كيف تغيّر نفسك من الداخل لتصبح الشخص الذي تريده؟
يحلم كل منا بتغيير العالم من حوله، وما أكثر هذه الأمنيات في مرحلة الشباب، لكن تغيير العالم يبدأ من تغيير النفس من الداخل. يقول جلال الدين الرومي “فيما مضى كنت أحاول تغيير العالم، لكن عندما أصبحت حكيماً لم يعد يهمني سوى تغيير نفسي”. في هذا المقال نحاول الإجابة على سؤال: كيف تغير نفسك من الداخل؟ من خلال استعرض أهم عادات ستغير حياتك للأبد.
تغيير النفس من الداخل لا يبدأ بتغيير الناس
إن معظم المشكلات اليومية التي تواجهنا في الحياة تأتي نتيجة المحاولات المستمرة لتغيير الناس من حولنا دون محاولة تغيير النفس من الداخل. فكم مرة دار جدال بينك وبين أحد الأشخاص حول موضوع معين؟ لينتهي الأمر بك إلى الفشل في إقناعه بما تؤمن به. وفي تلك الأوقات تصاب بالإحباط واليأس من المحاولات المستمرة دون جدوى. وتظل تتساءل بينك وبين نفسك: لماذا يرفض الكثير من الناس التغيير؟ ولماذا لا يرى هؤلاء الأمور كما أراها من وجهة نظري؟ لكن هل فكرت ذات يوم أن تضع نفسك مكانهم وتفكر مثلما يفكرون لعلك حينها تلتمس العذر لهم.
أنا لا أعنى أنك على خطأ وهم على صواب أو العكس، بل أعني أن جميع الأمور في الحياة نسبية، وتتوقف نظرة الإنسان في المواقف المختلفة على العديد من العوامل مثل الثقافة والبيئة والتربية والعادات والتقاليد والمعتقدات وغيرها. فإذا وضعت كل ذلك في الحسبان ربما حينها تعرف الإجابة عن سؤال: لماذا لا يرى الناس ما أراه؟
ومن هذا المنطلق يجب ألا يسعى كل منا إلى تغيير الناس من حوله قبل أن يبدأ بنفسه. إن الإنسان كسول بطبعه، وهذه المحاولات المستمرة لتغيير الناس أسهل كثيراً بالنسبة له من محاولات تغيير النفس.
تخلص من الشكوى وإلقاء اللوم
إن من أهم العادات التي يمكنها تغيير حياتك للأبد هي التخلص من الشكوى وإلقاء اللوم. في البداية ينبغي على كل منا أن ينظر فقط إلى نفسه، ويحاول ألا يضيع وقته في الشكوى وإلقاء اللوم على كل من يخالفه الرأي. ما عليك سوى النظر إلى نقاط القوة والضعف لديك، وابدأ في محاولة التخلص من نقاط ضعفك واعمل على تعزيز نقاط القوة. وبهذه الطريقة سوف توفر كل طاقتك التي تهدرها على لوم الآخرين والشكوى في تحسين شخصيتك ونمط حياتك.
انظر إلى نفسك في المرآة واسأل نفسك: ما هو الإنسان الذي أريد أن أكونه؟ إن بداية سؤالك عن نفسك هي بداية الطريق نحو رحلة طويلة لتحقيق أهدافك في الحياة. وعليك أن تحاول كسب صداقة الجميع ومحبتهم واحترام وجهات النظر المختلفة عن وجهة نظرك. كذلك عليك أن تتمتع بالمرونة الكافية لتقبل النقد وإدراك أنك ربما تكون على خطأ. كل هذه الأمور ستساعدك على النضج العقلي للمضي قدماً في الحياة بعقل متفتح. إن أعظم قاعدة يمكن أن تسير في حياتك بمقتضاها هي أن عليك أن تتقبل الآخرين وتمنحهم الحب والمودة والتفاهم، فهذه القاعدة هي الطريقة المثلى لعيش حياة سعيدة.
