عالم الأحلام مليء بالأسرار التي لم يستطع العقل البشري أن يجد لها تفسيراً حتى الآن. من الحلم بأشخاص لا نعرفهم إلى الكوابيس الغامضة، فعندما نغلق أعيننا ندخل في حالة من اللاوعي يمكن فيها أن يحدث أي شيء. شلل النوم أحد هذه الأسرار، وهو من التجارب التي مر بها الجميع، فرغبتك في الاستيقاظ من نومك وعدم استطاعتك هو بلا شك من أسوأ الأمور. في السطور التالية نتعرف على شلل النوم وأسبابه وكيف يمكن علاج شلل النوم.
ما هو شلل النوم؟
شلل النوم ظاهرة غريبة تبدو وكأنها كابوس، وهي حالة انتقالية تحدث بين النوم واليقظة تشعر فيها بأنك نائم ولا يمكنك تحريك جسدك، وترغب في الاستيقاظ من هذا الشلل الذي سيطر على الجسد ولكنك لا تستطع. يقول العلماء أن هذه الحالة تحدث مرة واحدة على الأقل في حياة كل إنسان.
يمكننا وصف حالة شلل النوم بمزيد من التفصيل من خلال ثلاث مراحل: في البداية يشعر الشخص بوجود دخيل من حوله، حيث يمكنك رؤية خطوات الأقدام، والظلال، وسماع صوت فتح الأبواب. كل هذه العناصر تقودك إلى الاعتقاد بوجود تهديد من حولك.
بعد ذلك تشعر بصعوبة في التنفس وشعور بالاختناق وضغط على الصدر، وتعتقد أنك تتعرض للإيذاء من قبل كائن خبيث. وفي الأخير يأتي شلل النوم، حينها ترغب بشدة بالاستيقاظ من هذا الحلم المؤذي ولكن لا يمكنك ذلك. في ذلك الوقت تسيطر على الشخص ظاهرة تعرف باسم تجربة الخروج من الجسد. حيث تشعر أنك تسقط أو تطفو أو تطير أو تتحرك بطريقة ما فوق جسدك.
أسباب شلل النوم
أثارت ظاهرة شلل النوم فضول البشر من مختلف الثقافات على مر التاريخ. وحاول الناس تفسيرها من خلال ربطها بظواهر خارقة للطبيعة، مثل زيارة الأشباح أو كائنات فضائية أو التواصل مع أرواح الموتى. لكن في عصر التقدم العلمي الذي نعيش فيه استطاع العلماء اكتشاف بعض أسرار شلل النوم.
يشير العلماء إلى أن هناك مراحل مختلفة من مراحل النوم، واستطاعوا التعرف على التغييرات التي تحدث في جسم الإنسان خلال هذه المراحل. يحدث شلل النوم في مرحلة حركة العين السريعة التي تحدث بعد 90 دقيقة من بداية النوم. وفيها يصبح تنفس الإنسان أسرع مع تحرك العينان بسرعة، وارتخاء كامل لعضلات الجسم. بمعنى أبسط تصبح عضلات الأطراف مشلولة بصورة مؤقتة مع تزايد معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم. وهذا ما يفسر سبب عدم قدرة الشخص على الحركة، ومن ناحية أخرى نجد أن تحرك عضلات العين تجعل المخ يولد صوراً للمخلوقات والأشباح والوحوش التي تنظر إليها على إنها حقيقة.
بهذا المعنى، إذا واجهت تجربة الحلم بأنك تريد الاستيقاظ ولا يمكنك ذلك، فمن المهم أن تضع في الاعتبار بعض الأمور. في البداية عليك أن تدرك أنه اضطراب يحدث بشكل متكرر خلال فترة المراهقة ويمكن أن تستمر نوباته من بضع ثوانٍ إلى عدة دقائق. ومن المهم أيضاً أن تضع في اعتبارك أنه إذا كنت أحد هؤلاء الأشخاص الذين يسافرون كثيراً، أو إذا كنت تعاني من اضطراب الرحلات الجوية الطويلة المستمر أو كنت تتعرض للتوتر والضغط بشكل كبير، فقد يكون هذا الأمر أحد الأسباب الرئيسية لشلل النوم.
