فن

مراجعة فيلم The Eyes of Tammy Faye: أكثر من مجرد حواجب كرتونية ثقيلة

فيلم The Eyes of Tammy Faye هو فيلم دراما يتناول السيرة الذاتية لتامي فاي المغنية والواعظة الأمريكية التي كانت واحدة من أشهر الواعظين في التلفزيون الأمريكي. وقد استند هذا الفيلم إلى الفيلم الوثائقي الذي يحمل الاسم ذاته عام 2000. ولكن المخرج مايكل شوالتر استطاع أن يصنع منه فيلماً درامياً رائعاً يصور فيه صعود وهبوط مسيرتها المهنية مع زوجها جيمي بيكر. وربما تحصل جيسيكا تشاستين على جائزة الأوسكار الثالثة عن دورها في هذا الفيلم. في هذا المقال نتناول بمزيد من التفصيل مراجعة فيلم The Eyes of Tammy Faye.

قصة فيلم The Eyes of Tammy Faye

تبدأ قصة الفيلم بالعودة إلى الوراء لبضعة عقود وبالتحديد إلى طفولة تامي فاي الصغيرة – لعبت دورها تشاندلر هيد – في ولاية مينيسوتا. حيث تشعر والدتها المحافظة راشيل لافالي – شيري جونز – أن ابنتها كانت غير نقية لذا تمنعها من حضور الكنيسة. لكن الطفلة التي تنظر عبر نافذتها لترى المصلين وهم يغنون بالداخل تظهر إرادتها القوية التي ستكون معها طوال حياتها. وفي ذات يوم من الأيام تدخل الفتاة الصغيرة الكنيسة وتتقدم إلى الأمام لتقف أمام القس وتقبل المسيح كمخلص لها. وفي تلك اللحظة تتدخل والدتها لتحملها إلى الخارج إلا أن الفتاة تنهار في نوبة ويبدو أنها تتحدث إلى كيان غير موجود.

بعد سنوات عدة سنوات، وبالتحديد في عام 1960 التحقت تامي بكلية الكتاب المقدس. ومن هنا تقيم علاقة صداقة مع الشاب جيم باكر – أندرو جارفيلد – الذي يلقي خطبة للطلاب في فصل العظات. يتحدث إليها جيم ويخبرها بالعديد من أسراره، ثم يؤكد لها أن المسيح لا يعدنا فقط بالمكافآت في السماء بل إنه يريدنا أن نكون ناجحين كذلك على الأرض. وسرعان ما يظهر جيم وتامي في منزلها لإبلاغ والدتها أنهما متزوجان.

أضواء التليفزيون

تنتقل القصة إلى أيامهما الأولى كمبشرين متجولين. حيث يقوم جيم بالتبشير بالإنجيل وتامي تؤدي عروض الدمى للأطفال. أثناء إقامته في فندق، لاحظ جيم مبشر شاب يعظ عبر التلفزيون. وقد أعقب ذلك صدمة أن سيارتهم قد اختفت واستعادتها شركة التمويل. ومع ذلك، ينقذهم رجل تأثر بوعظهم. حيث دعاهم إلى محطة التلفزيون التي يعمل بها لمقابلة المبشر الذي رأوه على شاشة التلفزيون في الفندق. ومن هنا تبدأ رحلتهما عبر أضواء التلفزيون. حيث تم تخصيص برنامج لهما وسرعان ما حقق النجاح الباهر. ليبدأ جيم وتامي في العيش في القصور وارتداء الملابس الفخمة.

وفي احتفال من احتفالات القناة كان القس فالويل يصرخ بالدفاع عن الأمة ضد قوى الشر، ويقصد بهم تحديداً المثليين جنسياً. وفي تلك اللحظة ترد عليه تامي بقولها: “أنا لا أفكر فيهم كمثليين. أنا فقط أفكر فيهم كبشر أحبهم. فكما تعلمون، لقد صنعوا من نفس التراب”. ولسوف تبشر تامي بعد ذلك إلى هذا الدين طوال مسيرتها المهنية. ففي برنامجها ستجري مقابلة مع الناشط في مجال فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز ستيف بيترس. مما يمنحه منصة لمشاركة تجربته التي تتعارض مع التعاليم الإنجيلية القائلة بأن المثلية الجنسية كانت مسألة اختيار وبالتالي فهي خطيئة.

الخيانة والفساد

ولكن، كما يظهر الفيلم في النصف الأخير، فلم تكن تامي فاي قديسة. ويبدو أنها غير راضية عن الإنجاز الذي يحققه زوجها جيم في حياته المهنية وبرنامجه. لذا تلجأ إلى خيانته مع المنتج الموسيقي الجذاب غاري باكستون – مارك ويستراتش. لكن قبل أن تتم الخيانة على أكمل وجه تعرف أنها على وشك الولادة. ويشرع جيم كذلك في خيانتها مع فتاة ليل تم الدفع لها من أموال التبرعات التي تجمعها القناة. ويتزامن مع كل ذلك اتهامات جيم باستغلال الأموال التي يحصل عليها من التبرعات بالإضافة إلى اتهامه بالشذوذ الجنسي. ليتم إرساله إلى السجن ليقضي فيه بقية حياته. في حين أنه قام بتطليق تامي فاي وشرعت تبحث عن عمل لها إلا أن جميع القنوات ترفض توظيفها.

