عزير ابن الله أم رجل أماته الله مائة عام ثم بعثه؟

You are currently viewing عزير ابن الله أم رجل أماته الله مائة عام ثم بعثه؟
قصة عزير بن الله في القرآن

عزير ابن الله في القرآن الكريم هو رجل أماته الله مائة عام ثم بعثه بعد أن مر على قرية خاوية على عروشها، فتعجب كيف يحيي الله هذه القرية بعد موتها. ويُقال إن عزير هو أحد أنبياء بني إسرائيل، وقد حمل اسم عزرا في الكتاب المقدس. فما هي قصة عزير ابن الله في الروايات المختلفة وفي القرآن؟

قصة عزير ابن الله

تبدأ قصة عزير في تلك الحقبة التي غزا فيها بختنصر ملك بابل ما حوله من الأمم والممالك، حتى آلت إليه الغالبية العظمى من ممالك العالم القديم. وكان من بين هذه البلاد بيت المقدس، وما حوله من مدن وقرى. لقد دمر بختنصر جميع البلدان وخربها وهدم كل ما فيها وقتل الآلاف من سكانها وشرد آلاف غيرهم.

كان من بين هؤلاء الذين قتلهم بختنصر عدد كبير من قراء التوراة وحفاظها، ورغم أن عزير كان من ضمن هؤلاء إلا أنه نجى من الأسر والقتل، وقد كان مستجاب الدعوة لتقواه وإيمانه. ولما استطاع أن ينجو من بختنصر وأعوانه ارتحل على حماره بعد أن حمل معه بعض الطعام. وانطلق في طريقه هارباً من بطش بختنصر.


قرية خاوية على عروشها

مر عزير على إحدى القرى التي خربها بختنصر وقتل أهلها، فإذا بها خاوية على عروشها. ترجل من حماره بعد أن أعياه التعب. ثم جلس يتفكر فيما آلت إليه هذه القرية، ثم تساءل كيف يحيي الله هذه القرية بعد خرابها؟ ولما أعياه التفكير كاد النعاس أن يغلبه. فما كان منه إلا أن نهض ليشد وثاق حماره، ثم أسند ظهره إلى الحائط لينال قسطاً من النوم.

بعد أن أفاق عزير من نومه، جاءه ملاكاً ليسأله: كم لبثت في نومك هذا؟ قال له: ربما لبثت يوماً. ثم نظر إلى الشمس فرآها وهي تغرب فأردف يقول له: أو ربما بعض يوم. فقال له الملاك: بل لبثت مائة عام. في تلك اللحظة شعر أن الملاك يستهزأ به، فلم يصدق حديثه. لكنه قال له: كيف ذلك؟ أجابه الملاك: انظر إلى طعامك وشرابك لم يفسد. فنظر إلى الطعام الموضوع بجانبه، فوجده كما هو لم يتغير. ثم نظر إلى الملاك وقال له: أرأيت؟ هذا طعامي كما تركته. فلو أني نمت مائة عام فكيف لم يفسد هذا الطعام.

اقرأ أيضًا: قصة قارون: نهاية أغنى الأغنياء في التاريخ

انظر إلى حمارك

هنا طلب منه الملاك أن ينظر إلى حماره، ولما نظر إليه لم يجده. وكل ما وجده مجرد كومة من التراب مجتمعة في المكان الذي شد فيه وثاق الحمار. لكن ما هي إلا برهة من الزمن حتى رأى هذه الكومة من التراب تتجمع مجدداً فتكون عظاماً ثم تكتسي هذه العظام لحماً، ويغطي اللحم بالجلد والشعر، ليعود في النهاية حماره كما كان.

هنا تعجب عزير من هذا الأمر، ونظر إلى الملاك وقال له: ولما كل هذا. أجابه الملاك قائلاً: هذا إجابة عملية لسؤالك. كيف يحيي الله هذه القرية بعد موتها؟ هنا ازداد إيماناً بقدرة الله على إحياء الموت، وتأكد من البعث ودلالته. ثم اختفى الملاك من أمامه ليعود عزير مرة أخرى لينظر إلى القرية التي كانت خاوية على عروشها فيجدها قد تغيرت وتبدلت. فقرن من الزمان ليس بالزمن القليل. ففيه تتغير الأشياء وتتوالى الأجيال.

اقرأ أيضًا: كشف النقاب عن حقيقة قصة هاروت وماروت

تغير حال القرية

من هو عزير
قرية خاوية على عروشها

وجد عزير القرية قد أصبح آهلة بالسكان الذين لم يتعرف منهم على أحد. فقد مات أبناؤه وأحفاده، وما بقي من أحفاده فقد أمسى في سن الشيخوخة. انطلق إلى القرية ونظر في حالها الذي تغير، وشرع يخبر الناس أنه عزير وقد أماته الله مائة عام ثم بعثه. لكن أحداً من القرية لم يصدق حديثه. فلقد تناقلت الحكايات عن النبي عزير الذي فر من بطش بختنصر في قديم الزمان بالنسبة لأهل القرية. وهم حين ينظرون إليه يجدونه مازال شاباً في الأربعين من عمره. لذا اعتقد الناس أن هذا الشخص قد أصابه مس من الجنون.