يغير الفشل من نظرتنا إلى الحياة
كل شيء في الحياة يتحرك، ليس هناك شيئاً ثابتاً دون حركة، وكذلك تكون الأفكار والمعتقدات، فهل كان تفكيرك في سن العشرين كما هو في سن الثلاثين كما هو في الأربعين.. إلخ. بكل تأكيد لا فإذا لم يتغير تفكيرك في مراحل الحياة المختلفة فقد ضاعت سنوات عمرك هباءاً منثوراً، ولن تستطيع حينها تغيير نفسك من الداخل.
إننا جميعاً نتيجة للتجارب والخبرات التي حصلنا عليها في الحياة. فكل يوم يمر علينا نواجه تحدياً جديداً ونتعلم منه شيئاً جديداً. وفي كثير من الأوقات نشعر باليأس والإحباط وينتابنا الشك في ذواتنا وفي جدوى الحياة، وخاصة إذا ما فشلنا في تحقيق أحد أهدافنا. هذه المآسي التي تصيبنا بالحزن والجزع ينبغي علينا أن ننظر إليها على أنها صفعة على وجوهنا كي نستفيق ونتعلم من أخطائنا، ومع مرور الوقت سوف نكتشف أن هذا التجارب الفاشلة هي التي جعلت منا ما أصبحنا عليه. وندرك أنها كانت السبب الرئيسي في تغيير نظرتنا إلى الحياة.
التماس الأعذار لحياة سعيدة
هذه واحدة من العادات التي يمكنها، تغيير النفس من الداخل، بل تغيير حياتك للأبد ولكننا نلقيها بعيداً. حيث يعتاد الإنسان على الحكم على غيره في المواقف المختلفة. فإذا تصرف أحد الأشخاص معك تصرفاً ما لم يعجبك سرعان ما تضع التصورات السلبية، وتقول: هذا الشخص ندل لأنه فعل ذلك؟ وهذا الرجل صاحب شخصية استغلالية؟ وهذا وهذا .. إلخ. إن حكمنا على البشر دون التماس العذر لهم هو ما يجعلنا تعساء نعاني من المشاعر السلبية التي تؤرق مضاجعنا عندما نستمر في التفكير في تلك السلوكيات.
يقول عمر بن الخطاب: “لا تظن بكلمة صدرت من أخيك شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً”. لذا يجب علينا أن نلتمس الأعذار لبعضنا البعض لعلنا لا نعرف ما السبب وراء مثل هذه السلوكيات. ولا تتعامل مع هذه السلوكيات السلبية على أنها مقصودة، بل تفكر في غيرها من السلوكيات الإيجابية التي فعلها معك نفس الشخص. فنحن لا نعلم النية بل يعلمها الله وحده. هذا الأمر سيوفر عليك الكثير من خيبات الأمل والإحباط. كما علينا أن نتمسك بالاعتقاد أن وراء كل سلوك نية حسنة. يقول أرسطو: “إن الهدف من وراء كل علم وكل تساؤل وكذلك كل نشاط ومواظبة هو قصد الخير”.
تغيير النفس من الداخل يبدأ بالامتنان لما لديك
لا نستطيع تغيير النفس من الداخل إلا عندما نقدر كل ما لدينا بالفعل، حتى وإن كانت أشياء بسيطة وصغيرة. إنها أمور بسيطة لكنها حيوية وهامة، فهل فكرت يوماً ما في كل ما تملكه من نعم. هناك الكثير من البشر يعانون في حياتهم لأنهم فقدوا إحدى الحواس، لكن أنت أنعم الله عليك بجميعها فأنت ترى وتسمع وتشم وتشعر وتتذوق. وقبل كل شيء تتنفس. لذا عليك أن تقدر ذلك الأكسجين الذي يدخل إلى جسدك، قَدر ضوء النهار الذي تراه لأنك مازلت على قيد الحياة ليوم آخر. قدر أصدقائك وأحبابك، قدر والديك الذين يهتمون بك.
