قانون الكارما: هل يحدد مصيرنا ويتحكم في مسار حياتنا؟

You are currently viewing قانون الكارما: هل يحدد مصيرنا ويتحكم في مسار حياتنا؟
قانون الكارما في البوذية

الكارما هي قانون السببية الأخلاقية. وهو أحد العقائد الأساسية في البوذية. لقد كان هذا الاعتقاد سائداً في الهند قبل ظهور بوذا. ومع ذلك، فقد كان بوذا هو الذي شرح وصاغ هذه العقيدة بالشكل الكامل الذي لدينا اليوم.

ما هو قانون الكارما؟

مصطلح الكارما يعني حرفياً الفعل أو العمل أو السلوك. بمعنى أي نوع من الفعل المتعمد سواء كان عقلياً أو لفظياً أو جسدياً يعتبر كارما. حيث يغطي قانون الكارما كل ما تتضمنه عبارة “فكر وقول وفعل”. لذا فجميع الأفعال الجيدة والسيئة التي يرتكبها الإنسان في حياته تُشكل الكارما.

الكارما لا تعني بالضرورة أفعال الماضي فحسب. بل إنها تحتضن أفعال الماضي والحاضر. ومن هذا المنطلق فإننا نتيجة ما كنا عليه في الماضي. وبالتالي سنكون نتيجة ما نحن عليه الآن. لا شك أن الحاضر هو نسل الماضي وحاضر المستقبل، لكن الحاضر ليس دائماً مؤشراً حقيقياً للماضي أو المستقبل؛ فعمل الكارما معقد جداً.

ببساطة أكثر إن عقيدة الكارما هي التي تعلمها الأم لطفلها عندما تقول له “كن جيداً وستكون سعيداً وسنحبك؛ ولكن إذا كنت سيئاً، فلن تكون سعيداً ولن نحبك”. باختصار، الكارما هي قانون السبب والنتيجة في المجال الأخلاقي. ترتبط الكارما بصورة كبيرة بمبدأ تناسخ الأرواح. فكما نزرع، نحصد ما نزرعه في مكان ما وفي وقت ما، سواء في نفس الحياة التي نحياها أو في الحياة المستقبلية. إن ما نحصده اليوم هو ما زرعناه سواء في الحاضر أو ​​في الماضي.


الكارما والقوة العليا

الكارما هي قانون في حد ذاتها. هذا القانون يعمل في مجاله الخاص دون تدخل أية قوة عليا أو سلطة إلهية. على سبيل المثال السعادة والشقاء، وهما نصيب مشترك للبشرية، في قانون الكارما هما الآثار الحتمية للأسباب.

ومن وجهة النظر البوذية فالسعادة والشقاء ليست مكافآت أو عقوبات تُمنح من قبل قوة حاكمة خارقة للطبيعة بل هي نتيجة لما اقترفه الإنسان في حياته السابقة. على عكس الاعتقاد السائد بين المؤمنين بالأديان الأخرى الذي يعتقدون أن أسباب السعادة والشقاء لن نعرفها في هذه الحياة الزمنية بل في الحياة الآخرة. هنا يأتي الاختلاف بين البوذية والأديان الأخرى. حيث تعتقد الأديان الأخرى أن العدالة لابد أن تتحقق إن لم يكن في هذه الحياة فلابد من تحقيقها في الحياة الآخرة. وأن السعادة والشقاء الحاليين بمثابة نعمة أو لعنة أو ابتلاء يمنحها للبشر الخالق الكلي القدرة والعلم المتحكم في أقدارهم.  أما البوذية فهي تنكر بشكل قاطع مثل هذا الخالق القدير الرحيم. بل وتؤمن بالقانون الطبيعي والعدالة التي يحققها قانون الكارما. فوفقاً لهذا القانون الطبيعي تحمل الأفعال مكافآتها الخاصة وعقوباتها للفرد.

اقرأ أيضًا: الفلسفة الرواقية: كيف نحيا حياة جيدة؟

تفسير أسباب الكارما

قانون الكارما
غوتاما بوذا

الكثير من الناس يتذمرون من حياتهم، ويوجهون أسئلة لا حصر لها عن الأسباب الكامنة وراء كل ما يحدث لهم في هذه الحياة. هذه الأسئلة على غرار لماذا ولدت فقيراً في هذه الحياة؟ تجيب البوذية بسبب الكارما الشريرة في الماضي، ولماذا ولد هذا الشخص غنياً؟ ترد البوذية بسبب كرماه الطيبة. وفي نهاية الأمر نجد أنها تنصح المؤمنين بها” كن راضياً عن نصيبك المتواضع؛ ولكن افعل الخير لتكون غنياً في حياتك القادمة. كن متواضعا وتحمل معاناتك بصبر. افعل الخير الآن. حينها يمكنك أن تكون على يقين من حياة أفضل وأكثر سعادة بعد الموت”.

