فوائد إعادة قراءة الكتب؟
تسمح لنا إعادة قراءة كتاب باكتشاف التفاصيل التي لم نلاحظها. فلن تكون القراءة الثانية هي نفسها القراءة الأولى، حيث يتغير منظورنا حول بعض القضايا بمرور الوقت. في السطور التالية نتعرف على فوائد إعادة قراءة كتاب بمزيد من التفصيل.
حياة واحدة لا تكفي
يقول عباس محمود العقاد:
“لست أهوى القراءة لأكتب، ولا أهوى القراءة لازداد عمراً في تقدير الحساب. وإنما أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا، وحياة واحدة لا تكفيني”.
لقد كان محقاً تماماً في وصف إحدى المزايا العظيمة للقراءة. كم مرة أردنا أن نعيش مرة أخرى لحظات معينة في حياتنا؟ لحظات سعيدة عشناها مع شخص نحبه ولم يعد موجوداً. وكم مرة أردنا أن نعود بالزمن للوراء من أجل تصحيح خطأ ما ارتكبناه؟ لكن من المستحيل إعادة عيش الماضي، ومع ذلك يمكن قراءته مرة أخرى. وهذه الفرصة العظيمة توفرها لنا إعادة قراءة كتاب مرة أخرى.
وعي أكثر بالتفاصيل
هناك ما لا يعد ولا يحصى من الكتب، ففي عالم الأدب والثقافة نجد كل عام مئات الكتب التي تغرق مشهد النشر، وتزيد من معاناتنا لرغبتنا في قراءة كل شيء، لكننا سرعان ما نستيقظ على حقيقة أنه ليس لدينا وقت للقيام بذلك، فهل نتمتع برفاهية إعادة قراءة كتاب قرأناه بالفعل؟
نعم، تسمح لنا إعادة القراءة باستيعاب النص بشكل أفضل وبالتالي القصة، إذا كانت رواية. ففي المرة الأولى التي نقرأ فيها، نادراً ما نلاحظ ما هو موجود لأننا نحاول أن نكون أكثر وعياً بالقصة وكيف ستنتهي، لذا تمر علينا الكثير من التفاصيل الهامة دون أن نلاحظها. أما في المرة الثانية تختلف الأمور والوتيرة السريعة التي كنا نقرأ بها تختفي، فلسنا قلقين أو في عجلة من أمرنا، لأننا نعرف بالفعل ما سيحدث، لكننا نريد تذوقه.
اقرأ أيضًا: هل تتخيل ما يمكن أن تفعله القراءة قبل النوم؟ |
تشكيل فكرة كاملة
هذه القراءة الثانية، وحتى الثالثة للأكثر شجاعة، تسمح لنا باكتشاف التفاصيل وحتى القرائن المتعلقة بالنتيجة النهائية، والتي لم نكن لنكتشفها بطريقة أخرى. علاوة على ذلك، هناك كتب يبدو أنها كتبت لتُقرأ مرتين والتي تعد إعادة قراءتها ضرورية لفهم الحبكة بشكل أفضل على سبيل المثال ملحمة “سيد الخواتم” التي كتبها جيه إر إر تولكين، فهي تفتح عالماً هائلاً للخيال مليء بالتفاصيل والأوصاف التي تتطلب قراءة ثانية لاستيعابها وتشكيل فكرة كاملة في رؤوسنا. وهناك أمثلة أخرى كثيرة.
اقرأ أيضًا: أسئلة ثقافية عامة عن الأدب العالمي |
تغيير المنظور
الإنسان في عمر العشرين ليس نفسه في عمر الثلاثين. فمع مرور السنين وتراكم الخبرات والنضج، يتغير منظورنا بشكل جذري حول مواضيع معينة. إن مفهومنا عن الحب أو الصداقة أو الحياة يختلف في سن 18 عنه في سن الأربعين. ولهذا السبب لن ننظر إلى قصة روميو وجولييت بالعيون نفسها بعد عشر سنوات من القراءة الأولى. وينطبق الشيء نفسه على الأنواع الأدبية الأخرى.
إذا نظرنا إلى فنون أخرى، مثل الموسيقى أو الرسم أو السينما، فسوف ندرك أننا من الممكن سماع أغنية عدد من المرات، أو مشاهدة فيلم على شاشة التلفاز كنا قد شاهدناه على شاشة السينما من قبل، وبنفس الطريقة تكون إعادة القراءة مفيدة لأنها تكشف لنا مزيد من الأسرار عن العمل، لم نكن قد لاحظناه في المرة الأولى.
اقرأ أيضًا: أفضل روايات عالم ستيفن كينج المرعب |
تمرين للذاكرة
فائدة أخرى من فوائد إعادة القراءة هي أنها تعمل كتمرين للذاكرة. اختبار شخصي يكشف لنا درجة الاهتمام الذي نضعه في تلك اللحظة الأولى، وقدرتنا على الاحتفاظ بقصة أو شخصيات أو مكان في ذاكرتنا. لكن تذكر جيداً عند إعادة القراءة للمرة الثانية بعد مضي سنوات، عليك أن تقرأ ببطء، واستمتع بكل من الكلمات والأوصاف التي تظهر، ولا تتعجل، لأنك ستتذكر وأنت تقرأ، والهدف هو ملاحظة تلك الفروق الدقيقة التي مرت دون أن تلاحظها في المرة الأولى. لذا اتحد مع نفسك الماضي وقارن رؤيتك الآن برؤية ذلك الوقت، سيفاجئك هذا الأمر ويجعلك تفكر.
اقرأ أيضًا: كيف تجذب الأطفال إلى عالم القراءة المذهل؟ |
كتوصية أخيرة، حاول اختيار الكتب التي ستعاود قراءتها للمرة الثانية جيداً، فالكتب القيمة لا تقدر بثمن، وكما ذكرنا في السطور الأولى، فإن عالم النشر مليء بالمستجدات وإذا كنت لا تشعر أنك ستحصل على قيمة من إعادة القراءة أكبر من الوقت، يمكنك التخلي عن هذه المغامرة.