اقرأ أيضًا: قصة المجوس الثلاثة ورمزية الذهب واللبان والمر

العجوز تتعرف على عزير ابن الله

حاول عزير أن يقنعهم بهذه القصة لكن لم يقتنع بها أحد. فما كان إلا أن ذهب إلى منزله، فلم يتعرف عليه أحد فيه، إلا امرأة كانت تعمل في بيته منذ مائة عام وكانت حينها طفلة صغيرة، وهي الآن قد تجاوزت المائة عام ببضع سنوات، وقد أصابها الضعف والوهن وراح بصرها فلم تعد ترى.

انطلق إليها عزير وحاول أن يذكرها بنفسه، وفي تلك اللحظة عادت بذاكرتها إلى الوراء للتذكر ذلك الرجل الطيب الذي كان يعتني بها حينما كانت تعمل خادمة في منزله وهي طفلة صغيرة تقوم بالأعمال المنزلية البسيطة. أخبرها عزير أنه نفسه الشخص التي لازالت تذكره. لكن العجوز لم تصدق حديثه، وطلبت منه دليلاً على صدق كلامه. وقالت له: إن كنت بالفعل عزير كما تدعي فأدع ربك أن يرد إليّ بصري كي أراك.

وكانت تعلم أن عزير مستجاب الدعوة. رفع عزير يده إلى السماء ليدعو الله أن يرد إلى هذه العجوز بصره، فاستجاب الله لدعوته. ونظرت العجوز إليه وتعرفت عليه، وبدأت الحكايات تنتشر بين الناس بأن عزير مازال حياً بل وأماته الله مائة عام ثم بعثه في نفس عمره. وشرع الناس في نسج حكايات خيالية عنه، حتى قيل عنه إنه ابن الله. وظلت تتوارث هذه الحكايات حتى بعثة النبي محمد بين اليهود. حيث قال القرآن:

“وقالت اليهود عزير ابن الله”.

إلى هنا يسدل الستار عن قصة عزير ابن الله كما جاءت في العديد من الروايات. لكن القرآن الكريم لم يذكر كل هذه التفاصيل التي سردنا آنفاً، بل ذكرتها كتب المؤرخين والمفسرين.

اقرأ أيضًا: ابن سينا: سيرة حياة أعظم العقول في التاريخ الإسلامي

عزير في الكتاب المقدس

لم تذكر قصة عزير ابن الله في الكتاب المقدس. وكما قلنا مسبقاً أن التشابه بين اسم عزرا في الكتاب المقدس واسم عزير كما جاء في القرآن ربما هو الذي حمل العديد من المفسرين على ربط القصة بقصة عزرا المذكورة في الكتاب المقدس. كما أن هناك من يجادل بأن فكرة الادعاء بأن شخص ما هو ابن الله غريبة على اليهود. فلم يدع اليهود من قبل أن شخصاً ما يحمل هذه الصفة. لكن هذا الأمر مردود عليه. فبني إسرائيل ذاتهم قد عبدوا العجل الذهبي حينما ذهب النبي موسى لميقات ربه. فهل لم تكن هذه الفكرة موجودة لديهم. بل إنهم موجودة في كتابهم المقدس. وكذلك فعل البعض من بني إسرائيل حينما ادعوا أن المسيح ابن الله، ومازالت الفكرة موجودة حتى وقتنا الحاضر. إذاً فلا مبرر لهذا الادعاء.

أما بخصوص عدم ذكر القصة في الكتاب المقدس ليس دليلاً على عدم صحتها. فليست كل القصص التي ذكرها القرآن موجودة بالفعل في هذا الكتاب، فأين قصة النبي هود في الكتاب المقدس؟ وأين هي قصة صالح في الكتاب المقدس؟ وغيرها من القصص التي لا مجال لحصرها هنا.

اقرأ أيضًا: ابن بطوطة: مغامرات أشهر الرحالة في العالم القديم

وإلى هنا يسدل الستار عن قصة عزير كما ذكرتها روايات المؤرخين، وكما ذكرها القرآن. وسواء كان عزير نبياً أو كان رجلاً عادياً فلا يهمنا هذا الأمر بقدر ما تهمنا العبرة من القصة ذاتها. وأما العبرة من هذه القصة فكانت الإيمان بفكرة إحياء الله الموتى، والبعث مجدداً للحساب.


المصادر:

اترك تعليقاً