اقرأ أيضًا: تحليل فيلم Eyes Wide Shut: الأشياء الغامضة لا ينبغي أن تُفسر أبداً

مراجعة فيلم The Eyes of Tammy Faye

بعد تقديم القصة؛ نشرع في مراجعة فيلم The Eyes of Tammy Faye. فحتى لو كنت تعرف كل شيء عن تامي فاي، سترغب في مشاهدة هذا الفيلم لتقدير الأداء المبهج لجيسيكا تشاستين. إنها تلتقط بشكل رائع سلوك وروح تامي فاي، وتنقل بمهارة صراع تامي فاي الداخلي الذي يختبئ تحت المظهر الفائق أمام كاميرا التلفزيون. لكن من المثير للاهتمام أن الفيلم استبعد طفلي تامي فاي وجيم باكر، كما لو أنهما لا يعيشان في منازل فاخرة كبيرة، في حين أن والدة تامي فاي الجميلة راشيل لها حضور دائم طوال الفيلم. كما لا يغطي الفيلم زواج تامي فاي الثاني بعد طلاقها من جيم باكر. يبدو أن مادة الفيلم محصورة في نطاق الفيلم الوثائقي لعام 2000. لكنه مع ذلك يخلق مرحلة براقة تتألق فيها جيسيكا تشاستين.

فيلم The Eyes of Tammy Faye مجرد بحث ساخر

فيلم The Eyes of Tammy Faye هو حالة كلاسيكية حيث العروض ومصممي الأزياء والمكياج هي عامل الجذب الرئيسي فيه. كما إنه واحد من الأدوار التي يمكن لجيسيكا تشاستين أن تنافس به على جائزة الأوسكار وهي تلعب دور الداعية التلفزيونية الشهيرة تامي فاي التي جمعت – مع زوجها الملتوي جيم باكر – قدراً كبيراً من الثروة من خلال التكتيكات المشبوهة والمتلاعبة على شبكة التليفزيون الخاصة بهم. بينما يقوم المخرج مايكل شوالتر بعمل رائع في استكشاف صعود وهبوط أشهر الشخصيات التليفزيونية. فهذا الفيلم بمثابة بحث ساخر عن مدى سهولة خداع المشاهدين لتقديم تعهدات تزيد قيمتها عن آلاف الدولارات كل شهر، كما يحاول أن يكشف الستار عن شخصية تامي فاي المحاصرة. فهو يظهر أن القصة أكثر من مجرد حواجب كرتونية ثقيلة، ومكياج لامع. هذه الأشياء التي تميز صورة هذه المرأة.

اشتهر المخرج مايكل شوالتر بصنع الأفلام الكوميدية مثل Wet Hot American Summer وThe Big Sick، ​​لذلك ستغفر له أنه قد يتبنى نهجاً مشابهاً في فيلم The Eyes of Tammy Faye، وهو ملف شخصي لشخصية التلفزيون الديني تامي فاي باكر، الذي استوحاه من الفيلم الوثائقي لعام 2000 الذي يحمل نفس الاسم. لكن أحدث فيلم شوالتر هو عمل مباشر في الغالب، ويتماشى بشكل وثيق مع صيغة السيرة الذاتية وجميع مآزقها ولكنه ارتقى بأداء مبهر من جيسيكا تشاستين بصفتها الداعية التليفزيونية الشهيرة.

حب غير مشروط

ترى تامي أنها ترى المثليين على أنهم بشر تحبهم، ولكن هذا الأمر يتعارض مع دعوة الإنجيل، واعتبارهم خطاه. ويبدو هذا التصوير لنظرة تامي فاي الحماسية للعالم أمراً حقيقياً. حيث أثارت هذه الفضيحة المحافظين في منتصف الثمانينيات عندما أجرت مقابلة عاطفية مع وزير مثلي الجنس مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية في برنامجها التلفزيوني، ووبخت زملائها المسيحيين لفشلهم في تجسيد نوع الحب غير المشروط الذي تأسس عليه دينها. وفي أحد مشاهد الفيلم يعيد شوالتر إنشاء هذه اللحظة بتفاصيل مضنية، جنباً إلى جنب مع مشادة وراء الكواليس بين جيم وفالويل الغاضب. يطالبه قائلاً: “أنها بحاجة للسيطرة عليها”.