هنا نجد أن العقيدة البوذية لا تشرح أو تفسير هذه الأسباب بصورة واضحة. كما أنها لا تبرر عدالة ما بعد الموت. وهل نستحق في النهاية الوعد بالسعادة في الحياة الآخرة. بكل أسف لا يوجد حياة آخرة طبقاً لمعتقدات البوذية. لكن هناك فقط دورة مستمرة. إننا  نولد طبقاً لما فعلناه بأنفسنا. ومن خلال جهودنا الذاتية توجد كل إمكانية لنا لخلق بيئات جديدة ليس فقط بشكل فردي، ولكن أيضاً بشكل جماعي. نحن أحرار في إنشاء كارما جديدة تؤدي إما إلى تقدمنا ​​أو الانهيار في هذه الحياة بالذات.

وفقاً لعقيدة الكارما البوذية لا يُجبر المرء دائماً على أفعاله، لأن الكارما ليست قدراً مكتوباً مفروض علينا من قبل قوة غامضة مجهولة علينا أن نخضع لها بلا حول ولا قوة. إن الأمر يتعلق برد فعل المرء على نفسه، وبالتالي فإن المرء لديه إمكانية تحويل مسار الكارما إلى أي مدى يريده هو بأفعاله.

اقرأ أيضًا: النظرية العلمية: المفهوم والمعايير وأهم النظريات العلمية

مَن هو فاعل الكارما؟

لا يوجد فاعل لقانون الكارما. أو كما قال بوذا نفسه: ” لا يوجد فاعل. هناك مَن يعمل”. فما معنى هذا الكلام.  على سبيل المثال الجدول الذي نراه هو حقيقة واضحة. أما بالمعنى النهائي فهذا الجدول يتكون من مجموعة من الصفات. ففي حين يمكن للعالم أن يستخدم مصطلح ” الماء” في المواقف العادية، إلا إنه في المختبر يستخدم مصطلح H 2 0.

وعلى غرار هذا الأمر. ففي المواقف العادية يتم استخدام مصطلحات مثل الرجل والمرأة والوجود والذات وما إلى ذلك. لكن كل هذه المصطلحات تتكون من ظواهر نفسية وفيزيائية تتغير باستمرار ولا تبق كما هي لمدة لحظتين متتاليتين. لذلك، لا يؤمن البوذيون بكيان غير متغير. لا يؤمنون بفاعل بعيداً عن الفعل، لا يؤمنون بمدرك بعيداً عن الإدراك، بواعي فيما وراء الوعي. إذن مَن الذي يختبر التأثير؟ الإجابة هي: الإرادة هي نفسها الفاعل، والشعور هو نفسه حاصد ثمار الأفعال.

اقرأ أيضًا: لماذا يؤمن البشر بالأشباح؟ العلم يجيب

أسباب الكارما

بوذا
أسباب التفاوت بين البشر طبقاً للبوذية

ما هو سبب عدم المساواة الموجودة بين البشر؟ ولماذا يجب أن يولد شخص في أحضان الرفاهية، ويتمتع بصفات عقلية وأخلاقية وجسدية جيدة، وآخر في فقر مطلق غارق في البؤس؟ لماذا يجب أن يكون أحدهم معجزة عقلية والآخر أحمق؟ ولماذا يجب أن يولد شخص بصفات الأنبياء وآخر له ميول إجرامية؟ لماذا يمتلك البعض مواهب وقدرات عبقرية والبعض الآخر مصاب بالعمى أو الصمم أو التشوهات الجسدية؟ إما أن هذا التفاوت بين البشر له سبب، أو إنه عرضي بحت. فلا يوجد شخص عاقل يفكر في عزو هذا التفاوت، وهذا التنوع إلى فرصة عمياء أو حادث محض.

في هذا العالم لا يحدث شيء لشخص لا يستحقه لسبب أو لآخر. وفي العادة لا يستطع رجال الفكر العادي فهم السبب أو الأسباب الفعلية. كما لا يقتصر السبب أو الأسباب المحددة غير المرئية للتأثير المرئي بالضرورة على الحياة الحالية، بل يمكن إرجاعها إلى ولادة سابقة قريبة أو بعيدة.

وفقًا للبوذية، لا يرجع هذا التفاوت إلى الوراثة والبيئة أو “الطبيعة والتنشئة” فحسب، بل يرجع أيضاً إلى الكارما. بمعنى آخر، إنه نتيجة أفعالنا في الماضي وأعمالنا الحالية. نحن أنفسنا مسؤولون عن سعادتنا وبؤسنا. نحن نصنع الجنة الخاصة بنا. كما نصنع الجحيم الخاص بنا. نحن مهندسو مصيرنا.

