هل تتخيل ما يمكن أن تفعله القراءة قبل النوم؟

You are currently viewing هل تتخيل ما يمكن أن تفعله القراءة قبل النوم؟
مزايا القراءة قبل النوم

فوائد القراءة لا تعد ولا تحصى، فهي تساعدنا على التعلم، وتحسين قدرتنا على التعبير عن أنفسنا، وتنشيط خيالنا، وتمكننا من معرفة الثقافات الأخرى. لكن هناك فوائد أخرى للقراءة بعيداً عن كل ذلك، فهل تعلم أن القراءة قبل النوم تساهم في حصولنا على قسط وافي من النوم الهادئ والعميق. في السطور التالية نخوض سوياً رحلة شيقة للتعرف على فوائد القراءة قبل النوم كما أثبتتها الأبحاث والدراسات العلمية.

القراءة وعصر التكنولوجيا

طغت التكنولوجيا على حياتنا بشكل كبير. وعلى الرغم من أنها جعلت الحياة أسهل وأبسط إلا أن تأثيرها كان واضحاً على صحتنا العقلية والنفسية. لقد وقع البشر فريسة سهلة للأدوات التكنولوجية، وتركوا بعض العادات التي يمكنها أن تساهم في تحسين حياة المرء مثل القراءة. فإذا ألقينا نظرة سريعة على ما يفعله الناس قبل الخلود إلى النوم سنجد البعض يودع يومه الطويل والشاق بالعبث بالهاتف المحمول عن طريق مشاهدة مقطع فيديو على اليوتيوب أو إرسال رسائل للأصدقاء على الواتس آب أو التحقق من أخر الأخبار على الشبكات الاجتماعية، أو حتى لعب مستويين من لعبة كاندي كراش. وبعد أن تنتهي هذه الجولة يحاول الخلود إلى النوم، ولكنه لا يستطيع، فهو يعاني من أرق مزمن على الرغم من الإجهاد الذي عانى منه طوال يومه. يفعل كل هذا على الرغم من أن العديد من الدراسات الحديثة أظهرت أن التعرض لأي شاشة رقمية أو جهاز إلكتروني قبل النوم لن يساعد مطلقاً على النوم الهادئ والعميق.

 على الجانب الآخر أكدت بعض الأبحاث على أن أفضل علاج للنوم هو الحصول على كومة جيدة من الكتب ووضعها بجانب الفراش. لقد قرأت العشرات من الدراسات العلمية التي تحلل فوائد القراءة في العديد من المجالات المختلفة. تشير بعضها أن الذين يقرأون لديهم قدرة أكبر على الحفظ مقارنةً بغيرهم من غير القراء. وتوضح أخرى أن القراءة تساهم في تنمية وتطور شخصية الإنسان. وتؤكد غيرها أن القراءة تساهم في تحسين الصحة العقلية والنفسية للمرء. فهل تتخيل ما يمكن أن تفعله القراءة بالنسبة للعقل أو الجسد. دعونا نلقي الضوء على بعض هذه الدراسات العلمية التي توضح فوائد القراءة قبل النوم.


حالة متغيرة من الوعي

فوائد القراءة قبل النوم
تقضي القراءة قبل النوم على التوتر والقلق

أجرى مجموعة من الباحثين بجامعة ساسكس البريطانية دراسة[1] أظهرت أن ست دقائق فقط من القراءة يمكن أن تقلل التوتر بنسبة 68% وهي أعلى نسبة مقارنةً بما تفعله الأنشطة الأخرى التي تساعد على الاسترخاء، مثل الاستماع للموسيقى أو المشي أو تناول كوباً من الشاي. وهذا ما يجعل القراءة نشاطاً مثالياً لتصفية الذهن وتهيئة الجسم للنوم. يشير القائمون على هذه الدراسة إلى أن أسباب ذلك تعود إلى أن العقل البشري عندما يركز بشكل كبيرة على القراءة يؤدي إلى تشتيت الانتباه عن الواقع المحيط. وينقل القارئ إلى عالم أدبي لديه القدرة على تخفيف التوتر في عضلات الجسم وتقليل معدل ضربات القلب مما يساعد على الاسترخاء.

 توصل الباحثون إلى هذه الاستنتاجات بعد مراقبة مستويات التوتر لدى المشاركين في الدراسة من خلال قياس معدل ضربات القلب بعد أداء عدد من الأنشطة المفترض أن تساعد على الاسترخاء. وقد قلل الاستماع إلى الموسيقى من مستوى التوتر بنسبة 61% وشرب كوب من الشاي أو القهوة قلل التوتر بنسبة 54%. بينما المشي ساعد في تقليل التوتر بنسبة 42%، ولعب ألعاب الفيديو بنسبة 21%. وأخيراً جاءت المفاجأة وهي أن ست دقائق من القراءة الصامتة قادرة على تقليل مستويات التوتر بنسبة 68%. وقد أشار عالم النفس ديفيد لويس القائم على الدراسة إلى أن الكتاب أكثر من مجرد إلهاء. إنه حالة يشارك فيها الخيال بنشاط، مجرد شيء يجعلك تدخل في حالة متغيرة من الوعي. ولا يهم نوع الكتاب طالما له نفس هذا التأثير الممتص.