قضايا كبرى

لكن تامي فاي هو أقل ما يقلق جيم. أما مصدر القلق والتوتر الرئيسي هو استمرار تراكم المديونيات بفضل عادات الإنفاق الباذخة، إلى جانب شائعات عن مخالفات جنسية – مع كل من الرجال والنساء – واتهامات بمخطط مالي مفصل حيث قام بإغراء المستثمرين عن طريق بيع أسهم احتيالية في مشروع تطوير مخطط. ولطالما كان مدى تورط تامي فاي في جرائم زوجها موضوع نقاش، لكن فيلم شوالتر يذهب إلى أبعد الحدود لتصويرها على أنها ضحية وليست متواطئة. فهل كانت حقاً ساذجة بشكل ميؤوس منه بشأن أسلوب حياتهما الباهظ لدرجة أنها لم تشعر أبداً أن شيئاً ما خاطئ؟

قد تكون هذه الفكرة أكبر فكرة يطلب منا فيلم The Eyes of Tammy Faye أن نبتلعها، لكن تصوير تشاستين التحويلي يساعدنا على لفظ هذه الفكرة بسهولة. فمع انتقال الفيلم إلى أواخر الثمانينيات وما بعدها، أبدت تامي فاي ولعاً بالمكياج المتوهج، بما في ذلك طبقات سميكة من ظلال العيون والجلود الكاذبة الهائلة التي تشبه العناكب الغامضة التي تطل من تحت جفونها. إنها صورة سيتعرف عليها أي شخص يتذكر سقوط إمبراطورية باكر على الفور، وتختفي تشاستين بشكل إيجابي تحت طبقات الأطراف الصناعية المتعددة اللازمة لإعادة إنشاء مظهر شخصيتها المميز.

للأسف، أدى تركيز شوالتر الضيق على تامي فاي إلى فرصة ضائعة للفيلم لمناقشة بعض القضايا الأكبر، مثل تداعيات تحول الإنجيليين إلى قوة سياسية بارزة، والممارسات الفاسدة والمضللة لبعض اللاعبين الرئيسيين. هناك بالتأكيد تلميحات إلى هذا – حيث يناقش فالويل أهمية تقديم أصوات جمهوريين حيوية لحملتي ريغان وبوش، وفي وقت لاحق في الفيلم يظهر أن لديه خطط خسيسة – لكن فيلم The Eyes of Tammy Faye لم يشرح هذا أبداً بطريقة ذات مغزى.

الأداء والشخصيات في فيلم The Eyes of Tammy Faye

دون التقليل من شأن أي دور في الفيلم إلا أن هذا الفيلم بأكمله يعود إلى جيسيكا تشاستين. فهذا الأداء الأكثر من رائع تستحق عليه جائزة الأوسكار. فهي كانت تحب الناس ولديها الحب في قلبها للجميع، كما بدت طبيعية ولا تخشى التعبير عن رأيها. أندرو جارفيلد أيضاً كان جيداً، حيث يثبت جاذبية جيم باكر وإيقاعه وأيضاً نفاقه، وتقوم شيري جونز بعمل داعم قوي لوضع الأساس لتامي بصفتها والدتها التي كانت متدينة ولكن لاحقاً متشككة. وربما ستكون جريمة عدم ذكر التصميم المثالي للأزياء والإنتاج.

اقرأ أيضًا: مراجعة فيلم C’mon C’mon 2021: دراما من العيار الثقيل

في الختام وبعد مراجعة فيلم The Eyes of Tammy Faye يجب التنويه إلى أن فيلم مايكل شوالتر  يعمل كقطعة مصاحبة للفيلم الوثائقي الموجود بالفعل، وربما لا يملأ العديد من الفراغات ولكن يبرز تامي بشكل يتجاوز المظهر الذي اعتبره الكثيرون مهرجاً. في حين أن الفيلم كان من الممكن أن يغوص بشكل أعمق، فإن السيناريو الذي كتبه آبي سيلفيا لا يزال يغطي الكثير من المواد في غضون ساعتين دون عمل فيلم سيرة ذاتية شامل لهذين الزوجين.

وائل الشيمي

كاتب وأديب بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الصحافة، حيث حصل على بكالريوس في هذا المجال، وقاده شغفه بالإنسانية إلى دراسة علم النفس والفلسفة، وقد ساعدته دراسته وقراءاته في فهم أبعاد الشخصية البشرية وتعقيداتها. في روايته "الأجنحة السوداء" صور قضايا الوجود والتحديات النفسية التي يواجهها الإنسان في رحلة بحثه عن الإله، في سياق سردي مشوق يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الحياة والموت، الحرية والقيود. كما أطلق في مجموعته القصصية "علامات لا تُمحى" مجموعة من القصص التي تتناول الجوانب المظلمة من التجربة البشرية، تاركاً آثارًا لا تُمحى في ذهن القارئ. إلى جانب أعماله الروائية والقصصية، ساهم الكاتب بالعديد من المقالات النقدية والحوارات الفكرية في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية، حيث شكلت كتاباته مساحة للتفكير والتحليل حول قضايا ثقافية واجتماعية معاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعمك يهمنا ❤️

نحن نعمل بجد لتقديم محتوى مجاني ومفيد لك. هل يمكننا الاعتماد على دعمك بتعطيل مانع الإعلانات؟ شكرًا مقدمًا!