هذا التفاوت الواضح بين البشر دفع واحداً من الشباب الباحثين عن الحقيقة إلى الذهاب لبوذا بغرض سؤاله عن هذه المشكلة المعقدة. تساءل الشاب قائلاً: ” ما السبب في أن نجد بين البشر قصير العمر وطويل العمر، الأصحاء والمرضى، القبيح والجميل، الفقير والغني، الجاهل والحكيم؟” وكان رد بوذا: ” كل الكائنات الحية لها أفعال (كارما) وهي ميراثها، وأسبابها الأخلاقية. فالكارما هي التي تميز الكائنات وترفعهم إلى حالة عالية أو تهبط بهم إلى حالة منخفضة.”

اقرأ أيضًا: أهمية الثقافة: كيف تؤثر المعرفة والقيمة الثقافية على الأفراد والمجتمعات؟

شرح سبب الاختلافات وفقاً لقانون السببية

بالتأكيد نحن نولد بصفات وراثية. لكن في الوقت نفسه نمتلك قدرات فطرية معينة لا يستطع العلم تفسيرها بشكل كامل. وفقاً لقانون الكارما فإن القدرات الفطرية قد توارثناها من مسار الحياة السابقة لنا في هذا الوجود. وهذه الميول الكارمية المتراكمة الموروثة تلعب أحياناً دوراً أكبر بكثير من الخلايا والجينات الأبوية الوراثية في تكوين كلا من الخصائص الجسدية والعقلية. على سبيل المثال، بوذا ورث مثل أي شخص آخر الخلايا والجينات الإنجابية من والديه. لكن جسدياً ومعنوياً وفكرياً لم يكن هناك ما يمكن مقارنته به في سلسلة أسلافه الملكية الطويلة. وهكذا، من وجهة نظر البوذية، فإن اختلافاتنا الذهنية والأخلاقية والفكرية الحالية، في معظمها، ترجع إلى أفعالنا وميولنا في الماضي والحاضر.

على الرغم من أن البوذية تنسب هذا الاختلاف إلى الكارما باعتبارها السبب الرئيسي بين مجموعة متنوعة. إلا أنها لا تؤكد أن كل شيء يرجع إلى الكارما. حيث أن قانون الكارما على الرغم من أهميته هو واحد فقط من أربعة وعشرين قانوناً موصوفاً في الفلسفة البوذية. لذا قد أدحض بوذا نفسه وجهة النظر الخاطئة التي مفادها أن الثروة أو سوء الحظ أياً كان سببها كلها أعمال سابقة بقوله: “إذن، ووفقاً لهذا الرأي، سيصبح الرجال بسبب الأفعال السابقة قتلة، ولصوصاً، وكاذبين، وطماعين، وخبثاء، ومنحرفين”.

هذا النص المهم الذي دحضه بوذا نفسه والذي يقوم على الاعتقاد بأن جميع الظروف المادية والمواقف العقلية لن تنبع فقط من الكارما الماضية ربما يكون صحيحاً. فإذا كانت الحياة الحالية مشروطة بالكامل أو تتحكم فيها بالكامل أفعالنا الماضية، فمن المؤكد أن الكارما بهذا المفهوم هي بمثابة القدرية أو الحتمية أو الجبرية. وإذا كان هذا صحيحاً فستكون الإرادة الحرة عبثاً. بل ستكون الحياة آلية بحتة، ولن تختلف كثيراً عن الآلة. كوننا مخلوقين من قِبل الله القدير الذي يتحكم في مصائرنا ويحدد مستقبلنا مسبقاً، أو يتم التحكم بأفعالنا بواسطة كارما لا تقاوم هي التي تحدد مصيرنا تماماً وتتحكم في مسار حياتنا بغض النظر عن أي عمل حر من جانبنا. هذا هو الأمر نفسه تقريباً مع القدرية. يكمن الاختلاف الوحيد في كلمتين هما الله والكارما. حيث يمكن بسهولة استبدال أحدهما بالآخر، لأن العملية النهائية لكلتا القوتين ستكون متطابقة. مثل هذه العقيدة الجبرية ليست هي القانون البوذي للكارما وهو اعتقاد خاطئ تماماً.

اقرأ أيضًا: باروخ سبينوزا: رؤية كل شيء من منظور الأبدية

انتقادات قانون الكارما

البوذية
قانون السببية وعلاقته بالكارما في الديانة البوذية

على المستوى الأساسي، يمكن اعتبار الكارما ببساطة ما يحدث لك. بهذه الطريقة يعزو الناس أشياءً مختلفة مثل المرض، أو الحوادث، وغيرها إلى طريقة عمل الكارما. ولكن إذا توقف تفكيرنا في الكارما عند هذا الحد، فسيتعين علينا أيضاً أن نستنتج أن مصيرنا قد تم وضعه بالفعل حتى آخر التفاصيل من قبل القوى المتحكمة العليا كما أشرنا سابقاً. بالتأكيد قد نشعر في كثير من الأحيان أن حياتنا تعمل بهذه الطريقة، ففي كثير من تجارب حياتنا نرنو إلى هدف معين ومن ثم نكافح ونتخطى الكثير من العقبات من خلال جهودنا الخاصة حتى نصل في النهاية إلى الهدف المنشود. لكن من الحماقة أن نعتقد أنه يمكننا تحقيق السيطرة الكاملة على كل ما يحدث لنا خلال تجاربنا،  وسنكون حمقى بنفس القدر إذا اعتقادنا أننا لا نمتلك أي تأثير.