قدّر وكن ممتناً لما لديك اليوم، وستعيش دائماً سعيداً. ففي نهاية كل شيء، لا يتعلق الأمر فقط “بتحقيق المزيد” ولكن “الاستمتاع والمشاركة”. تذكر هذا عندما تؤثر المشاكل البسيطة على حياتك اليومية. املأ حياتك اليوم بالفرح والأمل والإثارة والعاطفة والنعمة والحب والتفاهم والمرح! اعلم أنك حر وأنك في حريتك تقرر ما تفعله كل يوم. استمتع باليوم وكأنه آخر يوم لديك واجعل للآخرة منه نصيباً.
السعي لعمل الخير
يبدأ تغيير النفس من الداخل بتغيير عاداتك من خلال السعي لفعل الخير، وشكر الناس على ما يقدموه لك. ورؤيتهم على ما هم عليه ليس كما تريدهم أن يكونوا عليه. وعدم الحكم على الآخرين. عليك أن تتعلم كيف تحب، وتتحلى بالإيمان.
إن من السهل أن نحب أولئك الذين يحبوننا، لكن هل فكرت أن تحب أولئك الذين يكرهونك، فإنك إن فعلت ذلك سيتغير هؤلاء تجاهك. كما عليك أن تتعلم كيف تغفر وتسامح، وتستمتع إلى الآخرين. ولديك كل الشجاعة، والقوة، والتصميم، والعاطفة ، والإبداع، والصبر والحكمة؛ لتهلهم بهذه الأمور جميع الناس وتجعل من هذا العالم مكاناً أفضل للجميع.
أفكار إيجابية تساعدك على تغيير النفس من الداخل
واحدة من أبسط الطرق وأكثرها عملية لمساعدتك على تغيير نفسك للأفضل والتركيز على الإيجابية هي من خلال تعريض عقلك للأفكار الإيجابية؛ لأن ما تقرأه له تأثير كبير على ميولك العاطفية. ولهذا السبب نستعرض في هذا القسم بعض العبارات التحفيزية والأفكار الإيجابية لتستقي منها قواعد للحياة.
- اجعل الابتسامة علامة مميزة لك، واشكر الله أنك على قيد الحياة اليوم. ثم ابدأ بفعل الخير.
- احرص على تحقيق أهدافك ولا تهدر طاقتك في إقناع الآخرين.
- الفشل الوحيد هو التوقف عن المحاولة.
- سيكون ارتكاب الأخطاء دائماً أفضل من التظاهر بالكمال.
- هل تريد معرفة سر السعادة؟ قاتل من أجل ما تريد، وكن شاكراً لما لديك.
- الفرق الوحيد بين الشخص السعيد والمكتئب هو أن الشخص المكتئب يفكر فيما ينقصه، والشخص السعيد ممتن لما لديه.
- انظر إلى داخل نفسك وستكتشف ما أنها خلقت من الشجاعة والحب والتصميم والعاطفة.
- لا تدع أي شخص يخبرك أنك لا تستطيع ، ولا حتى نفسك.
- أفعل كل شيء بحب، ولا تتوقف عن الإيمان بنفسك.
- لا تسعى إلى إشباع حاجات الروح بملذات الجسد.
- لا تقارن نفسك بأحد. احترم حجم أحلامك واستمر في المضي قدماً.
- كل شيء يمكن أن يتغير في لحظة.
في الختام فأنت لديك كل شيء، كل شيء، كل شيء، كل شيء … كل شيء تحتاجه لتغيير النفس من الداخل. كل شيء لتكون سعيداً بداخلك. لديك القوة والعزم والشغف لتحقيق ما تريده في الحياة، ولديك أيضاً الحكمة لتعرف ما تحققه وبركات الله في داخلك. وأخيراً نرجو أن نكون قد وفقنا في تقديم عادات يمكنها تغير حياتك للأبد.
شكرا
عفواً يا صديقي
من أروع ما قرأت
أشكرك بشدة