِبل المواطنين في دولة معينة. وكيف يمكن تحقيق هذه العدالة؟ وكيف يمكن سن القوانين التي من شأنها أن تخدم مواطني دولة عادلة. ومن ثم، فإن المحادثة في الجمهورية تنطلق من مسألة المعنى (ما هي العدالة؟)، معززة بأسئلة عن الحقيقة (هل هناك أمثلة على العدالة في العمل أو عن الرجال الذين يتمتعون بالعدل؟). وصولاً إلى التطرق إلى مسألة السياسة (ما هي القوانين التي يجب سنها في الدولة العادلة؟ وكيف يتم إجراؤها لضمان إقامة العدل؟). بالطبع إذا كان من الممكن تأسيس دولة معينة على قرار ومحاكاة لمثل هذه المبادئ، فستكون دولة مثالية؛ ومن المتعارف عليه في العموم أن فلسفة أفلاطون هي فلسفة مثالية.

يقسم أفلاطون الدولة المثالية في كتاب الجمهورية إلى طبقات ثلاث. هي طبقة الملوك الحاكمة وهي عبارة عن الفلاسفة الذين يتمتعون بالحكمة، والطبقة الاقتصادية وتشتمل على التجار والصناع، وأخيراً طبقة الحراس. كما ربط أفلاطون هذه الطبقات بالعديد من الفضائل الإنسانية التي يجب توافرها في كل منهم. على سبيل المثال لابد أن يتمتع الحراس بفضيلة الشجاعة، وطبقة التجار والصناع لابد أن تتميز بفضيلة ضبط النفس والالتزام، أما طبقة الملوك الفلاسفة فيجب أن يتمتعوا بالحكمة.

الحجة المقدمة في هذا الحوار، إذن هي محاولة لوضع الخطوط العريضة لسياسة ممكنة وواقعية لتأمين الرفاهية والوفاق السعيد (الحياة الجيدة) لمواطني الدولة. هنا لابد لنا أن نتذكر أن كتاب الجمهورية تُرجم من حوار كتب لأول مرة باليونانية القديمة. لذا قد تكون الدولة، أو الدولة المثالية، هي ترجمة أفضل لعنوانه.

اقرأ أيضًا: كتاب الأمير لميكافيلي: هل الغاية تبرر الوسيلة فعلاً؟

الدولة المثالية

كتب أفلاطون

يمكن القول إن كتاب جمهورية أفلاطون هو الكتاب الأكثر شعبية والأكثر تدريساً على نطاق واسع. وقد كانت نية أفلاطون في هذا الحوار أن يؤسس، فلسفياً، الدولة المثالية. وهي دولة من شأنها أن تكون نموذجاً لكل المجتمعات الناشئة أو القائمة المتواجدة في زمن أفلاطون وتمتد إلى زماننا. وعلينا أن نستنتج أن أي تغييرات مقترحة في سياسة تحقيق العدالة في أي دولة يجب أن تفي بمعايير الدولة المثالية: الجمهورية.

اقرأ أيضًا: أفلوطين: كيف أثرت نظرية الفيض الإلهي على الديانات التوحيدية؟

الطريقة السقراطية

أصبح أسلوب سقراط في الانخراط في المحادثات مع زملائه المواطنين معروفاً في التاريخ باسم الديالكتيك السقراطي أو الطريقة السقراطية، ولا يزال أسلوبه في السعي وراء حقيقة معينة معتمداً من قِبل العديد من معلمي الجامعات والمدارس العامة حتى يومنا هذا. والطريقة السقراطية هي الطريقة التي اعتمدها أفلاطون في كتاب الجمهورية وكذلك في كل حواراته الأخرى.

إن طريقة سقراط (وأفلاطون) لفتح حوار في كل حالة تقريباً تطرح سؤالاً عن المعنى (لطلب تعريف مصطلح أو مصطلحات من أجل تكوين حجة منطقية). على سبيل المثال، قد يسأل سقراط في بداية الحوار: “إذا كنت تدعي أنك رجل أمين، كيف تعرّف الصدق؟”. أو قد يطلب من شخص ادعى أنه فاضل تعريف الفضيلة. أو شخص ادعى أنه شجاع لتعريف الشجاعة. وبعد ذلك قد يطلب سقراط أمثلة على السلوك الشجاع أو الفاضل أو الصادق. أو قد يطلب نظائر (أشياء مشابهة) لتلك الصفات.

لكن سقراط، الذي ادعى البعض أنه أكثر الرجال حكمة. ادعى أنه لا يعرف شيئاً سوى أن كل شخص يجب أن يقرر بعناية ما يعتقد أنه يعرفه. حيث قال إن الحياة غير المختبرة لا تستحق العيش. لقد علم أن الرجال ادعوا أنهم وصلوا إلى الحكمة من خلال الشعر والحجة والموسيقى، عندما كان من الواضح أنهم لا يعرفون حتى ما كانوا يفعلون. وقد علم أيضاً أن السياسيين ادعوا أنهم يخدمون العدالة ويحاكمون زملائهم المواطنين في حين أن نفس هؤلاء السياسيين و “قادة” الدولة في نفس الوقت لا يمكنهم حتى تعريف العدالة. ويمكن، في الواقع، أن يقال إنهم متهمون ببعض المظالم المرتكبة ضد مواطنيهم. وتساءل سقراط: كيف يمكن لأي إنسان أن يدعي أنه يخدم العدالة في حين أن هذا الرجل نفسه لا يستطع حتى تعريف العدالة؟ السؤال لا يزال ذا صلة في القرن الحادي والعشرين.

اترك تعليقاً