قانون السببية

البوذية، في الواقع، تعلّم العكس تماماً، أن كل ما يحدث لنا يعود في النهاية إلى تأثيرنا – سواء كان ذلك عن قصد أم بغير قصد – وهذه المصادفة هي في الواقع وهم.

إن قانون السببية العامة هي شيء يفهمه الجميع ويؤمن به، أي أن كل تأثير له سبب. قد لا نتمكن من تحديد السبب المعين المسؤول عن تأثير معين، ولكن من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، تصور تأثير ليس له سبب. لكن البوذية تأخذ مبدأ السببية العامة هذا أبعد من ذلك. حيث إنها تشير إلى مبدأ السبب والنتيجة باعتباره قانوناً عالمياً لا يحكم الكون المادي فحسب، بل يحكم حياتنا أيضاً.

يجب علينا أولاً أن نقبل أن جميع الأحداث في الكون تحدث نتيجة لسلسلة مترابطة للغاية من الأسباب والتأثيرات، فكل فرد يتسبب في إحداث تأثير، والذي يصبح نفسه سبباً لتأثير آخر، وهكذا دواليك، حتى تصل إلينا نتيجة نهائية بعد سنوات، أو عقود، أو حتى مدى الحياة، وهو تأثير نختبره بأنفسنا ولا يمكننا أبداً مع إدراكنا الواعي تتبع الأسباب الكامنة وراءه وصولاً إلى السبب الأصلي. إن فكرة أن الكون يعمل بهذه الطريقة تفوق تقريباً قدرة العقل على التخيل، لكنها مع ذلك، على الأقل، ممكنة من الناحية النظرية. في الواقع، أكثر من ذلك – عندما نفحص المفهوم في ضوء تجربتنا اليومية لقانون السببية، يكون من الصعب في الواقع تبرير فكرة المصادفة.

اقرأ أيضًا: الصوفية الحقيقة ليست تجارب خارقة للطبيعة

تماثل قانون السببية

إننا نقبل صحة قانون السبب والنتيجة، ولكننا لا نقبل صحة التزامن لقانون السببية. إن الفكرة القائلة بأن السبب والنتيجة يتواجدان في وقت واحد هي فكرة يصعب تصديقها. فوفقاً لقانون الكارما، في اللحظة التي تصنع فيها سبباً، يظهر تأثيره في حياتك على الفور، ليس بشكل مرئي ولكن بشكل كامن (ومن هنا جاء مصطلح التأثير الكامن).


المسؤولية مقابل اللوم

إذا قبلنا احتمال أن نكون أنفسنا قد توصلنا إلى جميع الأسباب لجميع الآثار التي نمر بها حالياً في حياتنا، فهل يعني ذلك أن المرأة التي تعاني من سوء المعاملة على يد زوجها أو صديقها هي المسؤولة عن ذلك؟ أو حتى أسوأ من ذلك، هل تستحق ذلك؟ أم أن الطفل مسؤول عن ولادته في فقر؟

من المنظور البوذي، نحن مسؤولون بالفعل، ولكن من المهم ألا نلقي اللوم عن كل تأثير نختبره. إن قانون السببية محايد وغير شخصي وصارم. وتطبيقه في البوذية عبر قانون الكارما يمكن أن يشرح أو يفسر لماذا تحدث الأشياء السيئة للأشخاص الطيبين،  كما أنه يضع القدرة على تغيير مصيرنا في أيدينا. حيث يمكننا باستمرار خلق أسباباً أفضل في الوقت الحاضر تؤدي إلى تأثيرات أفضل في المستقبل. إن عقيدة الكارما هذه هي التي تعطي العزاء والأمل والاعتماد والشجاعة الأخلاقية للبوذيين. عندما يحدث ما هو غير متوقع، ويواجه صعوبات وفشل ومحنة، يدرك البوذي أنه يحصد ما زرعه، وأنه يمحو ديوناً سابقة.


البوذي المقتنع تماماً بقانون الكارما يعتمد على قوة إرادته، ويعمل باستمرار من أجل رفاهية وسعادة الجميع. هذا الإيمان بالكارما يؤكد جهده ويؤجج حماسه، لأنه يعلّمه المسؤولية الفردية.

اترك تعليقاً