استعادة القدرة على التركيز

أشرنا في البداية إلى تأثير عصر التكنولوجيا الذي نعيش فيه. لكن الشيء الأكثر لفتاً للانتباه هو أننا نعاني من تعدد المهام. فنحن تأقلمنا على فكرة القيام بالعديد من المهام في وقت واحد. هذه الحالة الدائمة لتعدد المهام التي نعيشها اليوم، والمحادثات المستمرة والسريعة عبر التطبيقات المختلفة، والتمرير اللامتناهي للشبكات الاجتماعية لها جانب سلبي. فهي تفرض علينا الانتباه إلى أي محفز يقاطعنا، مما نفقد القدرة على التركيز في شيء واحد. ومع ذلك تجبرنا الكتب على إيلاء المزيد من الاهتمام لما نقرأه، ومن خلالها نقوم بإعادة تدريب عقولنا على استعادة التركيز مرة أخرى، فنحن بحاجة ماسة لذلك.

الجدير بالذكر أن العديد من الدراسات العلمية أظهرت أن القراءة تحمينا من بعض الأمراض الخاصة بالوظائف الإدراكية، مثل مرض الزهايمر. وقد توصلت دراسة[2] إلى استنتاج مفاده أن القراءة لمدة 15 دقيقة يومياً تساعد على تقوية الروابط العصبية. وكذلك تساهم القراءة قبل النوم في تحسين الذاكرة.


الابتعاد عن هموم الحياة اليومية

عندما نلتقط كتاباً جيداً تنتقل أذهاننا إلى عالم مختلف، مما يساعدنا على الابتعاد عن هموم الحياة اليومية ومشكلاتها. في هذا الوقت الذي نخصصه للقراء قبل النوم، لا يشغلنا التفكير في الغد وما سنفعله فيه. فكل ما نفكر فيه ويمنع النوم عنا يتلاشى في الخلفية لإفساح المجال للقصص التي تتكشف صفحة بعد صفحة. هذه القدرة على الابتعاد عن المشكلات اليومية لا تنطبق فقط على الوقت الذي نقرأ فيه، بل تمتد إلى ما بعد إغلاق الكتاب. حيث نظل نفكر فيما سيحدث لشخصيات القصة أو التفكير في حدث تاريخي معين أو محاولة تطبيق مفاهيم طوباوية على عالمنا المعاصر. كل هذه الأفكار تبقي عقولنا بعيدة عن تلك الأمور التي تفقدنا النوم، كما ترافقنا هذه الأفكار إلى عالم الأحلام.


التخلص من التأثير الضار للأجهزة الإلكترونية

دعونا نواجه الأمر، إننا جميعاً مرتبطون بهواتفنا المحمولة. ولا يمكننا النوم دون أن نشاهد فيديو على اليوتيوب أو المرور على الشبكات الاجتماعية وغيرها من الأنشطة. لكن علينا الحذر فلقد أظهرت العديد من الدراسات أن الضوء الأزرق النابع من الأجهزة الإلكترونية ضار جداً على صحة الإنسان، لأنه يغير من إيقاع الدورة الدموية والساعة البيولوجية. إحدى فوائد القراءة قبل النوم هي تنحية جميع الأجهزة الإلكترونية جانباً وخوض رحلة شيقة داخل أروقة الكتاب.


تحسين المهارات الاجتماعية

تأخذنا القراءة في رحلة إلى عالم مختلف. وعلى عكس وسائل الترفيه الأخرى مثل السينما والتليفزيون فإن القراءة تساهم في تقوية الخيال من خلال تصور الشخصيات والأماكن والأحداث، وإعادة إنشاء الروائح والأصوات، مما يساهم في زيادة الإبداع لدى القارئ. ليس هذا فحسب، فقراءة القصص الخيالية تجعلنا نضع أنفسنا في عقل الشخصيات الأخرى وتساعدنا على فهم وجهات النظر الأخرى والتجارب المتنوعة التي يخوضها البشر. ومن هنا نكتسب مهارة التعاطف وهي مفتاح تطوير الذكاء العاطفي لدى المرء وتحسين مهاراته الاجتماعية.


القضاء على المشاكل الصحية

يفرز الجسم البشري هرمون يسمى الكورتيزول – الهرمون المسؤول عن التوتر والقلق – وهو يساعدنا في حالات الإجهاد أو الشعور بالقلق. لكن زيادة هذا الهرمون عن مستوياته الطبيعية يسبب العديد من المشاكل الصحية المزمنة مثل الإجهاد المزمن والتعب ومشاكل الجهاز الهضمي المختلفة، وضعف جهاز المناعة لدينا. من هنا تأتي أهمية القراءة. حيث أن الشروع في قراءة قصة جيدة يساعد على ضبط مستويات هرمون الكورتيزول في الدم. مما يسمح لنا بالنوم بشكل أفضل. هذا بالإضافة إلى التخفيف من آثار بعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب أو الاضطرابات النفسية الأخرى التي تسببها لنا الحياة العصرية.


بعد أن تعرفنا على فوائد القراءة قبل النوم لا يسعنا سوى التوصية بقراءة الكتب الورقية وتجنب الشاشات الرقمية، لأن هناك دراسات أخرى تظهر أن قراءة الكتب الورقية تحسن من الذاكرة والتركيز بشكل أكبر من الكتب الرقمية.

مراجع

[1] Reading ‘can help reduce stress’

[2] Engagement in reading and hobbies and risk of incident dementia: The MoVIES Project

This Post Has 2 Comments

  1. غير معروف

    القراءة مع الأطفال مهمة جداً سواء كان قبل النوم أو في الاوقات العادية.. شكراً لحضرتك

    1. وائل الشيمي

      هناك العدبد من فوائد القراءة عندما تصبح عادة لدى الطفل لا ينبغي الاستهانة بها

اترك تعليقاً