| اقرأ أيضًا: اضطرابات النوم: كيف تتخلص من رعب النوم المفقود؟ |
شلل النوم في علم النفس
يوضح علماء النفس أن شلل النوم هو اضطراب مزعج يأتي من أعمق مخاوف الإنسان وانعدام الأمن. لكنه غير ضار، فلن يتعرض جسد الشخص أو سلامته إلى تهديد حقيقي، فالعقل هو الذي يبني تلك التهديدات التي تنتهي بإزعاج النوم. وعلى الرغم من شيوع ظاهرة شلل النوم في مرحلة المراهقة، إلا أن الذروة الثانية التي تظهر فيها هي مرحلة العمر التي يبلغ فيها الشخص ستين عاماً أو أكثر. أما ما يجب الانتباه إليه هو حقيقة أن الاضطرابات والمشكلات النفسية يمكن أن تعزز ظهوره. على سبيل المثال، حالة توقف التنفس أثناء النوم أو الأرق المزمن أو الاكتئاب. كذلك فإن التاريخ العائلي يلعب دوراً محورياً في هذه الظاهرة. هذا بالإضافة إلى عادات الطعام السيئة وأسلوب الحياة بشكل عام له دور كذلك في شلل النوم.
| اقرأ أيضًا: هل يفيد التحليل النفسي في علاج الوسواس القهري؟ |
النوم القهري
من الجوانب الأخرى التي تحدد مدى حدوث شلل النوم وتكراره عند شخص ما، هي اضطراب النوم القهري أو ما يطلق عليه التغفيق. ويُعرف التغفيق بإنه اضطراب نوم مزمن يعاني فيه الشخص من صعوبات شديدة في البقاء مستيقظاً لفترات طويلة من الزمن. فالنعاس الشديد يستهلكك ببساطة. يشبه هذا الأمر فكرة عدم نومك لفترة طويلة وعندما تجلس في مكان سرعان ما تنتابك سنة من النوم. وفي غالب الأحيان نجد أن الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب هم ضحايا الشعور بالحلم بأنهم يريدون الاستيقاظ ولا يمكنهم ذلك. بينما تشير التقديرات إلى أن 40٪ إلى 75٪ من مرضى النوم القهري يعانون أيضاً من شلل النوم.
| اقرأ أيضًا: كيف يساعد العلاج بالموسيقى على شفاء الأمراض؟ |
ماذا تفعل مع شلل النوم؟
بعد أن تعرفنا على شلل النوم وأعراضه وأسبابه لم يتبق لنا سوى أن نتعرف على كيفية علاج شلل النوم والتغلب على هذا الأمر المزعج. لكن في حقيقة الأمر لا يوجد علاج محدد لعلاج شلل النوم. ومع ذلك فإن الدراسات العلمية أثبتت أنه يمكننا التخلص منه من خلال عادات الحياة الصحية والسليمة، فهذه العادات لها تأثير مباشر في التغلب عليه. ومن هذه العادات التي ينبغي أن نسير بمقتضاها النوم في أوقات منتظمة وعدم الإكثار من المنبهات والمنشطات، والسيطرة على التوتر والقلق. ويمكن أن نمنحك بعض التدابير الرئيسية التي من شأنها أن تساعدك على التخلص من هذا الشعور الرهيب بالحلم الذي تريد الاستيقاظ منه ولا يمكنك.
- حدد موعداً للنوم وحاول الالتزام به، بغض النظر عما إذا كنت في عطلة نهاية الأسبوع أو العطلات الرسمية.
- خذ الوقت الذي يحتاجه جسمك للراحة: ثماني ساعات على الأقل في اليوم.
- لا تحاول النوم على ظهرك، وبدلاً من ذلك جرب الوضعيات الجانبية.
- جهز مكان نومك، حتى تشعر بالراحة والأمان دون انقطاع أو تغيير. رتب فراشك، واجعل غرفتك مظلمة.
- لا تعمل أو تدرس في غرفتك. قد يكون الأمر صعباً بعض الشيء، لكن المكان الذي تنام فيه هو مكان الراحة الخاص بك.
- حاول السيطرة على التوتر وانس المسؤوليات اليومية وقت النوم.
- عليك إيقاف تشغيل التلفزيون ومصادر الضوضاء والابتعاد عن هاتفك الخلوي قبل النوم.
- إذا كنت أحد الأشخاص الذين يأخذون قيلولة، فيجب أن تعلم أن شلل النوم ناتج عن هذا الجانب. ولا يعني ذلك أنه لا يمكنك أخذ قيلولة قصيرة في يوم متعب، ولكن حاول ألا تأخذها بعد الساعة الثالثة بعد الظهر ولا تتجاوز تسعين دقيقة.
- عدم تناول أي وجبات دسمة قبل النوم.
- تعد التمارين الرياضية خياراً رائعاً يساعدك على تقليل التوتر، وكذلك على النوم العميق. لكن لا يجب عليك القيام بذلك قبل الذهاب إلى الفراش مباشراً.
شكرا للافادة
العفو يا سيدي